الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن مهمة الصراع الإيديولوجي وأولويتها

وديع السرغيني

2014 / 2 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


دفاعا عن مهمة الصراع الإيديولوجي وأولويتها

1. مجرد توضيح
بداية وقبل الخوض في هذا النقاش، والرد على ما قيل من افتراء وتجني في حق طلائع الحركة الثورية ببلادنا، في محاولة بئيسة وسخيفة من طرف جريدة "النهج الديمقراطي" لتشويه مساهمة الحركة، الميدانية والنضالية في المجالين السياسي والإيديولوجي.. نوضح بأننا لسنا من هواة الصيد في الماء العكر، وبأننا لا نغطي بهذا الدفاع، عن أية أخطاء أو مسلكيات تقوم بها بعض الاتجاهات داخل الحركة، ولا ندّعي بأي شكل من الأشكال، بأن ممارستنا نحن كتيار ماركسي لينيني ـ أنصار الخط البروليتاري ـ لا تشوبها أخطاء، أو هي محمية من كل المنزلقات.. بالعكس، وباعتبارنا تيار ميداني مشهود له بصداميته في الساحة، تيار له إسهاماته السياسية والإيديولوجية البيّنة، في مواجهة جميع أصناف الرجعية والظلامية واللبرالية.. تيار لم يتخلى أعضاؤه قط، عن تحمل مسؤوليتهم في الصراع ضد الاتجاهات الشعبوية والفوضوية والإصلاحية، داخل الحركة العمالية والاشتراكية، منذ بروزه وإعلان مبادئه وتوجهاته.. فتجربتنا هي حصيلة نقد ونقد ذاتي دائم، لا تمنع التحالفات والتوافقات العديدة والمتنوعة، التي يفرضها واقع الصراع والنضال الميداني اليومي.. ولا تخفي الانتقادات في حق الخصوم والأعداء والمؤقتين من الحلفاء.. تدعم جميع التيارات والمجموعات الثورية وتنسج معها التحالفات اللازمة "دون أن يؤول بها ذلك إلى مساومات أو إلى تنازلات في حقل النظرية والبرنامج والراية".
2. في سياق الردّ
ويبدو أن المعركة التي اشتعلت ضد الماركسية والماركسيين، في هذا السياق، قد اتسع فضاؤها، واخترقت مدافعها، بالتالي، أسوار الحركة التقدمية اليسارية، حيث يحمل الآن راية المناهضة والتشويه، "رهط" من دعاتها القدماء الذين نصّبوا لنفسهم عمودا ثابتا بالصفحة الثانية من جريدة "النهج الديمقراطي"، بعد أن تهاوت الأعمدة جميعها، الواحدة تلو الأخرى، ونقصد تلك التي كانت بمثابة الدعامات للتنظيم الماركسي اللينيني "إلى الأمام"، الذي استقطب العشرات وتعاطف مع خطه المئات من أجود الشباب الثوري والطلائعي، خلال فترة السبعينات والثمانينات، دون الحاجة للعلنية وما ارتبط بها من جريدة علنية ومقرات علنية وجمعيات حقوقية وتنموية، بدعم سخي مشبوه المصادر، لتغطية مصاريف السفريات والملتقيات والمخيمات والجامعات الصيفية والربيعية والخريفية..الخ
فبالرغم من الفهم البسيط والسطحي الأولي، الذي أبدته أطر وقيادات الحركة اليسارية السبعينية، تجاه الموضوعات الماركسية واللينينية، لم يكن حينها يتجرأ أحد من أقطابها وأتباعها على تصدّر المواجهة علنا، ضدها وضد كل من يعمل على نشر أطروحتها وتعاليمها الاشتراكية.
على عكس القادة الجدد الذين قطعوا بشكل جذري ونهائي مع خط المنظمة وتراثها، قادة "النهج" ـ الاستمرارية الوهمية لمنظمة "إلى الأمام" ـ فهم يعتبرون الدفاع عن الفكر المادي الديالكتيكي بمثابة إلحاد، والدعوة للثورة الاشتراكية مجرد يسراوية، والمطالبة بالإطاحة بالنظام القائم تطرفا يندرج في إطار الجملة الثورية وليس إلا، ورفض التنسيق مع القوى الظلامية، انعزالية وسوء تقدير لتراتبية التناقضات..الخ على هذا الأساس خضنا وما زلنا نخوض الصراع دفاعا عن مرجعيتنا الفكرية الماركسية اللينينية التي رسمت الطريق الذي ينبغي السير فيه، دون أن تتخلى عن تطوير نفسها باستمرار عبر البحث والدراسة والإبداع..الخ بأن شكلت مهام الماركسيين في التنظيم والدعاية والتحريض والتشهير السياسي، مبادئ ثابتة ومهام يومية دائمة، لا تقبل التهميش أو التأجيل، إرضاءا لخواطر الحلفاء السياسيين والطبقيين.. بدون إغفال منا لهذا التوجيه الحكيم "لنسر معا ولنكافح معا دون إخفاء الاختلاف في المصالح، ومع مراقبة الحليف بنفس القدر الذي نراقب العدو".
لقد تحملنا مسؤولية الدفاع عن الماركسية، وسنستمر في هذه المهمة، ولن نتراجع عنها إرضاء لأي كان ممن يتسترون عن جرائم التشويه والتحريف التي لحقت وتلحق بفكر الطبقة العاملة الطبقي، وبمشروعها المجتمعي الاشتراكي.. "فالقضية العمالية بحاجة إلى وحدة ماركسيين وليس إلى وحدة ماركسيين مع خصوم الماركسية ومشوهيها". وبالتالي، فحقنا في الصراع الإيديولوجي كواجهة من واجهات الصراع الطبقي تمليه علينا التزاماتنا الطبقية وطموحاتنا الثورية، التي تستحيل وتتحول إلى مجرد نزوة شبابية وحماسية، إذا لم تستند إلى نظرية ثورية هي الماركسية أولا، وهي اللينينية ثانيا والتي هي بمثابة ماركسية هذا العصر، عصر الإمبريالية وحكم صناديق المال والشركات العابرة للحدود والقارات.. فلا يمكن للمرء أن يكون اشتراكيا خلال هذا العصر وهذه المرحلة من تطور الصراع الطبقي في المغرب وغيره من بلدان الرأسمالية التبعية، دون أن يكون ماركسيا لينينيا، حاملا ومدافعا، وناشرا لهذا الفكر الذي يعبّر بصدق عن مشروع الطبقة العاملةن الطبقة الأكثر ثورية في التاريخ وفي العصر بالذات، الطبقة التي بيدها مؤهلات لا تحظى بها غيرها من الطبقات والفئات الشعبية الأخرى لإنقاذ المجتمعات، والبشرية جمعاء من شرور الرأسمالية، بدءا من الاستغلال والتطاحنات الطبقية والنهب والحروب المدمرة والأوبئة المبيدة والدمار وتهديد النوع البشري بالانقراض..الخ
فالهروب من الإيديولوجيا والصراع الإيديولوجي، كوصفة جديدة، لن يسقط البعض سوى في أتفه الإيديولوجيات وأشدها عداءا وحربا على الاشتراكية وعلى مشروع الطبقة العاملة المجتمعي، بما هو بديل ونقيض للرأسمالية.. وهي المهمة التي انخرط فيها وتحمل أعباءها عتاة التحريفيين الذين يحاربون الآن الماركسية باسم الماركسية والإنتماء "لليسار المناضل"، حيث لا نجد تفسيرا لفِرية العصر هذه.. أي أن يكون المرء يساريا ماركسيا دون أن يحارب البرجوازية وحلفاءها، اقتصاديا وسياسيا وإيديولوجيا!!
3. في صلب الموضوع
من ضمن الأسماء"النهجوية"، التي اختصت في هذه المهمة القذرة والطبقية، عبر فتح نار الحرب افتراءا وتشويها في حق الماركسية وفي حق مناضلي اليسار الحقيقي، المناضلين الاشتراكيين المناهضين للرأسمالية، "الحبيب تيتي" صاحب عمود من "وحي الأحداث" في الصفحة الثانية من جريدة "النهج".. ومن جملة ما يدّعيه في حملته ضد هؤلاء المناضلين، أنهم، أي الماركسيين، أخذوا على عاتقهم مهمة "خوض الصراع الإيديولوجي بدون هوادة" يعني بمبدئية وبدون تقديم تنازلات في النظرية.. حيث لا نستحي أحدا في هذا الالتزام الذي هو من صميم عقيدتنا الماركسية اللينينية، ولن نرضى في ذلك أي شعبويا انتهازيا، أو اجتماعيا ـ ديمقراطيا وصوليا وإصلاحيا.. لإخفاء ماركسيتنا، واشتراكيتنا، وطموحنا الثوري لتحقيق وبناء المجتمع الاشتراكي. فلا يمكن ولا يجوز لمناضلي الحركة الماركسية اللينينية أن يُقـْدموا على عقد تحالفات أو اتفاقات سياسية، دون أن تتوفر فيها الإمكانية لتبيان التناقض العدائي بين الطبقة العاملة وحلفاءها، ضد البرجوازية وحلفاءها وجميع المصنفات السياسية المدافعة عن الرأسمال والربح والاستغلال.. وإذا انعدمت الإمكانية وتشبث البعض، من روّاد المعارضة البراغماتية، بتحالفات هشة ولا مبدئية، من هذا النوع، فتلك هي الانتهازية المقيتة.. أمّا الترويج لها باسم "اليسار المناضل" وباسم قدماء "الأماميين"، فتلك هي التحريفية، والانحراف عن السكة الماركسية، والخيانة الصريحة للمبادئ وللشهداء..الخ
فنحن نعتز، مثلنا مثل العديد من التيارات والمجموعات والفعاليات اليسارية المناضلة، بانتماءنا للصف اليساري الاشتراكي، ولا نخفي أو نزدري اشتراكيتنا ودفعانا عن الطبقة العاملة وعن رسالتها التاريخية التي تؤهلها لقيادة جمهور الكادحين من أجل الثورة والقضاء على الرأسمالية.
بدون هذا الانتماء لن يكون سوى التيهان، والشعوذة التي تدعي عبر خطاباتها وتحالفاتها الغريبة، إمكانية القضاء على الاستبداد وعلى جميع مظاهر البؤس والحرمان الاجتماعي، دون القضاء على الرأسمالية ونظامها وطبقاتها.. إذ لا يمكن الحديث عن اليسار، وعن الاشتراكية، وعن الماركسية واللينينية، دون الاعتزاز بهذه النظرية الثورية التي من المفروض فيها أن توحدنا جميعا كاشتراكيين، باعتبارها الماعون الذي نغرف منه جميع معتقداتنا وأفكارنا، بهدف تطويرها وتطبيقها عبر أساليب نضالنا اليومية والصدامية..
فالادعاء بأننا نكتفي بهذا الصراع الإيديولوجي وننسى مهمة التغيير، لا يعدو مجرد افتراء وتجني صريح ضد المناضلين الماركسيين وجميع الطلائع المزعجة والمشوشة والفاضحة لمرامي البعض.. حيث أصبحت مهمة "النهج" داخل جميع الفضاءات والهيئات والتنسيقيات المناهضة للرأسمالية وللسياسات البرجوازية والإمبريالية، هي مراعاة مصالح الأحزاب البرجوازية، حيث تطالب الماركسيين بتجنب نقد الأفكار والسياسات، الذي يمكن أن يغضب هذه الأحزاب ويدعوها للانصراف وفض التنسيقيات.. ولم يتوانى زعماء "النهج"، في أكثر من مناسبة، عن حث الماركسيين ودعوتهم لعدم الإعلان عن ثوريتهم واشتراكيتهم، في محاولة يائسة لثنيهم عن رفع جميع الشعارات التي تفضح دكتاتورية النظام القائم، وتطالب بالثورة ضده وإسقاطه.. لاعتبارات مصلحية، جبانة وانتهازية، تستبدل النضال الطبقي بالنضال الاجتماعي البرجوازي، الخالي من أي التزام تجاه الطبقات الشعبية الكادحة ومصالحها وحقها في النضال من أجل التغيير.. أما الغريب فهو أن تكون التبريرات سببها التخوف من انصراف الأحزاب والعزلة، تارة، وأخرى بسبب التخوف من انصراف الجماهير التي تخيفها شعارات الثوريين حسب هراء "النهج" الذي لن يصدقه عاقل. فباسم مناهضة المخزن والفساد، والهرولة من أجل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، والسعي لتحقيق دولة الحق والقانون إلى آخره من اللغو والتهريج، يدعونا "تيتي ومن معه" للتفريط في حق الحركة الاشتراكية في الاستقلال والوجود السياسي والفكري والميداني.. وتحويلها لمجرد حركة ذيلية لأي كان من "معارضي النظام" حتى لو كان ظلاميا معاديا للحرية والتقدم والحداثة..الخ فأمريكا ومخابراتها ثم الإمبريالية جمعاء، بالإضافة لجميع الأصناف الظلامية الإرهابية، معارضة للنظام السوري دون أن تكون صديقة للجماهير السورية أو صادقة في التعبير عن مصالحها وقضاياها وطموحاتها..الخ نفس الشيء بالنسبة لبشار ونظامه المعادي "للإمبريالية والصهيونية والرجعية" ومع ذلك فهو نظام فاشي دموي لا يتوانى عن تقتيل الجوعى والبؤساء من شعبه دفاعا عن حكمه البرجوازي المتعفن.
فلن يصيبنا العياء، أو الملل من الإعادة والتكرار لتعاليمنا الماركسية، التي نبّهت ذات يوم بأن أخطر من يشوه الماركسية هم المتكلمين زورا باسمها، فمن لا يعترف، ولا يقتنع بأنه لا وسطية في الصراع الإيديولوجي الطبقي، فهو خارج الماركسية باعتبارها فكرا طبقيا.. فإما أن تدافع عن الإيديولوجية البرجوازية، وإما أن تنحاز للإيديولوجية العمالية الاشتراكية. ففي ظل مجتمعات الطبقات والصراع بين الطبقات، والحال أن الجميع يعترف بأن المجتمع المغربي يتشكل من طبقات متعارضة المصالح، حيث لا توجد إيديولوجية خارج الطبقات أو فوق الطبقات "فكل انتقاص من الإيديولوجية الاشتراكية، وكل ابتعاد عنها هو في حدّ ذاته بمثابة تمكين للإيديولوجية البرجوازية وتوطيدها"
4. "النهج" يعمق نظرية المؤامرة
فمن "وحي الأحداث" وتواترها يبدو أن أزمة "النهج الديمقراطي" قد تعمّقت، هذا الحزب الذي ادّعى ذات يوم بأنه استمرارية للحركة الماركسية اللينينية المغربية ولمنظمة "إلى الأمام"، وهي ترّهة اختلقها البعض وروّج لها ثم وثق فيها لحدّ أصبح يعتبرها هي الحقيقة نفسها.. أمّا الحقيقة فلا تعدو سوى أن بعض العناصر "الأمامية" القديمة، بعد أن ارتدّت وتراجعت عن خط المنظمة الثوري، عانقت الإصلاحية والإصلاحيين، لحد فقدان البوصلة ثم التيهان الفكري والسياسي، الذي أدّى بهم للسقوط في أخطاء قاتلة وتجريبية مميتة طالما برّروا تداعياتها بالمؤامرة عليهم.. بل ذهبت بهم تجربتهم لحد عقد المصالحة والمهادنة والتحالف مع أعتى الرجعيات الظلامية والإرهابية، المتمثلة في جماعة العدل والإحسان وخفافيش التيارات السلفية الجهادية.
ولم يجد الحزب في خضم هذه الأحداث من وسيلة للتنفيس عن أزمته، سوى البحث عن مشاجب يعلق عليها منزلقاته وتعثراته، بعد أن صُدّت الأبواب في وجهه، وانفرط من حوله الجميع، اليمين واليسار، الإصلاحيون والثوريون.. ليجد ضالته في حملة التشويه الممنهجة في حق الماركسية والماركسيين مبخسا مجهوداتهم النضالية الميدانية، ومشككا بشكل مقيت في هويتهم بدأب وانتظام، وبنية العزل والاجتثاث.. وهو الشيء الذي جسّده في خطابه الانتحاري الجديد، الذي يقوده المدعو "الحبيب تيتي" متماديا في حرق ما تبقى من مراكب مثقوبة، من ورائه وعلى يمينه ويساريه، بشكل مثير وانهزامي لا يخرج عما عوّدنا عليه الحزب منذ السنوات الأولى لتشكله.. وهو الخطاب الذي ما فتئ أن وضع الحزب في منزلة ما بين البينين، متخيلا زعامة وهمية لا وجود لها سوى داخل بعض الأدمغة وفقط. هذا الوهم الذي لاحقه منذ التأسيس والتجميع الشهير، فهو مرة زعيم للتحالف الإصلاحي المسمّى "تيد" ـ تجمع اليسار الديمقراطي ـ وأخرى زعيم لليسار الجذري المناضل.
فـ"تيتي" الذي استفاق بعد دهر من السبات والانبطاح، وقف فجأة على حقائق خطيرة تعيشها بعض الإطارات، وكأنه اكتشفها للتو. حقائق عن البيروقراطية المتفشية في كـ.د.ش، وأخرى عن "منتدى الحقيقة" الذي أسقط رهانات "النهج" في الوحل مرة أخرى، رهانات لطالما ركـّزت حساباتها على بعض الإطارات النخبوية وعلى الواجهة الحقوقية التي يعتبرها "النهج" واجهة أساسية "للنضال" باسم الماركسية وباسم العمل الثوري وبهدف التغيير الجذري..الخ وهو تشويه سافر للماركسية وللنضال الطبقي، لم يتأخر قط المناضلون الماركسيون عن مواجهته وفضحه باعتباره انحراف وتحريفية صريحة.
فبعد عملية الإقصاء والطرد الذي لحق بعض القياديين الحزبيين من نقابة إ.م.ش والذي لقي الاستنكار والإدانة من جميع مكونات الحملم، والحال أن حملة الطرد "والتنظيف" شملت مناضلين آخرين من تيارات ماركسية وعمالية أخرى.. وما نتج عن هذه العملية من حالة ارتباك فظيعة وضع الحزب نفسه فيها، يعني وضع الزوجة الغضبانة "لا هي متزوجة ولا هي مطلقة".. فتارة يعلنون الانسحاب، وأخرى يتشبثون بالانتماء لإ.م.ش.. ياتي دور كـ.د.ش المركزية النقابية الثانية بعد إ.م.ش، من حيث القوة وعدد المنخرطين والقاعدة العمالية المستهدفة من طرف الماركسيين، فالمركزية المعنية عقدت مؤتمرها مؤخرا دون أن يحظى "النهج" بأي مقعد في القيادة التي يعينها عادة زعيم النقابة "نوبير الأموي" حسب معاييره الخاصة! لتفتح النيران ضد النقابة، بعد أن اكتشف "تيتي" بقدرة قادر، وببركة "الوحي" الذي ينزل عليه مرة كل شهر وهو مستند على عموده، حجم البيروقراطية داخل هذه المركزية، وانعدام الديمقراطية، واتهامات أخرى بالاستسلام والتعاقد مع الباطرونا وجهاز الدولة..الخ بعد أن قبل "النهج" بآلية الكوطا لسنوات، وبتمثيلية في القيادة دون أن يمتلك أية قاعدة وسط النقابيين تؤهله لذلك الموقع في المسؤولية ـ حالة مصطفى البراهمة زعيم الحزب الذي يتحمل المسؤولية في القيادة النقابية والحال أنه يتولى منصب مدير جهوي بشركة العمران بالجنوب!ـ فماذا تبقى من رهانات وحسابات "النهج" بعد هذا الإقصاء الممنهج؟ ألم يحن الوقت بعد لتقييم وتقدير هذا الإطار والحزب الذي يسيّره في الأصل؟ حزب الأموي "المؤتمر الاتحادي" صراحة، والذي يعتبر شريكا "للنهج" في ائتلاف "تيد" قبل أن يهمشكم هو الآخر ليؤسس فدرالية ثلاثية لليسار الديمقراطي من أحزاب "المؤتمر" و"الطليعة" و"الاشتراكي الموحد"! ألم تتهجمون سابقا على جميع منتقدي هذه التجربة، ونعتموهم باليسراويين الذين لا يفهمون ولا "يقشعون" في تراتب التناقضات، بين الرئيسي والثانوي، منها؟ أين هي الموضوعية إذن؟
في نفس السياق وبنفس التصور انهزم "النهجويون المقاعديون" في اقتحام القيادة التنفيذية لجمعية "منتدى الحقيقة والإنصاف"، وهي جمعية نخبوية تعتني بمشاكل عينة خاصة من المعتقلين السياسيين السابقين، أي الذين سبق وأن تم اعتقالهم لأسباب سياسية ما بين فترة 56 و1998.. جمعية لا علاقة لها بالإطارات الجماهيرية أو شبه الجماهيرية وفق التصور الماركسي اللينيني.. فخلال المؤتمر الأخير الذي لم تمر عن انعقاده سوى أيام، لم ينل أعضاء "النهج" ثقة المؤتمرين بالنظر لما لهؤلاء المؤتمرين من مصالح خاصة وبعيدة عن تصور "النهج" لهذا المنتدى، وهو الشيء الذي لم يفصح عنه "تيتي"، مقدما صورة خاطئة عن المؤتمرين وكأنهم مغرر بهم، والحال أن غالبيتهم الساحقة معتقلون سابقون ومناضلون معارضون للنظام السياسي القائم في فترة معينة من التاريخ السياسي للمغرب.. حاول "تيتي" أن يظهر هؤلاء المؤتمرين بأنهم مسلوبي الإرادة، قاصرين، يكفي أن يتشكل تكتل سياسي داخل المؤتمر ليجردهم من استقلاليتهم ويجبرهم بالتالي على قبول اختياراته وتحالفاته وتموقعاته..الخ والبقية تأتي.
بعدها أتى دور حركة 20 فبراير لتفتح النيران ضد حزبي "الطليعة" و"الاشتراكي الموحد" وهي القوى المعنية بدعم الحركة، بالرغم أن "تيتي" تفادى ذكر الأسماء.. فبجرة قلم أصبح الحزبان فجأة يحاربان الحركة خدمة لتطلعاتهما الانتخابية، هكذا إذن! فلم تكن معروفة لدى "النهج" التزامات هذا الحزبين وطبيعتهما الانتخابية، إلا في اللحظة الحالية!! وماذا عن جماعة "العدل والإحسان" الظلامية، أمن السهو سقطت من لائحة المغضوب عليهم؟! ألم تكن هي الجهة الرئيسية المدعـّمة لحركة 20 فبراير؟ ألم تنسحب في بداية الطريق؟ ألم يترك انسحابها أي ضرر على واقع ومستقبل الحركة؟ ألم يحن الوقت لفتح نقاش واسع حول أوضاع الحركة التي ما زالت تصنـّف بأنها جماهيرية وجذرية وثورية..الخ وفي نفس الوقت تحتاج للدعم من طرف قوى معادية للثورة والتغيير الديمقراطي والتقدمي؟! هو ذا التحليل وهو ذا الفكر وإعمال العقل، وهي ذي مراعاة طبيعة التناقضات، وإلا فلا!
4. في الصراع بين التحريفية والماركسية الثورية
وبعد تقييمه لهذه الاتجاهات والأحداث، وبلغة العلاّمة الفقيه الذي يمتلك الحقيقة أو هكذا يخيّل إليه، إذ أن الحقيقة كانت وما زالت في فهم الماركسيين دائما نسبية وثورية.. وحين اعتبر نفسه بأنه صفـّى حساباته مع "رهط المتخاذلين"، انتقل الفهـّيم الذي ادّعى إتقان "إعمال الفكر والتحليل للتناقضات وترتيبها حسب ما يخدم تقدم النضالات"، "للرهط" الآخر الذي لا يجيد في نظره سوى المزايدة بالجملة الثورية!!
فبنفس النبرة الهستيرية، التي أصبحت الجريدة تستعملها لمدة، في حق المجموعات اليسارية الثورية ومجموع تيارات الحركة الماركسية اللينينية، التي تختلف مع خط "النهج" وتنتقد توجهه الإصلاحي الانتهازي، صبّ المسمى "تيتي" جام غضبه، متهجما على حركة مناضلة لها وجودها الفعلي والبيّن في الساحة، السبب الوحيد والأوحد لهذا التشنيع، في نظرنا، هو الدور الذي تلعبه هذه الحركة في فضح جميع القوى الإصلاحية والانتهازية، مستعملا جميع الأساليب الحقيرة والنعوتات القدحية والتشهيرية، التي لا تليق بمناضلين يدّعون النضال من أجل الديمقراطية أو حرية التعبير والحق في الاختلاف..الخ حيث ذهب "تيتي" في حملته لحدّ التشكيك في هوية تيارات مناضلة، يعلم جيدا بتواجدها ومواظبتها على ميادين الفعل والاحتجاج، دون أن تعلم هي أي شيء عنه، سوى إطلالته الشهرية من خلال العمود البئيس، أو عبر مداخلاته النابية، على صفحات الفايسبوك.
فإذا كان النقد لزاما علينا كمناضلين ثوريين، في إطار من النقد والنقد الذاتي الدائمين، فليس من أفواه الإصلاحيين سنتعلم الفرق بين الصراع الإيديولوجي والجملة الثورية، وليس من أفواه عتاة الإصلاحيين الغير مبدئيين، الذين يذكروننا بشعار "الحركة كل شيء والهدف لا شيء" في محاولة بئيسة لطمس الدور الذي يلعبه الصراع الإيديولوجي في تصحيح الأفكار والرؤية والممارسة..
لقد اعتبره الماركسيون، عن حق، واجهة من واجهات الصراع الطبقي الثلاثة، إلى جانب الصراع السياسي والصراع الاقتصادي، بالرغم من هذه القناعة، فنحن لا ننكر وجود أصحاب الجملة الثورية، وهم قلائل، في صفوف رفاق الطريق، ولا ننفي وجود بعض النزعات الرفضوية والفوضوية داخل حركة اليسار، بما تعبر عنه من أزمة نمو في جسم الحركة الثورية عموما، ولا ننكر كذلك غياب البرنامج، بالدقة والوضوح المطلوب، لدى عدة مجموعات من التي تعلن انتماءها للحملم، مكتفية في غالبيتها ببرنامج السبعينات برنامج "الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية" دون تعديل أو تطوير.. وهي نواقص ونقط ضعف نعمل جميعا من أجل تجاوزها عبر النقاش والصراع الإيديولوجي المبدئي الواجب في صفوف "رفاق الطريق"، دون أن نهوّل من حجمها ودون أن نبخـّس من مجهودات وعطاءات المناضلين أو نفتح الباب للتبريرات الانبطاحية والانهزامية، أو مدّ الأيدي لأي كان "يعلن المعارضة والعداء للنظام" أو التغيير حتى.. حيث بات من المطلوب توضيح أي تغيير نريد، ولمصلحة أية طبقات نكافح من اجل تغيير أوضاعها.
إذ من المعلوم لأي مناضل بنى وصقل تجربته في الميدان فعلا، بأن من يمارس يصيب تارة ويخطأ أخرى، لا محالة. وسياط النقد لا تتوجه سوى لظهر من يمارس، ومن يزعج فعلا النظام وسلطاته القمعية، وهو من يكون مستهدفا بالاختراقات البوليسية التي تؤدي مفعولها بالتضييق والمتابعة والسجن في آخر المطاف. وهو الحال الذي تعيشه فعلا قوى اليسار الثوري والحملم، دون أن تتهاون في رصد المخبرين وجميع العناصر المتعفنة والمشبوهة، لطردها من صفوفها.. فمناضلي الصالونات والخمارات والقافلات وسفريات التكوين الحقوقي والجمعوي التنموي بأوربا وأمريكا.. لا دخل لهم بالاختراقات، وسيظلون، ما داموا على العهد أوفياء لمبدأ عدم المس بمصالح، الرأسمال، بعيدين كل البعد عن الاختراقات والاستهدافات..الخ
فبدون حياء، يتكلم بخبث من كان له، صدفة في يوم من أيام المراهقة، انتماء لمنظمة ثورية يحترم الجميع رصيدها وخبرتها وشهداءها، عن الصراع السياسي والإيديولوجي بأنه مجرد فتن يتم توظيف المناضلين المبدئيين لزرعها.. ودون حياء مرة أخرى، يعتبر طموحنا من أجل الثورة والتغيير مجرد أوهام، ومجرد دوغمائية ودفن النفس في الكتب.! فحبذا لو كنا جميعا نقرأ بتمعن تلك الكتب المخيفة، وحبذا لو قرأت أنت بالذات ما يكفي من تلك الكتب المفيدة، خلال تلك السنوات التي أمضيتها في السجن، والحال أننا على علم بأن القليل فقط، هم من كانوا يقرؤون ويكتبون ويساهمون في النقاشات، ومتابعة الأوضاع السياسية والنضالات الاجتماعية الدائرة ببلادنا.. فالعديد من المحبطين والمرتدين، دفن رأسه في أمور أخرى، يعد الأيام والأسابيع والشهور، دون أن يبالي بما يقع خارج أسوار السجن.
فنحن نستحي من التشكيك في نضالية وصدقية "رفاق الطريق" لمجرد اختلافنا معهم في بعض المواقف والتاكتيكات، أو المفاهيم حتى.. والحال ان غالبية المناضلين المعنيين، من تيارات ومجموعات الحملم، مو الآن إمّا في السجون، أو في حالة متابعة، أو متواجدين جنبا إلى جنب "النهج" وأحلافه داخل حركة العشرين.! إنها لسفاهة وحقارة قلّ نظيرها، تذكرنا بالحملات التي كانت تقودها العناصر الاتحادية خلال مرحلة السبعينات، بقيادة لشكر والصبار وخيرات وبوبكري وآخرين من نفس الحزب ومن حزب التقدم والاشتراكية، في حق مناضلي ومناضلات "إلى الأمام" و"23 مارس" و"3 مارس" و"لنخدم الشعب"، بأنهم عملاء للنظام، وللجنرال السفاح أفقير، ولجبهة البوليساريو، ولأجهزة المخابرات.. إن لم يكونوا هم نفسهم مخبرين.! حيث تفتقت عبقرية العناصر الاتحادية حينها، وربطت بين المد الطلابي الذي تزامن مع عمليات الانقلاب وانطلاق النضال المسلح في الأطلس المتوسط والمغرب الشرقي.. معتبرة هذه النضالات بأنها تمت بتنسيق محكم بين الحملم السبعينية واليسار الاتحادي والجنرالات المدبرة للإنقلابين الفاشلين.. فبنفس المنهجية كانت شعارات "إعمال الفكر والتحليل للتناقضات وترتيبها.." حجة وتبريرا لكل حملات التشهير التي لحقت حينها جميع المناضلين والمعارضين الحقيقيين للنظام، الذين أجهدوا النفس فعلا، فكرا وممارسة، للنضال من أجل التغيير والقضاء على نظام الاستبداد والاستغلال القائم.
5. خطاب الأزمة، وبؤس الحلول
فلم تكن خطبة الأزمة التي يتخبط فيها اليسار، سوى ذلك الحق الذي أريد به الباطل والتجني الحقير في حق مناضلين يعرف الجميع أنهم ككل الطلائع الصدامية في جميع ساحات النضال وفي جميع بقاع العالم، بأنهم سيخطئون مرات وسيصيبون مرات أخرى.. وإذا كانت الأخطاء تبدو هي الكثيرة، فمرد ذلك ليس للأسباب التي قدّمها "أبو العرّيف" مالك الحقيقة.. فالأسباب يعرفها ويقدرها الماركسيون اللينينيون، دون أن يغضوا الطرف عنها، ودون أن يعملوا على تشجيعها، بل يعملون ما في وسعهم لتجاوزها والتغلب عليها، ويرجع ذلك الفضل لمنهجيتهم العلمية وبفضل التراث العمالي اللينيني الذي يرعب فرائصكم، وهو المحفوظ في الكتب والمجلدات وذاكرة القادة الثوريين الذين لم يقلبوا المعاطف في أول امتحان.. فنحن بحق "دوغمائيين" يفتخرون بمرجعيتهم الثورية ولا يزدرونها في أو لنقاش أو صراع فكري طارئ، مقتنعين ببرنامجنا الثوري الاشتراكي ولا نشكك لحظة، في قدرات الطبقة العاملة ومؤهلاتها الفريدة.. عازمين على بناء الأداة الثورية، حزب الطبقة العاملة المستقل، نظريا وسياسيا وتنظيميا، عن جميع الطبقات الثورية الأخرى المضطهدة والمناهضة للرأسمالية، حزب ماركسي لينيني بروح ومنهجية "بما نبدأ؟" و"ما العمل؟" و"رسالة إلى رفيق" و"خطوتان"..الخ حزب له بالإضافة لمنطلقاته المرجعية الواضحة، هدفه الإستراتيجي الواضح والمتمثل في إسقاط النظام الرأسمالي وتشييد الاشتراكية. أما خطه السياسي فسيبنيه المناضلون والمناضلات في معمعان الأحداث الثورية، وفي جميع فضاءات الصراع الطبقي تقييما ومتابعة ومساندة وتنظيما وتأطيرا لجميع النضالات الطبقية اليومية التي تخوضها جماهير شعبنا الكادحة وغير المالكة، من طبقة عاملة صناعية وزراعية، وفقراء الفلاحين وصغار التجار والحرفيين والموظفين والمستخدمين، وسائر فئات المعطلين وجميع المحرومين والمهمشين..الخ
"فتجديد الدماء والارتباط مع أوسع الفئات الشعبية" طموح لا يتحقق ولن يتحقق بهذه الأساليب المنحطة والمشبوهة.. فمن له العلم باختراقات المخابرات لهاته المجموعات المناضلة، لا بد وأن تكون مصادره عليمة واستخباراتية لأقصى الحدود.. ومن عانى في عمله السياسي والنضالي، من اختراقات البوليس للفضاءات والتنظيمات المناضلة، يعلم جيدا أن المخابرات لا تستهدف سوى البؤر المكافحة والقادرة على نشر"وباء" الثورة و"وباء" الاشتراكية..الخ "وباء" العداء للنظام وحماسة النضال من أجل إسقاطه.. فحيثما تواجد هؤلاء "المؤيدون" الذين يعملون ليلا ونهارا على نشر عدوى الفكر الاشتراكي الثوري المناهض للرجعية ولجميع مصنفات الإصلاحية والانتهازية.. حتما سيتواجد المخبرون، وسينصبوا الشباك، وسيتلقفون البعض من المناضلين، حيث النماذج حية، الآن، في شكل مجموعات معتقلة بشتى السجون، تنتمي لهذا التيار أو ذاك، أو لهذه المجموعة أو تلك.. تعاني البرد والقمع والحرمان..الخ
فلا يمكن لعاقل أن يقبل بخلاصات "تيتي" المقلوبة سوى التافهون والمستبلدون من جماعة "أنصر أخاك..".. فالادعاء بأن هناك "رهط" من المناضلين "عبارة عن لعبة يوظفها خبراء المخزن"، "لا يجيدون سوى الجملة الثورية وزرع الفتن وتفجير التناقضات وسط المناضلين ومنع الحركة الطلابية من الالتحاق بحركة العشرين..الخ" هو مجرد هراء، وتزوير للحقائق التي تقول بأن 90% من المعقلين السياسيين في سجون النظام ينتمون لهذا "الرهط الموبوء"! معادلة لا قدرة لتنجيم ووحي "تيتي" الخارق على حلـّها، لأن "تيتي" لا يفهم وعاجز عن فهم إحدى الحقائق الصارخة والسافرة، التي هي أن النظام لا يعتقل أصحاب الجملة الثورية والزعيق الثوري حتى، بل يعتقل أصحاب الممارسة الثورية المستندة إلى النظرية الثورية الماركسية اللينينية في عصرنا هذا، عصر الإمبريالية، كأعلى مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية، وكعشية للثورة الاشتراكية.
6. حين تصبح التجريبية إبداعا في نظر "النهج"
فعلى ذكر الإبداع الذي تكلم عنه "تيتي"، وهو الإبداع البعيد عن عدوى "الدوغمائية والجملة الثورية" طبعا، نتساءل وبحرقة عمّا هو الجديد من إفرازات هذا الإبداع الذي تدّعونه، وعمّا هي برامجكم العملية والميدانية في إطار تجديد "المهام العاجلة" واحترام تراتبية التناقضات؟ وعمّا هو السّر في إعلان هذه الحرب المفتوحة على الأموي و"كدشته"، وعلى 20 فبراير ومجلس دعمها، بما هي حرب على حزبي الطليعة والاشتراكي الموحد؟ وعلى المنتدى وإ.م.ش ونقابة التعليم العالي واتحاد المهندسين..الخ؟
ماذا جرى بالضبط وأين هي تقييماتكم لمختلف المبادرات التي ناديتم بها سابقا أو انخرط حزبكم في مسارها وظلماتها؟ وأين وصل شعاركم المنادي بـ"جبهة للنضال الشعبي" ببرنامجه الإصلاحي الصريح؟ أسئلة كثيرة، محرجة، والأكيد أننا لن نلقى لها إجابة عند الحزب ومنظريه، بل ما نجده في الغالب هو الإجابات المتناقضة ومنهجية التبرير والمؤامرة.. ودليلنا في ذلك مقالات الجريدة ومقالات بعض قياديي "النهج" على صفحات الفايسبوك وأعمدة "الوحي التيتية".!
فهل هي الأبوية والأستاذية التي تدفع بدهاقنة "النهج"، وبـ"الرهط" الشرس داخل قيادة الحزب، لحدّ المنع عن المناضلين والمناضلات الحق في انتقاد حركة العشرين كمرجعية، وكتصور، وكبرنامج، وكأهداف..الخ ولحدّ مهاجمة وتخوين الرافضين للالتحاق بصفوفها، بدعوى هيمنة الرجعية والإصلاحية والظلامية على مجالسها وتوجهاتها وأفكارها وشعاراتها؟ وهي حقيقة لا يجادل فيها سوى جاهل أو مزيف للحقائق. وهل يمكن أن يصل بنا "إعمال الفكر" لحدّ إنكار هيمنة جماعة "العدل والإحسان" الظلامية على حركة العشرين، وعدم تقدير ضرر ومضاعفات هذه الهيمنة على الحركة؟ فكان أن عجـّلت الجماعة بإقبارها عبر انسحابها وسحب ذيولها من ساحات وميادين الاحتجاج والمسيرات.. وكان أن صدق بالتالي تقدير الرفاق المنسحبين والرافضين!
فـ"إعمال الفكر" لا يمكن أن يقبل بأية حقيقة، سوى تلك التي تؤكد بأنه إلى جانب "الجماعة" تحالفت وتآلفت قوى المعارضة الإصلاحية المتمثلة في "النهج" و"الطليعة" و"الاشتراكي الموحد" و"المجموعات التروتسكية".. من أجل السيطرة المطلقة على هياكل ومجالس وتنسيقيات الحركة، وما عدا هذا الحلف اعتبر في عداد "البلطجية والمخبرين"..الخ إلى أن اختنقت الحركة وتراجع فعلها. ولتغطية هذا التراجع، تم اللجوء للأيام الدراسية والنقاشات الداخلية والملتقيات الفكرية والسياسية.. التي لا يحلو "للنهج" ويتهرب منها، بدعوى "الاتجاه لتغيير الواقع عوض الصراع الإيديولوجي بدون هوادة". فهو يخاف حقيقة من صراع أفكاره وخطه السياسي من لدن المناضلين الذين لا يجدون صعوبة في انتقاد ونقد وفضح "النهج والنهجويين".
فأين هي برامجكم وإبداعاتكم إذن؟ إن لم تكن شبيهة لكوارثكم بمنطقة الشمال حيث يبدع القادة "الأماميون" السابقون، بدون هوادة، في ميادين التنمية البشرية! وحيث انتصب "النهج التنموي" كفاعل وسط شبكة الجمعيات الباحثة باستماتة عن "الدماء الجديدة".. جمعيات عابرة للقارات، لا حد لها من الإمكانيات، بالنظر لقدرات مصادر التمويل وحجم التمويل، المشبوه في آخر المطاف، حيث "الدماء الجديدة" سارية وجارية في شرايين "النهج" بحثا عن من يوظفها ـ بمعنى العمل والشغل ـ أو يكلفها بمهمة في إحدى مدن إسبانيا، إنقاذا من البطالة وتوسيعا لقاعدة "الحزب".!
أين هي برامجكم وسط الحركة الطلابية والجامعية عموما، بعد الإشفاق الذي أبديتموه على حالها، وهي في وضع حصار من طرف أنصار الجملة الثورية، بعد أن منعوها من الالتحاق بحركة العشرين؟ وإنه لمن المضحك والمحبط في نفس الوقت أن يتم التصريح بهكذا مواقف وتقديرات، والحال أن أوضاع الحركة الطلابية معروفة الآن، ولا احد يمكنه الإدعاء بقدرته على التحكم في الحركة الطلابية ومسارها، سوى المفصولين نهائيا عن الحركة والواقع ومجالات النضال والصراع الطبقي في المغرب.
كان لا بد وقبل توجيه اللوم للآخرين أن توضحوا طبيعة مساهمتكم في الحركة الطلابية منذ كارثة "كراس 84"، وبعدها كارثة اللجن الانتقالية 89/90، إلى الآن.. من أجل قيادة الحركة وتوجيهها من اجل نيل مطالبها البسيطة بما هي نفس مطالب الجماهير الطلابية، قبل الادعاء بالإخلاص "للتغيير الحقيقي ببلادنا". إذ على مدى ست سنوات من تشكيل تنسيقية 23 مارس التي التأمت بداية حول نقطتين اثنتين: 1) نبذ العنف بين الفصائل الطلابية المناضلة. 2) توحيد نضالات الحركة الطلابية بما فيها النضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين.. تلكأ "النهج" منذ انطلاق النقاش حول المبادرة، وما زال فصيله الطلابي ولحد الان يتردد ويشاور ويناور، دون أن يعلن التحاقه رسميا بالتنسيقية، التي فتحت ذراعيها لجميع الفصائل التقدمية الناشطة بالجامعة بغض النظر عن حجم تمثيليتها في الجامعة أو في كلية من الكليات حتى! بغرض تنسيق النضال والعمل الوحدوي والمشترك لتجاوز أزمة الحركة والنضال الطلابي.
7. خلاصة أولية
هذا غيض من فيض وليس إلا، حيث كان من الممكن أن يعفينا "تيتي" من تقديم هذه الانتقادات المباشرة والجارحة أحيانا.. فالواجب على "تيتي" التريث وعدم المغامرة والمقامرة بحزبه، فمن له بيت من زجاج، فعليه أن يفكر ألف مرة قبل رمي جيرانه بالحجارة خصوصا ان البعض من الجيران ليس لديه ما يخسره لأنه يسكن براكة من قصدير أو يبيت في الشارع.. فحذار من المعارك الخاسرة، فالمعركة الآن فتحت على الآخر، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.. ضد الإمبريالية وضد الرأسمالية وشركاتها العابرة للقارات وصناديقها المالية المسيطرة، إذ لم يعد هناك من خيار سوى النضال من أجل القضاء على الرأسمالية نهائيا وبناء الاشتراكية، حيث لا يمكن للثورة الاشتراكية أن تتحقق إلا بتحالف بين الاشتراكيين الحقيقيين بعيدا عن وضد المناهضين للثورة وللاشتراكية.

وديع السرغيني
يناير 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر