الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبور

رائف أمير اسماعيل

2014 / 1 / 20
الادب والفن


كنت على وشك أن أطفيء جهاز الحاسوب فزعا من النقطة التي بدت انها مشتعلة في مكان صورة فيديو المحادثة، لئلا تتسبب في عطب الجهاز، لولا انها اثارت استغرابي في تراقصها وانتقالها من مكان لآخر.
قبلها بدا مكان الفيديو قد اسود فجأة ليقطع عني اشراقة صورتها، قاطعا معه بهجة كلامها واندفاعات الاقتراب الشهية.
كانت هي من طلب الصداقة في صفحة الفيسبوك. وحالما وافقت، دخلت علي في خانة الدردشة لتشكرني على موافقتي صداقتها ... ولتبرر في انها اعجبت بي وبكتاباتي في اول لقاء، ثم لتعرض علي مفهوم الحب من أول نظرة ...
وهكذا بدأت علاقة حب وشيجة، في لهفة للقاء، وانتظار قاتل وغزل شامل .. ورغبة أجساد ان تحتضن بعضها على أرض الواقع.
وعلاقة فكرية تطابقت فيها وجهات نظرنا في كل مديات الفلسفة والعلم ... وكل ضروب الادب والفن.. فنمنا طوالا بين أحضان خيالاتنا ونحن نستمع الى ما أهدتني وأهديتها من أغان ... فلم يسلم من ارتماء روحينا سطح غيم أو قمر .. ولا مغارات كهف أو دروب غابة ..ولارمال شاطيء بحر.
ولم نشك، في اننا تؤأم جسد واحد قد انشطر مع بداية تفجر الكون، وعاد ليلتصق.
النقطة المشتعلة المتراقصة أخذت تكبر وتكبر .... لكنها حين خرجت من شاشة الحاسوب أثارت عندي الالتباس في انها قد تكون جمرة سيكارتي وأن خيالي قد انفرط عقده. خصوصا انها بدأت تتراقص وتخط فوق فضاء كرسي قريب مني ... لتعلن تجسم جسدها.
نعم .. بلحظات بدا جسدها المكتنز أمامي بلحمه ودمه ... بشعرها الاشقر وعيونها الخضر بأبتسامة شفتيها المرضابة.ولتزيد هلعي بقولها ... هاأنذا اتيت. أليست هي مفاجأة لك.
كررت عبارات التهدئة بعدما انتبهت لرجفة جسدي... ثم قالت موبخة ..
- لايصح ان تخاف هكذا ياحبيبي .. لو ان كل البشر كانوا قد خافوا من هذا الموقف فلاينبغي عليك انت ان تخاف ... الم نتحدث من قبل عن سكان الكواكب الأخرى.. الم تصدق ماقالت الفيزياء عن الثقوب الدودية والانتقال فيها خارج تحديدات ماعرفنا من زمان ومكان. الم نتفق في انك فيلسوف خارق. أهدأ ياحبيبي لتعرف المزيد.
كدت اشعل سيكارتي بالمقلوب لولا انها نبهتني بأناملها المضيئة. وكدت اهرب منها لولا انها طوقتني بذراعيها وهي تسحرني بكلمات دافئة ... هاهو جسدي يحضنك كما رغبت في كل لقاءاتنا الصورية. فمم انت خائف.. لو أردت بك شرا لفعلت الآن..
ثم تراجعت الى كرسيها لتزيد اطمئناني. وتزيده أكثر بقولها... ها انا بعيدة عنك .. أسترخ الان واسمع.
بلحظات شعرت باسترخاء منتشي قد حل بكل جسدي، وهو يمتلأ باهتزازات هادئة لصوت كأنه قد انسل من الرحمة ذاتها ....
قالت ... أولا ... انا اعشقك حقا ... ولن أموت الا وأنا على صدرك ..
كانت ذكية في اشعاري بانها مخلوق يموت .. حتى تزيل عني مابقي من خوف تراجفت عنده خلايا تفكيري العصبية. ويبدو انها بذلك قد تأكدت من وصول حالتي النفسية لتقبل ماتقول ... فقالت
- في الحقيقة أنا انثى عذراء من سكان كوكب(......) الذي يبعد عن كوكب الأرض حوالي ألف سنة ضوئية.... كوكبنا كوكب جميل، وهو أصغر قليلا من حجم الارض ... ونحن اناس مسالمون جدا ومتكاتفون مع بعضنا .. نحن لانعرف الكذب او القتل وغيرها من رذائل، وبصراحة لم نعرفها الى من خلال سكان الكواكب الاخرى ومنها كوكبكم .. لقد انتهجنا العلم طريقا وحيدا لفكرنا.. فجملنا به كوكبنا بأنشاءات وجعلنا منه جنة، وزادت بتقنياته اعمارنا لتبلغ مئات السنين ... وانطلقنا الى سكان الكون لنتواصل معهم بكل حب وسلام.... انطلق كل منا ليبحث في صوب.. وانا كان بحثي العلمي عن كيفية التواصل مع كوكب الارض. وكنت انت مشروع بحثي ... الذي بعده أنطلق لأتواصل مع كل سكان الارض. وبما انني بشر مثلك ... فقد أحببتك حقا..
أجلت اغراءات جسدها كل اسئلتي ... فقررت ان انتهز فرصة قد لاتتكرر ... قررت .. ان اغامر في صحة ماتقول .... قررت ..أن انسى ماقالت ... وأن أرجع بمشاعري الى ما قبل اشتعال النقطة.. وأن أهجم وأن أتدفق كما اشاء .. وكما شاء الهوى... تعبنا ... ثم نمنا معا.
في صباح اليوم التالي.. صحيت على صوت صراخ زوجتي وهو يهدر ... انهض ولملم بنفسك مائدة خمرك المتناثرة بسرعة، بينما انا أحضر الفطور كي لانتأخر عن الدوام .. يبدو انني اليوم سأستمتع بقصة أجمل من كل القصص التي كتبتها، لأن آهاتك أراها متناثرة في كل مكان من غرفة الاستقبال.
20/1/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خطأ مطبعي
رائف أمير اسماعيل ( 2014 / 1 / 20 - 17:53 )
إضافة تعليق آسف ... أخطأت بكلمة ... الا ... فطبعتها .. الى ... في الجملة بصراحة اننا لم نعرفها الى من خلال سكان ...... تحياتي .

اخر الافلام

.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته