الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أشبه اليوم بالبارحة

درويش محمى

2014 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



الهزيمة الساحقة التي لحقت بالقوات العراقية على يد قوات التحالف في حرب تحرير الكويت العام 1991, كانت كفيلة باسقاط جدار الخوف الذي شيده وعمل على بنائه النظام البعثي لعقود, فمع فرار جنود الاحتلال العراقي من الكويت, انطلقت انتفاضة عارمة شملت كل انحاء العراق, وخلال النصف الاول من شهر مارس, استطاعت قوات الانتفاضة العراقية السيطرة على 14 محافظة عراقية, وكاد الطاغية صدام حسين ان يسقط, بل اصبح قاب قوسين او ادنى من السقوط, الا ان التغير المفاجئ على الموقف الأميركي والغربي, والذي ترك المجال للقوات الصدامية باستخدام كل انواع الاسلحة الفتاكة بما فيها الطيران العمودي, عدا منطقة كوردستان العراق التي منع فيها الطيران, تركت للنظام العراقي الفرصة لتجميع قواه والفتك بالانتفاضة العراقية وقمعها خلال النصف الثاني من الشهر نفسه, وفي اقل من اسبوعين, تم القضاء على قوات المعارضة العراقية, وقضى أكثر من 300 الف عراقي نحبهم.
مع دخول القوات العراقية الكويت, ادرك الجميع ان عليهم التخلص من صدام حسين, كان الجميع متفقا على اسقاطه, الغرب والولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج وحتى اسرائيل, والرئيس الاميركي جورج بوش كان قد اعلن مرارا وتكرارا عن رغبته في اسقاط ديكتاتور العراق صدام حسين, وكلامه كان واضحا لا يحتاج الى تأويل او تفسير, ووصل الى آذان المنتفضين العراقيين وفهم كما يجب ان يفهم, فالرغبة الاميركية في اسقاط النظام العراقي كانت جدية, لكن الإدارة الأميركية غيرت موقفها بعد بدء الانتفاضة, حين تبين لها ان رياح الانتفاضة تجري بما لا يتوافق ومصالحها, ومجرى الاحداث على الارض يسير لصالح عدوتها ايران الإسلامية.
تصدير الثورة الاسلامية للدول المجاورة, كان يشكل هاجسا مزمنا للادارات الاميركية المتعاقبة في فترة الثمانينات وبداية التسعينات, والخطر الايراني في تلك الفترة كان يعتبر تهديدا مباشرا للمصالح الستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط عموما والخليج على وجه الخصوص, هذه المعادلة البسيطة لم تستوعبها المعارضة العراقية, ولم تعمد الى بناء قيادة ميدانية في الداخل العراقي لتوجيه وقيادة الثورة على الطاغية صدام, بل تركت الانتفاضة لمصيرها تقودها قوى اسلامية موالية لايران, ذات شعارات اسلامية طائفية, الامر الذي ارعب الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها الخليجيين, وبعد أن كان الهدف هو النيل من صدام حسين وإسقاطه, كان الجميع يعمل على إنقاذه لفترة مقبلة, لقد وقع المنتفضون العراقيون في غلطة مميتة, برفع شعارات اسلامية على الطراز الطائفي الايراني, في ظل تقاعس قيادات المعارضة العراقية وبقائها في بيروت, وزاد في الطين بلة, تدخل الحرس الثوري الإيراني الى جانب المنتفضين العراقيين وقوات بدر الشيعية.
ما اشبه اليوم بالبارحة, فبعد مرور عقدين على الانتفاضة العراقية, تتكررالمعاناة نفسها في سورية, شعب يتغلب على جدار الخوف الذي بناه وشيده النظام البعثي الاسدي على مدى عقود, يخرج مطالبا بحريته وصون كرامته, تعلن اميركا عن تعاطفها مع المحتجين المنتفضين في البداية, وفي مرحلة لاحقة تعلن عن عدم شرعية بشار الاسد ونفاد صلاحيته, على الارض يسيطر الاسلاميون المتطرفون والقاعدة على الثورة ويغرقونها بشعاراتهم, فيتغير الموقف الاميركي والغربي من الثورة السورية, تتقاعس المعارضة السورية وتبقى في خارج البلاد, وحتى تكتمل الصورة, يلتحق بها معظم كبار معارضي الداخل في سابقة فريدة من نوعها, لتثبت انها من أسوأ المعارضات واكثرها فسادا على الإطلاق, ودائما دون مستوى الحدث, ودائما معارضة باهتة لا تجيد قراءة التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف