الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبيع ، النضال في الوسط الاسرائيلي ، اوجه الشبه والاختلاف

عوني المشني

2014 / 2 / 18
القضية الفلسطينية


قيل ان الثورة الفيتنامية انتصرت في شوارع واشنطن ونيويورك قبل ان تنتصر في هانوي ، وهكذا ايضا الثورة الجزائرية فقد شكلت حركة مناهضة الاستعمار في فرنسا عنصرا مؤثرا ساهم في القرار الفرنسي بالجلاءعن الجزائر ، وقيل ايضا وفق رأي فرانتز فانون في كتابه "معذبوا الارض "عن الاستعمار الفرنسي والثورة الجزائرية ان التماهي مع الاستعمار احدى عقد النقص الذي يعناني منها المستعمرون ( بفتح الميم ) وان نجاح الاستعمار في السيطرة على عقول المستعمرين ( بفتح الميم ايضا ) يشكل اخطر اشكال الاستعمار
ودائما وابدا كان هناك اشكالية في الفهم والممارسة ما بين النضال في الوسط المعادي والتطبيع فالشعرة الرفيعة جدا ما بين الاثنين ليس بالسهولة التقاطها وفي الكثير من الاحيان تختلط الاشياء والمفاهيم ليصبح التمييز بين المفهومين فيه الكثير من الصعوبة ، فاللغة والمفردات واساليب العمل تتشابه ، واحيانا تجد ان هذا التشابه يصل الى حد التطابق ، والاهم من هذا ان كثيرا من وجوه الاستسلام والانتهازية يستخدمون مفهوم النضال في اواسط العدو كمدخل او رداء ليمارسو ابشع اشكال التطبيع والتماهي مع الاحتلال 
من المؤكد انه من البغيض جدا ممارسة التطبيع تحت حجج واهية ، لكن من البغيض ايضا اقفال باب نضالي ضروري وحيوي تحت عنوان محاربة التطبيع ، خاصة اننا نخوض معركة مصيرية تعتمد على النضال الشعبي والمقاطعة وحشد رأي عام واسع ضد نظام الفصل العنصري الاسرائيلي ،هذا يفرض علينا الوقوف بجدية ومسئولية امام هذا الموضوع وتحديد الفروقات ما بين هذين المفهومين . 
اولا : العلاقة بحد ذاتها مع اسرائيليين ليست مرفوضة من حيث المبدأ وفق كل المفاهيم الوطنية او النضالية او الدينية ، ولا يوجد فصيل الا ومارسها بشكل او باخر ، والاهم اننا كشعب نمارسها كتجارة وعمل وسياسة بشكل تلقائي ، لهذا فان الخلاف ليس على العلاقة بحد ذاتها وانما على مضمون وحدود العلاقة ومخرجاتها ، العلاقة مع الاسرائيلي قائمة بالضرورة وفي جزء منها مفروضة قسرا ، وهنا المسأله كيفية استخدام العلاقة وتوظيفها بما يخدم شعبنا .
ثانيا : ان العنصر الحاسم في تحديد العلاقة بين اسرائيليين وفلسطينيين ليست الشخوص الذين نتعامل معهم وانما الرؤيا التي تحكم العلاقة ، فنحن لا نقتصر بعلاقتنا على حزب بذاته او مجموعه بذاتها وانما علاقتنا منفتحة ويحكمها البرنامج السياسي الذي تقوم عليه العلاقة وفي العلاقة السياسية انت لا تبحث في الطرف المعادي عمن يقفون الى جانبك فحسب بل وعن المترددون الذين بجهدك يمكن ان يقفو معك وعمن هم ضدك ولكن بجهد ما يمكن ان يخففو من درجةعداءهم ، وبمعنى اخر فان اطراف تستطيع ان تستميلها واخرى تحيدها وطرف ثالث تخفف عداءه ، فالعمل السياسي ليس مع الاصدقاء فقط وانما مع الاعداء ايضا ، ومن يقول ان الحكاية ليست اقناع بل مصالح فهذا صحيح على مستوى النخب ولكن على المستوى الشعبي فالقناعات مهمة وهي جديرة بالعمل من اجل تغييرها . وتشكيل لوبي ضاغط على المستوى السياسي يشكل مدخلا يستحق العمل من اجله . 
ثالثا : ان الفيصل الاساس في العلاقة هو البرنامج والرؤية السياسية ، بمعنى ان علاقة قائمة على كنس الاحتلال ورفض كل تجلياته هي العلاقة المقبولة بينما علاقة تشرعن الاحتلال وتكرسه وتتصالح معه فهي بالتأكيد هي التطبيع المرفوض بعينه وهي العلاقة التي يدخل في اطارها العمل الانتهازي والربحي والاستسلام . وما بين تلك العلاقتين المتناقضتين تلك عناصر تشابه واختلاف ، قد يكون في الشكل هناك اكثر من عنصر تشابه لدرجة ان الامور جدا تختلط ولكن التناقض صارخ وكبير في جوهر كل من تلك العلاقتين ، بالجوهر هناك علاقة تعزز نضالنا الوطني وتقوم على العمل الدؤوب لكنس الاحتلال ، وعلاقة يستخدمها الاحتلال لشرعنة وجوده وخلق تصالح معه . وفي سياق العلاقة فان من تتطابق معه بالبرنامج يشكل دوما الجانب الاسهل في العلاقة ، لكن تعقيد العلاقات مع اطراف اخرى تختلف معها في مواقف وتتفق معها في مواقف اخرى وهنا يأتي التداخل والاختلاط بين التطبيع والعلاقة القائمة على رؤيا نضالية ، ان من يتوهم ان الطهارة كافية لخلق وجهات نظر مختلفة في الوسط المعادي مخطئ ولكن فتح ثغرة في جدار العداء والرفض الاسرائيلي للحقوق الوطنية يحتاج الى ما هو اكثر من الطهارة . 
رابعا : ان تسارع الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني الى اللحظات المصيرية التي تحدد مستقبل الصراع عبر الموقف من الحلول المطروحة يستدعي جدلا مكثفا وصاخبا احيانا عند الطرفين ، ويزداد الجدل حدة كلما اقتربنا اكثر من لحظة الحقيقية ، والجدل احيانا يختلط ليصبح جدلا عاما يشارك به الطرفين معا وسويا ، ويتحول ليضع اسرائيليين وفلسطينيين معا في جبهة واحدة ضد جبهة تقف في موقف الرافض لاي حل سياسي ، وهنا تصبح العلاقة معقدة الى حد كبير وغياب القطاعات الفلسطينية عن هذا الجدل يشكل انسحابا طوعيا من ساحة نضالية ، ويلحق اذى بقضية شعبنا ، لكن بالمقابل فان المشاركة بهذا الجدل يجب ان تكون محسوبة ولا تقدم تنازلات مجانية تحت عنوان حسن النية او اختبار الحلول ، ان جدلا عاما لا يؤذي ما دام لا ينحدر الى مستوى تقديم ونازلات مجانية
خامسا : اخطر من في العلاقة مع الاسرائيليين هي العلاقة الدونية القائمة على عقد النقص عند البعض الفلسطيني وتضخيم عقد التفوق الاسرائيلية ، وهذا الحسم الادراكي الذي نجح فيه الاسرائيليين لدى بعض اواسط الفلسطينيين المهزومين في ذاتهم وقناعاتهم يشكل اسوأ اشكال التطبيع لانه قائم على التسليم بالتفوق الاسرائيلي عقلا ومنهجا ونمط حياة ويعتبر العلاقة مع الاسرائيلي بحد ذاتها مكسبا . ان الاسرائيلي يمتلك عناصر قوة ، ولكنه لا يمتلك بالمطلق عناصر التفوق لا العقلية ولا النفسية والفلسطيني بنقاط ضعفه يمتلك من امكانيات القوة ما يستطيع من خلالها ان يكون ندا مساويا واحيانا متفوقا على الاسرائيلي ، يمتلك الفلسطيني قوة الحق اولا ويمتلك الكثير الكثير من المقدرة على التأثير والفعالية امام اعداء ينقصهم اليقين الوجودي. ان التفوق التقني لا يعكس تفوقا فكريا او اجتماعيا والتخلف التقني العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص لا يعني ان حضارة عربية ضاربة في العمق يمكن ان تقف موقفا دونيا امام الغرب الاستعماري ، لهذا ان الندية لها مبررها ويمكن فرضها في العلاقة مع الاخر ايا كان 
ان خطر التطبيع يكمن في انه يقدم مبررا لقوى عربية واقليمية لتستثمر علاقات الفلسطينيين باسرائيليين وتدخل من هذه البوابة لتقيم علاقات وتحالفات مع الاسرائيلي ويكفيهم القول لسنا اكثر ملكيين من الملك فما دام الغلسطينيين يقيمون علاقة مع الاسرائيلي لماذا لا تنكرو هذا علينا ؟!!
ان العلاقة القائمة بين الفلسطينيين واسرائيل هي علاقة تنطلق من قاعدة الاختلاف والصراع لتأكيد او نفي مواقف او في احسن الظروف للوصول الى توافق يحقق مصالح الطرفين لكن العلاقات العربية الاسرائيلية تأتي من موقع التسليم بالواقع الذي الذي فرضته اسرائيل في المنطقة لهذا تختلف شكلا ومضمونا دعوات التطبيع العربية عن علاقة الفلسطينيين مع اسرائيل ، ولا تقبل المقارنة . 
ان حقيقة ان التطبيع خطر سياسي وسسيولوجي ووطني امرا لا جدال فيه ويفترض ان يبقى حاضرا في اذهان من يقيمون علاقة مع الاسرائيليين ، ولكن لا يقبل ان ان يبقى هذا التخوف حائلا دون اقامة علاقات تساهم في تعزيز الرواية الفلسطينية للصراع وطرق حله . ان الرواية الاسرائيلية للوضع بدأت بالتآكل وها هو زيفها ينكشف رويدا رويدا في اوروبا والعالم ولكن ان نساهم بانكشاف وهم وزيف هذه الرواية للجمهور الاسرائيلي ، هذا هو المهم وهذا الذي يفترض ان يكون هدفا للعلاقة مع التسرائيليين وهذا هو معيار تقييم هذه العلاقة 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را