الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤيتنا لدور الحركة العمالية في الثورة المصرية

الاشتراكيون الثوريون

2013 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


رؤية الاشتراكيين الثوريين لدور الحركة العمالية في الثورة المصرية

تقديم
من أجل تمكين قراءنا من الاطلاع على دور الطبقة العاملة المصرية في النضال الذي يخوضه الشعب المصري من أجل استكمال مهام الثورة المصرية (حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية، كل السلطة والثروة للشعب العامل والمستغل)، المتفجرة منذ 25 يناير 2011. ولإزالة الأوهام التي تتعمد وسائل الإعلام البرجوازية نشرها بشكل ممنهج حول حركة التغيير الديمقراطي في مصر، وذلك بالتركيز على دور الإخوان المسلمين والتيارات الليبرالية والحركة الشبيبية، مقابل تعتيم مطلق حول دور النضال العمالي في حسم أشواط مهمة في سيرورة الثورة المصرية. نضع بين أيديكم هذا الكراس الذي يتضمن عدد من المقالات، الصادرة، خلال سنة 2013، عن رفاقنا في حركة الاشتراكيين الثوريين، التي تتعرض بالدراسة والتحليل والتقييم لوضع الحركة العمالية المصرية ولدورها الحاسم في الإبقاء على شرارة ثورة 25 يناير 2011 رغم مختلف المعوقات التي لا تزال تعاني منها وفي مقدمتها غياب تنظيمها السياسي المستقل وضعف تنظيماتها النقابية، مما جعل دورها، في نهاية المطاف، يتوقف عند دفع حركة الثورة فقط وليس قيادتها.

فهرس:

• العمال، من وثيقة مشروع برنامج استكمال أهداف الثورة المصرية (حرية - عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية، كل السلطة والثروة للشعب).
• إلى الرفاق – ورقة حول الحركة العمالية.
• يا عمال مصر انتصروا للثورة.. تسقط دولة الظلم والفقر.
• الحركة العمالية والثورة في مصر: حوار من طرف واحد.
• سياسة الإخوان.. نقابات العمال في خدمة السلطان.
• رسالة الحركة العمالية إلى السلطة.. والثوريين.
• المرأة العاملة: استغلال مُضاعف ومعاناة يومية.
• المصانع للعمال.. مش لعصابة رأس المال.
• الرهان على عمال مصر لاستكمال الثورة المصرية.
• معارك النفس الطويل.. الإضراب والاعتصام والتضامن في مواجهة قمع السلطة.
• الإخوان والحركة العمالية.. طريقان لا يلتقيان.
• كيف يتمرد العمال؟ وما هي أسلحتهم؟.
• السياسة.. هل غابت عن مطالب العمال؟.
• قانون الحريات النقابية.. معركة ثورية جديدة.
• عودة الطبقة العاملة.
• الحركة العمالية بعد 30 يونيو: مخاطر وآفاق.
• ملاحظات حول حقوق العمال في الدستور.

العمال
من وثيقة مشروع برنامج استكمال أهداف الثورة المصرية: حرية-عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية، كل السلطة والثروة للشعب

واجه العمال والموظفين وكافة الأجراء هجوماً عنيفاً ومنظماً على حقوقهم ومكتسباتهم ومستوى معيشتهم خلال العقود الثلاث الماضية فجوهر سياسات التحرير الاقتصادي تكمن في تعظيم أرباح الشركات الكبرى على حساب أجور ومعيشة الكادحين أي تكثيف استغلالهم لمراكمة رأس المال والثروات. وقد شهد عمال وموظفي الحكومة والقطاع العام تقليصاً كبيراً في أجورهم الحقيقية وتم تشريد قطاع كبير منهم من خلال المعاش المبكر في حين توقف تشغيل الخريجين تماماً تقريباً من قبل الدولة بحيث انضموا جميعاً إلى جيش البطالة الذي يزداد حجمه يوماً بعد يوم. أما في القطاع الخاص فيواجه العمال والموظفين ظروفاً غير آدمية من حيث ساعات وكثافة العمل وتفاهة الأجور وغياب أي ضمانات أو تأمينات تذكر. كان هناك خلال الفترة الناصرية نوع من العقد الاجتماعي بحيث حصل العمال والموظفين على مكتسبات وضمانات ذات شأن في مقابل الانتزاع القسري من قبل الحكم لكافة حقوقهم النقابية والتنظيمية والسياسية وكانت هذه هي الأرضية التي مكنت النظام القديم من الهجوم على مكتسبات العمال والموظفين بتأييد ومشاركة كاملة من التنظيم النقابي الحكومي. وما رأيناه خلال الأعوام الماضية من صعود جديد للحركة العمالية والحركات المطلبية في صفوف الموظفين والمهنيين والدور المحوري الذي لعبته الحركة العمالية خلال الثورة المصرية هو بداية ملأ الفراغ الذي تركه انهيار العقد الاجتماعي الناصري بكل ما يعنيه ذلك من إمكانيات ليس فقط لبناء حركة عمالية نقابية مستقلة بل أيضاً إمكانية وقف السياسات الرأسمالية والبدء في بناء بديل سياسي جماهيري عمالي ولكن هذه الفرص والمهام ليست سهلة أو بسيطة ولا يجب أن تعمينا الانتصارات التي تحققت أخيراً عن العمل الدءوب طويل المدى الذي تحتاجه الحركة لتحقق أهدافها.



مطالب وسياسات الحركة
في مجال العمل
-;---;-- إعادة العمل بأجازات الأمومة (أجازة الوضع وأجازة رعاية الطفل)
-;---;-- تشديد الردع والعقوبات على التحرش الجنسي بالنساء في أماكن العمل والمواصلات والساحات العامة
-;---;-- إلزام صاحب العمل لكل منشأة بها أكثر من خمسين عامل أو عاملة أن توفر حضانة مجهزة لأطفال العاملين بها تحت سن المدرسة والردع الشديد لكل صاحب عمل يتملص من هذا الالتزام بالتلاعب في أعداد العاملين لديه سواء كانوا رجالا أو نساء.
-;---;-- اعتبار الإنجاب ورعاية الأبناء مسئولية مجتمعية تتولاها النساء ومن ثم كفالة حقهن في إجازات وضع ورعاية طفل.
-;---;-- توسيع وزيادة ميزانية الرعاية والتوعية الصحية للنساء.

إلى الرفاق – ورقة حول الحركة العمالية
لقد أثبتت الأيام الماضية صحة تحليلنا السياسي بأن "الثورة المصرية تدخل مرحلة جديدة " بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها محمد مرسي مرشح الإخوان، من حيث تفجر الاحتجاجات العمالية والاجتماعية في مواقع العمل والمدن والأحياء الفقيرة للمطالبة بحقوق اجتماعية.. مدفوعة في ذلك بآمال وتوقعات بحدوث تغيير لظروفها المعيشية الصعبة، والتي تزداد صعوبة تحت ضغط الأزمة الاقتصادية وإجراءات الحكومة التقشفية.. بالفعل انطلقت هذه الحركة الاحتجاجية كالموج الهادر ومنذ اليوم الأول لتولى محمد مرسي مقاليد الرئاسة.. فقد تجاوز عدد الإضرابات والاعتصامات العمالية ال400 احتجاج في الشهر الأول لمرسي.. ووصلت إلى قصر الرئاسة لتحاصره وتبعث برسالة مفادها انه لن يكون هناك شهر عسل بين الرئيس وجماهير العمال.. وأن هناك مطالب يتحمل مسئولية الاستجابة لها.. وأنه لا تنازل عن تحقيق العدالة الاجتماعية هدف الثورة الأساسي والذي تغنى مرسي بتحقيقه في خطاباته المختلفة..
ومع ارتفاع حدة هذه الاحتجاجات خرجت علينا قيادات جماعة الإخوان المسلمين لتهاجمها وتتهم العمال بالعمالة لأمن الدولة، وتلقى المحتجين أموالا لتنظيم هذه المظاهرات.. وهو تعبير عن طبيعة الجماعة وانحيازها الطبقي لرجال الأعمال. كما أصدر حزب النور بيانا يطالب فيه محمد مرسي بعدم الاستجابة "للمطالب الفئوية ".. هذه المواقف سوف تكشف حدود مرسي وتنهى سريعا جدا حالة الثقة فيه وفى مشروع النهضة الذي رسمه ملياردير الإخوان خيرت الشاطر..
أين تقف الحركة العمالية الآن؟
لاشك أن هذه الموجة من الاحتجاجات العمالية من أكبر الموجات التي حدثت منذ اندلاع الثورة.. من حيث عدد العمال المشاركين فيها واتساعها لتشمل معظم مواقع العمل سواء في الحكومة وقطاع الأعمال أو القطاع الخاص.. إلا أن ما يميز هذه الموجة الأخيرة هو التطور السياسي لمطالبها.. لنجد هناك إضرابات للاعتراض على تعيين وزير في الحكومة الجديدة، الزراعة والطيران المدني على سبيل المثال.. أو إضرابات تنادي بإقالة رؤساء الشركات القابضة سواء في الغزل والنسيج أو الصناعات الغذائية وغيرها.. وأخيرا ،وهو الأهم، هو ظهور "شعار" التأميم في بعض الإضرابات.. كما حدث في الوطنية للصلب بـ 6 أكتوبر وسيراميكا كليوباترا بالسويس ردا من العمال على محاولة ناصف ساويرس ومحمد أبو العينين إغلاق المصانع وتشريد العمال، وهو تطور في غاية الأهمية في وعى ومطالب العمال.. مما يطرح علينا فرص وتحديات كبيرة للعمل على تسييس الحركة العمالية ودفعها للأمام وطرح برنامجنا الاشتراكي بينهم وكسبهم إلى مشروع الاشتراكية الثورية.. خاصة وان ما حدث مع عمال الوطنية والسيراميك قابل للتكرار بشكل كبير مع نزوع رجال الأعمال إلى سياسة الإغلاق والتصفية مع اشتداد الأزمة الرأسمالية العالمية.. وازدياد المطالب العمالية المنادية بتحسين الأوضاع.. ولذلك يجب علينا أن نترجم "هتاف" عمال السويس "أمموها أمموها.. والعمال هيشغلوها " ليدوى في كل مصنع يتعرض للإغلاق إلى عدة مطالب مركزية.. ينبغي التركيز عليها من اجل دفع الحركة خطوات للأمام في اتجاه الوحدة والتسيس.. وهي:
أولا: المطالب الخاصة بتطهير المؤسسات من الفاسدين والفلول والعسكريين.. والضغط على محمد مرسي في هذا الاتجاه بعد كل قرار يتخذه بإقالة مسئول امني أو تنفيذي..
ثانيا: عودة الشركات المخصخصة إلى الدولة ورفع شعار الإدارة الذاتية والتأميم في مواجهة شعار رجال الأعمال "الإغلاق"..
ثالثا: علينا إعادة الاعتبار لمطلب الحد الأدنى للأجور.. وليكن هو هدفنا ومطلبنا الأول من حكومة قنديل.. وذلك باعتبار هذا المطلب المحور الأساسي لتوحيد كل الحركة العمالية..
رابعا: تعديل التشريعات العمالية بما يضمن الحد الأدنى من الحماية من الفصل والرعاية الصحية والاجتماعية وكذا إصدار قانون الحريات النقابية، والدفاع عن حق العمال المطلق في الإضراب في مواجهة الجمعية التأسيسية للدستور وجماعة الإخوان التي تريد وضع قيود على هذا الحق لبعض القطاعات وحظره في قطاعات أخرى .. خامسا.. مطلب تثبيت العمالة المؤقتة وعودة العمال المفصولين والذين شكلوا جبهة في الفترة الأخيرة..

إن هذا الوضع يطرح علينا فرص كبيرة كما يطرح علينا تحديات.. وعلينا أن نلعب دورا في التعبئة والتحريض على هذه المطالب في كل اشتباك لنا مع العمال وحسب ظروف كل موقع.
العمال ومشكلة التنظيم
برغم التطور المهم السابق الإشارة إليه في الحركة العمالية إلا أن هناك ثلاثة أطراف فوقية تتنافس على "كسب" الحركة العمالية مع اختلاف كل طرف عن الآخر في الطريقة والهدف.
أولا: اتحاد عمال مبارك .. وهو الاتحاد الذي وقف موقفا معاديا لتحركات العمال على مدى تاريخه وكان أداة الحزب الحاكم في كل مرحلة تاريخية للسيطرة على حركة العمال.. هذا الاتحاد تسيطر علية قيادات صفراء من فلول النظام المكروهة من العمال والمتورطة في وقائع فساد وأعمال قتل ضد الثوار في موقعة الجمل.. وهو لم يكن له أي فاعلية تذكر وسط الحركة العمالية حتى صدر قرار وزير القوى العاملة بحله في 4 أغسطس من العام الماضي استنادا لأحكام قضائية ببطلان انتخاباته.. وتشكلت لجنة مؤقتة لإدارته يسيطر عليها الآن الإخوان والفلول .. وفى الآونة الأخيرة حاول هذا الاتحاد لعب دور وسيط العمال "بشكل انتهازي" في محاولة منه لفضح محمد مرسي.. وليس بتبني مطالب العمال بشكل مبدئي.. أما عن الإخوان فهم يسعون للسيطرة على هذا الاتحاد لما له من تراث من احتواء حركة العمال.. وكذا الإمكانيات المادية من مباني وأموال يسعى الإخوان لتوظيفها فيما يحقق مصالحهم.. وكلا الطرفين يرفضان النقابات المستقلة ويريدان الإبقاء على هذا الاتحاد وعدم إصدار قانون الحريات النقابية.. أو على الأقل صدور قانون لا يختلف في جوهره عن القانون الحالي الذي يقيد الحركة النقابية.
ثانيا: الاتحاد المصري للنقابات المستقلة.. والذي يضم عدد كبير من النقابات المستقلة التي تصدرت النضالات العمالية المهمة خلال الفترة الماضية "داخل مواقع العمل ".. يعانى هذا الاتحاد والذي تم تأسيسه في 31 يناير بميدان التحرير من ثلاثة نقابات مستقلة هي الضرائب العقارية والمعاشات والفنيين الصحيين.. يعانى من الضعف الشديد في هيكلة التنظيمي وعدم قدرته على قيادة وتوحيد الاحتجاجات العمالية أو تنظيمها بسبب من تسلل البيروقراطية النقابية إلى بعض قيادات النقابات المستقلة المنضمة له.. وحرص هذه القيادة طوال الوقت على عزل العمال عن النشاط السياسي.. تحت غطاء "الاستقلال".. كما يغيب عنه المبادرة لدعم تحركات العمال على نطاق واسع رغم الإمكانيات الموجودة لديه.
ثالثا: مؤتمر عمال مصر الديمقراطي.. وهو الكيان الذي تم تأسيسه بعد الخلاف الذي وقع بين دار الخدمات النقابية والعمالية وقيادات الاتحاد المصري للنقابات المستقلة حول موضوع التمويل الأجنبي والتمثيل فى المؤتمرات الدولية. هذا الكيان يلعب دور في بناء عدد من النقابات المستقلة خاصة في المناطق الصناعية الجديدة .. ويضم هذا الكيان عددا لا بأس به من النقابات بفضل إمكانيات دار الخدمات..
وبرغم المجهود الذى تبذله دار الخدمات فى بناء هذا الكيان الا ان الهيمنة علية واعتماده بشكل أساسي على دور منظمة العمل الدولية في تنظيم العمال بما يعنى ذلك من مساوئ تدجين القيادات العمالية وإفسادها عبر السفريات الدائمة للخارج لحضور فعاليات عمالية دولية برعاية المنظمة المذكورة، وانفصال هذه القيادات عن قواعدها العمالية يشكل خطورة كبيرة .
إننا كاشتراكيين ثوريين نرى خطورة هذا الانقسام على الحركة العمالية ومستقبل الثورة المصرية.. وندفع في بناء وتوحيد الحركة النقابية والعمالية.. واستقلالها الذي لا يتعارض مع دخول العمال إلى الصراع السياسي دفاعا عن مصالحهم.. ونقف ضد محاولات السيطرة والاحتواء للحركة العمالية.. ونعمل من اجل تنظيم العمال في نقابات واتحادات وروابط تدفع في طريق توحيد قطاعات الطبقة العاملة على مستوى المطالب والحركة وفى هذا الإطار طرحنا على العمال بعد ندوة عمالية بمركز الدراسات فكرة "مؤتمر عمال مصر" ولا نستهدف منه أن يكون بديلا عن تنظيمات العمال النقابية وإنما محاولة لتوحيد الحركة ولو بشكل قطاعي على مطالب محددة ومحاولة أيضا في اتجاه تسييس الحركة العمالية.
مكاتب العمال .. والمهام المطروحة علينا
لقد حققنا تقدما في تفاعلنا مع الحركة العمالية بعد تشكيل مكاتب العمال في المحافظات المختلفة والتي استطاعت أن توظف عددا من كوادرنا الشبابية والطلابية في هذا الإطار.. وهو ما انعكس في الموقع والجريدة باعتبارهما ناظم وترمومتر تفاعل الأعضاء مع الحركة وهو ما ينبغي الحفاظ عليه عبر المراسلة الدائمة بكل الأحداث.. كما انعكس تفاعلنا أيضا على حجم علاقاتنا العمالية.. وينبغي علينا خلال الفترة القادمة تعظيم هذه الخطوات باعتبار العمل العمالي هو محور عملنا وأولويتنا.. وفى ظل تصاعد الاحتجاجات العمالية في الفترة القادمة خاصة بعد تشكيل الحكومة نحتاج إلى تقوية ودعم مكاتب العمال بإعداد من الشباب والطلبة للمساعدة في التفاعل مع رقعة أوسع من هذه الحركة.. وينبغي علينا خلال تفاعلنا إلا ننسى طرح مشروعنا السياسي على العمال، وفى هذا الإطار علينا أن نبدأ بخلق شبكة من قراء الاشتراكي من العمال داخل المصانع وتوصيل الجريدة إليهم بشكل منتظم وصولا إلى خلق مجموعة من المراسلين العماليين للجريدة وموقع الحركة على الانترنت.. أي استخدامهما في بناء مرتكزات تنظيمية في مواقع العمل..
إن الفرص أمامنا كبيرة ومسألة خلق جذور عمالية لنا في المصانع أصبحت مسألة حياة أو موت.. مع توقعاتنا بتفجر وتعمق الصراع الطبقي بفعل الأزمة الاقتصادية وإفلاس الطبقة الحاكمة أمام توقعات الجماهير.

يا عمال مصر انتصروا للثورة.. تسقط دولة الظلم والفقر
بقلم مكتب عمال حركة الاشتراكيين الثوريين
السبت 26 يناير 2013
يا عمال مصر.. آن الأوان لأن تنضموا إلى موجة الغضب التي تجتاج المحافظات لكي تنقذوا أنفسكم من الفقر والإهمال والبطالة
يا عمال وعاملات مصر:
لم يعد هناك مفر من الانضمام الى موجة الغضب التى تجتاح كافة محافظات مصر، فاوضاعنا تزداد سوءاً.. والأسعار تزداد اشتعالاً.. والحكومة الفاشلة اتفقت مع صندوق "النكد" الدولي، وهو ما يعنى المزيد من رفع أسعار المياه والكهرباء والغاز. ولا أحد يسأل كيف يعيش الفقراء أو يموتون. فبالأمس انتحر عامل من شركة سوميد بعد أن تجاهل المسئولون إضرابه عن الطعام لمدة يومين، كما رفض مرسي تطبيق إجراءات العدالة الاجتماعية لتخفيف الفقر عن كاهل العاملين بأجر، حيث رفض فرض الضرائب التصاعدية، ورفض رفع الحد الأقصى للضرائب إلى 30 بالمئة. كما تراجعت جماعته عن تقييد الحد الأقصى للأجور بـ50 ألف جنيه، واكتفت بأن بكون النسبة بين الحد الأدنى للأجور والحد الأقصى 35 ضعفاً – تخيلوا!!
وقبل أن تكمل حكومة هشام قنديل شهرها الثاني، بدأ الحديث عن قانون جديد للطوارئ لمواجهة حالات البلطجة، وكانت الطامة الكبرى أنه اعتبر الإضراب عن العمل – سلاحنا الوحيد - أحد هذه الحالات. وفي النهاية، سدد الدستور الذي صوّت الكثيرون له لأنه "هيرفع مرتباتنا" ضربه قاصمة لمطالب العدالة الاجتماعية بنصه على ربط الأجر بالإنتاج "مش بالأسعار".
وفي المقابل، يصر النظام الحاكم على عرقلة إصدار قانون الحريات النقابية حتى الآن لتظل القوانين المقيدة للحريات على حالها، بينما المستثمرون يفصلون كل يوم عشرات العاملين.
فيا عمال مصر.. آن الأوان لأن تنضموا إلى موجة الغضب التي تجتاج المحافظات لكي تنقذوا أنفسكم من الفقر والإهمال والبطالة.. وانتصاراً للشهداء الذين سقطوا وما زالوا يتساقطون كل يوم في السويس وفي بورسعيد، والبقية تأتي.
فلنواصل احتجاجاتنا اليومية في مواقع عملنا ضد الفساد والنهب والتجويع، ولنرفع عالياً صوتنا للمطالبة بـ:
• إقالة حكومة هشام قنديل الفاشلة وتشكيل حكومة جديدة منحازة للفقراء؛
• القصاص الحقيقي للشهداء بتقديم كبار المسئولين والضباط الى المحاكمة؛
• ربط الاجر بالاسعار على ان يكون الحد الادنى لا يقل عن 1500 جنيه؛
• تعديل تشريعات العمل المنحازة لرجال الأعمال؛
• عودة الشركات المنهوبة والتى تم خصخصتها؛
• إطلاق قانون الحريات النقابية؛
• تجميد العمل بالدستور المنحاز لرجال الأعمال.

الحركة العمالية والثورة في مصر: حوار من طرف واحد
بقلم مصطفى البسيوني
24 ديسمبر، 2013
لا توجد الكثير من التحليلات التي تتعرض لعلاقة الحركة العمالية بالثورة ودورها فيها. ولا يعد ذلك بأي حال دليلا على ضعف تلك العلاقة بقدر ما يؤكد ضعف أدوات الحركة العمالية في التعبير عن نفسها. والتوقف أمام لحظات بعينها يوضح طبيعة وحجم دور الحركة العمالية في الثورة المصرية.
في نهاية عام 2006 كان نظام مبارك قد نجح بالفعل في ترتيب أوراقه اللازمة لإتمام مشروع التوريث. لم تنجح حركة التغيير الديموقراطي التي تصاعدت منذ عام 2004 في وقف السيناريو الذي أعده النظام سواء بتعديل مواد الدستور لتسمح بالتوريث أو إتمام الانتخابات الرئاسية بالطريقة التي قررها النظام أو انتخابات البرلمان وترتيب مؤسسات الدولة بما يسهل انتقال السلطة لجمال مبارك.
بدت حركة التغيير الديموقراطي محبطة للغاية في عام 2006 وجاءت المفاجأة من جانب الحركة العمالية. ففي ديسمبر 2006 انطلقت أقوى موجة إضرابات عمالية شهدتها مصر منذ أربعينيات القرن العشرين. ويشير إحصاء لاتحاد عمال الصناعة الأمريكي أن عدد العمال المصريين الذين دخلوا إضرابات في نلك الفترة تجاوز المليوني عامل.
موجة الإضرابات العمالية التي انطلقت لم تكن ترفع شعارات حركة التغيير الديموقراطي "لا للتوريث، لا للتمديد" بطبيعة الحال، ولكن تصاعدها الملحوظ مثل عقبة جدية أمام استقرار النظام واستكماله مشروعه، خاصة مع تطور الحركة العمالية على نحو مفاجئ لتكون سببا مباشرا في تفجر انتفاضة المحلة 2008، وتتقدم لمحاصرة مجلس الوزراء والبرلمان وعدد من الوزارات، ليمتد تأثير الحركة العمالية إلى خارج أسوار المنشآت ومواقع العمل ولتعيد تحفيز حركة التغيير الديموقراطي مرة أخرى، وتنشأ بتأثيرها حركات أكثر حيوية وتأثيرا مثل حركة شباب 6 أبريل.
الحركة العمالية التي اشتعلت قبل 2011 بسنوات وأسست نقابات مستقلة عن الدولة ومثلت التحدي الأكبر للنظام والمحفز الأهم للثورة، لم تغب عن أحداث الثورة نفسها. فميدان التحرير شهد في 30 يناير 2011 تأسيس الاتحاد المصري للنقابات المستقلة.
كما شهد الأسبوع الأخير قبل سقوط مبارك احتلالا لمواقع العمل من قبل العمال في عدة أماكن مثل السويس للصلب والسويس للإسمنت والجامعة العمالية وغيرها من المواقع العمالية التي أعلنت الانضمام للثورة.
كان دور الحركة العمالية ملحوظا قبل وأثناء الثورة ولكن الأهم هو ما تلى 11 فبراير 2011، لقد كانت الإطاحة بمبارك سببا كافيا لأغلب القوى لإخلاء ميدان التحرير وميادين الثورة والاكتفاء بما تم إنجازه. وبدأت عملية منهجية لإزالة آثار ما جرى في التحرير والاستعداد للتوجه لصناديق التصويت.
وحدها الحركة العمالية استمرت في العمل عبر موجة احتجاجات أكثر انتشارا من السابقة للمطالبة. وشملت تقريبا كا من يعملون بأجر سواء عمال أو موظفين. إذ امتدت الحركة العمالية لمختلف القطاعات الاقتصادية سواء الصناعية أو الخدمية. وانتشرت بالمدن الصناعية الجديدة وشركات قطاع الأعمال والهيئات الاقتصادية التابعة للدولة والمرافق العامة والمصالح الحكومية، بحيث لم يعد مكان يخلو من الاحتجاج نقريبا وأضافت للمطالبة بالحقوق الاقتصادية للعمال المطالبة بتشغيل الطاقات المعطلة في المنشآت وتطهير الشركات والمؤسسات من رموز الفساد ورجال نظام مبارك ومحاسبتهم. كانت الحركة العمالية في هذه المرحلة تحاول استكمال الإطاحة بأذرع نظام مبارك في المؤسسات الاقتصادية والمنشآت.
الحركة التي كان معناها الأكيد استمرار الثورة لاستكمال أهدافها باجتثاث سياسات مبارك الاقتصادية والاجتماعية وتحسين أوضاع العمال والفقراء، عانت من الهجوم عليها سواء من النظام الذي أصدر مرسوما بقانون يجرم الإضراب أو القوى السياسية التي اعتبرت احتجاجات العمال "احتجاجات فئوية" تهدف لتحقيق مصالح ضيقة بعيدة عن الأهداف "الكبرى" للثورة.
لم تبق القوى الثورية بعيدة عن الميدان طويلا فسرعان ما عادت الميادين للانتفاض للمطالبة بإقالة رئيس وزراء مبارك أحمد شفيق أو للقبض على مبارك ومحاكمته، وكانت الحركة العمالية قد سبقت الجميع في الحفاظ على استمرار الثورة عبر "الاحتجاجات الفئوية".
لم تنته مهمة الحركة العمالية في الحفاظ على استمرار الثورة بعد تسليم المجلس العسكري للسلطة. فقد اتجهت الحركة العمالية للصعود من جديد. والملاحظ أيضا انه عقب إصدار مرسي للإعلان الدستوري الشهير في نوفمبر 2012 ظهرت معارضة قوية له ولكنها انتهت دون إحداث تغيير حقيقي.
بعدها شهدت الساحة المصرية تراجعا مؤقتا للمعارضة تمكن فيها مرسي من تدعيم سلطته. كانت الحركة العمالية في هذا الوقت أيضا هي الأكثر رفضا ومقاومة حتى أن ما شهدته مصر من احتجاجات عمالية في الشهور الخمسة الأولى من 2013 يفوق كل ما شهدته طوال عام 2012. وكان تقرير للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رصد أن عدد الاحتجاجات العمالية والاجتماعية في مصر في عام 2012 يفوق مجموع تلك الاحتجاجات في السنوات العشر السابقة على الثورة.
لم تنجح السياسة القمعية مرة أخرى في مواجهة الإضرابات العمالية حتى عندما أطلقت قوات الأمن الكلاب المدربة على إضراب عمال أسمنت العامرية في أبريل 2013 وظلت الحركة العمالية تخوض معركة استمرار الثورة قبل 30 يونيو حتى جاءت الانتفاضة التي أطاحت بالإخوان.
الفترة التي أعقبت الإطاحة بالإخوان كانت فترة الاصطفاف خلف سلطة 3 يوليو التي شهدت تراجع المعارضة تراجعا شبه كامل وتكريس كل الجهود للمواجهة مع الإخوان المسلمين. حتى أن التنظيمات النقابية الرسمية والمستقلة أصدرت بيانات بوقف الإضرابات تدعيما لجهود السلطة في حربها على الإرهاب. ولكن مرة أخرى كانت الحركة العمالية تنهض بمهمة الإبقاء على آليات الاحتجاج والمطالبة بالحقوق الاجتماعية ومواجهة الفساد.
ولم تفلح من جديد آليات القمع في منع إضرابات العمال بل تزايدت وتيرتها في الأشهر الأخيرة من 2013 وانطلقت احتجاجات عمالية ذات شأن مثل اعتصام الحديد والصلب الذي ضم أكثر من 12 ألف عامل واستمر ما يقرب من شهر وانتقل به العمال إلى وسط القاهرة لطرق أبواب الشركة القابضة ومجلس الوزراء ومطابع الأهرام التي عطل عمالها طبع الجرائد حتى الاستجابة لمطالبهم في حدث فريد من نوعه بالإضافة لإضراب الألاف من عمال كريستال عصفور وعمال الإسكندرية والعاشر من رمضان والسويس وغيرها من المواقع. أكدت تلك الموجة من الاحتجاجات أن الحفاظ على فكرة استمرار الثورة ما زالت أحد مهام الحركة العمالية.
تطور الأحداث منذ الفترة الأخيرة لحكم مبارك وحتى اليوم يؤكد أن دور الحركة العمالية كان ضروريا للحفاظ على استمرار الثورة وزخم الشارع وقطع الطريق على عودة استبداد الدولة وقمعها. لقد انفضت قوى الثورة عدة مرات عن الميادين وعادت إليها ولكن الحركة العمالية هي التي أبقت على إيقاعها رغم الكثير من التحولات. الحركة العمالية التي افتقدت لتنظيم سياسي قوي ومتماسك ومنتشر، وافتقدت كذلك لتنظيم نقابي كفؤ، لعبت دورا هاما في دفع الثورة والحفاظ على استمرارها.
ولكن غياب تنظيمها السياسي وضعف تنظيمها النقابي، جعلا دورها يتوقف عند دفع حركة الثورة فقط وليس قيادتها. ربما تضمن حركة عمالية متفجرة في وضع ثوري كالذي تعيشه مصر استمرار هذا الوضع الثوري وتحرم أنظمة متتالية من إحكام سيطرتها على الأوضاع. ولكن الانتصار الفعلي للثورة وتحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية قد يحتاج لأكثر من حركة عمالية متفجرة. وتصبح قضية تطوير القدرات التنظيمية، النقابية والسياسية، للحركة العمالية شرطا لا يمكن تفاديه ليصبح تأثير الحركة العمالية أكثر حسم ليس في استمرار الثورة وفقط ولكن في انتصارها.

سياسة الإخوان.. نقابات العمال في خدمة السلطان
بقلم مكتب عمال حركة الاشتراكيين الثوريين
السبت 2 مارس 2013
إعلان خالد الأزهري وزير القوى العاملة وقف قيد النقابات المستقلة خطوة جديدة يتخذها نظام محمد مرسي لضرب الحركة العمالية والنقابية في مقتل عبر الهجوم على أهم منجزاتها بعد الثورة، وهي تشكيل الآلاف من النقابات المستقلة التي قادت احتجاجات العاملين بأجر طيلة الفترة الماضية لانتزاع مطالبها في تثبيت المؤقتين، ورفع المرتبات وربطها بالأسعار، وإلغاء سوق العمل الاسود، وعودة الشركات التي تم نهبها.
ولكن يبدو أن مرسي الذي يريد إعادة نظام الاستبداد والإفقار للمخلوع مبارك قد قرر بعد أن نجح العمال في إعادة عدد من الشركات التى نهبها تحت اسم الخصخصة مما يغضب مؤسسات التمويل الدولية، كما نظموا إضرابا عاما في بورسعيد ويتطلعوا إلى إدارة شركاتهم ذاتيا بعد هروب المستثمرين، كما يجري في قوطة للصلب، وينتفضون يوميا ضد سياسات الافقار والتجويع في كل محافظات مصر قد قرر إعلان الحرب على الحركة العمالية.
وهكذا بدلا من أن تستجيب الحكومة لطلبات العمال والكادحين الذين شاركوا في ثورة يناير التي أوصلت مرسي إلى الحكم، تكيل لها الضربات الموجعة واحدة تلو الأخرى، من فصل للقيادات العمالية إلى فض الإضرابات والاعتصامات بالكلاب البوليسية انتهاء بالسعي إلى سلب العمال سلاحهم في التنظيم المستقل لاجبارهم على الرضوخ لمصالح رجال الاعمال الذى يجلس لهم مرسى، ويسهل لهم الامتيازات بل ويسعى إلى إجراء المصالحات مع كبار رجال أعمال النظام السابق.
والاشتراكيون الثوريون يدعون كافة القوى الثورية إلى الوقوف إلى جانب النقابات المستقلة في معركتها ضد استبداد السلطة رجال الاعمال التى يسيطر عليها الإخوان المسلمين، والتي يتأكد كل يوم عدائها للجماهير الشعبية وهو ما يستوجب توحد القيادات العمالية والنقابات المستقلة لتنظيم هجوم مضاد على دولة الظلم والاستبداد بتنظيم اضرابات واعتصامات واسعة ولنا في بورسعيد المثل.
ويؤكد الاشتراكيون الثوريون على أن الحركة العمالية التي هزمت نظام المخلوع مبارك وانتزعت أول نقابة مستقلة عام 2008 متحدية قانون الطوارئ وأمن الدولة، لقادرة اليوم على تحدي نظام مرسي ورمى قراراته في مزبلة التاريخ، فعمال مصر يناضلون من اجل لقمة العيش والتشغيل وفرص عمل..وكلها اهداف تجعلهم يواصلون الانتفاض إلى أن تتم تشكيل حكومة ثورية تتبنى مطالبهم.

رسالة الحركة العمالية إلى السلطة.. والثوريين
بقلم هشام فؤاد
الخميس 7 مارس 2013
لا مفر من العمل المشترك بين القوى الثورية والعمالية والحقوقية لمواجهة هذه الهجمة الشرسة على الحركة العمالية
إعادة نظام مبارك، وتمرير سياسات اجتماعية واقتصادية منحازة لكبار رجال الأعمال كالشاطر ومالك، هو الهدف الحقيقي لما يرتكبه نظام مرسي حالياً من جرائم تجاه الحركة العمالية. فقد تم فض اعتصامات بقوة الكلاب البوليسية، وتم إحالة العشرات إلى النيابة وفصل المئات من القيادات العمالية.. والهجوم متواصل على النقابات المستقلة.
ولكن بينما احتاجت الحركة العمالية في تسعينيات القرن الماضي لخمس سنوات كاملة لكي ترد على اقتحام الأمن المركزي لشركة الحديد للصلب عام 1989، حيث انتفض عمال كفر الدوار عام 1994، لم تحتاج الحركة العمالية اليوم إلى أكثر من ساعات لكي ترد على فض اعتصام شركة أسمنت الإسكندرية بالكلاب البوليسية؛ فبعد يوم واحد اعتصم وأضرب عشرات الآلاف من العمال في مواقع مختلفة في بورسعيد والسويس، بل والإسكندرية نفسها، والأهم بات العالم يتابع أحداث أول عصيان مدني تشهده مصر منذ عام 1919 في محافظة بورسعيد.
وفي ذات التوقيت، تداعت قوى حقوقية وعمالية وثورية لتشكيل جبهة موحدة ضد العدوان على حقوق العمال في الإضراب والاعتصام، وبدأت بالفعل تحركاتها على الأرض، بترتيب قافلة تضامن مع شعب وعمال بورسعيد، وعقد مؤتمر عمالي حاشد في الاسكندرية.
القمع الصريح
إن نظام الإخوان المسلمين المنحاز لكبار رجال الأعمال، والذي يتبنى سياسات السوق، بعد أن سار على نهج سابقيه في طريقة التعاطي مع الحركة العمالية، مضى خطوة كبرى باستخدام العنف الصريح. فبعد تجاهل مطالب عشرات الآلاف من العمال المحتجين في كافة أنحاء البلاد، وكان آخرها اعتصام عمال شركة بتروتريد الذي استمر لمدة 29 يوماً أمام وزارة البترول، وإضراب عمال الشحن والتفريغ بالسويس، يلجأ حالياً النظام في إطار التصعيد غير المسبوق إلى استخدام الحل الأمني، وذلك كما حدث مع العشرات من عمال شركة الأنابيب بقنا، وحبس 18 عاملاً بشركة أسمنت الإسكندرية 15 يوماً، وإلقاء القبض على قيادات النقابة المستقلة في شركة فرج الله بالإسكندرية.
إلى جانب الاعتداء على عمال شركة غزل شبين أثناء اعتصامهم أمام وزارة الاستثمار، وحصار الجيش بعمال ميناء العين السخنة المضربين، وأخيراً وليس آخراً تبني النظام لقانون يقيد حق التظاهر الذي انتزعه المصريون بدمائهم الطاهرة.
أهداف النظام
نظام الإخوان الرأسمالي، المشغول حالياً بالتصالح مع كبار رجال أعمال النظام السابق، يسعى إذاً إلى تحقيق هدفين؛ الأول سياسي ويهدف إلى حصار القوى الثورية وتصفيتها وتمرير الانتخابات البرلمانية بشروطه، وذلك عبر تصفية وخطف واعتقال وتعذيب الشباب الثوري.
والثاني اقتصادي هو إرسال شهادة إلى المستثمرين الأجانب وصندوق النقد الدولي بأن النظام لن يستجيب لمطالب الحركة العمالية المنتفضة التي تعد من أهم مطالبها حالياً: التثبيت، وأجور عادلة، وتطهير الشركات، وإلغاء سوق العمل الأسود، وعودة الشركات التي تم خصخصتها، وكذلك أن العمال المصريين "طيعيين وحلويين" وبالتالي هاتوا القروض من فضلكم.
فشل متوقع
ولكن لماذا ستفشل هجمات النظام على الحركة العمالية؟ وما هو الدور المنوط بالقوى الثورية؟
يحتاج النظام للانتصار على الحركة العمالية المنتفضة إلى ارتكاب مجازر دموية، ولكن إذا استمر توازن الضعف الحالي، بين النظام الحاكم وبين القوى الثورية، فإن عمال مصر الذين مهدوا لثورة يناير، ولعبوا دوراً حاسماً في إحراز النصر عبر إضراباتهم في الأيام الأخيرة من عمر المخلوع، قادرون على التصدي لهذه الهجمة الشرسة، وتحويل قانون التظاهر إلى مجرد حبر على ورق عبر وسائل نضالهم من إضراب وتظاهر واعتصام.

فأولاً: أهم ما فعلته ثورة 25 يناير هو أنها كسرت حالة الخوف لدى جماهير الشعب المصري، وعبرها تطور وعي العمال النقابي والسياسي بدرجة كبيرة جداً للأمام، وتكونت مئات التنظيمات بل آلاف الروابط والنقابات المستقلة، كما شارك مئات الألوف من العمال في ميادين مصر في مظاهرات الغضب تجاه سياسات الإخوان.
وثانياً: ما لم تفهمة حكومة الإخوان، التي تتبنى سياسات تقشفية بالضبط كحكومات مبارك، أن الفقر والاضطهاد وغلاء الأسعار الصاروخي يدفعون ملايين العمال والموظفين إلى الاحتجاج اليومي رافعين شعارات من قبيل الشعارات التي يرددها يومياً المئات من المعلمين المؤقتين المحتجين في محافظة الشرقية: "بالروح والدم، رزق عيالنا أهم"، و"شغالين من غير فلوس، والحكومة عمالة تدوس"، وأن هؤلاء العمال لن ترهبهم ترسانة القوانين المقيدة للحريات التي تعد – بليل - فلم يعد لديهم ما يخسروه.
ثالثاً: العامل السياسي، وهو اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وهو ظرف استثنائي يتيح مساحات أوسع من الحريات ويشل يد النظام الذي يسعى لأن يظهر في عيون الجماهير، مؤقتاً، كالمدافع عن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
رابعاً: محاولة القوى الليبرالية في صراعها مع القوى الإسلامية استخدام ورقة العمال، بل والتحريض عبر الإضرابات، مما يوفر تغطية من كبرى القنوات الإعلامية لتحركات العمال ويكسبهم تعاطف ويشجع العمال.
ما العمل؟
لا مفر من العمل المشترك بين القوى الثورية والعمالية والحقوقية لمواجهة هذه الهجمة الشرسة وإطلاق سراح العمال المقبوض عليهم، وإظهار التضامن الكامل مع العمال المنتفضين في معركتهم من أجل استكمال ثورة العدل والحرية، فلا يجب التقليل من تاثير القمع على الحركة العمالية بشكل كامل، وحتى لا يتسرب اليأس والاحباط إلى صفوف العمال.
وفي الواقع فلن نبدأ من فراغ، بل علينا تطوير العمل المشترك الذي بدأ بالفعل فور الهجمات الأخيرة على العمال بين الاتحاد المصري للنقابات المستقلة وبين مؤتمر عمال مصر والاشتراكيين الثوريين وحزب التحالف الشعبي والديمقراطي الاجتماعي ومصر القوية والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لتشكيل جبهة تسعى إلى إظهار التضامن مع العمال والوقوف إلى جانبهم وتقديم الدعم السياسي والقانوني والإعلامى للعمال، والعمل على توسيع هذه الجبهة لتضم كل القوى السياسية والثورية المناصرة للعمال.
كما يجب العمل على تشجيع العمال لتشكيل صناديق تضامن عمالية في المصانع للوقوف إلى جانب أي عامل يتعرض للفصل أو القمع.
وأخيراً العمل مع القيادات العمالية على تنظيم تحرك عمالى منظم (اعتصام – إضراب – تظاهر) حتى ولو على مستوى قطاع واحد لرد العدوان وللمطالبة بالحقوق، والتصدى لموجة رفع الأسعار.
ويبقى أن خوض غبار معركة التصدي لقمع الحركة العمالية يجب أن تكون أولوية أولى لكل الثوريين؛ فالحركة العمالية هي القادرة على استكمال ثورة يناير، وإسقاط دولة الظلم والاستبداد والاستغلال. وكذلك وهو الأهم حالياً على تقديم بديل ملموس للشعب المصرى بدلاً من التطلع مرة أخرى إلى عودة الجيش أو الفلول، وهو الاتجاه الذي بدأ يتنامى مؤخراً.


المرأة العاملة: استغلال مُضاعف ومعاناة يومية
جريدة الاشتراكي
الاثنين 1 أبريل 2013
المرأة العاملة تعاني الأمرّين كجزء من طبقة عاملة مضطهدة
الثورة جاءت لتطلق العنان لأحلام المضطهدين والمقهورين من جميع الفئات والطبقات، فخرج العمال ليطالبوا بأجور عادلة والمرأة لتنفض غبار الرجعية الجاثم على حقوقها منذ سنوات طوال لتخرج مطالبة بأبسط حقوقها ومنها الحق في السير في الشارع والعمل آمنة دون التعرض لتحرش أياً كان نوعه. وبعد الهجمة الوحشية الأخيرة على المرأة في ميدان التحرير برزت قضية التحرش على الساحة لتتحدث المرأة عن معاناتها وضرورة إيجاد حل جذري لها، إلا أن التحرش الذي تتعرض له المرأة لا يقتصر على ما يحدث في الشوارع فقط، فهناك التحرش في العمل وهو في الحقيقة أسوأ لأنه يهدد المرأة في لقمة عيشها ويمارس عادةً من مدير لها أو شخص ذي نفوذ في مكان عملها مما يضعف قدرتها على التصدي لمثل هذا الانتهاك. أما في المصانع فتكون المعاناة مركبة بين ظروف عمل ظالمة وسيئة واضطهاد لكونها امرأة.
وفيما وصلت نسب الرجال الذين اعترفوا بأنهم تحرشوا بنساء، تبعاً لإحصائيات أخيرة من المركز المصري لحقوق الإنسان إلى 62%، تظل المأساة مستمرة دون حل وتظل أكثر بشاعة في العمل. وقد أجرى "الاشتراكي" لقاءاً مع عاملة في أحد مصانع بورسعيد لتحدثنا عن معاناة العاملات في المصنع من تحرش وظروف عمل سيئة.
وعن الأوضاع الحالية للعاملات تحدثنا قائلة أن أغلبية العاملات في المصانع حوالي 5% منهم العمل بالنسبة لهم اختياري والباقي إجباري للمساعدة في دخل الأسرة أو لتلبية احتياجاتهن الشخصية، فهي لا تعتقد أن هناك من يعملن 9 ساعات في اليوم ويتعرضن لروتين يومي قاسي، ثم عودة للعمل في المنزل والقيام بأعمال منزلية منهكة "عشان تتسلى أو تضيع وقت"، حتى العمل الإضافي هو أيضاً إجباري لتلبية احتياجات المنزل. كما أن بعض العاملات مؤهلات عليا إلا أنهن لم يجدن عملاً بهذه المؤهلات، لذلك فالعاملة في مصنع "مش طالعة تتطحن وتشتغل عشان تثبت انها عايشة وليها حق فى الحياة ولا عشان المساواة ولا أي كلام من ده" بل العمل بالأساس بالنسبة لهن مرحلة أو وسيلة للحصول على المال وبالنسية لآخريات إن وجدت المال تفضل الجلوس في البيت، وهو مايظهر بوضوح في ترديد العاملات لجملة "ربنا يتوب علينا" دائماً.. هنا علقت العاملة قائلة: "لإنها حاسة إنها مش زي البني آدمين، حياتها عبارة عن شغل ونوم وساعات عمل إضافي لتحسين الدخل، وفي النهاية جائزتها مجموعة مركبة من الأمراض اللي تقريباً بتلازمها طول عمرها من أول الروماتيزم والدوالي وآلام الظهر وآلام العمود الفقرى، كل ده غير إنها طول مدة عملها فى المصانع نفسياً تعبانة طول الوقت من ضغط الشغل إلى ضغط البيت، وإن مش من حقها ترتاح أو تاخد اجازة تغيّر جو، عشان تقدر تواصل لخوفها من الجزاءت واضطهاد بعض المشرفين، ده غير إن فى عاملات شغالة ومش شايفة نفسها فى المكان اللى هى فيه، بس للأسف مفيش بدائل، ومن الآخر العاملة فى مصنع إنسانة معزولة عن العالم حتى لو قدرت تاخد يوم اجازة مش هتقول أخرج أغير جو.. لا هتبقى الأولولية إنها تنام بعد ما تحاول تسهر مع عيلتها تتابع برنامج أو تشوف فيلم زي باقي الناس، بس في الغالب مش بيحصل من شدة الإرهاق والتعب".
أما عن التحرش الجنسي التي تواجهه العاملات في المصنع فتقول أن العاملات يواجهن في الغالب التحرش بالألفاظ طوال الوقت لأنها تسمع دائماً مجموعة من الألفاظ الخارجة وسباب وشتائم وإيحاءات ولو حتى على سبيل "الهزار". وتختلف طريقة البنات في التعامل مع هذا النوع من الانتهاكات؛ فمنهن من يحاول الاعتراض دون فائدة، ومنهن "اللي بتعمل مش واخدة بالها" إلا أنهن "بيبقوا كارهين المكان باللي فيه، وحاسيين بالإهانة لمجرد وجودهم في المكان مع الناس"، وآخريات يتركن العمل نهائياً ليبحثن عن عمل آخر، ولكن دون فائدة لأنه "هو نفس المجتمع".
كما تتعرض العاملات لتحرش بصري "يعنى العاملة تلاقى زميلها بيكلمها وعينيه عاملة زي هيئة الأرصاد بيفحصها"، وأيضاً تختلف طريقة التعامل معه ما بين من تتجاهله ومن تحاول وضع حدود صارمة في التعامل، ولكن أياً كانت طريقة التعامل يظل له تأثير نفسي قوي عليها وضغط عصبي يجعلها تكرة مكان عملها.
وبشكل عام، يظل التعامل الغالب مع التحرش بالتجاهل "عشان متكبرش الموضوع وتحافظ على أكل عيشها وكمان وببساطة سيرتها متبقاش على كل لسان".
كما تعاني العاملات أيضاً من نوع آخر من المضايقات وهو الإشاعات "يعني واحدة لمجرد أنها مرحة وبتحب التعامل مع زملائها وتقرب منهم يطلعوا عليها إنها على علاقة بكتير منهم. ولو أحد الرؤساء في العمل مهتم بيها لاجتهادها في العمل أو لحسن سلوكها أو حتى لجمالها او لشياكتها.. بيتعدى الموضوع وبيكبر وبيوصل لجواز وخروج ومسرحيات ومسلسلات".
وعن تناقض الوعي تحدثنا، "واحد بيتكلم في شعارات (حرية، ومقاومة تحرش ومساواة كاملة، إلخ) هو نفسه أول ما يشوف واحدة لابسة بنطلون جينز أو استرتش عينه بتطلع وراها ومش بس كده بيعمل المستحيل عشان يخلي الكل يبص ويعلق وتبتدي المسرحية الهابطة وللأسف مش كل اللي بيقول بيعمل".
المرأة العاملة كما رأينا تعاني الأمرّين كجزء من طبقة عاملة مضطهدة، تجد الحل دائماً في ثورتها، كما تعاني أيضاً من اضطهاد إضافي من ذات المضطهدين والذين يسيطر عليهم أفكار رجعية تبرر لهم اضطهادها. إن كنا نرى في الطبقة العاملة الخلاص من هذا المجتمع الطبقي المستغل ومن كل أنواع الاضطهاد أليس من البديهي أن نقضي على هذه الأفكار التي تشتت صفوف الطبقة العاملة والتي تهدد باستمرار مثل هذا الاضطهاد حتى في حالة سيطرة هذه الطبقة وانتصارها!
المرأة هي الأخرى تعمل بأجور متدنية وظروف قاسية من أجل توفير أبسط احتياجات المنزل الذي تعوله وحيدة أو جنباً إلى جنب مع رجل هو الآخر يكدح ويعاني، هي العاملة التي وقفت في الإضراب تهتف مطالبة بالعدالة مثلها مثل أي عامل وهي من وقفت في الميادين والصفوف الأولى دائماً، هي من واجهت تحرش واغتصاب ممنهج في الميادين ليظل يصدح صوتها بهتافات الثورة. هي تعاني وتُضطهد وتناضل وتثور فلما إذا هذه التفرقة ولما الإضافة إلى معاناتها ولما لا نقف ضد المضطهد الحقيقي والمستفيد الحقيقي لمعاناتنا جميعا لنبني مجتمعا سويا يكفل الحياة الكريمة والمساواة للجميع نساءه ورجاله!

المصانع للعمال.. مش لعصابة رأس المال
بقلم الاشتراكيون الثوريون
الجمعة 12 أبريل 2013
فترة طويلة مرت على الأحكام الصادرة بعودة الشركات التي تم نهبها للشعب، والحكومة ترفض تنفيذ الأحكام التي قضت بفساد عمليات البيع، وأسفرت عن نهب ملايين الجنيهات، وتشريد آلاف العمال، وتدمير صناعات كبرى.
ولم تكتف حكومات ما بعد ثورة يناير بذلك، سواء في عهد المجلس العسكرى أو الإخوان المسلمين، بل تقوم بالطعن على الاحكام الصادرة لشركات طنطا للكتان والمراجل البخارية والتجارة الدولية، وحليج الاقطان، وحالياً تتباطأ حكومة هشام قنديل في تنفيذ الحكم النهائي الصادر لصالح عمال غزل شبين منذ 3 شهور كاملة.

كما تمخضت دعاية مرسى الانتخابية بدعم عمال الغزل والنسيج، عن وعود بضخ 30 مليون جنيه في شركات الغزل التى يعمل بها نحو 90 ألف عامل، وذلك بعد أن هدد العمال بتنظيم إضرابات واعتصامات في القطاع كله.
تراجع مرسى عن وعوده "الانتخابية"، بل وقيامه بإعطاء الضوء الأخضر لفصل القيادات العمالية المكافحة، وإحالتهم إلى المحاكمات وفض الإضرابات بالقوة، يعود إلى انحيازه السافر إلى مصالح الألف عائلة الذين يسيطرون على الثروة في مصر، وخضوعه التام لشروط صندوق النقد الدولي، بما تعنيه من إلغاء الدعم ورفع الأسعار والقضاء على العلاج والتعليم الحكومي تماماً.
ولمواجهة هذه السياسات يدعو الاشتراكيون الثوريون عمال مصر إلى النضال سوياً من أجل تنفيذ المطالب التالية:
قرارات فورية بتنفيذ الاحكام القضائية الصادرة لصالح الشركات.
إصدار قرارات بعودة الشركات التي تم نهبها لكي تدار تحت رقابة شعبية.
ضخ استثمارات في شركات قطاع الأعمال مع مشاركة العمال في الإدارة، ووقف الخصخصة.
رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1500 جنيها، لمواجهة غول الأسعار.
وأخيراً.. تحية إلى عمال الكتان وكافة الشركات التي تكافح منذ سنوات طويلة لمواجهة توحش الخصخصة وعمليات الفساد، وهو النضال الذي يحتاج إلى دعم كافة القوى الثورية التي تريد استكمال ثورة العدل والحرية. وليكن موعدنا المقبل في جلسة طنطا للكتان في محكمة القضاء الإداري يوم الاثنين 15 أبريل الساعة التاسعة صباحاً.
وإنها لثورة حتى النصر.. ويا عمال مصر خطوة لقدام

في العيد الثالث للعمال منذ الثورة..
الرهان على عمال مصر لاستكمال الثورة المصرية
بقلم هشام فؤاد
الاثنين 29 أبريل 2013
"الاحتجاجات العمالية هي العقبة الرئيسية أمام الاستقرار وانطلاق الاستثمار"..
الكلام: لحكومة هشام قنديل، ورجال الأعمال، والمسئولين الكبار.. والمناسبة: احتلال الجماهير المصرية المرتبة الأولى عالمياً في التمرد ضد الظلم والفقر والاستبداد.
يرصد تقريرالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الصعود الكبير في الحركة العمالية، حيث بلغ بلغة الأرقام 3817 احتجاج خلال العام المنصرم والربع الأول من هذا العام، وقع منهم 1355 احتجاج بالقطاع الحكومي، و393 بالقطاع الخاص، و221 بقطاع الأعمال العام، وكانت أكثر الأشكال الاحتجاجية المستخدمة هي الوقفات والمسيرات، بينما القاهرة مثلت بمفردها نحو 18% من هذه الاحتجاجات.
وتحدَّى صوت العمال الطالع في كل محافظات مصر، والذى امتد إلى كافة الشرائح، ثوابت كان من المستحيل التفكير في تحديها قبل الثورة.. أنظر مثلاً إصرار موظفي المحاكم على تحقيق المساواة مع القضاة، وهو نفس الوضع بالنسبة لموظفي الجامعات.
ولم يقتصر العمال على ذلك بل تخطوا خطوطاً حمراء عندما عرقلوا مسيرة الخصخصة (أنظر معركة الشركات المستردة في طنطا للكتان وشبين وغيرهما)، وعرقلوا مسيرة قانون العاملين بالدولة، وأجبروا وزارات عديدة على تثبيت آلاف المؤقتين، بل وطرحوا أنفسهم لإدارة الشركات التي هرب أصحابها من مستحقات العمال، كما أن حركة العمال وقوتها جعلت المجلس العسكرى يتخلى عن قناع الحياد ومحاولة كسب ود الشعب، ليقمع إضراب عمال السكة الحديد.
ويدفعنا حرصنا على مواصلة هذا النضال الذي يرفع عالياً شعار"مش هنيأس" لحين تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة في المجتمع، إلى أن نتابع بانتباه ما تفعله سلطة مرسي لإخماد صوت العمال، وهى محاولات تؤثر وستؤثر على تطور نضال العمال، على الرغم من أن جنون ارتفاع الأسعار والهجوم على الخدمات، والانقسامات بين أجنحة الطبقة الحاكمة ستدفع هي أيضاً الجماهير إلى معترك الكفاح.
فماذا فعل ؟
أولاً: حاول مرسي تقديم تنازلات جزئية أمام مطالب الحركة، دونما تغيير في السياسات المنحازة لرجال الأعمال، أنظر مثلاً قرار رفع الضرائب التصاعدية إلى 30% بدلاً من 20%، والاستجابة إلى مطالب عمال شركة النصر للسيارات باستمرار الشركة وضمها إلى الإنتاج الحربي.
ولكن هذه التنازلات التي انتزعتها الحركة العمالية بنضالها - رغم أهميتها - غير كافية لإيقاف الحركة الاحتجاجية نظراً لعمق الأزمة الاقتصادية، تأمل شروط صندوق النقد، والعجز المتزايد في الموازنة التي تحتاج إلى سياسة جديدة.
ثانياً: الطريقة الموروثة عن حكم المخلوع.. وهي التجاهل والتطنيش، وإطلاق الوعود الزائفة في محاولة لتيئيس الحركة، وهي عملية مستمرة على قدمٍ وساق، إلى جانب تنامي فصل القيادات العمالية وتشريدهم، حيث تم فصل ما يقرب من 650 نقابي مستقل.
ثالثاً: وهذا هو الجديد، وهو التغير النوعي عبر استخدام لغة القمع المباشر، فشهدنا استخدام الكلاب البوليسية في فض الاضرابات، واقتحام الشركات بالمدرعات، وأخيراً استخدام الجيش كطرف في عملية القمع كما حدث في السكة الحديد والسويس، في الوقت الذي يتم فيه إغلاق نحو 4500 مصنع في المدن الجديدة هروباً من مستحقات العمال.
رابعاً: تزايد اللجوء إلى ورقة "فرق تسد" داخل الحركة الاجتماعية، وبالتالي ليس غريباً أن تتزايد العمليات ضد الأقباط والهجوم على الكنائس، وكذلك الهجوم على النساء والتفرقة بين العمال والعاملات.
خامساً: وأخيراً تزايد الهجوم على النقابات المستقلة، والذي وصل إلى إرسال خطابات لرؤساء مجالس الإدارات من قبل وزير القوى العاملة الإخوانى، وعدم إصدار قانون الحريات النقابية حتى الآن، وتجريم الإضراب، بل وتحريمه من قبل الأزهر والكنيسة على السواء، فضلاً عن الانقسام في الحركة العمالية النقابية ذاتها، وهو انقسام ليس له أساس موضوعي، ويأتي والعمال فيه في أشد الحاجة إلى التوحد، لمواجهة الهجوم وصد العدوان وانتزاع المكاسب.
اذاً ما العمل اليوم؟
الطبقة العاملة المصرية هي مفتاح تحقيق أهداف الحركة الثورية التي بدأت يوم 25 يناير، والمتمثلة في العدالة الاجتماعية والحرية السياسية، فالوزن الاجتماعي والسياسي الهائل للعمال المصريين وإمكاناتهم النضالية - التي تبدو في الواقع يوم بعد يوم - يوفر للحركة الثورية الأمل في الانتصار، ولذا فعلي الثوريين العديد من المهام تجاه الحركة العمالية اليوم:
- بالتأكيد نقطة البداية هي خلق جبهة ثورية ترفع شعار "المصنع والميدان إيد واحدة"، لصد العدوان المزدوج على القوى الثورية والحركة العمالية، بما يشمله من فضح وتشهير بعمليات القمع التى يرتكبها النظام، والنضال من أجل انتزاع قانون للحريات النقابية يضمن الحرية النقابية، والنضال لمواجهة تفتيت الطبقة العاملة إلى مسلمين وأقباط لجر المجتمع إلى اقتتال طائفي، بدلاً من مواجهة الحرامية واللصوص، والتصدي لأشكال الاضطهاد التي تتعرض لها العاملات.
- النضال من أجل تجاوز الانقسام النقابي، عبر تشكيل لجان قاعدية في المحافظات ومواقع العمل، ولجان تضم اللجان العمالية المكافحة سواء كانت في الاتحاد العام، أوالاتحاد المصري للنقابات المستقلة، أو مؤتمر عمال مصر.. لجان قاعدية وجماهيرية مرتبطة بقواعدها ومتخلصة من البيروقراطية، تستطيع أن تعمل معاً على مطالب واحدة، وتقوم على أساس التضامن بين العمال. أما النقابات المستقلة الراهنة فلابد من النضال للقضاء على البيروقراطية التي عششت فيها، وتوسيعها وفرز النقابات المكافحة من الانتهازية.
- وعلى القوى الثورية أن تشكل فوراً لجان للتضامن مع الاحتجاجات الاجتماعية، فالغضب العمالي المتفاعل مع الاحتقان السياسي المتصاعد هو القادر على إعادة رسم الخريطة السياسية، وإبراز دور العمال المستقل في المعارك السياسية المقبلة.
- الدفع لتنسيق إضرابات قطاعية، على مطالب واحدة، والدعاية المكثفة للإضراب الجماهيري، فالطبقة العاملة (وهي القوة الاجتماعية التي يمكن أن تحسم الكفاح في المرحلة المقبلة) في حالة حراك وانتفاضة، فعلي الرغم من كل المحاولات التي يبذلها الإخوان لتبديد هذه اللحظة الثورية، وتذبذب شرائح من الطبقة المتوسطة، فإن الإضرابات وتعبئة الطبقة العاملة هي التي تحافظ على شرارة الثورة حتي الآن.


عمال مصر بين عيدين:
معارك النفس الطويل.. الإضراب والاعتصام والتضامن في مواجهة قمع السلطة
بقلم علي يسري
الثلاثاء 30 أبريل 2013
في التقرير السنوي للمركز التنموي الدولي أشار أنه "على الرغم من انتهاء عام كامل لثورة بدأت فى مطلع2011 شارك فيها أغلبية الشارع المصري، وتبعوها بحراك احتجاجي عبروا فيه عن مختلف مطالبهم، إلا أن عام 2012 شهد 2532 احتجاجا تقريبا، بمتوسط 630 احتجاجا خلال 3 أشهر، و211 احتجاجا شهريا، و7 احتجاجات يوميا، بمعدل ارتفاع عن عام 2010 بنسبة 20%". يضيف التقرير أن "الأيدي العاملة المصرية بمختلف قطاعاتها، كانت المحرك الأول للحراك الاحتجاجي، تلاهم الأهالي والمواطنون ثم النشطاء السياسيون والحقوقيون". لم ترى الدولة بمؤسساتها القمعية سوى النشطاء السياسيين لتنعت هذه الاحتجاجات بـ"الممولة" و"العميلة" والهادفة لهدم الاقتصاد "المنهوب"!.
إن 365 يوم هي الفترة الزمنية الكافية لتقييم نضالات القطاعات العمالية المختلفة (الأطباء وإضرابهم، وعمال الموانيء من السويس إلى الإسكندرية، وعمال قوطة.. إلخ) ما بين انكسارات عمالية ونجاحات ساحقة، وما بين إضرابات أصبحت في طي النسيان وأخرى احتاجت فقط إلى 3 ساعات للإطاحة برؤوس الفساد وفرض الإرادة العمالية لتوصف بأنها الأسرع تأثيرا، مثلما حدث في إضراب سائقي المترو الأخير، في ظل قمع أمني لم يختلف كثيرا عن سابقه، بل دخول الجيش كطرف أصيل سواء في فض الإضرابات أو الاعتصامات أو حتى بالجلوس على طاولة المفاوضات عندما تعجز البيادة عن الحل الأمني.
سنستعرض فيما يلي نضالات الحركة العمالية وأهم محطاتها.
الجيش هو الحل الأول للإخوان
ليس جديدا ولا مستغربا دخول الجيش كطرف في أي صراع عمالي قائم ضد رأس المال (السلطة ورجال الأعمال) إلا لحماية المصالح الكبرى لكبار الجنرالات وحماية نسبة الـ 40% من إجمالي سيطرته على الاقتصاد المصري، ليس هناك أدل من ذلك سوى محاصرته لعمال موانيء العين السخنة وتواطؤ القيادات العسكرية لصالح شركة دبي للموانئ العالمية. بل وصل الأمر إلى حد التعبئة العامة لسائقي القطارات في محاولة منه لكسر الإضراب البطولي وإحالة الممتنعين منهم للمحاكم العسكرية. حتى عمال النقل العام في إضرابهم الأخير، أطلت علينا المؤسسة العسكرية بوجهها القبيح لتعلن عن نزول أوتوبيسات القوات المسلحة للعمل (كبديل) للأوتوبيسات المضربة عن العمل، وكذلك تهديد عمال الترسانة البحرية بإحالتهم للمحكمة العسكرية.
يمكننا تحليل هذه الظاهرة من شقين:
- الأول ويتعلق بمحاولة تقديم القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية نفسها في صورة المنقذ (سوبرمان الشعب)، في ظل أزمات النظام المتلاحقة يصبح من الجيد تقديم في ظل إفلاس القوى اليسارية وانتهازية المعارضة الليبرالية.
- الثاني ويتصل بالمحاولة السريعة والعاجلة لامتصاص أي غضب شعبي محتمل ومرتقب ينتج عن حدوث هذه الأزمة أو هذا الإضراب بمحاولة احتواء الوعي قبل أن يستفحل ويطرح سؤال لماذا هذا القطاع مضرب عن العمل؟. ليس هناك أدل على ذلك من انتفاضة عمال المحلة عام 2008 وتبني العمال لمطالب اجتماعية تخص أهالي المحلة أنفسهم مما أدى إلى تضامن جماهيري ساحق مع العمال، والنتيجة صورة المخلوع مبارك تحت الأقدام.
إن الإخوان المسلمين يبدأون بالخطوة الأخيرة التي يلجأ لها أي نظام في حالة الانهيار، وهي الاستعانة بالجيش.
عمال الجامعات المصرية: "التعليم مش أستاذ ومش طالب.. العمال في نفس القارب"
في 18 سبتمبر أعلن ممرضو ومساعدو أطباء مستشفيات جامعة الزقازيق إضرابهم عن العمل، أما إدارة مستشفيات الجامعة فاستقبلت هذا الخبر بتكليف طلبة الامتياز بطب الزقازيق للعمل بالمستشفيات لسد العجز. في هذا الوقت كان الممرضون يخوضون نضالاتهم موحدين جهودهم ما بين مستشفيات جامعة الزقازيق ومستشفى صيدناوي التابعة أيضا لجامعة الزقازيق، بينما خاض الطلاب الاشتراكيون الثوريون النضال معهم متعرضين في نفس الوقت إلى كم من المضايقات الأمنية انتهت بالقبض على كاتب هذا المقال، لم يقتصر التضييق الأمني عند هذا الحد بل امتد أيضا إلى الممرضين فتم القبض يوم 24 سبتمبر من قبل زوار الفجر على سبعة من العاملين بتمريض مستشفيات الزقازيق عقب حضورهم اجتماع مع مدير مستشفيات الجامعة للتفاوض حول مطالبهم.
أما بالنسبة لجامعات عين شمس والقاهرة والإسكندرية فلم تكن الأوضاع أفضل من مثيلاتها، ففي جامعة عين شمس أغلق العمال صبيحة يوم الأحد 24 مارس الباب الرئيسي للجامعة من أجل الضغط على إدارة الجامعة لتحقيق مطالبهم المتمثلة برفع الحافز ومناديين في نفس الوقت بالعدالة الاجتماعية وتطهير الجامعة من بؤر الفساد المستوطنة، وكعادتهم تواجد الطلاب الاشتراكيون الثوريون في خضم المعركة معلنين عن تضامنهم الكامل مع العمال.
النضال العمالي في الجامعات المصرية لم يتوقف عند هذا الحد، ففي جامعة القاهرة تظاهر العشرات في 24 مارس للتأكيد على حقهم في تثبيت العمالة المؤقتة ودعم المشاريع الصحية، وفي جامعة الإسكندرية نظم موظفو الجامعة وقفتهم الاحتجاجية للمطالبة بحقوقهم المنهوبة من قبل الإدارة الفاسدة.
ومن الملاحظ في الحركة الجامعية أن نضال عمال الجامعات المصرية قد أصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بنضال الطلاب منذ انتفاضة 1946 عقب المؤتمر الطلابي العمالي بجامعة القاهرة وتشكيل ما يسمى بـ "اللجنة الوطنية للعمال والطلبة". فالاثنين ضحية لانتهازية الرأسمالية وتحايلها، وهو ما برز في الحراك الحالي.
إضراب الأطباء.. انتصار للمرضى قبل أي شيء
في الأول من أكتوبر الماضي أعلن الأطباء بداية الإضراب والذي استمر 82 يوما لتحقيق 3 مطالب في سبيل تحسين منظومة الصحة المصرية وهي: رفع ميزانية الصحة لحد أدنى 15% من الموازنة العامة للدولة وإقرار قانون كادر مالي وإداري للفريق الطبي وتأمين المستشفيات.
بدأ نضال الأطباء بشكل تنظيمي تحديدا من 2007 عندما تشكلت حركة أطباء بلا حقوق كنقابة فعلية للأطباء عوضا عن النقابة الرسمية المجمدة منذ انتخابها عام 1991. وفي أبريل الماضي انعقدت جمعية عمومية عادية للأطباء، وتم عرض مشروع الكادر المقدم من نقابة الإسكندرية (تيار الاستقلال) وانتهت إلى تبني النقابة العامة لمشروع الكادر وتشكيل لجنة تفاوض مع الحكومة بخصوصه. إلا أن اللجنة التي انفرد بها الإخوان المسلمون لم تقدم أي جديد سوى المزيد من الوعود والمماطلات. فتمت الدعوة إلى جمعية عمومية طارئة في 21 سبتمبر الماضي، للدعوة إلى الإضراب الجزئي الذي لا يشمل أي خدمة طارئة أو حرجة يؤدي توقفها إلى تهديد حياة المريض، وذلك في الأول من أكتوبر. وهذا القرار لم يعارضه مجلس النقابة الإخواني الذي أُجبر على الانحناء أمام موجة الاحتجاج الاجتماعي للأطباء.
وعلى الرغم من عدم اعتراف مجلس النقابة بلجنة الإضراب كلجنة شرعية، إلا أن اللجنة مارست دورها في تنظيم الإضراب بفاعلية مستندة إلى قوتها الفعلية على الأرض وتجذرها في أوساط الأطباء وانخراطها في نضالاتهم اليومية الصغيرة يتقدمهم في ذلك الأطباء الاشتراكيون الثوريون.
لقد أشارت الإحصائيات الصادرة عن لجنة الإضراب بأن أعلى نسب للإضراب كانت في محافظات (القاهرة- سوهاج- الدقهلية- مطروح- الغربية- الإسكندرية) وذلك بسبب استقلال النقابات ووجود لجان لتنسيق الإضراب، أما (الأقصر- أسوان- المنوفية- الشرقية- أسيوط- بني سويف- المنيا) فكان الإضراب أقل قوة لعدم نشاط القيادات المستقلة وصعوبة الاتصال بين اللجنة العليا وبين هذه المحافظات، أما كلا من (الجيزة - الفيوم) فقد وصلت نسبة الإضراب إلى 40%.
لم يخوض الأطباء معركتهم ضد السلطة وإعلامها الكاذب فقط واللذان اتهما الأطباء المضربين بالأنانية مستغلين في ذلك تأليب المرضى عليهم، بل خاض الأطباء معركتهم أيضا ضد مجلس إدارة النقابة (الإخوانجي) الذي اكتفى بدوره البائس لإضراب ناجح على حد وصف أحد الرفاق.
مجلس الإدارة ذلك، الذي أصابه ما أصابه في اجتماع الجمعية العمومية الأخير يوم 29 مارس، فعلى الرغم من تمرير موازنة النقابة لعام 2011- 2012 وسط أغلبية إخوانية حاضرة، فإنه اتخذ موقفا دفاعيا، بالرغم من المخالفات المالية والإدارية الفاضحة والتي أوضحتها ممثلة الجهاز المركزي للمحاسبات.
إن إضراب الأطباء سواء اتفقنا على نجاحه أم لا، فإن من أهم الدروس المستفادة هو دور النقابات الفرعية في المحافظات تلك (الكوميونات الصغيرة) التي تقمصت دور لجنة الإضراب العامة، حيث ظهرت أهمية التنظيم في نضال العمال.
كل التحية لإضراب أطباء "الصحة أولا".
عمال الموانئ.. من السويس إلى الإسكندرية النضال واحد.. والقمع أيضا واحد
شهد عام 2012 نضالا مميزا ومن نوع آخر وهو تصاعد الاحتجاجات العمالية في الموانيء البحرية بدءا من إضراب عمال السخنة من أجل إقرار الأرباح وبدل المخاطر في 12 فبراير الماضي مرورا بنضال عمال السويس للشحن والتفريغ الآلي إلى إرهاب الجيش لعمال الترسانة البحرية بالإسكندرية.
إن المتابع الدقيق لهذه الإضرابات يمكنه الخروج بأن مطالب عمال الموانيء وإن اختلفت مواقعهم من مدن القناة حتى عروس المتوسط، سيجد أنها تتلخص في تثبيت العمالة المؤقتة والحصول على أرباح السنة الماضية، كما في اعتصام عمال الترسانة البحرية وإضراب عمال ميناء السخنة أو في نضال عمال السويس للشحن والتفريغ من أجل رفع نسبة بدل المخاطر وصرف المستحقات المتأخرة.
وكالعادة أطلت علينا المؤسسة العسكرية لتواصل قمعها، فمن حصارها لعمال بلاتينيوم السخنة حيث استطاع فيها الرفاق الاشتراكيون الثوريون اقتحام الحواجز والوصول إلى قلب العمال المحاصرين معلنين تضامنهم الكامل ومقدمين في نفس الوقت الصورة الكاملة لإضراب تم تشويهه في وسائل الإعلام الخاصة منها والحكومية، والتي صورت الإضراب على أنه محاولة لتخريب ووقف عجلة الإنتاج، وتصوير العمال على إنهم من أتباع الفريق أحمد شفيق!.
لتواصل بعدها آلة القمع العسكرية تصديها لمطالب العمال المشروعة إلى حد تهديد العمال بفض الاعتصام أو إحالتهم إلى المحاكمات العسكرية كما حدث مع عمال الترسانة البحرية.
في إضراب العين السخنة تدخل الجيش كجهة تفاوض ليس على مطالب وحقوق العمال المضربين عن العمل ولكن من أجل فك الإضراب، فإضراب عمال السخنة يكلف الشركة المالكة لحق الانتفاع، شركة موانيء دبي العالمية، 30 مليون جنيه خسائر يوميا، وتصبح إذن مصالح كبار القادة العسكريين مهددة في حالة توقف الملاحة وعمليات الشحن والتفريغ.
من بورتلاند إلى السكة الحديد.. قمع العمال يبدأ بالكلاب وينتهي بقاضي عسكري
لم يحتاج محمد مرسي ونظامه البائس ليثبت أنه نسخة طبق الأصل من نظام مبارك في سياساته المعادية للعمال أكثر من مجموعة من الكلاب البوليسية تم استخدامهم لاقتحام مصنع أسمنت بورتلاند بالإسكندرية، فبينما كان العمال يؤدون صلاة الفجر، فوجئوا بمجموعة من الكلاب البوليسية الحيوانية تنهش في أجسادهم فما كان منهم إلا القفز من الأدوار العليا، مما أدى إلى إصابة الكثير من العمال بكسور عديدة فضلا عن القبض على 18 عاملا تم احتجاز معظمهم بالعناية المركزة. قامت بعدها نيابة محمد مرسي بحبس 18 عاملا احتياطيا في موقف أقل ما يوصف بأنه عبارة عن تحالف بين خنازير الداخلية وقذارة القضاء المنبطح، لم يتم الإفراج بعدها عن العمال إلا بعد دفع كفالة مقدارها 5 آلاف جنيه عن كل عامل.
المثير للاشمئزاز أن النيابة قامت بالاستئناف ضد هذا الحكم متهمة إياهم باحتجاز رهائن وتعطيل الاستثمار!.
إن إضراب عمال السكك الحديدية يذكرنا بإضراب عمال القطارات عام 1931، الذي شهد اشتباكات عنيفة مع الشرطة سقط بها قتلى وجرحى، وإصدار إسماعيل صدقي باشا، حليف حسن البنا آئنذاك، قراراته الصارمة بفصل 400 عامل، وحل النقابة. لكن النهاية انعكست سياسيا بسقوط صدقي نفسه.
كذلك الإضراب الأكثر شهرة في تاريخ الحركة العمالية المصرية لسائقي السكة الحديد عام 1986 فقد جاء حكم المحكمة كالآتي: "والمحكمة وقد استقر في وجدانها أن ذلك الإضراب ما كان ليحدث من تلك الفئة من العمال، وقد كانت مثالا للالتزام والتضحية، إلا عندما أحست بالتفرقة في المعاملة، والمعاناة الحقيقية للحصول على ضروريات الحياة، لتهيب بالدولة العمل على سرعة رفع المعاناة عن كاهل فئات الشعب المختلفة، حتى لا يستفحل الداء ويعز الدواء".
كانت هذه الكلمات هي نص الحكم التاريخي، الذي أصدرته محكمة أمن الدولة العليا طواريء على 37 متهما من سائقي القطارات، الذين نظموا أكبر وأشهر إضراب في تاريخ قطارات مصر، كان هذا الإضراب في عام 1986.
لم تتعلم السلطة الإخوانية المباركية من التاريخ ولا من نضال عمال السكة الحديد فمنذ عام 1931 حتى 2013، واصلت السير بكل غرورها متوهمة في نفس الوقت أن ذراعها الأمني قادر على فرض استقرار مزعوم حتى لو كان ذلك على حساب دماء عمال السكة الحديد.
استكمالا لنضال سائقي القطارات منذ إضراب عام 1931، وبعد محاولات من الشد والجذب بين النقابة المستقلة ووزارة النقل انتهت جميعها بالفشل، لتعلن بعدها النقابة عن بدأ الإضراب يوم الثلاثاء 8 أبريل 2013.
امتد الإضراب وبنجاح ساحق من الاسكندرية إلى أسوان، لم تستطع خلاله الدولة سوى اللعب على مشاعر السائقين المضربين بصرف مكافأة 300 جنيه للسائقين الغير مضربين في محاولة لكسر الإضراب، لتقرر بعدها نقل 100 سائق إلى إدارة النقل في الجيش داخل مركز التعبئة لمدة يوم بدون أي طعام أو شراب. أما الجيش فمارس دوره الاعتيادي ولكن بشكل أكثر سفورا وفجاجة هذه المرة حيث أمر بالقبض على 16 سائق منهم 13 من طنطا وإحالتهم للمحاكمة العسكرية، وإعلان التعبئة العامة للسائقين في مخالفة صريحة للقانون، وإلزام السائقين بالعمل بالقوات المسلحة بالصفة العسكرية ومن يتخلف عن ذلك فإنه يعاقب بالحبس 6 أشهر أو غرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه أو كليهما.
وبرغم ذلك صمم السائقين على التمسك بمطالبهم الخاصة في البدل الإضافي وزيادة حافز الكيلومتر من 11 قرش إلى 25 قرش. وبعد يومين من الاعتصام، انهزمت السلطة بكل أذرعها أمام صلابة العمال المضربين، ووافق وزير النقل على كل مطالبهم، وتم تشكيل لجنة بها ممثلي السائقين لمراجعة هيكل الأجور بالهيئة كلها، على أن تبدأ الأجور الجديدة من 1 يونيو القادم.
قوطة.. انكوباب.. ايديال ستاندرد.. ابحث عن النقابة أولا
تجارب الإدارة الذاتية في المصانع كانت خير خاتمة لنضال الطبقة العاملة في 2012، ما بين تطبيق للتجربة كما حدث في مصنع قوطة للصلب بمدينة العاشر من رمضان أو المحاولات الحثيثة التي يبذلها عمال انكوباب من أجل استصدار قرار من النائب العام بتعيين مفوض لإدارة المصنع.
لقد قدم عمال قوطة للصلب الروشتة الذهبية لكيفية الإدارة الذاتية، فبدءا من الاعتصام داخل المصنع مرورا بحصارهم لمكتب النائب العام حتى انتزاعهم أخيرا الحكم التاريخي من محكمة الزقازيق الابتدائية في أغسطس الماضي والذي يقضي بتكليف المهندس محسن صالح بإدارة المصنع ممثلا عن العمال.
أكثر من سنة ونصف هي حصيلة نضال عمال قوطة للصلب، والنتيجة مجلس إداري عمالي منتخب من العمال، وعمال مستعدين للتضحية لدرجة تبرعهم بنصف مرتباتهم من أجل شراء المواد الخام (البليت) وتسديد الديون البالغة 17 مليون جنيه لشركة الغاز و6 مليون جنيه للكهرباء.
في قوطة للصلب على الرغم من كون رئيس النقابة ذو ميول إخوانية إلا أن ذلك لم يمنعه من تبني مطالب العمال وقيادة النضال حتى النهاية.
أما انكوباب فبعد هروب المستثمر بقروض من البنوك فإنه لم يكتفِ بذلك بل عمد إلى تطفيش العمالة وإغلاق الشركة لتتوقف بشكل كامل اعتباراً من ٣-;---;--٠-;---;--يناير 2011، خاض بعدها عمال انكوباب حربا ضروسا ضد النائب العام الحالي المتعنت في إصدار قرار بتفويض العمال لإدارة المصنع، إلا أن المحاولات جوبهت بالرفض تارة والتعنت تارة، متعللا في ذات الوقت بضرورة إجراء التحريات اللازمة لإثبات إهدار المستثمر الهارب للمال العام.
في ايديال استاندرد أعطى العمال درسا بالغ الأهمية في التكاتف والترابط بين العمال وأفراد النقابة المقام ضدهم دعاوي فصل من قبل الإدارة حيث تبنت النقابة العامة لعمال ايديال لمطالب العمال الخاصة بصرف بدل المخاطر والحصول على نسبة الإجازات كما ينص القانون. إن ايمان العمال وقناعتهم الداخلية بضرورة التضامن والوقوف على قلب رجل واحد مع النقابة نابع بكونها الحصن الأول والأخير لهم ضد استغلال الإدارة وتعنت مشرفين الأقسام، لم يحتج الأمر كثيرا لقياس شعبية النقابة ليهتف العمال من أمام محكمة بلبيس العمالية حيث تنظر دعاوى الفصل بأن "عمال ونقابة إيد واحدة".
ولعل أبرز المعوقات التي واجهت العمال في مجال الإدارة الذاتية هي:
- انحيازات نظام الإخوان المسلمين الذي يجلس إلى جانب المستثمرين، وسعيه إلى مصالحة رموز النظام السابق من كبار رجال الأعمال. هذا النظام يدرك خطورة ما يطالب به العمال ويعتبره مناقضاً تماماً لتوجهاته الاقتصادية واتفاقاته مع المؤسسات الدولية التي ترفض بوضوح أي تدخل للدولة في عملية الإنتاج.
- ضعف ثقة العمال في قدرتهم على إدارة مصنعهم في ظل مناخ معادي بشدة، وفي ظل محاربة كافة أجهزة الدولة لهم، بالإضافة إلى العادات التي اكتسبها العامل لمقاومة صاحب العمل من تباطؤ وتأخير متعمد.. إلخ، تظل موجودة عند قطاع من العمال لفترة.
- صعوبة تقنين أوضاع العمال، وفي معظم الأحوال يتم الحصول على حق بتشغيل المصنع مؤقتاً لمدة عامين مثلاً، مما يجعل العمال يشعرون أنهم في مرحلة انتقالية لا تتسم بالاستقرار.

الإخوان والحركة العمالية.. طريقان لا يلتقيان
بقلم محمد حسني
الثلاثاء 30 أبريل 2013
أيد الإخوان أول مراسيم المجلس العسكري القاضي بـ"تجريم الاعتصامات والإضرابات"
في تسعينيات القرن التاسع عشر نما في مصر قطاع استثماري مملوكا لأجانب ومتمصرين، في مجالات التمويل والخدمات (الترام، الكهرباء، الغاز، الملاحة والشحن) وصناعات مرتبطة بالزراعة (السكر والقطن والحرير...) كما نمت، خلال الحرب العالمية الأولى، طبقة برجوازية مصرية ظلت لصيقة بالرأسمالية الأجنبية برغم التنافس الظاهري. وقد عاشت الشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة في حالة من التهميش والخطر الدائم في السقوط للطبقة الدنيا، وهي البيئة التي نما فيها فكر لإخوان.
طرح الإخوان تصورًا أخلاقيًا لمشكلات الواقع المصري تحت الاحتلال، واختزلوها في "التغريب والفساد الأخلاقي". وقد حملت كتابات البنا، وقبله رشيد رضا في مجلة المنار، تعاطفا مع حقوق العمال، من منطلق أخلاقي وإنساني، شابه الخلط الناجم عن كون معظم الطبقة الرأسمالية من الأجانب، حيث تم تصدير هذا الجانب في الصراع وانكار الصراع الطبقي، برغم من صعود الحركة العمالية، التي بدأت إرهاصاتها في نهاية القرن التاسع عشر، وصعدت في موجة كبيرة مع نهاية الحرب العالمية 1918، لتنفجر ثوة 1919م. وقد توُج نضال العمال في ظهور عدد من النقابات، وفي بلورة مطالب عامة للعمال تتعلق بالأجور وساعات وظروف العمل، والحرية النقابية.
الاتجاه يمينا فيمينا
ارتبط نشاط الأحزاب والتنظيمات الشيوعية ارتباطا وثيقا بالحركة العمالية، كما سعت الأحزاب الليبرالية للارتباط بالحركة العمالية بسبب زخمها، في حين خلت برامج كل من "مصر الفتاة" و"جماعة الإخوان المسلمين" من أي ذكر للعمال، وأثبتت المواقف نفورهما من العمل النقابي.
كانت الطبيعة الطبقية المتناقضة للإخوان هي سبب تناقض موقفهم وتحوله من التعاطف، إلى التخوف، ومن ثم معارضة امتداد النضال العمالي، ففي في نهايات الثلاثينيات، أعلن عدد من أعضاء "الاتحاد العام لنقابات عمال المملكة المصرية" الإضراب عن الطعام، مطالبين بإصدار تشريع عمالي، لكن "صالح العشماوي" أرسل رسالة باسم الإخوان يطالب العمال بالعدول عن الإضراب.
خلال انتفاضة فبراير 1946، قام الإخوان بتشكيل " لجنة الطلبة والعمال" بدعم من القصر في مواجهة "اللجة الوطنية للعمال والطلبة" التي ضمت بقية القوى الوطنية، كما قام الإخوان بالاعتداء على عمال شبرا الخيمة.
وبرغم عدم تصاعد الانتفاضة، لم ينطفئ وهج الحركة العمالية، التي تعرضت لمعاملة متوحشة من الشرطة كما شنت "الإخوان" حملة ضد عمال النسيج في شبرا الخيمة والأسكندرية.
مع الضباط ضد العمال
أعقبت حركة الضباط الأحرار يوليو 1952، شهر عسل مع الإخوان، دفعت فيه الجماعة نحو قمع الحركة العمالية والحركة الثورية عموما، فقد كان أحد أعضاء المحكمة التي قضت بإعدام خميس والبقري بعد أقل من شهرين من حركة الضباط، من الإخوان، كما ناشد "سيد قطب" نفسه مجلس قيادة الثورة على صفحات الجرائد من أجل حظر الإضرابات والمظاهرات.
انتهت فترة الوفاق، بحملة الاعتقالات التي طالت أيضا الشيوعيين، الذين تم استثناؤهم بالماسبة من قرارات الإفراج التي تلت حركة الضباط. وقد شهدت فترة الستينات صعود وازدهار المشروع الناصري على كافة الجوانب الوطنية والاجتماعية والاقتصادية، مع تأميم الحركة النقابية.
وما أدراك ما السبعينيات
شهدت السبعينيات، تراجع المشروع الناصري وصعود السادات، لينقلب على كافة منجزات عبدالناصر، في حين وجد الإخوان الهاربين إلى الخليج فرصة للعودة من جديد، بتركيبة طبقية وقيمية مختلفة عن جيل الآباء. وقد بنيت الجماعة من جديد، بدعم مادي قوي من مؤسسات استثمارية نمت بأموال الخليج في عصر الانفتاح، وبقوة شباب الحركة الطلابية، من جيل محمد أبو الفتوح وغيره.
من الجامعات إلى النقابات المهنية
كان اهتمام الإخوان بالعمل النقابي امتداد لنشاطهم الناجح في الجامعات، كما يقول ابو الفتوح "بعد التخرج بحث هؤلاء الطلبة عن مكان للاستمرار في نشاطهم فيه، وتوجه معظمهم إلي النقابات المهنية نظراً للقيود الموضوعة علي النشاط الحزبي" وأصبحت النقابات المهنية من أهم محطات الانطلاق التى شهدتها الجماعة، وكانت الطبيعة الطبقية المتناقضة لعضوية تلك النقابات (الطبيب مع صاحب المستشفى، والمهندس مع المقاول وصاحب الشركة، والصحفي مع رئيس التحرير) تتماشى مع سياسة الإخوان التوافقية.
ومن جانب النظام كان ذلك فرصة لاستيعاب الإخوان الرافضين للعمل المسلح والمهادنين بشكل عام، في ظل حربه مع الجماعات الاسلامية المسلحة، ارتبط صعود الإخوان بالانتخاب بقوائم سياسية وليست وفق الفروع النقابية. وفي نقابة الأطباء حصد الإخوان 40% من المقاعد في 1984، وصلت إلى 71% في دورة 1991م. كما حصدوا النسبة نفسها في نقابة المهندسين، وامتد نفوذهم إلى بقية النقابات المهنية، ولكن دون الاقتراب من مقعد النقيب الذي ترك طوعا لرجال النظام، كما أعطتهم صداقتهم بعثمان أحمد عثمان الفرصة للنشاط في نقابة المهندسين. ورغم تجميد النظام لنشاط النقابات، أبقى الفرصة للإخوان للاستمرار في نشاطهم الخدمي. الذي يعد امتداد لنشاطهم الخدمي في الجامعة، على حد قول ابو الفتوح، حيث أقام الإخوان معارض السلع والملابس والاثاث، معتمدين على شبكتهم التنظيمية.
وفي مقابل قوة التيار الإسلامى فى النقابات المهنية، لم يكن لهم تاثير في النقابات العمالية. وقد زعم بعض الكوادر الإخوانية أن المشكلة ترجع إلى تلك النقابات التي "تهتم بالقضايا اليومية والحيايتة على حساب القضايا الكبرى أو الإسلامية"
أدى دخول الإخوان البرلمان إلى زيادة توافقهم مع النظام، طوال الثمانينيات والتسعينيات، فقد اكتفوا بالنقض المحدود لسياسات مبارك، كما لم يبدوا أي اعتراض على تطبيق سياسات تحرير السوق وخصخصة القطاع العام، التي يؤيدونها إيديولوجيا، بينما ينتقدونها ظاهريا من حيث طرق التقييم والتمويل فحسب.
عقد التغيير
مع صعود فرص التغيير السياسي، اعتبار من الانتفاضة الفلسطينية ثم احتلال العراق، وبشكل خاص مع حركة التغيير 2005-2006، حرص الإخوان على الاحتفاظ بمسافات متقاربة من كل الخيارات، وهو ما يتسق مع طبيعتهم السياسية-الطبقية. وهناك من ميزوا بين تيارين في جماعة الإخوان الأول (تحديثي أو إصلاحي) وهو الأكثر ميلا للتوافق مع الدولة والمجتمع، وتيار محافظ، تربته في الشرائح الأفقر، لكنهم يرجعون المشكلة إلى "الانحلال الأخلاقي، وهو ما ينعكس في مواقفهم المتعصبة ضد المرأة والأقباط.
حديث الحزب
تكررت مشروعات الإخوان لتأسيس أحزاب سياسية كمظلة "شرعية" لنشاطهم، منذ 1986، وكان آخرها قبل الثورة طرح برنامج حزبي تجريبي في 2007م. تحدث عن "مرجعية النظام الاقتصادي الإسلامي"، وهو مصطلح فضفاض ينتقد بعض مظاهر الرأسمالية ولا يتناقض مع جوهرها.
ولعل أهم الأمثلة هو قضية الخصخصة، حيث لا ينتقدها برنامج الإخوان، بل ويعتبرها ضرورية ومطلوبة، ويستند إلى دراسات أعدتها مؤسسات كالبنك الدولي بشأن تجارب الخصخصة، ويختزل نقده على آداءات الفساد التي اتسمت بها عملية الخصخصة في مصر. كما أعلن العريان في خضم معركة التغيير أن الإخوان في حالة وصولهم للحكم سيواصلون برامج الخصخصة والانفتاح على السوق العالمي، وأنهم لن يمسوا الاستثمارات بأي حال.
بعد الثورة.. الشاطر يكسب
يمكننا أن نقول أن حالة من المنافسة (وليس الخلاف) على قيادة الجماعة كانت قائمة بين جناح السياسيين والمهنيين الذين مثلهم ابو الفتوح، وبين جناح كبار الرأسماليين، وعلى رأسهم خيرت الشاطر وحسن مالك، انتهت إلى فوز الجناح الأخير، بعد خروج ابو الفتوح في أعقاب الثورة.
وكان الشاطر هو الرجل الأول في الجماعة، وممثل الجماعة والحزب في الاجتماعات العديدة التي واكبت الحملة الانتخابية الرئاسية، والتي ضمت رجال أعمال أجانب، ورجال أعمال من عهد مبارك. غازل خيرت الشاطر العالم الرأسمالي الخارجي في تصريحاته حيث أكد عدم التراجع عن اقتصاد السوق، واحترام كافة الاتفاقيات (كامب ديفيد، الغاز، الكويز).
أقرب للسطة.. أكثر قمعًا
أيد الإخوان أول مراسيم المجلس العسكري، القاضي بـ"تجريم الاعتصامات والإضرابات"، كما أدان المرشد وكوادر الجماعة دعوات الإضرابات والاعتصامات. وقد تعمد المجلس العسكري تعطيل قانون الحريات النقابية، وتأجيل الانتخابات النقابية وعودة اتحاد مجاور مع تعيين بعض من رجال الإخوان كأعضاء بالاتحاد.
وبعد دخولهم البرلمان، سعى الإخوان إلى تمريرمشروع قانون جديد، يزيد من القيود المفروضة على التظاهر والاعتصام. واستبعاد قطاعات كاملة من قانون النقابات، والتضيق على تكوين النقبات المستقلة، والاحتفاظ بالهيكل الهرمي لاتحاد العمال بعد سيطرة الإخوان عليه، واستمرار تدخل وزارة القوى العاملة. وقطع صلة العمال بالسياسة وقصر نشاط النقابة على النشاط الخدمي، وتقليص الحماية النقابية على مجالس الإدارات. في مقابل تخفيف العقوبات الواقعة على أصحاب العمل في حالة التضييق على حركة العمال أو حتى فصلهم، إلى الغرامات التافهة.
ومن ناحية أخرى استمر الإخوان في التسلق على نضال العمال، وعلى سبيل المثال، خلال اعتصام عمال القومية للأسمنت، قام النائب رمضان عمر (الحرية والعدالة) بالضغط على العمال لقبول العمل باليومية، بينما كانوا يطالبون بالتعيين، كما تكرر الموقف في الكثير من الإضرابات، منها إضراب غزل المحلة في يوليو2012، فبعد إضراب قرابة 10 ايام وزع الإخوان بيانا يزعم أن الفضل يعود لـ" سعد الحسيني" و"محمود توفيق" عضوا البرلمان عن الحرية والعدالة، ويدعو في الوقت نفسه للكف عن الإضرابات.
نهضة الإخوان.. نكبة العمال
استهل مشروع النهضة بأنه "خرج من رحم جماعة جاهدت على مدى ثمانين عاماً لحفظ هوية الأمة". أرجع مشروع النهضة في مقدمته مشكلات البلاد إلى "سيطرة دولة غاشمة وطغمة فاسدة أو روتين حكومي فاسد لا يرحم". وأن الشعب يستحق مكانته "بالقيم السامية والعلم والابتكار"، ودوله تمكنه من "فرص التعليم والصحة والعمل والاستثمار".
وفي محور التحول للاقتصاد التنموي : أكد على جوانب ظاهرية، وحلول تفصيلية غير جوهرية، مثل "إصلاح النظام المصرفي"، وخطط المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والدعم الفني وبرامج التدريب، والتأكيد على "البنية التشريعية الملائمة".
أما الحقوق الاجتماعية فقد جاءت تحت عنوان "التمكين المجتمعي": حيث تحدث المشروع عن "منظومة عدالة اجتماعية" دون توصيف دقيق، وتحديد حل البطالة بـ"التطوير الكمي والنوعي في قدرات العاملين" بهدف "تلبية احتياجات سوق العمل". وأكد على ضمان تقليل دور الدولة وإعادة دور الأوقاف.. بينما رهن حرية الإعلام بـ"الانضباط بالقيم المصرية".
مرسي.. المواجهة من اليوم الأول
بلغت الإضرابات والاعتصامات العمالية في الشهر الأول لمرسي 400 احتجاج، بل ووصلت إلى قصر الرئاسة. وقد تطورت الإحتجاجات، التي يمكن تلخيص مطالبها بشكل عام في تطهير المؤسسات من القيادات الفاسدة والفلول والعسكريين، وحتى الاعتراض على تعيين وزراء (الزراعة والطيران)، واستعادة الشركات المنهوبة، ومطلب الحد الأدنى للأجور، وتعديل التشريعات العمالية: الحق في الإضراب، والحماية من الفصل والحريات النقابية، وتثبيت العمالة المؤقتة وعودة العمال المفصولين.
وفي المقابل، استمر القمع الموجه للحركة العمالية، فعلى سبيل المثال تم اعتقال النقابيين بهيئة النقل العام، والتشجير، والضيافة الجوية، وشركة تجارة الجملة، بتهمة التحريض علي الإضراب، وسحل العاملات في التشجير لفض اعتصامهم أمام وزارة الزراعة بالقوة، وحتى فصل مجالس إدارات نقابات مستقلة بالكامل.
وتستمر الإجراءات المتوالية بهدف خنق الحركة العمالية وتكبيلها، ففي مارس الماضي، أعلن خالد الأزهري وزير القوى العاملة، وقف قيد النقابات المستقلة، بعد تشكيل مئات من النقابات المستقلة التي قادت احتجاجات العاملين بأجر طيلة الفترة الماضية لانتزاع مطالبها في تثبيت المؤقتين، ورفع المرتبات وربطها بالأسعار، وإلغاء سوق العمل الأسود، وعودة الشركات التي تم نهبها. حيث نجح العمال في إعادة عدد من الشركات التى نهبها تحت اسم الخصخصة مما يغضب مؤسسات التمويل الدولية، كما نظموا إضرابا عاما في بورسعيد ويتطلعوا إلى إدارة شركاتهم ذاتيا بعد هروب المستثمرين.




كيف يتمرد العمال؟ وما هي أسلحتهم؟
بقلم عبير يحيى
الخميس 20 يونيو 2013
في الندوة التي عقدها مركز الدراسات الاشتراكية، بعنوان "كيف يتمرد العمال؟ وما هي أسلحتهم؟"، يسترجع الصحفي الاشتراكي وائل جمال رد أحد الزملاء على سؤال في إحدى الندوات قبيل 25 يناير 2011 أنه كان من الممكن تكرار ما حدث في تونس بمصر، وكان رد الزميل أن هذا غير ممكن؛ فمصر ليس بها اتحاد عمالي قوي ولا توجد قدرة لدعم عمالي، وهو ما يعبر عن تقليل من شأن تطورات الحركة العمالية قبل اندلاع الثورة المصرية، واستمر حتى بعدها، كما يعبر عن الفصل بين من يناضل من أجل مطالب اقتصادية ومن يناضل من أجل مطالب سياسية.
ويظهر هذا الفصل في عدم الثقة المتبادلة بين العمال والنشطاء السياسيين؛ فمن جانب يشعر العمال أن أجندة هؤلاء السياسيين منفصلة عن مطالبهم، ومن جانب آخر نرى بعض النشطاء يأخذون رد فعل سلبي تجاه الحركة العمالية بعد أحداث كبرى مثل محمدم محمود.. “احنا بنضحي بنفسنا ومحدش فيهم بيدعم”.
ويرى "جمال" أن هذا الفصل بين النضال اليومي والنضال السياسي مصطنع، وأن هناك جهد كبير يُبذل من أجل بث الشك في أي شيء سياسي أو حتى تنظيمي، وهو ما برز فيما صرحته فايزة أبو النجا عقب موجة الإضرابات المتصاعدة في سبتمبر 2011، والتي شارك فيها ما يقرب من 750 ألف عامل، بأن هناك أيدي خفية تتحكم في هذه الإضرابات، وهو من المستحيل في الحقيقة أن يتحكم أحد في 750 ألف عامل من الصعيد إلى الدلتا.
الفصل أيضاً مصطنع لأن - وحتى من قبل الثورة - أي مواجهة صغيرة بين العمال في مصنع، حتى وإن كان صغيراً، كانت تتحول إلى مواجهة سياسية ويتم مواجهة الإضراب بأمن الدولة أو الأمن المركزي في أسوأ الأحوال، وذلك ببساطة لأن السلطة والدولة تراها بهذا الشكل؛ تراها كمواجهة مباشرة للدولة لا لصاحب العمل لأن في الحقيقة هي كذلك.
كما أكد "جمال" على أن الدولة بكل سياسيتها الاقتصادية مازالت متأثرة بنفس الانحيازات؛ ففي كل زيارة لمرسي لأي دولة يصطحب معه مجموعة من رجال الأعمال فقط، حتى في زيارة البرازيل والتي لديها تجربة متميزة في تحسين صحة الفقراء، بدلاً من أن يصطحب مرسي أطباء، نجد الوفد كله مكوناً من رجال أعمال.
كما يستمر فساد واستغلال رجال الأعمال كما هو دون أن يمسه أحد، والوحيدون الذين يناضلون ضد هذا الفساد هم العمال، وهم أول من قاموا بالتمرد على النظام، وتواجدهم في حملة "تمرد" ودعمهم لها هو الضمانة الوحيدة لعدم استبدال الإخوان ببديل آخر من نفس المنظومة الفاسدة يحرف الثورة عن مسارها.
وأخيراً، اختتم "جمال" كلمته بالحديث عن أهمية اشتباك العمال بالنضالات السياسية؛ إذ أن الطبقة الحاكمة تشابك مصالحها قوي لدرجة أن أي مطلب إصلاحي بسيط لا يمكن إلا أن يُقابل بالعنف لا التفاوض، فأصبح الطريق مسدوداً، لذا يجب تغيير التوازن كله. هذا لا يعني أن الانتصارات الصغيرة التي ينتزعها العمال من فم الأسد تحدث شروخ وتضعف النظام الحاكم، ولكن من أجل تغييره بأكمله يجب تنظيم ومشاركة العمال لتدمير هذا النظام وبناء نظام جديد يكون فيه البشر قبل كل شىء. وكل ما يثيره البعض من مخاوف حول أن هذه النضالات مقدمات "ثورة جياع"، إلا أن الحقيقة هي أن "ثورات الجياع" هي التي أدت لكل التحولات التاريخية في كل الدول الأوروبية وظهور وتأسيس مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

السياسة.. هل غابت عن مطالب العمال؟
بقلم مصطفى البسيوني
الخميس 20 يونيو 2013
عمال المحلة أول من أسقطوا صورة مبارك في انتفاضة المحلة 2008 - تصوير ناصر نوري
النظرة السطحية للحركة العمالية سوف ترى بالتأكيد أن مطالب العمال في الإضرابات والاعتصامات لا تتجاوز المطالب الجزئية المباشرة، مثل الأجور والتثبيت في العمل ومقاومة الفصل وغيرها من المطالب الجزئية والمصنعية. تنتهي هذه النظرة لفهم الحركة العمالية كحركة مظالم يمكن مساندتها أحياناً بالمعنى الخيري للكلمة، ويمكن تجاهلها أحياناً عند الانشغال بالقضايا الكبرى، ويمكن أيضاً رفضها أحياناً واعتبارها "حركات فئوية" ولا مانع أيضاً من الاستعانة بها من وقت لآخر لمساندة بعض القضايا ومطالبتها بتبنيها.
تنطلق هذه النظرة من غياب المعرفة الحقيقية عن الحركة العمالية؛ فمن يتحدثون هكذا لا يرون سوى بعض الاحتجاجات العمالية التي تطالب بزيادة في الأجور أو التثبيت في العمل أو رفض الفصل أو أياً من المطالب العمالية. ويجري تجاهل المطالب بإقالة الفاسدين وتطهير المؤسسات والحق في التنظيم النقابي.
ولكن حتى الإضرابات العمالية الجزئية التي ترفع مطالب محدودة يمكن أن نرى فيها أكثر من هذه المطالب. لنأخذ مثلاً بسيطاً: أضرب عمال شركة غزل المحلة في ديسمبر 2006 للمطالبة بأجر شهرين أرباح سنوية. يبدو المطلب جزئياً جداً ولا علاقة له بالسياسة. انتصر العمال وحصلوا على المطلب، وفي سبتمبر 2007 أضربوا مرة أخرى لتحسين الأجور. لا زال المطلب محدود رغم تطوره قليلاً. وفي فبراير 2008 تظاهر نفس العمال للمطالبة بـ1200 جنيه حد أدنى للأجور. تبدو هنا قفزة هامة عندما يرفع العمال مطلباً يخص كل الطبقة العاملة ويترب من كونه مطلباً سياسياً وليس مجرد مطلب اقتصادي. في السادس من أبريل 2008 تشهد المحلة انتفاضة ضخمة يتم فيها تحطيم صور مبارك في الميادين. الآن يبدو الأمر كحدث سياسي واضح.
ولكن لا يقف الأمر عند هذا الحد؛ فمع تصاعد الحركة العمالية يبدأ العمال في البحث عن تنطيم يمثل حركتهم ويعبر عنها. وعندما يفقدوا الأمل في تغيير التنظيم النقابي الرسمي يبدأون بناء نقابات مستقلة رافعين مطلب الحق في التنظيم وهم ينفذوه بالفعل. هكذا يبدو الأمر كجزء من النضال من أجل الإصلاح الديموقراطي. لم ينته الأمر بعد؛ فمع انفجار الثورة يبدأ عمال الجامعة العمالية ومصانع السويس وبعض المؤسسات الصحفية والمصالح الحكومية وغيرها في إعلان الإضراب والانضمام للثورة. هل تبقى شيء من النضال السياسي؟
لا يمكن فهم تحرك عمالي بشكل صحيح بمجرد معرفة المطلب المرفوع، وإن كان هذا هام بالطبع، ولكن طريقة الحركة تعبر عن المسارات التي يمكن أن تسير فيها. فالمطالب البسيطة التي تحشد العمال وتنظم صفوفهم وتجعلهم يدركون قدرتهم على الضغط وفرض إرادتهم تؤدي بالضرورة لتطور الحركة ومطالبها وتأثيرها في محيطها. والمطالب التي لا تنطلق من واقع الحركة العمالية ولا تراعي مستوى تطورها وتنظيمها لا تجد أصداء لها وسط الحركة. لا يمكن الفصل بسهولة بين المطالب الاقتصادية والمطالب السياسية دون النظر لطبيعة الحركة نفسها ودرجة التعبئة فيها وتنظيمها وإمكانية انتقالها لمستوى أعلى من المطالب والتنظيم والوعي. كذلك لا يمكن فهم الحركة العمالية من خلال معرفة إضراب هنا واعتصام هناك دون معرفة التوجهات العامة لتطور الحركة وظروفها وما تواجهه. إن الإضرابات التي تفجرت في 2006 جاءت بعد انقطاع في الحركة العمالية وكان من البديهي أن تبدأ من مطالب متواضعة. وبعد فترة بدأت في طرح الحد الأدنى للأجور وحق التنظيم ثم أصبحت شريكاً رئيسياً في الثورة.
ولكن هل يعني ذلك الاكتفاء بمراقبة الحركة العمالية وتطورها دون أي تفاعل من جانب القوى الثورية. أبداً، فهناك بكل تأكيد العديد من القوى الرجعية التي تقاوم الحركة العمالية وتحاول لجمها والسيطرة عليها. ودور القوى الثورية ينبغي أن يكون تقديم أقصى درجات الدعم والمساندة للحركة العمالية.
إن أهم سمات الحركة العمالية هو التفاوت الشديد في درجات الوعي والتنظيم بين المواقع العمالية وبعضها البعض، والتفاوت أيضاً من لحظة لأخرى. لقد لعب الثوريون دوراً هاماً في نقل خبرات نضال عمال المحلة إلى حركة الضرائب العقارية، سواء بالإيجاب مثل التنظيم والإدارة المفاوضة، أو بالسلب مثل الفشل في سحب الثقة من النقابة الرسمية. وكان من نتيجة ذلك أن موظفي الضرائب العقارية اتجهوا لبناء نقابة مستقلة بدلاً من سحب الثقة من النقابة الرسمية. ويبقى بناء نقابة مستقلة إنجازاً لموظفي الضرائب العقارية وليس لأي ممن ساندوهم. إن نقل الخبرات بين الحركة العمالية هو أكثر ما يساعد على تطويرها وعدم وقوعها في نفس الأخطاء. كذلك بناء شبكات التنسيق والتضامن بين المواقع العمالية المختلفة وتوحيد المطالب العمالية في مطالب طبقية وطرح هذه المطالب ضمن الفاعليات السياسية الجماهيرية. لا توجد وصفات جاهزة وموحدة لتدخل الثوار في الحركة العمالية ومساندتها ودعم تطورها، والتفاعل الحي والخلاق مع الحركة العمالية هو ما يساعد على إبداع طرق أكثر جدوى للدعم والتضامن. ولعل حملة الطلاب الاشتراكيين على محطات النقل العام لشرح أسباب إضراب عمال النقل للركاب وطلب تأييدهم لم يكن ليحدث سوى بتفاعل ممتد مع حركة عمال النقل.
في النهاية يجب الإشارة إلى أن الفرز المتعالي للحركات المختلفة وتقييمها على أساس تبنيها لمطالب ومقولات النخب السياسية أسلوب لا يساعد أبداً على فهم أي حركة. والتفاعل مع الحركة وفهمها والعمل على تطويرها والتطور معها والتعلم منها ونقل الخبرات إليها هو الطريق لاكتشاف الإمكانيات الكامنة في الحركة وإطلاقها.

بيان لمكتب العمال - حركة الاشتراكيين الثوريين
قانون الحريات النقابية.. معركة ثورية جديدة
الاثنين 9 سبتمبر 2013
ها هي الحركة العمالية تخوض معركة أخرى ضد قوى الثورة المضادة التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة تقويض مكاسبها التي انتزعتها بعد نضال طويل، فلم يتم حتى اليوم وضع حد أدنى آدمي للأجور، لا يقل عن 2000 جنيه، ولم يصدر قراراً بعودة للمفصولين، ولم تعد الشركات التي جرى نهبها باسم الخصخصة وصدر بحقها أحكاما قضائية.
وحتى الحريات النقابية التي انتزعتها الحركة العمالية على الأرض بعد كفاح طويل ضد نظام مبارك، وانتزعت نقاباتها المستقلة عام 2009، متحدية قوانين الطوارئ والعمل الجائرين، بل وأعلنت عن تأسيس أول اتحاد مستقل للنقابات اثناء ثورة يناير المجيدة، ترفض حكومة الببلاوى الاعتراف بها.
واليوم.. يرقد قانون الحريات النقابية المقدم من وزارة القوى العاملة بتوافق عمالي وسياسيى عريض حبيسا في أدراج مجلس الوزراء، كما جرى بالضبط أيام المجلس العسكرى، ثم مرسي، بذريعة أن اتحاد عمال مصر لديه تحفظات واعتراضات على مشروع القانون المقدم . والمعروف ان اتحاد العمال كان دوما متحالفا مع المستثمرين، والاهم انه منذ 1954 كان أداة طيعة في يد النظام، يستخدمها كلما أراد إضفاء الشرعية الشعبية على قراراته حتى وان كانت تضر بمصالح العمال.
ومما لا شك فيه فأن صدور القانون بوضعه الراهن دون تعديلات، والذى يضمن الحرية النقابية ويعيد الاعتبار لدور اللجنة المصنعية ، ويقف ضد تغول دور الأمن أو أى جهة إدارية في إدارة منظمات العمال، سيكون خطوة مهمة لوقف الهجوم الشرس التى تتعرض له الحركة العمالية وقياداتها المكافحة الذي وصل إلى حد اقتحام دبابات الجيش للمصانع القانون، حيث سيشجع العديد من العمال على تكوين المزيد من النقابات المستقلة ويمنحهم الثقة اللازمة للتحرك من أجل وانتزاع حقوقهم من دولة رأس المال.
ولكن قدرة الاتحاد الرسمى على تعطيل صدور القانون حتى اليوم يعني أن هناك قوى سياسية تسعى إلى مواصلة قمع العمال، وترى ان موازين القوى الراهنة في صالحها، وأنها قادرة على قمع احتجاجات العمال بالدبابات، والأهم كذلك إنها تريد الاستفادة من الاتحاد الرسمي، الذى يقدم نفسه دوما جاهزاً لدعم أي نظام أو رئيس جديد، كالسيسي مثلاً، الذى يجري إعداده حاليا في إطار حملات نفاق مكشوفة للترشح لرئاسة الجمهورية. ومَن منًا ينسى دور الاتحاد الرسمي في معركة الجمل الشهيرة، ومن ينسى مواقفه المؤيدة لسياسات الخصخصة في عهد الديكتاتور مبارك أو في عهد المجلس العسكرى ثم مرسي.
كما، لا يمكن فهم رفض تمرير القانون إلا في إطار مسلسل عودة الدولة البوليسية الذي يجرى على قدم وساق منذ 3 يوليو الماضي، فها هي الضبطية القضائية تعود للجامعات، وقوانين الإرهاب تُعدًل للعصف بالحريات، وقانون الطوارئ يتم تمديده بذريعة الحرب على الإرهاب، بينما تتعرض وسائل الإعلام المعارضة والصحفيين إلى حملة تنكيل واسعة، ويحال المدنيين إلى المحاكمات العسكرية.
وأخيرا، وليس آخراً، إحالة عدد من الشباب الثوري إلى المحاكمات بتهم سخيفة ومباحثية، بل يصل الأمر إلى العودة مرة أخرى إلى توجيه اتهامات للثوريين بإنشاء تنظيمات سرية.
معركة قانون الحريات النقابية بذلك لم تصبح معركة الحركة العمالية فقط، وإنما معركة الحركة الثورية بأكملها في مواجهة قوى النظام السابق التي تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وإذا كان عمال مصر الذين قدموا الكثير من أجل الإطاحة بمرسي ومبارك لتحقيق شعارات الثورة في العدالة الاجتماعية، عليهم أن يرفعوا أصواتهم في مواقع العمل للمطالبة بإصدار القانون فوراً، فإن القوى الثورية عليها أن تتكاتف اليوم وأن تضع هذا المطلب على رأس أولوياتها، فتمرير القانون يعد بلا شك انتصار لقوى الثورة، وهزيمة للثورة المضادة، في إحدى المعارك الهامة.
انتصار سيفتح الباب بالتاكيد لانتصارات أخرى تمهد الطريق لإلحاق الهزيمة بدولة الاستبداد والاستغلال وبمشاريع الثورة المضادة التي تعد العدة للإجهاز على الثورة وقواها الحية.
عاش كفاح الطبقة العاملة
عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية

عودة الطبقة العاملة
بقلم هشام فؤاد
السبت 16 نوفمبر 2013
بينما تواصل السلطة الحاكمة سن التشريعات المعادية للحريات، بدأت الحركة الاجتماعية في الانطلاق من جديد متحدية في طريقها كل قوانين القمع والظلم. التحركات العمالية التى تشهدها معظم محافظات مصر حاليا تأتى بعد ترقب العمال للوعود التي أطلقها السيسي والببلاوي بتحسين الأحول بعد القضاء على "البُعبُع" الإخواني، ولكن الأيام والشهور مرت والأوضاع هي هي.
الموجة الجديدة تطالب بصرف الأجور والحوافز المتأخرة، ووقف تصفية كبار رجال الأعمال لشركاتهم ليتركوا خلفهم آلاف العمال في الشارع أو لتنفيذ أحكام قضائية بعودة شركات الدولة المنهوبة إلى حضن الدولة.
الهجوم الذي يتعرض له العمال يأتي في إطار عودة نظام مبارك برجاله وشرطته وإعلامه وقضائه، أي في أوضاع سياسية معادية جدا للعمال. ولكن الارتفاع الرهيب في الأسعار وتمخض حكومة الببلاوي عن مجرد وعود بتحسين الأحوال وتفريغها لمطالب الحد الأدنى والأقصى للأجور من مضمونها، والاكتفاء بتقديم المسكنات التي لا تغني أو تسمن من جوع، وهو ما وصل في هزليته لإرسال الجيش لكراتين مواد غذائية لخطب ود عمال المحلة، جعل المارد العمالي في قطاعاته الأكثر تعرضا للهجوم تتحرك شيئا فشيئا.
العمال أظهروا بطولة حقيقية، ولم ترهبهم قوات الجيش والشرطة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، ونجحوا في صد الهجوم وتحقيق المطالب في غزل المحلة والعامرية وفشلوا في تحقيقها في مواقع أخرى.
والمتوقع أن ترتفع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية خاصة مع اقتراب موعد تنفيذ الوعود الحكومية بتحسين الأجور في يناير المقبل. ومما يزيد من قوة العمال أيضا الارتباك البادي للعيان في السلطة الحالية كما شاهدنا ونشاهد في لجنة الخمسين، وكذلك تجميد قانون الحريات النقابية في أدراج مجلس الوزراء، ورغبة المنظومة الأمنية في الانفراد تماما بالسلطة فضلا عن قرب الانتخابات البرلمانية التي تتيح بالضرورة مساحات أوسع للحرية والحركة والمطالبة.
ومما لا شك فيه فإن أنبوبة الأوكسجين التي تحيا بها الطبقة الحاكمة (المساعدات الخارجية) تقارب على النفاذ، وهو ما بدا واضحا في عودة طوابير البوتاجاز مثلاً، مما يؤجج المزيد من الاحتجاجات الاجتماعية التي تتجاوز أسوار المصنع إلى الحي.
لذا فإن دعم الحركة العمالية وتنظيمها وتسييسها ينبغي أن يكون مهمة رئيسية على الثوريين في حدود قوتهم، وهو ما ينبغي أن يظهر في الالتحام بهذه التحركات، والسعي للتنسيق بين القيادات العمالية في مواقع العمل المختلفة، وكذلك في تبني الشعارات المناسبة للحظة. ففي مواجهة ارتفاع الأسعار لابد من رفع شعار ربط الأجر بالأسعار والتسعيرة الجبرية، فضلا عن النضال تدريجيا مع صعود الحركة من أجل تطبيق الحد الأدنى للأجور المقرر تفعيله في يناير المقبل على كل العاملين بأجر.
وفي مواجهة إغلاق الشركات لابد من تنظيم العمال لمنع التصفية وللحصول على مستحقاتهم ومع رفع شعار التشغيل مقابل الإغلاق في المواقع الناضجة لتبني هذا الشعار.
وأخيرا ينبغي الدفاع عن الرقابة العمالية على المصانع التي تناضل من أجل تنفيذ الأحكام الصادرة بعودتها إلى القطاع العام، مع كشف حيل الحكومة للتحايل على الأحكام لعدم إزعاج المستثمرين وللتأكيد على استمرار برنامج الخصخصة.
هذه التحركات قد تفضي كذلك إلى موجة جديدة من التنظيمات العمالية بعد أن تحولت النقابات الموجودة حاليا إلى صورة طبق الأصل من الاتحاد الحكومي.. تنظيمات ترتكز على القواعد العمالية في العنابر والورش والأقسام.
ومما لا شك فيه فإن الحركة العمالية في أشد الحاجة إلى ظهير سياسي على الرغم من الارتباك والإحباط السائد وسط القوى الثورية، وهو ما يبدو أن جبهة طريق الثورة "ثوار" مرشحة له في الفترة المقبلة، إذا أرادت أن تكون مغروسة وسط القواعد الجماهيرية القادرة على صنع الفارق.. وكما شاهدنا طيلة سنوات ثورة يناير الماضية فالنضال الاجتماعي يغذي النضال السياسي والعكس صحيح، ولكن المؤكد أن مصر مقبلة على شتاء سياسي واجتماعي مليء بالمفاجآت.. عودة الطبقة العاملة.
الحركة العمالية بعد 30 يونيو: مخاطر وآفاق
بقلم مصطفى بسيوني
الخميس 28 نوفمبر 2013
في تقريره الصادر عن الحركة العمالية عام 2012 يشير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن الاحتجاجات العمالية في هذا العام وحده فاقت مجموع الاحتجاجات في الأعوام العشرة السابقة على ثورة يناير، وأن النصف الثاني من هذا العام كان الأكبر من حيق عدد الاحتجاجات الاجتماعية أي فترة حكم محمد مرسي. هذا الإحصاء يدعمه بقوة إحصاء مؤشر الديموقراطية الصادر عن المركز التنموي الدولي، والذي يشير إلى أن الشهور الخمسة الأولى في عام 2013 والتي سبقت مباشرة انتفاضة 30 يونيو كانت الأكبر على الإطلاق من حيث عدد الاحتجاجات العمالية وفاق عدد الاحتجاجات في الشهور الخمسة مجموع الاحتجاجات التي وقعت في عام 2012 بالكامل.
هذا الصعود الهائل في الحركة العمالية والنضال الاجتماعي قبيل انتفاضة 30 يونيو كان يعبر عن حجم الغضب في الأوساط العمالية بعد مرور عامين ونصف على ثورة يناير 2011 والتي سبقها أيضا موجة عارمة من النضال العمال، وبلو خلالها العمال مطالب رئيسية أصبحت ملازمة للحركة العمالية مثل، رفع الحد الأدنى للأجور وحماية الحق في العمل ضد الفصل والبطالة والحق في التنظيم العمالي المستقل عن الدولة وأجهزتها. عامان ونصف بعد الثورة كانت كافية جدا بالنسبة للعمال لإدراك أن الحكومات والحكام الذين جاءوا بعد الثورة لا يمتلكوا لا الرغبة ولا الإرادة لتلبية مطالب العمال وتحسين أوضاعهم بعد الدور الذي لعبته الحركة العمالية قبل وأثناء الثورة. لقد كانت السياسات المعادية للطبقة العاملة واضحة منذ اللحظة الأولى. فعقب الثورة مباشرة أصدر المجلس العسكري تشريعا يحظر الإضرابات ويتيح تحويل العمال المضربين للمحاكم العسكرية. كما تعرضت الإضرابات العمالية في عهد مرسي لأساليب جديدة من القمع مثل استخدام الكلاب البوليسية في فض الإضراب، واستدعاء العمال المضربين للخدمة العسكرية كما حدث في إضراب السكة الحديد في أبريل 2013. في الوقت نفسه لم يحدث أي تقدم على صعيد الاستجابة للمطالب الرئيسية للعمال ولم يطرأ تحسن على أوضاعهم بل على العكس ساءت أوضاع العمال أكثر بعد الثورة. إستمرار تصاعد الاحتجاجات العمالية عقب الثورة واتساع نطاقها كان مبررا بالفعل بتجاهل مطالب العمال والاتجاه لقمع الحركة العمالية.
عقب انتفاضة 30 يونيو طرأ تغيرا هاما في الخطاب الرسمي تجاه الحركة العمالية. فقد حاول الخطاب الحكومي إقناع الطبقة العاملة بجديته في الاهتمام بأوضاع العمال ومطالبهم. بدا ذلك من تكليف كمال ابو عيطة القيادي العمالي ومؤسس أول نقابة مستقلة والذي اشتهر بهتافاته من أجل الحد الأدنى للأجور وزيرا للقوى العاملة. وطرح المطالب الرئيسية للعمال على بساط البحث مثل إصدار قانون الحريات النقابية المعطل منذ سنوات وإصدار قرار برفع الحد الأدنى لإجمالي الدخل النقدي إلى 1200 للعاملين بالحكومة والقطاع العام ومناقشة إعادة تشغيل الشركات المتعطلة. بدت الدولة عقب 30 يونيو أكثر استيعابا للدرس الذي مرت به الحكومات المتتالية.
فالغليان الذي عم الحركة العمالية قبل 30 يونيو ما كان ليهدأ دون إبداء الحكومة نوايا حسنة تجاه مطالب العمال. ولكن الإشارات الجيدة التي أرسلتها الدولة للحركة العمالية اقترنت بإشارات أخرى تحمل معنى مختلف تماما. فقيام قوات الجيش بفض اعتصام عمال السويس للصلب بالقوة وإلقاء القبض على عدد من العمال. ودخول الدبابات إلى ساحة شركة غزل المحلة أثناء الإضراب لإرهاب العمال. والخطاب الإعلامي الموجه ضد أي احتجاجات عمالية واعتبارها جزء من محاولة الإخوان المسلمين لإرباك الدولة. كلها أمور تعني أن المرونة التي تبديها الدولة في هذه المرحلة تجاه مطالب العمال لا تمثل تحول جوهري في موقف الدولة من العمال. وإنما تذكر بنفس المرونة التي أبدتها حكومات وأنظمة متعاقبة تجاه مطالب العمال لتهدئة الحركة العمالية. ومثلا قد يمثل اختيار كمال ابو عيطة القائد العمالي وزيرا للقوى العاملة رسالة طمأنة جيدة للحركة العمالية، ولكن توزيع باقي حقائب المجموعة الاقتصادية على وزراء يمينين وبيروقراطيين وهي الوزارات الأكثر ثقلا في اتخاذ القرارات المؤثرة في أوضاع العمال يثير الكثير من الشكوك حول جدية الدولة في الوفاء بتعهداتها تجاه الحركة العمالية.
لقد كان التردد واضحا في اتخاذ قرار الحد الأدنى للأجور الذي سبقه قرارات محبطة جدا للعمال من كبار مسئولي الحكومة. ثم جاء القرار مبتورا عندما اختص العاملين في الدولة والقطاع العام فقط وخلا من تفاصيل التمويل والتدرج الوظيفي ما يعني انه اتخذ على عجل ودون تخطيط مسبق ما يعني أن الحكومة لا تحمل انحيازا واضحا تجاه مطالب العمال ولكنها تتحرك وفقا لضغوط وتوازنات كل لحظة، حتى عندما لا تحمل تلك اللحظة غليانا عماليا ضاغطا إلا أن تأثير الحركة العمالية في الفترة السابقة والرأي العام الذي خلقته بين العمال والفقراء والتعقيدات السياسية التي تتصدر المشهد تؤثر جميعها في القرارات المتعلقة بالعمال.
من هنا تأتي أهمية الحفاظ على زخم وثبات الحركة العمالية وتطويرها تنظيميا. لقد واكب انتفاضة 30 يونيو تحولا مهما في موقف ودور النقابات العمالية. فبعد أن تمكنت الحركة العمالية في 2008 من بناء تنظيمات نقابية مستقلة عن الدولة لتقطع نصف قرن من توظيف النقابات العمالية لصالح الدولة، بدا موقف النقابات العمالية سواء الرسمية أو المستقلة يحمل الحنين للعودة إلى أحضان الدولة فقد أعلن عددا كبيرا من النقابات والاتحادات العمالية الاصطفاف إلى جانب الدولة ضد جماعة الاخوان المسلمين.
وإذا كان مناهضة النقابات العمالية لجماعة الإخوان لما شهدته الحركة العمالية خلال حكم مرسي من قمع للحركة العمالية وإهدار لحقوقها، إلا أن الحركة العمالية والنقابية لا ينبغي أن يكون موقفها تابعا لا للدولة ولا للأحزاب السياسية أو غيرها. لقد حملت مواقف النقابات العمالية تصريحا وتلميحا تخليها عن الإضرابات العمالية والاحتجاجات في مرحلة "الحرب على الإرهاب" والحفاظ على "عجلة الإنتاج" هذا ما يعيد إلى الأذهان الدور الذي لعبته النقابات التابعة للدولة عندما كان يقتصر دورها على أن تكون ذراعا عمالية للسلطة وهو الخطر الذي يتهدد النقابات المستقلة اليوم. كما أن عودة نفوذ الاتحاد الرسمي للعمال والذي كان اهتز بقوة عقب صعود حركة استقلال النقابات وخاصة بعد ثورة يناير واتهام رموزه في موقعة الجمل، هذا النفوذ الذي ظهر في قدرته على تعطيل إصدار قانون الحريات النقابية وتزايد دوره في تعديل الدستور على حساب الحركة النقابية المستقلة، يعني أن الدولة لن تفرط في ذراعها العمالية وأنها ستجتهد في تطويع بقية الأذرع أو بترها. وهو ما يهدد بإهدار أهم مكاسب الحركة العمالية التي انفجرت منذ إضراب ديسمبر 2006 في شركة غزل المحلة وهو التنظيم النقابي المستقل.
يمكن أن تتطور الأمور بالفعل في هذا الاتجاه إذا وضعنا في الاعتبار حجم التعبئة التي صنعتها الدولة تحت زعم مواجهة الإرهاب وإسكات أي صوت مختلف حتى لو كان معارضا للإخوان المسلمين بالفعل. كما أن استخدام الدولة للخطاب المعتدل تجاه المطالب العمالية والتلويح بمكاسب مؤجلة للعمال يمكن أن يساهم في خلق حالة تهدئة في الأوساط العمالية تستطيع خلالها الدولة ترتيب الأوضاع النقابية والسيطرة عليها. ولكن ليس هذا هو الاحتمال الوحيد. فقد أثبتت الحركة العمالية منذ 2006 وحتى الآن مرورا بأربعة أنظمة وستة حكومات أنها قادرة على الصمود في وجه محاولات القمع وكشف محاولات الخداع، كان لاستمرار وتيرة الحركة العمالية وتمسك العمال بمطالبهم هو العامل الحسام في ذلك، وهو أيضا ما ساهم في تطوير وعي وتنظيم الحركة العمالية. وهو أهم ما تحتاجه الحركة العمالية اليوم. التمسك بالمطالب والحفاظ على وتيرة الحركة الاحتجاجية وتطويرها، ليكون بالإمكان الحفاظ على التنظيمات النقابية التي انتزعتها الحركة وتطويرها أو استبدالها.
يبدو إضراب عمال شركة المحلة قبل إجازة عيد الأضحى الماضي أحد المؤشرات الهامة في هذا الاتجاه، فالإضراب هو الثالث خلال شهرين، وكان المطلب المشترك في الإضرابات الثلاثة هو صرف الأرباح، وقد نجح العمال في كل مرة في انتزاع المطلب. وفي الجولة الأخيرة شهد الإضراب تطورا ملحوظا باحتلال العمال مقر الإدارة والاستمرار في الإضراب حتى تنفيذ مطلب العمال على الرغم من أن الوقت كان حرجا وكانت إجازة العيد على وشك البدء. إن توالي إضرابات عمال المحلة وتماسكها في مواجهة الدعاية الرسمية وتطورها بإيقاع منتظم يؤكد أن الحركة العمالية قادرة على استكمال صعودها وإعادة خلق البيئة الملائمة لاستكمال الثورة وعدم الخضوع لابتزاز شعارات الحرب على الإرهاب. حتى ما عرضته بعض وسائل الإعلام من أن العمال رفعوا صور السيسي في إضراب المحلة لا يذكر سوى بما عرضته نفس وسائل الإعلام قبل الثورة والتي كانت تعرض استنجاد العمال في إضراباتهم بجمال مبارك، ولا لمفارقة أن الإضرابات العمالية وقتها كانت المقدمة للثورة ضد مشروع التوريث.
تقف الحركة العمالية اليوم في مواجهة مأزق حقيقي قد يبدو أكبر من سابقيه، ولكنه بالتأكيد، وكما يتضح من مسار تطورها ومن نضالاتها الأخيرة، ليس أكبر من قدرة الطبقة العاملة على تجاوزه.
* المقال منشور في العدد 24 من مجلة أوراق اشتراكية - خريف 2013

ملاحظات حول حقوق العمال في الدستور
بقلم فاطمة رمضان
الاثنين 23 ديسمبر 2013
تسير خطى التعديلات الدستورية للجنة الخمسين لعام 2013 على نفس الخطى التي سار عليها دستور 2012، من حيث الانتقاص في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي القلب منها حقوق العمال. فلم يكتفِ القائمون على تعديل الدستور بترك المواد الخاصة بحقوق العمال كما هي في الدستور السابق، بل امتدت يدهم في معظم الأحيان لا لتمكينهم من حقوقهم ولكن لكي تنتقص منها، وفيما يلي ما نراه انتقاصاً من حقوق العمال عن دستور 2012.
الحق في التمثيل
سلب دستور 2012 العمال حقهم في التمييز الإيجابي في التمثيل بمجلسي الشعب والشورى تحت نسبة الـ 50% عمال وفلاحين وفقا لدستور 1971، بحجة أن من كان يمثل هذه النسبة هم أعضاء الحزب الوطني من ضباط شرطة ولواءات جيش وأصحاب مصانع وشركات بدلاً من العمال والفلاحين. وقد استبدلوها بالتمثيل لمرة واحدة في المادة الانتقالية 229، ولكن ظل تعريفهم للعمال غير محدد بحيث يسمح لرؤساء مجالس الإدارات وحتى الوزراء بالدخول تحت مسمى عامل، ووقتها ردوا علي انتقادهم بخصوص ذلك بأنهم قد حرموا العمال والفلاحين من التمثيل في المجالس المنتخبة وأنشأوا المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المادة 227.
وأتى تعديل لجنة الخمسين ليلغي المادتين (229 و227)، وليسلب بذلك العمال حقهم في التمثيل، وحقهم في التفاوض على المستوى المجتمعي من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهم يثبتون بذلك أن الكلام الفضفاض عن كفالة الدولة لسبل التفاوض الجماعي الواردة في المادة 13.. هو مجرد كلام مرسل لا وجود له داخل الدستور.
الحق في التنظيم والإضراب والتظاهر
تنص المادة 76 على: "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون. وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية".
وهو بذلك أهدر حرية تأسيس النقابات والاتحادات والتعاونيات، التي كانت تبدأ بها المادة 52 في دستور 2012، وظل يحرم العمال من حق تأسيس نقاباتهم بالإخطار والتي وردت بالنسبة للأحزاب والجمعيات، في المادتين 74 و75 على التوالي، وإن كان قد قصر الحل للنقابات الذي كان موجوداً بدستور 2012، علي حل مجالس الإدارات فقط بحكم قضائي.
كذلك حرم العمال في الهيئات النظامية من حق تأسيس النقابات (ملحوظة: لا أعرف بالضبط تعريف الهيئات النظامية بخلاف الجيش والشرطة)، فمعنى هذا أن المدنيين بالشرطة والجيش محرومون من حقهم في تأسيس نقابات.
هذا بالإضافة إلى بقاء المواد التي تتناول التعددية الحزبية والسياسية دون ذكر للتعددية النقابية (المادة 5).
وبخصوص حق الإضراب فإن المادة 15 جاء فيها: "الإضراب السلمي حق ينظمه القانون"، وهو نفس النص الوارد في المادة 64 من دستور 2012، والمشكلة في جملة "ينظمه القانون"، لأننا نعلم جميعاً أن قانون العمل الحالي (12 لسنة 2003)، رغم أنه أباح الإضراب إلا أنه وضع عليه قيود تجعله شبه مستحيل، يكفي أن نذكر أن آلاف الإضرابات التي قام بها العمال منذ عام 2006 وحتى الآن لا تنطبق عليها شروط القانون سوى على حالتين فقط، وهما طنطا للكتان، وبريللي، ومارس العمال هذا الحق رغم عدم قانونيته.
حقوق العمل والأجر
نصت المادة 12 في صياغتها بخصوص حق العمل مثلما كانت المادة 64 من دستور 2012، وإن قصرت العمل الجبري على الخدمة العامة وبمقابل عادل، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل، وكل ذلك كما في الدستور السابق بمقتضى القانون. بمعنى أن العمال المجندين سواء في الجيش أو الشرطة والذين يعملون في المشاريع الاقتصادية والإنتاجية للمؤسستين العسكريتين سوف يجبرون على ذلك العمل.
كما أنه لم يُذكر سواء في الصياغة الجديدة للدستور أو القديمة أي إلزام للحكومة بحق العمل، ولا عن بدل بطالة.
أما المادة 13 فجاءت تتناول التزام الدولة بحقوق العمال، ويحظر فصلهم تعسفياً، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون، وكما نعرف بأن القوانين تأتي لكي تفرغ الأمر من مضمونه وخير مثال ما يحدث للعمال حالياً.
بالنسبة للأجور، فصياغة م 27 تناولت التوزيع العادل وتقليل الفروق "ويلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر، وفقا للقانون".
أولاً: لا أعلم صحة فكرة "يلتزم النظام الاقتصادي والاجتماعي"، لماذا لم يذكر التزام الدولة؟ ثانياً: الكلام الفضفاض عن "حد أدنى للأجور وحد أقصى في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر"، هل في ذلك استثناء للمستشارين والعاملين في القطاعين العام والأعمال؟. ثالثا:عدم الربط بنسبة ثابتة بين الحد الأدنى والأقصى يجعلنا ندور في نفس فلك التفاوت الرهيب، خصوصاً مع ذكر حد أدنى يضمن حياة كريمة، وكما رأينا سابقاً أحد وزراء مبارك قبل 25 يناير كان يرى أن أقل من 200 جنيه هو حد أدنى كريم، في حين جماعة الإخوان المسلمين بعد إزاحة مبارك طرحت الـ 700 جنيه كحد أدنى لحياة كريمة.
وفي ظل المنظومة المقلوبة للأجور في مصر، تمثل البدلات والحوافز والأرباح الجزء الأكبر من الأجور، إلا أن المادة 43 تناولت نصيب العاملين في إدارة المشروعات وأرباحها دون تحديد هذه النسبة، والتي بلغت قبل عام 1991، 25% من الأرباح للعاملين، ثم انخفضت إلى 10%، والآن في معظم الحالات يمتنع أصحاب الأعمال عن إعطاء العمال حقهم في ذلك، ولدينا من الأمثلة الكثير ربما كان آخرها شركة فاركو للأدوية، فهل هذا تمهيد لتخفيض هذه النسبة؟.
هذا بخلاف المادة 204 الخاصة بالمحاكمات العسكرية والتي سوف يتضرر منها العمال كمواطنين، ثم كعمال في المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش.
وفي الوقت الذي كانت فيه ديباجة الدستور ضنينة في شرح حقوق العمال، وجدناها أفرطت في شرح ما يخص الانتخابات بأنواعها، كما ورد في أكثر من سبعة مواد للدستور عن تشجيع الاستثمار وجذبه، وتأكيدات على حرمة فرض الحراسة، أو مصادرة الممتلكات أو الأموال إلا بقانون أو حكم قضائي (المادة 27، و28، و35، و36، و40).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو