الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولويات نضال المرأة العربية الأهوازية / بمناسبةاليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة

صالح الحميد

2014 / 2 / 26
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


على الرغم من إستمرار أشكال العنف والاضطهاد الجنسي و الاجتماعي و الاقتصادي وإنتهاك الحقوق الأساسية للمرأة العربية الأهوازية في مجتمعنا الذي يتسم بالطابع الذكوري كسائر المجتمعات الشرق أوسطية، إلا أنّ نظرة على المؤشرات و الاحصائيات في السنوات الاخيرة تدل على التطور النسبي على الصعيد الاجتماعي و الثقافي بشكل ايجابي لصالح مشاركة المرأة العربية الأهوازية في الحياة الاجتماعية .
ويمكن رصد هذا التطور بمظاهر ومجالات كثيرة ، بدءا من تزايد عدد الطالبات بنسبة تفوق عدد الطلاب في الجامعات في الاقليم الى تزايد عدد المرشحات و أعضاء المجالس البلدية و حتى نسبة الموظفات في الدوائر الحكومية وغير الحكومية، إضافة الى تزايد حضور المرأة في مجال العمل الثقافي و الاجتماعي في السنوات الاخيرة.
وتشير الاحصائيات إلى أن الجيل الحالي من الفتيات هن الأكثر تعليما و مشاركة في الحياة الاجتماعية من الأجيال التي سبقتهن و إن التطور الاقتصادي و الاجتماعي الذي حدث في العقود الاخيرةو ترافق مع إمكانية الارتباط مع العالم الخارجي عن طريق الفضاء المجازي من الاعلام و الفضائيات قد ساهم في تطور الوعي النسوي و أصبح الجو ملائما لطرح الافكار و الرؤى التي تتعلق بقضية المرأة، كما أصبحت الفرص و الفضائات المتاحة مهيأة أكثر فأكثر من أجل المزيد من المشاركة لهذا الجيل من الفتيات في تقرير مصيرهن و البت بمستقبل قضايا المرأة و معاناتها و سبل القضاء على اشكال التمييز ضدها.
و في هذا السياق هناك من يطالب بان تشمل مشاركة المرأة جميع جوانب قضايا المجتمع من قضايا سياسية الى ثقافية و اجتماعية و اقتصادية و غيرها، كما أن هناك من يطالب المرأة العربية الاهوازية بشكل خاص بالمشاركة الفاعلة في العمل السياسي من أجل احقاق حقوق الشعب و رفع الظلم و الاضطهاد عنه.
و برأيى إن هذه الدعوة جديرة بالاهتمام و الدراسة، فلطالما كان موروثنا السياسي يعتمد على العنصر الذكوري في العمل السياسي و لم نشاهد حضورا نسويا في الحركات السياسية الاهوازية الا ما ندر، وأرى بان الحراك السياسي الأهوازي لن يكتمل إلّا بالمشاركة الفاعلة للمرأة و لقد أثبتت تجارب الثورات العربية و تجارب الشعوب و حركات التحرر الوطنية التي تناضل من اجل حقوقها و تقرير مصيرها بأنه من دون مشاركة المرأة لا يمكن الحديث عن العدالة و الحرية و المساواة في الحقوق.
لكن في الوقت الذي تتم فيه الدعوة الى إشراك المرأة في العمل السياسي ، لا يتم الحديث عن حقوق المرأة بوصفها كفرد أو ككيان مستقل و لا يتم التطرق الى قضية حرمانها التاريخي من الحقوق الأساسية بدءا من التعليم و العمل و اختيار شريك الحياة وصولا الى كيفية تكريس فكرة المساواة و في المجتمع و محاربة مظاهر العنف ضد لمرأة و انتهاك حقوقها ، بل نرى بأنه في أغلب الاحيان يتم القاء اللوم على النظام السياسي المستبد في قضية إنتهاك حقوق المرأة.
و صحيحٌ أنّ نظام الجمهورية الاسلامية و أي نظام سياسي يحكم باسم الدين كان و لايزال العدو الأكبر للمرأة و حقوقها بسبب الخطاب الأيديولوجي و تكريس الاضطهاد و العنف و النظرة الدونية للمرأة باسم المقدس الديني، إلّا أنّ هذا ليس سببا كافيا لتبرير استمرار العنف ضد المرأة و انتهاك حقوقها، فهذا النظام الديني المستبد صحيح أنه يضطهد الجميع دون إستثناء و بطبيعة تكوينه يعادي المساواة بين الجنسين و لكن بالمقابل يتغذى هذا النظام من العادات و التقاليد و السنن لاجتماعية التي بدورها تحمل النظرة الدونية و اللامساواة و التمييز ضد المرأة و هنا تكمن المشكلة الاساسية حيث ان النظام يدعي بانه يحمي هذه العادات التقاليد و الاستقرار الاجتماعي.
إن واقع المرأة العربية الاهوازية أشد وطأة و تعقيدا من أن نلقي كل اللوم فيه على طبيعة النظام السياسي القائم حيث أن المرأة أساسا لم تتح لها الفرصة المشاركة في تفاصيل الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية و غيرها من قبل المجتمع بالدرجة الاولي و ذلك بسبب طبيعة مجتمعنا التقليدي الذكوري بالدرجة الاولى. فالمجتمع هو الذي يضع العراقيل و التابوهات و المحرمات الكثيرة التي تمنع المرأة من الدخول في ميدان المشاركة السياسية او الثقافية او الاجتماعية و حتى النشاط الاقتصادي في غالب الاحيان ، لا بل تتم محاسبتها في كثير من الاحيان حسابا عسيرا إن تجاوزت التابوهات و الخطوط الحمراء الموضوعة امامها.
من هنا نجد أن الأولوية في نضال المرأة العربية الأهوازية تكمن في النضال من اجل كسب حقوقها الاساسية المشروعة في المساواة و الحرية و حق الاختيار. فلا مجال في أن نطالب هذه المرأة المضطهدة بالمشاركة السياسية في الوقت الذي تعاني فيه من شتى صنوف الاضطهاد الاجتماعي و الأسري و أغلبها أسيرة البيوت وتعاني من أزمات اكبر مما نتوقعها .. فهي مراقبة من قبل المجتمع و الأسرة و القبيلة و العشيرة في كل تحركاتها و تصرفاتها ، مراقبة تشبه مراقبة المجرم المطلق سراحة و هي كأنها مجرمة دائمة حتى تثبت برائتها .. ناهيك عن العنف الرمزي اليومي الممارس ضدها .
إذن العنف الممارس ضد المرأة في مجتمعنا ليس من قبل النظام السياسي فقط .. فهذا النظام بطبيعة قوانية و تشريعاته اللاانسانية و العقلية الثيوقراطية بطبيعته معادي للمرأة، لا يعترف بمبدأ المساواة، و أجهزته الرقابية و القمعية تمارس كل انواع الأذى و الاضطهاد و التمييز ضد المرأة .. ولكن النقطة الأهم التي أريد التركيز عليها هي أنّ العنف الممارس ضد المرأة من قبل المجتمع " القبلي التقليدي الذكوري" اكثر بكثير من عنف السلطة و يتجلى في عدة أشكال و ممارسات بدءا من تفضيل المواليد الذكور على الاناث مرورا بحرمان المراة من التعليم و العمل من قبل الأسر و ليس إنتهاءا الى النظرة الكلية للمراة و عدم الاعتراف بكيانها الانساني و حقوقها كانسان لديه عقل و موهبة و حرية و كرامة .
هذا يقودنا الى أولوية البحث عن الحلول من أجل وقف هذا العنف الاجتماعي ضد المرأة و لا يكفي أن نلقي اللوم على الانظمة المستبدة فقط، و اول الحلول هو اعطاء الاولوية في النشاط النسوي لقضية العنف ضد المرأة و التعريف بحقوقها الاساية بدل الخوض في المجالات الأخرى.
إن تجارب المجتمعات الأخرى تقول لنا بأنه حتى في حال تغيير الانظمة السياسية يبقى اضطهاد المراة مستمرا و ربما بوطأة أشد... و بالتالي نصل الى الاستنتاج التالي و هو ان كفاح المراة من اجل نيل حقوقها لا يتصل بشكل مباشر بالنظام السياسي انما هناك قضية اضطهاد تاريخي و على الحركة النسوية الاهوازية أن تعمل على مستويات مختلفة اهمها الجانب الثقافي و الاجتماعي و توعية المرأة بالنسبة لمعرفة حقوقها و نقد مظاهر العنف المنتشرة كجرائم الشرف و القتل على الشك و الشبهات و العنف الجسدي المتمثل بالضرب و العنف و التحرش الجنسي و العنف اللفظي المتمثل بالتحقير و الاهانة و العنف الرمزي من خلال ثقافة الريبة و الشك و المراقبة ،كذلك ثقافة الوصاية على المرأة الراشدة في التعليم و العمل و النشاط الاجتماعي او السياسي او الثقافي او كافة صروح المشاركة العملية في الحياة الانسانية ... فبدون إحقاق هذه الحقوق من غير المنطقي أن نطالب المراة ان تكافح و تناضل ضد نظام سياسي معين و هي مكبلة باصفاد المجتمع الذكوري القبلي المحافظ .
ختاما أرى بأن الأولويات في نضال المرأة العربية الاهوازية تتمثل في ميدان المطالبة بحقوقها الأساسية في الحرية و المساواة قبل كل شي والعمل على سبل ايقاف العنف و محاربة النظرة الدونية و الثقافة الذكورية المتجذرة في المجتمع و العمل على توعية المراة لهذه الحقوق المشروعة و ليس فقط تثقيف المراة، بل تثقيف الرجل أيضا ، تثقيف الرجل بحقوق المراة و احترام حقوقها و كيانها الانساني و إشراكه في هذه القضية التي تهم كل المجتمع برمته، و هذا لا ينفصل عن مجمل نشاط المرأة العربية الأهوازية الناشطة التي تريد أن تشارك في الحياة السياسية أو ميدان النشاط الثقافي و مجمل حراك المجتمع المدني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النساء والفتيات في العام الأول لنزاع السودان


.. اليمن انهيار سعر العملة يزيد من معاناة النساء والأطفال




.. هناء العامري انعدام الثقة في قدرات النساء خلق مشهداً سياسياً


.. رواية الجسد الراحل




.. المكتبة النسوية نافذة للتعرف على قضايا المرأة وشؤونها