الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثلج وانتفاضة الاشجار

فاطمه قاسم

2013 / 12 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



في مدينة رام الله ، حي الارسال يقع بيتنا الذي بحثت عنه طوال سنة كاملة ، روف على الطابق الخامس تحيط به شرفات رائعة من الجهات الاربعمزينة بعشرات من الاشجار المزروعة احواض كبيرة ،بعضها اشجار مثمرة اشجار زيتون وتفاح وكرز ورمان وصنوبر واشجار للزينة والورود الجوري والجاردينيا والياسمينبالوان متنوعة يجعل المنزل وكانه في وسط حديقة معلقة.

في الشتاءات السابقة كان الثلج ينزل فترتدي الاشجار لونها الابيض،غير ان تلك الشتاءات كانت خفيفة مما يجعل الثلج لا يمكث طويلا ، اذا تبعته امطار او اشرقة للشمس ، اما ابتداء من الثلاثاء الماضي 11 ديسمبر فقد كانت مدينة رام الله والتي هي جزءا من فلسطين والشرق الاوسط والذي تعرض لمنخفض جوي قادم من سيبيريا الصحراء الثلجية والتي كانت محطات الارصاد الجوية تتحدث عن وصوله يوم الثلاثاء ، وقد اذاع تلفزيون فلسطين مقابلات واحاديث عن لجان الطواريء ، ومراكز الدفاع المدني ، عن الاجتماعات التي تمت والاستعدادات التي اتخذت ، ولكن العواصف الثلجية كانت اكبر من كل التتوقعات ، ففي ليل الخميس كان منظر حديقتنا المعلقة تفوق الخيال اشجار صامدة منتصبة القامة رغم ما تحمله من عناقيد الثلج الكبيرة ، واشجار، عدد قليل منها،اثقلها حملها فانكسرت وتكوم فوقها الثلج باشكال سريالية ، واشجار اخرى انحنت قاماتها حتى لا مست السطح ، ولكن جارتي في الطابق الثاني وهي طبيبة اسنان طمانتني ، وقالت لي :عندما بدت مخاوفي على الاشجار التي رعيتها كما اولادي ،لا تخافي ، فقد قال لي اصحاب الكروم ، في العادة تنحني الاشجار امام عواصف الثلج حين تكون قوية ولكن ما ان تسطع الشمس ويبدا الثلج بالذوبان حتى تنتفض هذه الاشجار من انحناءاتها الدفاعية ، وتعود لتنصب قامتها وتستانف الحياة والعطاء من جديد ،
وجاء يوم الاحد ،
وقد اشرقت الشمس منذ الصباح ، كان المشهد مبهرا في جماله وضيائه ، وكانت البيوت من حولنا تلمع من انعكاسات الثلج فوق اسطحها وكانها ولدت من جديد ، وقد تضاعف عدد الذين يسيرون في الشوارع رغم العطلة الرسمية وتضاعف عدد الاطفال الذين يتراشقون بكرات الثلج ،وانشغلت الالات الحكومية المختصة بكسح الثلوج من الشوارع الرئيسية ، كما انشغل الكثيرون من المواطنين بازالة الثلج عن شرفاتهم وامام بيوتهم وتنظيف هوائيات اجهزة التلفاز ا،بل لقد جاءت العصافير الملونة ووقفت كما تفعل عادة لتستدفيء تحت اشعة الشمس فوق اغصان الاشجار الذي ذاب عنها الجليد .
انها انتفاضة الحياة ، انها قوة التجددفي الطبيعة ، وقوة الامل الانساني ، فشكرا لهذا الزائر الابيض الذي يمنح القلوب صفاءا وطهارة رائعة ، ويروي الارض على مهل حين تسري حبيباته قطرة وراء الاخرى فتمتلئ الابار والانهر بمياه عذبة وصافية ، وما دام الشتاء قد اتى ، فالربيع ليس بعيدا ، واه كم انت جميلة يا بلادي ، وكم تستحقين انتصارك وكم تستحقين الحياة ، وها انا اتعلم حكمة جديدة من الشجر وكيف ينتفض بعد انجناءة انتفاضة الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ


.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا




.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟