الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تستحِ، وإسرق ما تشاء فتنشره الصحف العربية

فدوى فاضل

2014 / 2 / 13
الادب والفن



بعد نشر الحوار الذي اجريته مع الفنان نور الشريف على موقع الحوار المتمدن، وصلني العديد من الايميلات تحمل نفس السؤال "لماذا لم أنشره في احدى الصحف المطبوعة"؟ منذ فترة ليست بالقصيرة توقفت تماما عن النشر في الصحف العربية المطبوعة،لأسباب عديدة منها احتكار النشر لأسماء معينة فقط، تجاهل الايميلات وعدم الرد على الكتّاب الذين يرسلون المواد اليكترونيا، إهانة الكتّاب بدفع مكافآتهم (اذا تم دفعها) بعد المحاولات العصيبة للاتصال بالجريدة - والتي قد تستمر الى اكثر من سنة. لكن الأهم من ذلك كله هو أن الصحافة العربية المطبوعة (ولا أستثني أحدا) فقدت مصداقيتها تماما خصوصا وانها أقّل كثيرا من حيث المستوى والتنوع المعرفي بالصحافة الاجنبية التي صارت متاحة للجميع بفضل الانترنت.

أنا لا اتحدث هنا عن المصداقية والتنوع فيما يتعلق بالتوجه السياسي للصحف و ما ينشر في هذه الخانة، فهذه مفقودة منذ زمن، انما عن سرقة وانتحال النصوص وإعادة نشرها في الكتب والصحف العربية بنسبتها لشخص آخر.

كتب الدكتور رشيد الخيون كثيرا عن هذا الموضوع وفضح العديد من لصوص "الحرف والفكر"، ونادى بضرورة وجود قوانين رادعة في الدول العربية لهذا النوع من السرقات، كما هو الحال في الدول الغربية. الدكتور الخيون ذهب ابعد من ذلك في هذا الموضوع المهم مطالبا الفقهاء بمساندة القانون لحماية الإبداع الفكري وعدم التساهل مع منتهكي حقوق الملكية الفكرية (الشرق الأوسط – عدد 9021). الغريب في حالة الدكتور رشيد ان يقع هو نفسه ضحية لهذا النوع من الجرائم. بمحض الصدفة يكتشف الدكتور رشيد ان مقدمة كتابه "معتزلة البصرة وبغداد" الصادر عن دار الحكمة (1997)، والتي تتجاوز الاربعة الاف كلمة، منقولة حرفيا كمقدمة لكتاب "المعتزلة ثورة الفكر الإسلامي الحر" للأب سهيل قاشا، والصادر عن مكتبة السائح والتنوير (2010)، وقد تحدث عن ذلك بالتفصيل لصحيفة الشرق الأوسط (انظر العدد 11695).

وبالصدفة أيضا، اكتشفت حديثا، ان جريدة العرب التي تصدر في لندن وتذيّل صفحتها الأولى بعبارة (يُسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر) تنشر عشرات المقالات مترجمة ومنسوخة (بتصرف وبدون تصرف) من مصادر اجنبية، بما في ذلك البي بي سي الانجليزي، صحيفة الغارديان البريطانية، موقع الامازون وغيرها، دون اشارة للمصدر.

بعد وفاة نيلسون مانديلا في نهاية العام الماضي، وجدت عرضا لكتاب مختارات شعرية "تحية لمانديلا: نيلسون مانديلا في الشعر" في جريدة العرب الصادرة من لندن وقد اخذت المترجمة فقرات واقتباسات كاملة ترجمتها (وبدون تصرف) من موقع البي بي سي ومن موقع الامازون
http://news.bbc.co.uk/1/hi/world/africa/5187272.stm
http://www.amazon.co.uk/product-reviews/0955233909
قامت المترجمة بجمعها عن طريق القص واللصق.

بعد ذلك، ومن باب الفضول، وجدت ان معظم المقالات وعروض الكتب (ان لم يكن جميعها) لنفس المترجمة، في جريدة العرب خصوصا –وصحف أخرى- منقول ايضا من الصحافة الانجليزية ومن الويكيبيديا، حيث تنسب المترجمة المادة لنفسها بلا ادنى اشارة اخلاقية الى المصدر المأخوذ عنه. من ذلك عرض لرواية ألينور كاتون الفائزة بالبوكر لعام 2013. فالعرض وبنفس الاقتباسات مأخوذ بمعظمه من جريدة التليغراف ومن مواقع اخرى. والشئ نفسه مع عرض كتاب الغبار الأحمر للجنوب افريقية جيليان سلوفو.. والكثير غيره.

في العام الماضي، كتبت الى صديق عزيز وهو محرر الصفحات الثقافية في احدى الصحف العربية (الكبيرة) الصادرة في لندن، بأن احد عروض الكتب، وهو "السجاجيد الطائرة" -حسب المترجم- كان منقولا كليا من مصدرين اجنبيين، بما في ذلك الاقتباسات المأخوذة من الكتاب الأصلي والتعليق عليها.. وكأن كاتب العرض لم يقرأ (وربما لم يلمس نسخة) الكتاب الصادر باللغة الانجليزية. فكان رد الصحيفة ان هذا امر عادي، فهم لا يتوقعون من يقدم عرضا لكتاب ان يكون قد قرأ الكتاب كله او بعضا منه بالضرورةز

هل هذا صحيح؟ نحن نقرأ الصحف الإنكليزية ونشاهد محطات التلفزيون وهي تعرض للكتب المنشورة حديثاً؛ فهل يلطشونها من الإنترنت؟ ومن أي مصدر يلطشونها؟

في صحيفة أخرى (كبيرة) تصدر في لندن، وتعتبر جريدة النخبة الفكرية والثقافية والسياسية؛ دأبَ أحدهم، وكنا نعتقده متبحراً في التراث وعلاّمة في التأريخ، على نشر دراسات عن التراث، لكننا أكتشفنا، عندما طاولتْ دراساته أسماء معروفة، أنه كان يأخذ مقدمات الكتب القديمة ويضع أسمه عليها بكل جرأة وراحة ضمير. الأنكى من ذلك عرفنا لاحقاً أن الشخص هو مجرد رسام صغير السنّ، يعيش في لندن مع أقرانه، وأن لا عمره ولا إختصاصه يسمح له بهذا التنطع التراثي الملفق! فكيف أفّلت من دراية المحرّر؟ وهل هو أفلتَ أم شيء آخر لا نود الإشارة إليه؟

منذ ذلك الوقت توقفت عن الكتابة لتلك الصحيفة والصحف الاخرى المماثلة، خصوصا الصادرة في لندن لأكتفي بالنشر على الانترنت.

التمرد على النشر في الصحافة المطبوعة سبقني اليه الكاتب عارف علوان – وهو اول كاتب عربي يتخذ هذه الخطوة منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي. فقد قرر نشر كل اعماله الروائية والمسرحية على الانترنت، ثم توقف عن نشر المقالات في الصحف المطبوعة لينشرها على المواقع الاليكترونية ايضا (الشرق الأوسط – عدد 9590).

النشر الاليكتروني له ميزات اخرى غير التمرد على دور النشر الجشعة التي انتقدها عارف علوان، أودور النشر الجاهلة وغير الأمينة، كما في حالة ناشر كتاب الأب سهيل قاشا، انما ايضا تجعل من السهل تصّيد السرقات الفكرية وفضحها. فمحرك البحث غوغل يعتبر عدوا لدودا لمنتهكي حقوق الملكية الفكرية بكل اللغات وفي كل المجالات.. كما يقدم خدمة عظيمة للبحث في Originality أصلانية النص المكتوب.

الكثير من الجامعات في الشرق والغرب، صارت تنشر اطروحات الدكتوراه على الانترنت لمدة ستة أشهر قبل مناقشتها للتأكد ان البحث original اصلي وان لا احد من اي مكان في العالم يدّعي الأسبقية بنشرفكرة البحث او بعضا منه.

استخفاف الصحف العربية بقراءها –وهي تفترض ان القارئ العربي غير مطلّع على الصحافة الاجنبية- ينم عن جهل القائمين على الصفحات الثقافية، كما يشي بحالة التبلد واللامبالاة لدى القارئ الذي تمر عليه هذه السرقات الفكرية دون ان يرفع يده للاعلان عنها وفضحها.
النشر الإليكتروني نعمة عظيمة.. غوغل العظيم يستحق جزيل الشكر عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع