الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من البديل النقابي إلى البهدلة النقابية

ابراهيم حمي

2013 / 12 / 2
الحركة العمالية والنقابية


عادة ما تكون المؤتمرات تتويجا لمخاض و زخم تنظيمي و تراكمات نظرية، نتيجة الصراع اليومي المحتك بهموم و مشاكل و تطلعات و طموح الطبقة العاملة. وانطلاقا من ذلك تكون الرؤية النقابية واضحة كل الوضوح. لتأتي مشاريع المقررات المطروحة على المؤتمر، كترجمة خالصة منبثقة من العمل الجاد و الهادف، والذي يعطي للمؤتمر الصالحية المطلقة في اختيار التوجهات الكبرى التي ترسم ملامح المستقبل لأي إطار، وهذا فعلا ما كان مفروضا أن يكون حاصلا بالنسبة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في آخر مؤتمر لها والذي يأتي في المرتبة الخامسة في عمر هذه المنظمة التي شغلت بال الحاكمين، وأرباب الشعل والفاعلين الاقتصاديين لعدة عقود من الزمن، كما سجل لها التاريخ مواقف نضالية مشرفة عندما كانت تلعب دورها النقابي فعلا، وعندما كانت قيادة تتشكل من مناضلين أفداد صقلت كفاءتهم التجربة النقابية المريرة، هؤلاء المناضلين الذين كانوا يترفعون على مثل ما يقع الآن داخل النقابة من ممارسة أقل ما يقال عنها أنها غارقة في الانحراف النقابي و الانتهازية بأبشع صورها و الاسترزاق باسم العمل النقابي، الشيء الذي يعطي صورة عن العمل النقابي، تفتقد فيه المصداقية و الثقة النضالية لدى الكثير من الجماهير النقابية لهذا الإطار الذي جاء كبديل للانحراف النقابي الذي حصر مطالب الطبقة العاملة في مطالب خبزية. كما يجب أن نذكر أن هذا الإطار النقابي ولد في خضم صراع سياسي واجتماعي واقتصادي، طبع بالكثير من المعاناة التي عانى منها الفاعل السياسي والنقابي والحقوقي أيضا آنذاك، كما أن هذه المرحلة من تاريخ المغرب الحديث، عرفت بزخم من التضحيات من طرف الشعب المغربي وقواه الحية التي كانت تقاوم الاستبداد المخزني على كل المستويات، وفي هذا السياق التاريخي ولدت الكونفدرالية كبديل نقابي، لتصحيح المسار أولا، ولتعميق المفهوم الحقيقي للعمل النقابي لدى الطبقة الشغيلة المغربية آنذاك، هذا باختصار شديد ومبسط للمرحلة التي ولدت فيه نقابة تستحضر التأثير الكبير للفعل السياسي على الحقل النقابي الذي يعد أيضا فاعلا وشريكا اقتصاديا، ومحوريا في أي عملية إصلاح أو تغيير أو تعديل أي قانون من القوانين التي لا تلائم التطور الجاري على مستوى المنظومة القانونية، بما في ذلك القانون الأسمى للبلاد (الدستور).
هذا لو لم ينحرف الفعل النقابي و يصل إلى أقصى حضيض، بفعل العقليات البيروقراطية الجاثمة على موقع القرار النقابي. هذه العقلية البيروقراطية التي فقدت الحس العمالي و النقابي الحقيقي، بفعل جريها وراء مصالحها الشخصية و العائلية و القبلية أيضا و بإمكانيتها لا ترى هذه العقلية في العمل النقابي سوى مصلحتها الضيقة، التي بدون شك تلتقي مع مخصوم العمل النقابي الحقيقي الجاد.
لهذا عملت هذه العقليات المسيطرة على العمل النقابي على تحويل الحقل النقابي إلى بورصة وسوق تجاري بكل ما تعنيه الكلمة، يتاجرون فيه بمعاناة العمال البسطاء لا غير.
لهذا نرى أن جل النقابات وبما ذلك ك.د.ش ابتدعوا أن ترسيخ الثقافة النقابية المبنية على آليات ضرورية لأي فعل نقابي يتوخى تقوية الحقل النقابي و تسليحه من أجل الدفاع عن القوت اليومي للأجير، وعلى سبيل المثال لا الحصر لقد عملت القيادات النقابية على تفتيت القطاعات إلى فئات و شرائح لا حول لها و لا قوة، كما عملت على ضرب الوحدة النقابية التي تفترض آلية التضامن التي هي إحدى الركائز في النضال النقابي. و هناك أيضا حصر التكوين بعلته على بعض الأسماء وحرمان كافة المناضلين النقابيين المؤهلين لتأثير القطاعات.
كما أن القيادات النقابية حولت المحطات النضالية إلى مهرجانات فضفاضة، و فستيفالات سمتها الميوعة التنظيمية، التي تفقد و تفرغ العمل النقابي من محتواه و مضمونه الهادف لرفع الحصار عن الطبقة العاملة و كافة المأجورين، و تخفيف وطأة الاستغلال الفاحش الذي ترضخ تحته شريحة كبيرة من العمال في القطاع الخاص.
وعندما نستحضر تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كبديل نقابي. نستحضر أيضا تاريخا زاخرا بالعطاءات و التضحيات العمالية في عدة محطات أهمها: الانتفاضة المجيدة 20 يونيو 1981 و دجنبر 1990 و غيرها... حينما عبرت الطبقة العاملة عن غضبها و قدمت المئات من الشهداء في سبيل ان تكون الكونفدرالية صرحا قويا، مدافعا و ملجأ لكافة الكادحين و المسحوقين كما جاء في أول بيان تأسيسي سنة1979.
فأيننا نحن ألان عندما نشاهد المهرجان الذي قامت شرذمة ما تبقى من المكتب التنفيذي بالقاعة المغطاة بالدار البيضاء أيام 29 و 30نونبر و 1 دجنبر ، و أطلقوا عليه اسم المؤتمر الخامس. هذا المؤتمر الذي ذكرني بمقولة تقول: "إن الأفكار العظيمة يفكر لها العظماء و ينفذها البسطاء ويستغلها الجبناء". إن التصور الجديد الذي طرح كمشاريع في هذا المؤتمر المهزلة، الذي يفتخر لأبسط قواعد المؤتمر تسعى لإضفاء الشرعية على ممارسات منحرفة تم العمل بها منذ سنة2002 و التي لا سند لها في الضوابط و المقتضيات المنبثقة عن المؤتمرات للكونفدرالية للشغل,
إن العصابة المتحكمة الآن في الكونفدرالية، و بدعم من بعض العناصر المحسوبة على المكونات اليسارية الأخرى يتحملون مسؤولية تاريخية فيما وصله الفعل النقابي من انحطاط و انحراف و بزنسة نقابية تحت يافطة الكونفدرالية، وصورة شبحيه للأموي الذي انتهى و لم يعد يمثل إلا تاريخ مليئا بالخرجات الشعبوية بمفهومها الرديء.
لقد أصبح من الأكيد أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد مهزلة مؤتمرها الأخير، خندقت نفسها في دائرة النقابات الصفراء التي تمثل الفعل الانتهازي بموضوعية وشفافية.
وكل من يتوهم أن تطويرها و النضال في صفوفها يمكن أن يأتي بجدوى أو منفعة قد تكون في صالح الشغيلة المغربية فأنه يعيش و ينظر خارج السياق الطبيعي للتاريخ، الذي يثبت عبر أحداثه ومن خلال صيرورته أن لكل شيء بدايته و طبعا نهايته.
إن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تعيش الآن خريف عمرها، و لا يمكن لها أن تكون إطارا فاعلا مستقبلا. بدليل أن أزمة الخلافة التي تعيشها الكونفدرالية هي نتاج طبيعي للقبضة البيروقراطية، و هيمنتها و سيطرتها على كل الطاقات التي يمكن أن تلعب دورا نقابيا رياديا في اتجاه خلافة الأموي. وفي حالة إذ ما اختفى هذا الأخير، فإن تفجيرها أكيدا و قريبا من الحبل الوريد كما يقال. إننا فعلا نعيش أزمة حادة في الحقل النقابي، و أصبح التفكير ضرورة ملحة في خلق إطارا نقابيا يصون تضحيات و تاريخ الحركة النقابية.

ترقبوا مقالات أخرى في نفس السياق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يكتسب خبرة التعامل بشكل رسمي مع قاعات المحاكم


.. فرصتك-.. منصة لتعليم الشباب وتأهيلهم لسوق العمل




.. طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يعتصمون احتجاجا على الإبادة


.. ا?ضراب لعاملين بالقطاع الصحي في المستشفيات الحكومية المغربية




.. فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية