الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة أولية إلى السيسى

داود روفائيل خشبة

2014 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


أخيرا خطا المشير السيسى الخطوة التى كان الناس يترقبونها فقدم استفالته كوزير للدفاع وكقائد عام للقوات المسلحة وأعلن عن نيته الترشح فى الانتخابات الرئاسية. ووجّه السيسى فى هذه المناسبة خطابا إلى المواطنين تحدث فيه بلغة عاطفية وعبارات تتسم بالعمومية. ونحن ندرك بالطبع أنه لم يتقدم بعد ببرنامجه الانتخابى وأن الدخول فى مناقشة جادة ونقد تفصيلى للبرامج والخطط لم يحن موعده بعد، لكن هذا لا يمنع من أن نتفدم بملاحظات أولية.
أشار السيسى لأوضاعنا المتأزمة ولمشاكلنا الضاغطة (ليس نص الخطاب بين يدى، فأرجو المعذرة إذا استخدمت عبارات مغايرة دون الإخلال بالمضمون)، وقد رأى البعض، منهم الإعلامى إبراهيم عيسى، أنه بهذا أخطأ فى حق نفسه. لكنى على العكس من ذلك أرى أنه لو لم يذكر الصعاب والعقبلت لاعتبرنا ذلك تهرّبا وغيبة للجدية. لكن الإشارة العامة للمشاكل لا يغنى.
ذكر السيسى مثلا مشكلة البطالة وأكد على ضرورة معالجتها. وبديهى أن يرد ذلك فى برنامج كل مرشح للرئاسة، إنما المطلوب أن يبين لنا المرشح تحديدا ما الخطوات والآليات التى يرى تطبيقها لمعالجة المشكلة، والمطلوب أن يحدد المرشح نسبة الخفض المستهدفة فى معدلات البطالة، فالمعروف أنه ليس هناك إنهاء تام للبطالة فى أى نظام مما يسمى بالافتصاد الحر. وما قلناه فى صدد مشكلة البطالة يقال أيضا فى صدد مشكلة الأمن ومشكلة الطاقة وغيرها من المشاكل، فلا يكفى الوعد بمعالجة هذه المشاكل بل لا بد من تحديد وتفصيل الخطط والآليات اللازمة لتحقيق ذلك.
وقبل أن نمضى بعيدا أحب أن أوضح هنا أن ما نطالب به السيسى هو مطلوب بنفس القدر من المرشح حمدين صباحى ومن كل مرشح قد يدخل هذا المضمار. لكننى هنا أتوجّه إلى السيسى على نحو خاص وأطالبه قبل غيره بضرورة توضيح موقفه من الأمور التالية:
لا بد أن برنامج السيسى يؤكد على مطلب العدالة الاجتماعيةـ وهنا لا بد من أن يوضح لنا المرشح مفهومه للعدالة الاجتماعية. ما الخطط والإجراءات والآليات التى تؤمّن حصول المواطن على حقه الطبيعى فى الخدمة الصحية، فى معاش كريم، فى تعليم سليم وجيّد لأبنائه، فى بيئة نظيفة، فى ثقافة تغذّى روحه بروافد الخير والجمال، فهذه كلها من أبعاد العدالة الاجتماعية. ثم نجىء إلى ما هو أخطر ما فى الأمر.
إن معالجة كل مشاكلنا والعمل على تحقيق التنمية والتفدم، كل ذلك له تكلفة ، تكلفة باهظة. كيف نوزّع أعباء تلك التكلفة؟ نوزّعها على المواطنين طبعا. أىّ مواطنين؟ الفقراء ليس عندهم ما يؤخذ منهم، حتى إن نزعنا عنهم أسمالهم فإنها لن تفيدنا شيئا. متوسطو الدخل الذين بالكاد وبكثير من العناء يفون بحاجاتهم الأساسية، والذين هم بالفعل يسهمون بنصيب كبير فى ميزانية الدولة، هؤلاء أقصى ما يجوز أن نطالبهم به هو أن يصبروا قليلا وأن يتمهلوا قلبلا فى الإلحاح على مطالبهم العادلة كل العدل. يبقى ميسورو الحال، والمطلوب من كل مرشح أن يبيّن فى وضوح ما سيطلبه من هؤلاء، وأن يحدد فى صراحة وبكل دقة الإجراءات والآليات التى يرى تطبيقها لكى يتحمل ميسورو الحال العبء الأكبر فى تكلفة الإصلاح والتقدم.
وأمضى إلى تساؤلات أخص بها المرشح السيسى، ومبررى فى هذا أن هذه التساؤلات، على أهميتها وخطرها، لا نجد فى كل ما سمعناه من السيسى بصيصا من ضوء يكشف عن موقفه منها.
ما موقفه من أحزاب الإسلام السياسى وفى مقدمتها حزب النور السلفى؟ هل تظل هذه الأحزاب نشطة على الساحة السياسية برغم أنها تأسست فى تحايل مفضوح على القانون؟
ما موقفه من حرية الفكر والإبداع؟ هل نظل نرى عملا إبداعيا يُحظر لأنه يتناول أحد الأنبياء أو أصحاب الرسول؟
هل نظل نرى عملا فكريا جادا يتعرّض بسببه المفكر للتجريم بتهمة ازدراء الأديان لأنه ناقش عقلانية بعض المعتقدات الدينية؟.
ما موقفه من حرية العقيدة؟ هل يظل الشيعى أو البهائى أو اللادينى متقوص المواطنة؟
ما موقفه حيال تجاوزات الأمن التى لا سبيل لإنكارها، وماذا عن قضايا التعذيب؟
هذه مجرد نماذج وأمثلة. صحيح أن الكثير مما أوردته يخص المشرّع بأكثر مما بخص الرئيس التنفيذى، لكن من المهم جدا أن نعرف المنظور الفكرى لمن يتقدم إلينا طالبا أن نختاره رئيسا للجمهورية، وخلاصة ما أطالب به أن يخاطب المرشح عقولنا وأن يكون فى خطابه صريحا واضحا محددا.
القلهرة،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشاكل مصر
ياسين المصري ( 2014 / 3 / 29 - 14:33 )
إن أم المشاكل في مصر هي الجهاز الإداري الذي وصفه المشير السيسي بالمترهل.
إذا لم يتم إعادة هذا الجهاز إلى ما كان عليه قبل انقلاب العسكر في عام 1952 المشؤوم، فلن يتم أي إصلاح في مصر على الإطلاق.
البيروقراطية والتسيب والفساد الإداري من أهم العوامل المعوقة للتقدم في مصر.
وإذا لم يضع السيسي هيكلة هذا الجهاز في قمة أولويلاته ويعيده في أسرع وقت ممكن إلى ما كان عليه فسوف يكون على مصر السلام.

اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست