الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيشان – تاريخ قديم ومعاصر

أمين شمس الدين

2014 / 3 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الشيشان – تاريخ قديم ومعاصر*
عن " الجريدة المتحدة " الصادرة في موسكو باسم الشيشان، رقم 13(69)، 24/5/2005م.

"جمهورية الشيشان والشعب الشيشاني- تاريخ قديم ومعاصر" – ذلك هو عنوان المؤتمر العلمي لعموم روسيا الاتحادية، الذي عقد بتاريخ 19-20 نيسان عام 2005م، في موسكو. شارك في المؤتمر ممثلون عن المراكز العلمية في موسكو وفي غروزني وسانت بطرس بيرغ ومخاتش قلعة وفلاديقوقاز وتيومين وكراسنودار وروستوف على الدون وإيليستا، إضافة إلى ممثلين قدموا من النمسا وأرمينيا والولايات المتحدة الأمريكية.
تم في المؤتمر تبادل الآراء ووجهات النظر، وجرت المناقشات حول مسائل عديدة تخص التاريخ القديم للشعب الشيشاني، وقضاياه المعاصرة. تم الاستماع إلى ما يزيد عن 110 محاضرة وخطاب لعلماء في التاريخ والسياسة وعلم الأجناس وفي اللغة والآداب، وعلماء الفلسفة وعلم الاجتماع والاقتصاد، من بينهم 16 أكاديمي وأعضاء مراسلين في أكاديمية العلوم الروسية وأكاديمية العلوم الشيشانية، و37 من حملة درجة الدكتوراه العليا، و53 من حملة الدكتوراه في فلسفة العلوم. ومن بين المتكلمين كان رئيس جمهورية الشيشان علو الخانوف، وممثلون عن الإدارة والرئاسة في روسيا الاتحادية وعن حكومة جمهورية الشيشان.

الشيشانيون- أحد الشعوب القديمة، التي تقطن منطقة القوقاز. وقد لعب الشيشان دوراً بارزاً في مجالات التطور الإتني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي في هذه المنطقة.
خلص المجتمعون إلى أنه لا تزال هناك مسائل عديدة عن التاريخ الشيشاني، سواء قديمه أو حديثه، بحاجة إلى دراسات وأبحاث مستفيضة. كما أن الدراسات الحالية هي أيضاً بحاجة إلى تحليل تاريخي عميق. ومن المسائل الملحة كذلك دراسة تاريخ الشعب الشيشاني خلال المرحلة السوفييتية، ومساهمته في انتصار عموم الشعوب السوفييتية على ألمانيا الفاشية في الحرب العالمية الثانية. لا سيما وأنه في العقود الأخيرة أصبحت هذه المسألة مادة للتزييف وتزوير الحقائق. كما ولم تسلط على قضية نفي الشيشان عام 1944م الأضواء الحقيقية، من قبل المؤرخين المعاصرين.. وغير ذلك من المسائل المهمة.

ومن الأهمية بمكان إجراء تحليل علمي جذري شامل للأوضاع وللأسباب التي أفضت بالشعب الشيشاني وجمهورية الشيشان متعددة القوميات، إلى كارثة مأساوية في أواخر القرن العشرين، وللطرق اللازمة للتخلص من عواقبها.
ويحاول الهواة انتهاز الفرص والمتاجرة بالتاريخ وبالقضية الشيشانية، باستخدام شتى الوسائل والطروح، البعيدة عن المنطق والواقع. ينعكس ذلك في الخطابات وفي المؤلفات والمؤتمرات، ووسائل الإعلام المختلفة، ومنها الإنترنت، التي تستمر في بث الإشاعات والأكاذيب عن الشعب الشيشاني، تسيء إليه مباشرة، وإلى العلاقات ما بين القوميات المختلفة، وإلى المناخ الاجتماعي – النفسي في المجتمع الذي يكون روسيا الاتحادية. وعلى لسان المشاركين في المؤتمر، لابد من محاربة مثل هذه التوجهات دون هوادة. ويتابع المشاركون قائلين: وبهذا الخصوص نشارك ونرحب بنهج رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، وبخطابه الذي أشار فيه إلى عزمه على محاربة أي شكل من أشكال تأجيج نار "الفوبيا" المعادية للشيشان في البلاد.

ذلك موجز ما ورد في المؤتمر. أما نتائجه وتوصياته، فكانت كما يلي:

1- الموافقة على مبادرات كل من رئيس جمهورية الشيشان علو الخانوف، والحكومة الشيشانية، والمعهد الإتنولوجي والأنتروبولوجي التابع لأكاديمية العلوم الروسية، وكذلك أكاديمية العلوم الشيشانية ومجموعة المعاهد العلمية التابعة لأكاديمية العلوم الروسية.
2- يرى المشاركون في المؤتمر، بأن الدراسات المتعلقة بتاريخ الشعب الشيشاني، يجب أن تنبثق من حقيقة كون الشيشان واحد من الشعوب الأصلية في المنطقة، لهم تاريخهم العريق، وأرض تاريخية منذ القدم، ولهم لغة قائمة بحد ذاته، وثقافة أصيلة عريقة.
إن التاريخ الشيشاني – هو تاريخ إبداعي وخلاَق، تاريخ علاقات جيدة ومنفعة متبادلة مع الشعوب الأخرى، تاريخ تليد، وصراع عتيد، مع الغزاة الغرباء، من أجل الحفاظ على الأرض وعلى الحرية والقومية، كغيرهم من شعوب شمال القوقاز الأخرى ذات الخصوصيات المتباينة.
3- نوه المشاركون بأن أهم ما يميز التاريخ الشيشاني في العصر الحديث، هو علاقات الجوار الحسنة مع الشعب الروسي، ومع غيره من شعوب روسيا الاتحادية الأخرى. كما ويرى مشاركو المؤتمر بأن فترة نهاية القرن السادس عشر و نهاية القرن السابع عشر، كانت فترة بداية العلاقات العسكرية – السياسية ما بين الشيشان وبين روسيا، التي وقف خلالها الشيشان في كثير من الأحيان، حلفاء ونصراء لروسيا.
إن ما لفقه ويلفقه البعض في الفترة الأخيرة، لا يمت بصلة مع واقع وحقيقة التاريخ الشيشاني، وخصوصاً ما يروجون له باستمرار عن- " 400 عام من الصراع المسلح الدائم ما بين روسيا والشيشان".
4- يرى مشاركو المؤتمر بأن لجوء قيادة روسيا القيصرية آنذاك إلى استخدام الأساليب العسكرية- الإقطاعية لإخضاع شعوب شمال القوقاز في القرن الثامن عشر، أدى إلى نشوء مقاومة مسلحة من قبل الجبليين القوقاز، أسفرت عنها " حركة تحرر شعبية". من حيث منهج الاستقراء العلمي، والمبدأ العلمي البحت، وكذلك من حيث الناحية المعنوية: لا يجوز تصنيف "حركة التحرر الشعبية" للجبليين القوقاز ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كحركة انفصالية، و حركة إقطاعية – دينية، أو الجمع ما بينها وبين ما يسمّى بـ "أسلوب الغزوات" أو "الغارات"، كما يحاول إثبات ذلك بعض الكتّاب.
كما يرى المشاركون في المؤتمر بأن انضمام الشيشان إلى روسيا كان له دورا موضوعيا، وتقدميا، عمل على تقريب الشعب الشيشاني نحو الثقافة الروسية المتقدمة.
5- أثبت مشاركو المؤتمر، بأن الأزمة السياسية في جمهورية الشيشان في نهاية القرن المنصرم، بما في ذلك الحرب التي دارت فيها، لم تكن إلا جزءاً لا يتجزأ من ظهور واستمرار الأزمة المتتالية، التي نشأت نتيجة الفراغ الذي أحدثه "التغير السوفييتي- الروسي الاتحادي". فالعوامل المؤثرة في الأزمة الشيشانية لم تكن قائمة على أساس تاريخي، أو عرقي، أو نفسي، بل كانت عوامل اجتماعية-اقتصادية، و سياسية.
حدثت الأزمة الشيشانية في واقع الأمر نتيجة تصادم المصالح الاقتصادية والسياسية لزمر مختلفة من المركز الاتحادي الروسي ومن جمهورية الشيشان-إيتشكيريا، إضافة إلى عدم قدرة وأهلية السلطة الحاكمة آنذاك لتسيير وإدارة الشؤون السياسية المعقدة في دولة روسيا الاتحادية؛ كما ولا ننسى دور العوامل المؤثرة الخارجية.
لقد غدت جمهورية الشيشان كعملة صرف في الصراع الذي دار خارج نطاق التأثيرات، الذي توسع انتشاره في هذا العالم.
6- لم يكن الشعب الشيشاني بحد ذاته أداة فاعلة في أزمته، بل أصبح كغيره من ممثلي الشعوب الأخرى، القاطنة في جمهورية الشيشان، ضحية للأزمة، متكبدا خسائر بشرية ومادية ومعنوية فادحة.
7- في أول فرصة تاريخية سنحت له، أكد الشعب الشيشاني، وفي استفتاء عام، وبشكل رسمي سنة 2003م، وبشكل قاطع، أكد عن رغبته بأن يكون ضمن جمهورية روسيا الاتحادية. واليوم لا تقف أمامه مشكلة اختيار طريق سياسي. إن المحاولات اليائسة من قبل بعض السياسيين والباحثين الكذبة المحليين، ومن خارج روسيا، وكذلك وسائل الإعلام المختلفة، في تصوير الأزمة وكأنها مطابقة للواقع من وجهة نظرهم، ليس بذات أسس منطقية. وما تلك المحاولات سوى محاولات مختَلَقة ومصطنعة، تحمل في طياتها صبغة استفزازية، لا تأتي إلا بالسوء على الشيشانيين، مما يتطلب منا مجابهتها بحزم.
(أشير هنا إلى المؤتمرات التي لا تدع الجراح تلتئم، المؤتمرات السياسية، التي ترعاها الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وغيرها من الدول الغربية من فترة إلى أخرى، وهي تحتضن زعماء الانفصاليين، وكل من يساهم في العمل والنشاط المحموم ضد الحكومات الشيشانية المحلية المنتخبة، والتي تعمل بالتعاون والتفاهم مع روسيا الاتحادية لتطوير وبناء الجمهورية على أيدي أبنائها، المواطنين الذين لم يغادروها أثناء الحرب وبعدها). ( وآخر هذه المؤتمرات عقد في نيويورك خلال أيام مضت).
8- إضافة إلى إعادة ما أتت عليه الحرب من دمار، ومن أجل وضع حلول للمسائل ذات الأهمية الكبرى؛ من الضروري أيضاً دعم الأوساط العلمية الاجتماعية، وخصوصا فيما يتعلق بأسباب وعواقب الأزمة الشيشانية، ووضع إستراتيجية تنموية علمية، مدعمة بالحجج والبراهين، متماشية مع العصر الراهن. دعم الاقتراح الذي يدعو إلى إقامة مركز بحوث متخصص في أكاديمية العلوم الشيشانية، بالتعاون مع أكاديمية العلوم الروسية، لدراسة موضوع إعادة بناء جمهورية الشيشان، والتخلص من آثار الأزمة.
9- إن الشرط الأهم لتطوير العلوم، ومن ضمنها العلوم التاريخية، هو وضع أسس الاستقرار السياسي في جمهورية الشيشان؛ وأن الانتخابات البرلمانية تعتبر مرحلة جديدة ومهمة لهذه الغاية.
10- ضرورة وضع وتنفيذ برنامج متكامل لدراسة علمية للتاريخ الشيشاني، ولتطوير جمهورية الشيشان وتنمية قدرات أبنائها، على أسس حديثة ومتطورة ، وبمساعدة القدرات المتواجدة في المراكز العلمية في الجنوب الروسي.
11- يشجب المشاركون في المؤتمر محاولات تزوير تاريخ جمهورية الشيشان والشعب الشيشاني، كما ويشجبون ما تنشره وسائل الإعلام المختلفة، من مواد لا تستند إلى الواقع بشيء، وتسيء إلى الشعب الشيشاني، وتستفز المسؤولين، مستحثة البعض منهم للضغط على المواطنين الشيشان، والانتقاص من حقوقهم المشروعة؛ مما يؤدي إلى نشر العداوة والبغضاء بين شعوب روسيا الاتحادية، ويؤثر بدوره سلباً على العلاقات ما بين الأقوام المختلفة، وعلى المناخ الاجتماعي-النفسي في المجتمع الروسي. ومثل هذه الأعمال والتصرفات يجب أن تلاحق بصرامة، بموجب قوانين روسيا الاتحادية.
12- يكلِّف المشاركون في المؤتمر اللجنة التنظيمية، لتحضير ونشر مواد المؤتمر، والقيام بإلقاء الضوء على مجرياته، وعلى نتائجه وتوصياته.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* ترجمة وإعداد/ الدكتور أمين شمس الدين داسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة