الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلول فريدة لمشاكل مصر والعالم الثالث

محمود يوسف بكير

2014 / 3 / 6
كتابات ساخرة


رئيس وزراء مصر الجديد جلس يفكر ويفكر في ماهية البرنامج الذي سيتقدم به لحل المشاكل التي تعاني منها مصر. وبعد طول تفكير اهتدى الى ان روشتة العلاج موجودة لدى وزارة الداخلية وأن أحدا لم ينتبه لهذا من قبل ولذلك صرح وبشكل حرفي بأن " الداخلية على رأس أولوياتي " وإنه سيخصص لها كل ما تحتاجه من موارد وإمكانيات من ميزانية الدولة المهترئة حتى تتمكن من حل المشاكل التي نعاني منها دفعة واحدة وفي وقت قياسي.

وبالفعل فإن لدى وزارة الداخلية حلول أمنية مبتكرة لعلاج هذه المشاكل، فمثلاً مشكلة الاعتصامات والإضرابات التي يقوم بها العمال والموظفون للمطالبة بتحسين دخولهم والحد من الغلاء يمكن حلها عن طريق اعتقال المحرضين عليها باعتبارهم أعداء للوطن ويسعون للإفساد في الأرض. ولأن عمليات الاعتقال لهؤلاء تتم لفترات طويلة وغير محددة وفي ظروف صعبة وغير إنسانية بغرض تحطيمهم نفسياً وجسدياً وبهدلة أهاليهم وإشاعة الخوف بين زملائهم حتى لا يعاودون الكرة، فإن الاعتصامات والإضرابات قد تتوقف إلى حين بفضل لواءات الداخلية.

وفيما يتعلق بالمظاهرات فقد أحرزت الداخلية بالفعل تقدماً مذهلا في حل هذه المشكلة عن طريق استخدام القنابل المسيلة للدموع والغازات السامة والخراطيش والتصويب على العيون بالرصاص المطاطي لإحداث عاهات مستديمة تكون عبرة لمن يعتبر، ولا مانع ولا رادع لاستخدام الرصاص الحي للقتل عند الحاجة فلم يعد هناك أرخص من النفس المصرية.
أما إذا ما اتسمت المظاهرة بالضخامة فإنه يتم التعامل معها بمجموعات مدربة من البلطجية والذين تسميهم الداخلية تأدباً "بالأهالي". والمفارقة العجيبة هنا أن هؤلاء "الأهالي" دائماً ما يكونون من أصحاب السوابق وتبدو على سحنتهم ملامح الإجرام والتوحش بشكل لا تخطئه عين.
وبالمناسبة فذات مرة رأيت في أحد الصحف المصرية صورة لأحد هؤلاء "الأهالي" في حالة اشتباك مع المتظاهرين وهو يرتدي ملابسه الداخلية وممسكاً بسيف وهو في حماية الشرطة التي ذكرت الجريدة أنها كانت تقف على الحياد! مع ان هذا الأخ من "الأهالي" كان بحالة شروع في القتل لهؤلاء المتظاهرين السلميين.

رئيس الوزراء الجديد ألمح الى أنه لن يبخل على الداخلية بأي موارد لبناء معتقلات جديدة وزيادة الطاقة الاستيعابية للسجون حتى تتمكن الداخلية من ملاحقة الزيادة الكبيرة المتوقعة للمعتقلين كأحد ثمار السياسة الأمنية للحكومة الجديدة.

ولأن هذه المظاهرات والإضرابات تنظم عادة للتعبير عن معاناة الناس وللمطالبة بحلول اقتصادية لمشاكل البطالة وارتفاع الاسعار والفقر الذي تتسع دائرته يوماً بعد يوم والفساد والظلم الاجتماعي والفوضى وتدهور البنية التحتية وسوء المرافق الصحية والتعليمية فإنه مع عجز الحكومات المتعاقبة منذ العهد الملكي لحكم مبارك عن حل هذه المشاكل ،بل انها اسهمت في تفاقمها ، فإن رئيس الحكومة الجديدة يبدو مقتنعاً بأنه لم يعد من المجدي التفكير في حلول مالية واقتصادية وأن الحلول الأمنية والقمعية أفضل وأسرع للقضاء على الطموحات والتوقعات الكبيرة لجموع الشعب والتي ارتفع سقفها بعد ثورة 25 يناير 2011 فكان لزاما إعادتهم الى رشدهم وتذكيرهم بأن القناعة كنز لا يفنى وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان.

وقد قرر الجيش مؤخراً الدخول على خط موازي مع الداخلية لتذكير الناس بسطوته ونفوزه ومن ثم تم فرض جهاز عجيب على المصريين يدعي الجيش قدرته على علاج كل الأمراض المستعصية مثل الإيدز والتهاب الكبد الفيروسي بطريقة سهلة وممتعة تشبه أكل الكفتة على حد تعبير مخترع الجهاز! ولأن هذا المخترع هو سيادة اللواء فلان، فإنه لا يصح التشكيك في قدرات الجهاز لأن هذا يعتبر إهانة للجيش. وكذلك فإنه ليس من الضروري نشر الأبحاث المتعلقة بهذا الجهاز في أي دورية عالمية محترمة أو عرضه على مراكز أبحاث خارجية محايدة للتأكد من سلامة استخدامه قبل تعميمه على مستشفيات وزارة الصحة وتجربته على المصريين الغلابة. ويتضح من هذا ان العملية نوع من الفتونة وأن الجهاز سوف يطبق بالقوة والويل لأي مريض سيجرؤ على القول بأنه عولج بهذا الجهاز ولم يشفى لأنه بهذا يعرض نفسه للمثول أمام محكمة عسكرية.

وهكذا ولأول مرة في تاريخ مصر منذ أن تولى زمامها مبارك وأبنائه، حيث كنا ننازع الدول المتخلفة على احتلال المؤخرة في كل المجالات ستصبح مصر رائدة على مستوى العالم في مجال تقديم حلول أمنية فريدة لعلاج كل مشاكل الفقر والتخلف.

وأخيراً فإن تشبيه سيادة اللواء صاحب الاختراع لطريقة العلاج بالجهاز الخارق بأنها لذيذة مثل أصابع الكفتة، جعلني أفكر وأتساءل لماذا لم يفكر الجيش في توفير الملايين التي أنفقت على هذا الجهاز طوال العشرين سنة الماضية كما ذكر وعمل بدلا من ذلك على توفير أصابع الكفتة الحقيقية للمصري الهفتان الذي أصيب بكل هذه الأمراض من جراء سياسات القحط وعدم توافر الكفتة التي نعشقها في مصر؟

أتمنى على سيادة اللواء أن يسأل أي مصري عما إذا كان يفضل العلاج بالجهاز الخطير وغير المعتمد عالمياً أو العلاج بوجبات منتظمة من أصابع الكفتة الأصلية وليس كفتة الحمير. أعتقد أن الأغلبية ستفضل الكفتة لما لها من مفعول أكيد في رفع معنويات المصريين وتخفيض ضغط الدم المرتفع لديهم هذه الأيام من جراء سياسات الدولة الصديقة المجاورة لمصر والمسماة بجمهورية الجيش.
ولنحتكم الى القراء، العلاج بالكفتة أم العلاج بالجهاز المجهول؟


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصر بلد العجائب
على سالم ( 2014 / 3 / 6 - 23:42 )
ذكر السيد اللواء مخترع الجهاز المعجزه والذى يشفى الايدز ووباء الكبد وامراض اخرى ,صرح السيد اللواء ان اصله يرجع مباشره الى الحبيب المصطفى ,اى انه فى الاساس من شبه جزيره العرب ومحمد رسول الاسلام هو جده الاكبر ,يقال ايضا انه كان يعالج بالاعشاب والعلاج بالقران الكريم لكثير من الامراض المستعصيه ,توليفه غريبه فى شخصيه السيد اللواء المكتشف العبقرى,حقا مصر بلد الغرائب والعجائب

اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى