الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب: وجب انتظار ولوج الجمل في سمّ الخياط

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 2 / 8
الادارة و الاقتصاد


منذ 1956 ، لما قيل لنا أن البلاد استعادت استقلالها وسيادتها والمغاربة، الأغلبية الساحقة من المغاربة، عبر الأجيال المتتالية من ذلك اللحظة إلى يومنا هذا، ينتظرون ويسعون وراء تحقيق مطالب متعلقة بالعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية، غير أنه لا توجد معايير واضحة ومتفق عليها لقياس مؤشر الحرية والكرامة رغم منطقية المطالب والاتفاق عليها؛ فالعدالة الاجتماعية شعار براق لا يختلف حوله طرفان، لكن التحدي يكمن في كيفية تحقيق هذا الشعار وترجمته على أرض الواقع، وما يجب توفيره من سياسات وقرارات لبلوغ ذلك؟ وما هو ظاهر للعيان جملة من الحقائق لا يتناطح حولها كبشان، ولعل أهمها أن مصادر الثروة تمركزت بطريقة استبدادية منذ في أيد قلة ـ قليلة لا يكاد تبين ـ لكن لم يتم ولو مرة عبر هذا التاريخ العمل ولو مرة واحدة لإعادة النظر في القسمة ظيزى هذه، وهذا أمر يدعو للتفكير حقا كلّما تعلق الأمر بجدال حول ما تحقق فعلا على صعيد المواطنة والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، كل هذه المبادئ التي يتغنى بها الجميع اليوم.
وهناك حقيقة أخرى هي موضوع إجماع الاقتصاديين والمهتمين بالتنمية، ومفادها: لتحقيق الانتظارات الشعبية الذكورة أعلاه، فإن المدخل الملائم لتحقيق العدالة الاجتماعية هو زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين آليات توزيع الدخل؛ والارتقاء بالتالي بالمستوى المعيشي للمواطنين، وهو المعنى الضمني للتنمية الاقتصادية.
لكن السؤال الذي يسبق هذا كله، هو: كيف يمكن إحداث النمو الاقتصادي المرغوب، وضمان أن تكون نتائجه عنصرًا مساهمًا في تعزيز العدالة الاجتماعية، أي "نموًّا تضمينيًّا" يُدخل كافة الشرائح الاجتماعية في دائرة المستفيدين؟
لكن هل يمكن تحقيق تنمية اقتصادية تنعكس على كافة الشرائح الاجتماعية في ظل غياب تمثيل حقيقي عبر المؤسسات الديمقراطية والهيئات المنتخبة تضم أناسا دافعهم الفعلي هو تغيير الوضع الذي تبيّن أنه مجحف ولا زال منذ 1956؟
وقبل هذا وذاك، هل تحقق بلادنا نسبة نمو فعليا لكافة المغاربة؟ وإن كان الأمر كذلك أين آثار هذه التنمية منذ 1956 على البلاد وعلى العرمرم من ساكنتها؟
الداعي إلى هذا التساؤل ـ الذي قد يزعج الكثير من القائمين على الأمورـ هو أن الملاحظ على أرض الواقع أنه لا أثر للإصلاح المزعوم ولا أقل من معشار الوعود السخية البراقة، التي صمّت أسماعنا وتناسلت وتتناسل بمناسبة وبغير مناسبة... لا أثر ما عدا "سوف يكون" هذا ما يلاحظه العرمرم من المغاربة منذ 1956 .
ومع عدم معاينة أدنى تغيير في الجوهر وليس في العرض والشكل والخطاب والكلام، إن إشكالية العلاقة ما بين التحول الديمقراطي والتنمية باتت أكثر إلحاحًا اليوم أكثر من أي وقت مضى، حتى نظل في دائرة "الوجود الحضاري الإنساني" وليس على هامشه، ولا خيّار لنا إلا الفعل من أجل تحقيق منعطف فعلي. وعنوان هذا المنعطف هو: إعادة النظر في مفهوم الاستقرار المصحوب بالاستبداد ـ السياسي المغلف والاجتماعي والاقتصادي ـ والرضى بما يتحقق من نمو اقتصادي مشوَّه وموجه لخدمة فئات معينة، القلّة القليلة التي لا تكاد تبين منذ 1956 أي إعادة صياغة معادلة النمو والتوزيع على أسس جديدة، وهو ما يحتاج إلى وقت ولكنه يقود إلى ما يُعرَف بالاستقرار الدائم والنمو القابل للاستمرار المصحوب بتوازنات اجتماعية، وهذا قبل الحديث عن العدالة الاجتماعية والكرامة وكل الألفاظ الرنانة التي تأثث الخطابات؟ وهنا يدخل الوقت كعامل حاسم في تقرير البديل المطروح، ويرتبط ذلك بقدرة المجتمعات والدول على العبور من خلال المرحلة الانتقالية والتضحية على المدى القصير وربما المتوسط من أجل التأسيس للمرحلة الجديدة، لكن هذه التضحية، في حالة بلادنا معنية بها القلة القليلة التي لا تكاد تبين، لأن العرمرم من المغاربة أدى أكثر من واجبه من التضحية منذ 1956 إلى حد أنهم لم يجنوا إلا الشعور بالإحباط وبالتالي نكوص التحول المنتظر بفعل التفريط ـ بوعي ومع سبق الإصرار والترصد أحيانا كثيرة ـ في المواعيد مع التاريخ.
لا يخفى على أحد ـ رغم الصمت المطبق حول القضية ـ أن مصادر الثروة في المغرب تراجعت وانخفضت قيمتها وسائرة نحو المزيد من التراجع والتقلص، بمعنى أننا في طريقنا إلى المزيد فقر الدولة إن ظلت الأمور على حالها وإن بقيّ التكوين الهيكلي لمنظومة مصادر الثروة على ما هي عليه، وليس علينا إلا انتظار اكتشاف غازا أو بترولا، وهذا في حكم خبر كان إلى حد الآن.
إن متوسط معدل نمونا الاقتصادي ظل بين 3 و 5 في المائة على أكبر تقدير، وهو معدل مازال غير كاف للتقليص من معدل البطالة والفقر، ولن يتيح فرصة من اجل الاندماج في الاقتصاد العالمي وتبني إصلاحات هيكلية لجعل الاقتصاد أكثر تنافسية، وكذا إطلاق صيرورة التقعيد للعدالة الاجتماعية والكرامة على أرض الواقع المعيش.
أن السؤال البارز حاليا والذي يشغل بال الجميع، حاكمين ومحكومين، هو: إلى أين نحن سائرون؟ ولن تتوفر عناصر الجواب على هذا السؤال المركزي إلا بحضور الشجاعة على تقييم الوضعية الحالية وطبيعة الأزمة ومعيقات التنمية وعلاقة نهج تدبير الحكم بالإعداد للغد عبر تفعيل إستراتيجية للتنمية. لأن الواضح الآن أن المغرب مازال محكوما عليه أن يعيش أوضاعا صعبة في ظل غياب ما يمكن خوصصته في المزاد العلني في وقت تلاشت فيه قيمة ثرواته وتقلصت مصادرها بشكل لم يسبق له مثيل، هذا بحكم عجز منظومتنا الاقتصادية عن توفير الشروط لتحقيق نسبة نمو تفوق 7 في المائة سنويا على الأقل وهي النسبة التي من شأنها إحداث تنمية. إنه لغز صيرورة النمو بالمغرب.
وتثير جدلية النمو والتنمية مجموعة من التساؤلات تهم مدى واقعية ومحدودية معدل النمو الذي لم يتعد خلال العشرية الأخيرة 4.5 في المائة ومدى تحقيق الأهداف التنموية التي تصبو إليها السياسات العمومية التي تعاني إكراهات من قبيل ضعف نسبة تغطية في مجال الاحتياط الاجتماعي التي لا تتعدى حاجز 30 في المائة وعجز بنيوي للميزان التجاري يبرز محدودية تنافسية المقاولة المغربية وتصاعد نسبة بطالة بالنسبة إلى الفئات العمرية من 18إلى34 سنة .
فهل على عرمرم المغاربة انتظار ولوج الجمل في سمّ الخياط؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نسير الى الخراب
الصحابي عبدالرحمان بن عديس ( 2014 / 2 / 9 - 21:04 )
يسرقون رغيفك .... ثم يعطونك منه كسرة .... ثم يأمرونك ان تشكرهم على كرمهم .... يالوقاحتهم .


2 - okdriss
إدريس ولد القابلة ( 2014 / 2 / 10 - 14:29 )
مشكلتنا نحن العرب أننا لم نتعلم كيف نرد الفعل

اخر الافلام

.. متصل زوجتي بتاكل كتير والشهية بتعلي بدرجة رهيبة وبقت تخينه و


.. كل يوم - فيه فرق بين الأزمة الاقتصادية والأزمة النقدية .. خا




.. عيار 21 الآن.. سعر جرام الذهب اليوم الخميس 18-4-2024 بالصاغة


.. بينما تستقر أسعار النفط .. قفزات في أسعار الذهب بسبب التوتر




.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد