الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية

حسين عوض

2014 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية




تبلورت العلمانية في عصر النهضة بأوروبا مع نهاية سيطرة الكنيسة على السياسة وعلى مفاصل الحياة العامة, حيث كان نفوذ رجال الدين على الملوك وعلى عامة أفراد المجتمع بحيث لا يقع تصرف منهم فيكون صحيحاً إلا عن طريق رجال الدين, ولو كان ذلك وفق توجيه رباني صحيح ولمصلحة البشر, وقام رجال الدين بالتشريع من عند أنفسهم تحليلاً وتحريماً, حسب أهوائهم ومصالحهم الشخصية مثل: تحليل الخمر والخنزير وإبطال الختان ومحاربة الكنيسة للعلم وقتلها للعلماء.
كان استغلال رجال الدين لمكانتهم في فرض عشور في أموال الناس، وتسخيرهم للخدمة في أرض الكنيسة ومعاقبة كل من يرفض أوامرهم، وفرض ما يعرف بصكوك الغفران.
لقد ظهرت الأفكار القومية في اوروبا في القرن الثامن عشر التي وحدت كل شعب من شعوب اوروبا في نضالهم من اجل الديمقراطية, وكان رجال الدين يمارسون الظلم والفساد بكل أنواعه, ومناصرة الكنيسة للمظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية الواقعة على الناس, ونتيجة لظلم رجال الكنيسة وتدخلهم في الأمور الدنيوية في نضالهم وطغيانهم قامت في أوروبا العديد من الثورات التي وضعت حدا لتجاوزاتهم, وفيما بعد انحسر دور الكنيسة في الأمور الدينية, وفي القرن الثامن عشر تم تشريع حقوق الإنسان من خلال الحرية والمساواة بوصفها مبادئ لا يمكن للدولة تجاهلها, وفي الجانب السياسي لم يعد الملك هو صاحب الرأي الأول والأخير, وانتهت فترة الحق الإلهي المقدس بالحكم والحكم المطلق بسبب سلطته السياسية.
هناك اختلاف بين مسارين نهضويين اوروبي وعربي, والمرجعية الفكرية التي حكمت كل مسار منهما أصبحت فكرة الدولة الحديثة. المسار النهضوي الأوروبي بدأ بالعودة إلى التراث الإغريقي, وبينما المسار النهضوي الإسلامي العربي بدأ بالعودة إلى التراث الإسلامي إلى فترة النبوة والخلافة الراشدة, ومراجعة التيار العقلاني (ألمعتزلي والرشدي) لمواجهة التسلط السياسي على الدين على خلاف المسار الأوروبي , الذي شهد تراكما وتحولا في مسارات حياتية عدة , بينما التاريخ العربي لم يشهد تلك التحولات بسبب انقطاع مساره الحضاري, ويرجع ذلك إلى السيطرة العسكرية على مقاليد الخلافة منذ أواخر أيام الخليفة المعتصم .
إن موضوعات النهضة العربية موضوعات راهنة إلى الآن, والتي أسقطت الحركات الأصولية الإسلامية كثيرا من ايجابياتها مثل فكرة الحق والحق السياسي والتسامح وقبول الآخر والانفتاح على الأفكار الغربية التنويرية, لتبقى على دلالات التعصب الديني والمذهبي واستبعاد الآخر.
إن العلمانية هي دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل, بعيدا عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع, وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتغيير إلا في أضيق الحدود. لقد كان (أبن خلدون وأبن رشد وأبن سينا والخوارزمي) وغيرهم الذين رفضوا الاستكانة إلى التلقين الغيبي, واستخدموا عقلهم والبحث باتجاه الأفضل بما يلائم الحياة المادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط