الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصريون المحدثون بين صافينار وفيفي عبده

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2014 / 3 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المصريون المحدثون: شمائلهم وعاداتهم هو عنوان كتاب المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين الذي نُشِرَ عام 1835. وبالتأكيد قد جرت في نهر المجتمع المصري مياه كثيرة منذ ذلك الوقت حتى قيام نادي الطيران بتتويج الراقصة فيفي عبده أما مثالية في مارس 2014. تزامن ذلك مع بزوغ نجم الراقصة الشابة صافينار (صافيناز) وظهورها اللافت في أحد البرامج التليفزيونية مع الإعلامي شريف عامر في نفس الشهر.

الحادثتان تزامنتا مع أحداث جلل يشهدها المجتمع المصري بعد موجتي تسونامي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 ومن أهمها إستهداف رجال الجيش والشرطة ومواكب العزاء وتشييع جثامين أبناء الوطن، إلا أن كل تلك الأحداث لم تطغَ على الأحداث الكبرى الخاصة بالراقصتين. فقد إمتلأت صفحات التواصل الإجتماعي بالشجب والندب والتعليق على أحداث الراقصتين جنبا الى جنب مع أحداث الإرهاب الأسود وإستهداف أبناء مصر وكأن لسان حال الشعب يقول "ساعة ساعة" وأن "بوستات" شجب الإرهاب ربما تغفر آثار "بوستات" الراقصات.

إذا دخلت في مناقشة جادة مع أحدهم سيقول لك أن الرقص الشرقي فن محترم وأن فيفي عبده فنانة محترمة وملتزمة بالإضافة الى انها فنانة شاملة لا تكتفي فقط بالرقص ولكن لها رصيد معتبر من المسلسلات والأفلام والمسرحيات، كما أنها أدت فريضة الحج وأنها أدت العمرة أكثر من مرة ولها في فعل الخير باع طويل. أما إذا حدثتهم عن صاروخ الرقص الشرقي صافينار ستجدهم يقولون لك أنها أنعشت الرقص الشرقي وأن رقصها يعد تجديدا لمسيرة "الفنانة" فيفي عبده. أما إذا ذهبت الى مقاطع الفيديو الخاصة بها على الإنترنت ستجد ملايين المشاهدين لمقاطعها. كما يتمنى الكثيرون أن يكون بمقدورهم دعوتها لإحياء أفراح أبنائهم. صحيح أنه إن حدث ذلك سيشيح البعض وجوههم بعيدا عن الإرتطام بجسدها، معظمهم خشية زوجاتهم أو أقربائهم في الفرح، لكن إذا أتيحت له الفرصة للفرجة بدون مراقبة لطعنها بسهام نظراته حتى الثمالة.

الفنانة والراقصة الإستعراضية فريدة فهمي، لمن لا يعرف، هي إبنة الدكتور حسن فهمي الذي كان أستاذا في كلية الهندسة. فريدة فهمي كانت فخرا لوالدها ولكن تخيل أن فريدة الأن في عز مجدها ومازال والدها يمارس عمله بالتدريس في الجامعة. طبعا تخيل كمية الهمز واللمز من تلاميذه في كل محاضرة، وربما رشقه أحدهم بالطبشور وإتهمه أنصار الإسلام البدوي بالكفر والزندقة.

المصريون المحدثون، كما قال أحد المفكرين المعاصرين، يخشون الفضيحة ولا يخشون الرذيلة. إنهم يمارسون التقية، كلنا غارقون في الخطيئة ونرجم المجتمع بحجر. المصريون غارقون في الرذيلة ولكن يحبون أن تكون الرذيلة من خارج مجتمعهم. فإن كانوا يحبون الرقص فلتكن الراقصة "غازية" ولا مانع من التحرش بها بعد إنتهاء فرح إبن العمدة، فهي من وجهة نظرهم مثلها مثل الإماء والجواري والمحظيات. إن كانت فنانة إستعراضية فلتكن من أصل أجنبي. لقد إعتدنا على ذلك خاصة بعد الحرب العالمية الأولي وبعد أن أغرق مصر طوفان اللاجئين الأوروبيين من إيطاليا والنمسا وغيرهما من الدول الأوروبية، بنات الليل والراقصات والإستعراضيات ونجمات تلك الفترة كانت غالبيتهن من أبناء اللاجئين الأوروبيين.

فيفي عبده فنانة وراقصة كان يسيل لعاب الكبار عليها عندما كانت في عز مجدها. نفرح إذا تلقينا دعوة لفرح تحييه ونشاهدها على قنوات التليفزيون ولكن لا نتقبلها في المجتمع ولا نقبل أن تكون أُمّا مثالية. صافينار أو صافيناز، نتقبلها مثلما نتقبل الغوازي وراقصات الموالد ولا نتقبلها كإنسانة لها كافة الحقوق وعليها كافة الواجبات. شيزوفرينيا مجتمعية متفشية لا شفاء منها على المدي القريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية