الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في معضلة الحركة السياسية العربية

حسن عماشا

2014 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


إن إشكالية التحرر الوطني ما كانت يوما في الطليعة المناضلة لدى أمتنا العربية. وانما كانت في النخب التي قادت الحركة السياسية العربية، والتي روجت لمفاهيم التكيف مع متطلبات الاستعمار. بكونها وجدت فيه المثل الأعلى لتطلعاتها ،دون ان تعي خصائص البنية الاجتماعية والطور التاريخي الذي تعيش فيه.
مما جعل فكرة بناء "الدولة الوطنية" على اساس التقسيم الاستعماري، هي الوهم الأكبر الذي مكن ادوات الاستعمار من نسيجنا الاجتماعي .ان تبقى دائما على رأس هرم السلطات والادارات في بلادنا. وجعل التناحر معها تحت سقف المبادلة في لعب دور الوكيل والناطور الحارس لمصالح الاستعمار مقابل استقلال زائف وشكلي .فقد كانت الحربين العالميتين الأولى والثانية قد ارست على الصعيد العالمي مفهوم "حق الأمم في تقرير مصيرها" والسيادة على ارضها.
وهذا ما جعلنا نحن العرب نعيش دائما في حالة من التبعية والعجز عن التماهي مع الأمم الأخرى. ولسنا وحدنا في المنطقة نعيش هذه الحالة بل ان الغالبية العظمى من الدول الإسلامية تعيش نفس المصير. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، تلك هي حال تركيا وباكستان وإيران ما قبل الثورة الخمينية.
ليس من أمة ترتضي ان تنساق خارج موروثها الحضاري والثقافي التاريخيين. والاحساس العام الذي يشكل اساس الخيارات عند البنى الاجتماعية في أية أمة لا تحركه العناوين والشعارات المعبرة عن قضايا واحداث جزئية و عرضية. فهي لا تتعدى حس التعاطف او التضامن العام. انما تتحرك الأمة في مواجهة قضايا مصيرية وتدفع في سبيله الدم وهي بحالة افتخار بتضحياتها.
لقد شهد تاريخنا وفي اكثر من محطة مواجهة مباشرة مع الأستعمار. اندفاعات وجدانية وعملية تجاوزت الحدود الكيانية لشعوب أمتنا. وأخرها وأكثرها بروزاً ،كان التحاق العديد من الطليعيين العرب في صفوف الثورة الفلسطينية ويكاد لا نجد اقليم عربي الا وكان منه مناضل قاتل واستشهد في مواجهة الاستعمار الاستيطاني الاقتلاعي في فلسطين.
كان الانفصام في قضية التحرر الوطني بين اولويتين مفتعلتين : الأولى اعتبار مواجهة السلطة المحلية واستبدالها بسلطة "وطنية" بمعزل عن القطع مع الاستعمار بكل اشكاله وعلى كل المستويات. يسقط القدرة على المواجهة وبحجة الحفاظ على مكتسبات السلطة الجديدة كان التكيف مع الاستعمار ومتطلباته.
والثانية في طرح قضية مواجهة الأستعمار الاستيطاني في فلسطن تحت سقف الفكر الكياني وافتعال تمييز بين منظومة الكيان الاستيطاني والدول الرأسمالية الاستعمارية بافتراض الصداقة معها. وجعلها حكما في الصراع الذي كان يسمى "عربيا - إسرائيليا" وانتهى الى تسميته "فلسطيني – اسرائيلي".
ان اي مراجعة علمية مجردة من اي موقف مسبق لجربة الحركة السياسية العربية بكل تلاوينها : الإسلامية والقومية واليسارية، وفي كل الأقطار دون استثناء. تكشف ان اي من اطراف هذه الحركة هو معضلة المزج بين مسالتين التحرر الوطني - القومي وبناء الدولة المستقلة. وبدل ان ترتقي حركتنا السياسية القومية بإتجاه حل هذه المعضلة ،انزلقت اكثر فاكثر في مسار التكيف مع متطلبات الاستعمال. وتقديس ما رسمه لنا من خرائط .حيث لا ترى الغالبية العظمي من الحركة السياسية أي إشكال في تبني الرؤى والبرامج التي تطرها دوائر الاستعمار لقضايانا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. بل ان بعضها يشتاط غضبا بسبب عدم "النضال" لتحقيقها (!!!).
لقد نجح الايرانيون في حل هذه المعضلة اولا على المستوى النظري ومن ثم على المستويات السياسية والكفاحية وحققوا استقلالهم الناجز وسيادتهم على ارضهم وخياراتهم وبناء دولتهم. وهذا لا يحتاج الى استدلال.
في حين نجد السائد في امتنا اليوم لم يسعى الى اتخاذ العبرة من التجربة الايرانية (وسواها). بل يتراصف في الموقع النقيض للمصالح القومية ويلعب دورا وظيفيا في خدمة المستعمر بعد ان يأس هذا الأخير من امكانية اخضاع إيران. وها هو اليوم بعد أن اصبح المستعمرون يسعون الى التكيف مع الواقع الايراني نجد بعض كياناتنا تصر على الوقوف بوجه التاريخ. وتوظف كل امكاناتها وطاقاتها في تدمير بلادنا لتحفظ مصالح حفنة من الطفيليات التي تتربع على عروش السلطة.
أما آن الآوان بعد لننظر إلى واقعنا ونسلط الضوء على قضايانا الحقيقية والمتمثلة في حالة التبعية اولا والتخلف في بنانا الاقتصادية – السياسية ثانيا. والاغتسال من علق الظواهر والنخب الطفيلية من الكتبة المأجورين الذي يشوشون ويضللون اجيال يفتر ان تكون في المواقع المتقدمة والملتهبة للمواجهة مع الاستعمار وادواته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق