الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستراتيجية حكومة روحاني في التعامل مع القضية الأهوازية - الجزء الأول

صالح الحميد

2014 / 1 / 26
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


يبدوا أن الوضع الإيراني الداخلي بعد إنفراج أزمة الإنسداد السياسي و إنتخاب حكومة جديدة توصف بالمعتدلة و النجاحات الأولية في الملف النووي تتجه نحو إيجاد الحلول لحل الازمات الداخلية و على رأسها قضايا التضخم الاقتصادي و الغلاء المعيشي و أزمة القوميات و مطالبها الملحة.
من خلال قراءتي لزيارات المسؤولين الايرانيين وعلى رأسهم زيارات الرئيس "حسن روحاني" ومساعده لشؤون القوميات والاقليات علي يونسي و كذلك " علي شمخاني " رئيس المجلس الاعلى للأمن القومي أعتقد بأن إستراتيجية النظام تجاه قضايا القوميات تحولت من الاحتواء المباشر من خلال القمع و الترهيب الى إستراتيجية التعامل السياسي من خلال الانفتاح الجزئي بعد ما رأت الفشل الذريع و استفحال الازمات نتيجة لسياسة القمع المباشر التي إنتهجتها حكومة أحمدي نجاد في السنوات الثمانية الماضية.
واعتقد بأن هذه الاستراتيجية الجديدة تنبع من التغيرات الداخلية المتسارعة و تزايد الضغوط الشعبية في مناطق القوميات إضافة الى التأثيرات الإقليمية و رياح التغيير الكبرى في المنطقة التي تلقي بضلالها على الداخل الايراني بقوة.
و يمكن تحليل أبعاد هذه الاستراتيجية وفق تحركات الحكومة الجديدة في الأهواز بدءا من زيارة الرئيس روحاني الى زيارات باقي المسؤولين ووعودهم بحل الأزمة الامنية في الاقليم والبت بايجاد حلول للمشاكل المستفحلة و تقديم مختلف المسؤولين خطابا مغايرا نوعا و مضمونا عما هو سائد من خطاب إقصائي و قمعي و إستعلائي على العرب الأهوازيين.
ووفق هذه الرؤية نشاهد بأن الحكومة الجديدة ترسل وزير إستخباراتها الى الأهواز قبيل زيارة روحاني ليجتمع بشيوخ القبائل و المسؤولين المحليين و بعض الشخصيات السياسية و النخب و المثقفين ليطلب منهم مساعدة الحكومة في ضبط الامن و الاستقرار و في المقابل يعد هذا الوزير بالانفتاح على القوى السياسية التي تريد أن تعمل في إطار النظام و القانون، ومن جهة أخرى ترسل يونسي مساعد الرئيس لشؤون الاقليات القومية و الدينية ليتحدث عن التسامح و الحوار و عن نية الحكومة لحل مشاكل العرب الاهوازيين و تغيير التعامل الأمني مع القوميات و منحهم حقوقهم على رأسها السماح بتدريس لغة الام و استلام بعض المناصب القيادية. كما إنتقد يونسي في تصريحات له التعامل غير المنصف تجاه العرب في الاقليم من نظرائهم من القوميات الاخرى و تفضيلهم في المناصب و الدوائر و المهام الحكومية.
أما الرئيس الروحاني فوضع اقليم الاهواز في مقدمة زياراته الداخلية و خاطب الناس بكلام عاطفي مملوء بالشعارات الحماسية و يقدم وعودا كثيرة بالاعمار و التمنية و حل المشكلات و الأزمات . و في نفس الفترة يأتي علي شمخاني المسؤول العربي المحسوب على رأس النظام و يعطي وعودا بإنهاء الأزمة الأمنية و حل المشاكل المستفحلة كالبطالة و البيئة و المياه و التوظيف و الحلول السياسية و غيرها و يدعوا الناس الى التفاوض مع النظام مهددا النشطاء العرب بأن البديل عن الجمهورية الاسلامية هم القوميين العنصريين المعادين للعرب و على الاهوازيين الاختيار بين الجمهورية الاسلامية و التيارات المعادية للعرب على حد قوله.
أما زيارة روحاني ففسرها الكثيرون على أنها زيارة توجيه رسائل للشعب العربي الاهوازي تريد أن توحي لهم بان نهجها يختلف عن سابقاتها و رأينا بان خلال هذه الزيارة التي إستمرت لمدة ثلاثة أيام زار فيها روحاني مدن الأهواز و عبادان و المحمرة و ألقى كلمة باللغة العربية في اليوم الأول لزيارته أمام عدد من المواطنين في مدينة الأهواز مستهلا خطابه الحماسي بالثناء على الشعب العربي و كرمهم و شجاعتهم قائلا بأن البيت المشهور للمتنبي " الليل و الخيل والبيداء تعرفني / و السيف و الرمح و االقرطاس و القلم " ينطبق على الشعب العربي الأهوازي . و أضاف روحاني في كلمته بأن مدينة الأهواز تعتبر تاريخيا مدينة العلم و الأدب التي إحتضنت شعراء كبار أمثال أبي نؤاس الأهوازي و دعبل الخزاعي و تطرق خلال كلمته الى المشاكل التي تواجه الاقليم مشيرا الى أن حكومته الجديدة لا تقبل بالتمييز ضد أي من القوميات في ايران. لكن النشطاء الاهوازيين يعتبرون كلمات روحاني هذه مجرد دغدغة لمشاعر الشعب العربي الاهوازي حيث لم يتطرق روحاني الى وعوده الانتخابية بإعطاء القوميات حقوقهم ضمن مشروعه الذي طرحه ضمن عشرة بنود لرفع التمييز عن الأقليات الدينية والقومية في برنامجه الانتخابي.
وطالب عدد من الجامعيين والمثقفين و الفنانين الأهوازيين خلال لقاءهم بروحاني بالإلتفات لمطالب الشعب الملحّة ومعالجة الأزمات المستفحلة كالبطالة والإدمان والتلوث البيئي وحل مشكلة مياه الشرب ورفع التمييز في منح فرص العمل بالنسبة للمواطنين العرب وتخصيص جزء من عائدات النفط لإعمار الإقليم.
وتحدث الدکتور عادل الحيدري الشاعر و المثقف الأهوازي في كلمته التي خاطب بها الرئيس روحاني عن مطالب الشعب و المثقفين العرب الأهوازيين ملخصا إياها بستة بنود و هي : 1- تعيين المحافظه منطقة تجارية حرة 2- ايقاف مشروع نقل مياه کارون 3- السماح للمواطنين العرب الاهوازيين بإرتداء الزي العربي في الدوائر والجامعات والمدارس و احترام هويتهم و ثقافتهم 4- السماح بتدريس اللغة العربية في الجامعات والمدارس 5- توظيف شباب العرب ورفع التمييزو الاحتكار في الوظائف و فرص العمل 6- إحترام حقوق القوميات والشعوب کافة.
ورافق الرئيس في زيارته كل من علي شمخاني رئيس المجلس الاعلى للامن القومي الايراني و محسن رضائي عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام و عدد من الوزراء و مساعدي الرئيس . وكان الحرس المرافق للرئيس يحملون حقائب مضادة للرصاص لفتت إنتباه الناس ووسائل الإعلام.
هذا و قد سبق وزير الاستخبارات " محمود علوي " و مساعد الرئيس لشؤون الأقليات القومية و الدينية " علي يونسي " بزيارة الاقليم قبل قدوم روحاني و عقدوا اجتماعات عدة مع المسؤولين المحليين وشيوخ العشائر العربية قبل و أثناء زيارة روحاني مطالبين إياهم بضبط الأمن و المساعدة في إستقرار الاوضاع في الاقليم لإحباط مؤامرات الأعداء على حد وصفهما كما جاء في وكالات الانباء.
و أنهى روحاني زيارته بعقد مؤتمر صحفي في مدينة عبادان موعدا بالعمل على تقليل نسبة البطالة في الاقليم. و حول تخصيص 2% من عائدات النفط لإعمار إقليم الأهواز الذي يؤمن 90% من انتاج النفط الايراني قال روحاني بأنه لا يستطيع أن يقطع وعودا حول ذلك.
المهم في زيارة شمخاني كما يرى الكثير من المتابعين للشأن الأهوازي هو تحدثه باللغة العربية أمام الجماهير العربية ومخاطبهم بمصطلح " الشعب العربي " وهي نقطة ايجابية تحسب له و لكن ما يؤخذ عليه هو عدم تطرقه للمشاكل والازمات الجدية التي تواجه هذا الشعب العربي الذي هو بات اليوم بحاجة الى أفعال و سياسات ترفع عنه حالة القمع و الحرمان و تفشي الامراض و الاوبئة و الفقر و تدني مستوى المعيشة و انعدام فرص الحياة بدل دغدغة مشاعرهم بخطب حماسية أو إطلاق بعض الشعارات.
يبدوا أن تهدئة الوضع في اقليم الأهواز يحتاج الى خطوات عملية تتجاوز التصريحات و الخطابات و على الحكومة الجديدة أن تعمل على وقف انتهاكات حقوق الانسان و البدء بوقف الاعدامات الجماعية و اطلاق سراح السجناء السياسيين الاهوازيين و كذلك فتح المجال أمام القوى السياسية و فعاليات المجتمع المدني لبدء نشاطاتها و ذلك من أجل إثبات حسن نواياها لكي تبين إن تعاملها مع مطالب هذا الشعب تختلف عن سابقاتها برفع حالة القمع و البدء بالتعامل الايجابي البناء من خلال تنفيذ الوعود الانتخابية او الشعارات التي اطلقت خلال زيارة الرئيس روحاني و مشؤولي حكومته و على رأسها تخصيص مبالغ لاعمار الاقليم و العمل على ايجاد فرص العمل و البدء بتدريس اللغة العربية في المدارس كما وعد مساعد الرئيس لشؤون القوميات و غيرها من المطالب التي من السهل على الحكومة تنفيذها في هذه المرحلة.
أما الأهم من كل ذلك فهو الخطاب الذي جاء به " علي شمخاني " في زيارته الأخيرة للأهواز و التي سأتطرق إليها في الجزء الثاني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة