الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كقطة مدللة .. - قصة قصيرة -

أماني فؤاد

2014 / 3 / 19
الادب والفن


كقطة مدللة ..
د. أماني فؤاد

في الرابعة بعد منتصف الليل ، فتح باب غرفتها ، أيقظها قابضا علي معصمه ، تتساقط من بين أصابعه دماء غزيرة ، باغتت عينيها غير المستوعبة ، قال بإصرار حاسم : ساعديني.. لا أستطيع أن أكمل .. أريد الموت .
عيناه جامدتان بلا مشاعر ، رعشة بكل جسده تتوسل إليها . تُصعق .. ، يطلب منها تساعده أن ينهي حياته.. ــ بيديها ــ !!
بقع دمائه تُغرق ملابسه ودنياها ، وتتهاوي كلماته بقاع روحها فينطبع حزن مقيم : " عجلي بنهاية هذه الحياة ، لا أريدها" .
خطفت من يده السكين ، وتركته في دمائه .. هرولت نحو المطبخ ، ربما في لحظة واحدة فتحت أدراجه كلها ، وجمعت كل ماهو حاد وأخفته سريعا .
فتحت ومضا أدراج خمسة عشر عاما ... وسنواتها تنسال كدماءه التي تتساقط أمام عينيها .
لخمس سنوات من عمره لم يكن يغفو إلا وهو يتحسس أنفاسها .. ، قطَّعت كل سكاكين العالم شرايين أيامها ، و انغرزت في بقع فشلها .
عادت إليه ..، قرر أن تساعده ينهي حياته ، منذ متي طلب منها ولم تجبه !!! .
كما قذفت به إلي هذا الوجود عليها أن تخلصه .. من بإمكانه أن يحتمل كل هذا الضياع ، العدم الذي يتصوره ، دفعته برفق ، البياض يصبغ شفتيه ووجهه ، ورعشات جسده ترعبها ، لم تنطق سوي بكلمة : لماذا ..؟
أطنان من الظلام تتساقط فوق رأسها ، يركض الخوف من نفوس البشر جميعهم ، يقفز فوق عمرها الآتي .
جلست تحت قدميه علي الأرض تمسح دماءه ، منذ وضعوه علي صدرها وليدا ، شعرت بأن روحا حائرة التصقت بها ، ربما هو بعضها ..أوأكثر فداحة .
عادة كان يأتيها ، يحكي أنه إذ يفكر في شيء ما يجده أمامه ، يعترض وجوده ، فتجيبه : ي أحيانا ما يحدث هذا بالحياة .
تشغله القوى الميتافيزيقة ، يظل يسأل .. وهي لا تملك إجابات شافية ، إن هي إلا تكهنات ، قد لا نملك تفسيرا لبعض الظواهر .
تطهر جروحه ، وتتلوث كل سنواتها التي هدهدتها معه ، ليحبو بأحضانها تفرغت له.
تلف الشاش علي معصمه ، وتغلف جسدها وأيامها علي جسده ، لعلها تحاصر حزنه .. ، للحظة تخيلت لو أن بإمكانها أن تضع اكتئابه تحت مقصلة ، لم تنطق ..، فقط كانت تشعر أنها تريد أن تقبّل قدميه التي تمسح الدماء من فوقها ، تتحسس دفئها لتصدق أنه لم يزل حيا ، وفقط تتمتم : لماذا ؟
باغتها ذات مرة وسألها : لماذا لا يعيش الإنسان كقطة مدللة ؟ بعينين مندهشتين نظرت إليه !!
أكمل : بلا واجبات .. بلا مسئولية ، الطعام ، البلاي أستيشين ، الكومبيوتر ، الاسترخاء ،..وفقط .
أجابته وهل تلك حياة ؟! بلا هدف ، تشعر بداخلها أنه يتراخي، يتكاسل أن يبذل .
اجابها : لا أخاف من الذي لا استطيعه ، خوفي الأعمق من تقليص قدراتي حتى أستطيع أن أحيا وسط أقراني ، وجود خافت هو ما يتقبله البشر من المغايرة .
يكمل : أسئلتي بلا أجوبة ، لم العيش والعدم هو النهاية ، تتكرر الأيام والأحداث ، ولا جدوي ، لم كل هذا الملل .
كرر مرارا : يستوي الموت مع الحياة .
كانت حين تتدافع أسئلته لها منذ سنوات .. تخشي علي سنواته الغضة ، فتدعوه أن يؤجل بعضها وتجيب عن بعضها ، ذكرت له مرارا أنها لا تملك يقينا ، هي أيضا تتسأل وتفكر .
الأن تشعر أنها أرهقته .. لم تهبه الراحة كي يركن كالآخرين إلي المعتاد.
بدلت ملابسه وأخذت رأسه في صدرها ، ولم تنطق ، كانت أناملها تربت فوق صدره الذي ينتفض ، كورته بحضنها ، ودت لو أدخلته برحمها ثانية .
لم تلمح بعينيه تعبيرا واحدا .
تتذكر مرات فرحه الساذجات ، كلماته حين يتذوق طعام أعدته له وأعجبه : " طعمه يلامس طرف الجنة " ، كان يتلذذ بالحياة كما يتلذذ بالمعاني حين يكتب أحد الفقرات فيأتي ليقرأها لها .
منذ أستلقي علي شاطئ البحر منذ صباه الأول ودمعت عيناه وهو يساءل الوجود ، أدركت عقله ، وشعرت بهشاشته أيضا .
هي دورة ولا أريد أن أشارك فيها ، لن أفعل شيئا ، فقط أريد أن أنسحب بهدوء ، هكذا قرر.
في الصباح قال الطبيب في المستشفى : لن يسمح بالزيارة لمده أسبوعين علي الأقل ، وذهب ابنها دون أن يترك لها نظرة واحدة .
استمرت ترد علي الأسئلة التي تتابعت لأكثر من ساعتين ، لم تتساقط من عينيها دمعة واحدة ، كانت تشعر بمسئوليتها أكثر من خوفها . سألت الطبيب ، قال : لا أستطيع أن أحدد أي شيء الأن .
تركت المشفي وأخذت سيارتها وانطلقت بعيدا ... تباعدت وتباعدت إلي أن ذهبت إلي البحر ، ثم استمرت تصعد الجبل ، حتي وصلت إلي أعلاه ، جلست في الشرفة ، واجهت الموج من أعلي ، جاءتها قطته وقفزت لتجلس في حضنها ، ربتت علي ظهرها وبدأت دموعها تتساقط .. وتدعو الكون ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 19 - 13:08 )
(وتدعو الكون ..)! .
هل الكون خالق أم مخلوق؟... لا وجود للكون قبل الـ(إنفجار الكبير) , الكون لا يضر و لا ينفع .
على العموم , تابعي هذا الفيديو :
https://www.youtube.com/watch?v=tbqaLqhpxCM
و هذا البحث :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52577-التاريخ-المصمم
أيضاً , الموت لا يعني العدم , فقد ظهرت نظريه علميه حديثه , اسمها : (البيوسنتريزم) , هذه النظريه ؛ تؤكد وجود الوعي و المشاعر بعد الموت (تتفق مع الدين) , راجعِ موقع صاحب النظريه على هذا الرابط :
http://www.robertlanzabiocentrism.com/does-death-exist/


2 - المادي الملحد معرض للانتحار
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 19 - 14:18 )

لأنه لايؤمن بالله ولابالقضاء والقدر ولابالبعث والجنة والنار

فهو تائه ينتحر ولو تدريجيا ودون أن يغتال نفسه

هو ابن أمه لو أرضعته الايمان لعاش عن قصد وغاية

قد تعترضون على هذا النقد

هي قصة المهم السرد والصورة

لكن كل سرد يحمل رسالة يراد تمريرها

أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لاترجعون؟؟؟؟

اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با