الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الانتهازية والانتهازيون

صلاح كرميان

2002 / 11 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

/ سيدني

في الظرف السياسي الراهن والاحتمالات المتوقعة على الساحة السياسية في العراق، يجدر بكل المخلصين لمصالح الجماهير العريضة من المثقفين والسياسيين المعنيين بمسقبل العراق، الانتباه الشديد الى أحد اخطر الامراض السياسية والاجتماعية التي طالما لعبت ادوارا سلبية خطيرة في انحراف مسيرة الجماهير التواقة الى الخلاص من الانظمة القمعية التي سلطت قبضتها على مقدراتها لعقود من الزمن وحالت دون التعبير عن ارادتها وتمتعها بالحرية والعيش بسلام، الا وهي الانتهازية.
 كان هناك وجود للانتهازيين على مر العهود، فحالما كانوا يجدون الفرص مؤاتية لهم كانوا يندفعون لاقتناصها ويتلونون كالحرباء دون خجل وحياء باقنعة مختلفة. أن الفرد الانتهازي مجرد من من اي مبدأ او عقيدة او فكرة او مذهب معين وسرعان ما يبقلب على ادعاءاته ولا يمانع من الخروج عن الجماعة التي يدعي الانتماء اليها ويتصف بصفات الغدر والخيانة للفئة أو الحزب الذي ينتمي اليه او حتى لبني جلدته او لابناء شعبه. وهناك أصناف من الانتهازيين يبدون مهارات كافية لللعب على الحبال متى حتمت عليهم مصالحهم الذاتية، فالانانية هي الصفة البارزة لدى امثال هؤلاء. فمنهم من يلبس ثوب التقدمية والعلمانية تارة واخرى ينحاز الى مذاهب وفئات رجعية او يدّعي الوطنية في حين يلهث وراء المخططات الاجنبية بحجة أن الخلاص من الدكتاتورية والسلطة الدموية لا يمكن تحقيقها الاّ بالتدخل الاجنبي، رغم ادراكهم ان الدكتاتورية ارست دعائمها ونفذت سياساتها بمساندة ودعم القوى الاجنبية التي رأت في النظام الفاشي خير وسيلة لتفيذ السيناريوهات التي ترسمها لتحقيق مصالحها.

اقبل النظام الدموي لصدام حسين منذ بداية عهده على الانتهازيين والوصوليين واستفاد بشكل ملفت للنظر من خدماتهم في كثير من المجالات وخاصة في التعرف على سياسات ونهج المناوئين له من الاحزاب والتيارات السياسية وكذلك في رفد آلته الاعلامية واجهزته القمعية والجاسوسية. برزت الى الوجود كثير من العناصر الانتهازية من الكتاب والشعراء والاعلاميين وحتى الاكاديميين والكوادر الادارية والفنية في المجالات المختلفة وانضموا الى صفوف حزب السلطة واصبحوا اداة طيعة في تنفيذ مآربها مساهمين بشكل فعال في خداع الجماهير بأضفاء صفة التقدمية والوطنية على نهج السلطة. فكان منهم من يقدم خدماته للسلطة من اجل الحصول على منافع مادية من الهبات و( المكرمات ) أو بغية تبوء مناصب رسمية او من اجل تحقيق الشهرة، وقد قدمت مؤسسات السلطة المختلفة امتيازات تلو الاخرى لهؤلاء للاستفادة من امكاناتهم بل وشجعت وغذت روح الانتهازية لدى الكثيرين ودأبت على شراء الذمم لاحكام سيطرته على البلاد، وكانت لتلك العناصر اللانتهازية اكبر دور في تقوية السلطة وادارة مؤسساتها فلولاها لما دامت تسلطها على رقاب الشعب الى يومنا هذا.

في اعقاب الانتفاضة الجماهيرية التي عمت الجنوب العراقي وكردستان عام 1991 والتي ادت فيما بعد الى انسحاب الادارات الحكومية من كردستان وتولي الاحزاب الكردية السلطات فيها. انتهزت العناصر الانتهازية الكردية منها خاصة الفرص التي اوجدتها ظروف ما بعد الانتفاضة، فتسارعت تلك العناصر الى خلع ثوبها القديم وتبرأت عن ادوارها التي لعبتها في تنفيذ سياسات السلطة القمعية التي مارستها بحق جماهير كردستان من عمليات الابادة والتشريد والتدمير والارهاب المنظم عندما رأوا بأم اعينهم أن غضب الجماهيرقد هز اركان النظام الذي كانوا ينعمون من بركاته وان نهايتهم قد ستكون مع نهاية النظام الايل الى السقوط نتيجة الاحداث التي تعاقبت، اداروا ظهورهم والتجأوا الى الاحزاب الكردية التي رحبت بهم بغية تقوية نفوذهم في الصراع الدائر لاشغال الفراغ السياسي مستفيدين من الظروف الاستثنائية والعفو العام التي وفرته لهم سلطات الاحزاب السياسية بحجة استبباب الامن وتناسي احقاد الماضي، وقد تمكنت عناصر انتهازية كانت لهم سجلات حافلة بالاجرام والخيانة من المتاجرين بدماء الابرياء من حملة النياشين والانواط واشباه المثقفين من الكتاب والشعراء وغيرهم من المداحيين والمتملقين وضعاف النفوس والذين كانوا  يسبّحون بحمد النظام الى التغلغل الى مراكز ومواقع مهمة على الرغم من تاريخهم الاسود و نبذهم من قبل جماهير الشعب الكردي.  

عودة الى الظرف الراهن، فمن الملاحظ ان مجاميع كبيرة من العناصر الانتهازية قد تركت صفوف النظام سيما في السنوات الاخيرة وتحاول بكل السبل الظهور في المحافل السياسية والسباحة مع التيار. فنرى من يندفع منهم بقوة مع المخططات التي ترسمها القوى الاجنبية لعراق ما بعد صدام او يحاول التودد من الاحزاب التي لها ادوار مهمة في السيناريوهات المستقبلية المرسومة. وكثيرا ما يتوهم البعض منا في تقييم النشاطات المحمومة التي يبدونها في المناسبات العديدة التي يحاولون اظهار وجودهم للتغطية على ادوارهم السابقة في خدمة النظام والتي كانت لها اثارها الوخيمة في تقوية النظام الاستبدادي حتي ولو كانت بالانتماء الشكلي الى حزب السلطة كما يحلو لبعض منهم التقليل من اهمية تلك الادوار. ان الذي رسخ قلمه وفكره وخبراته لخدمة النظام اوانتمى الى صفوف الحزب الذي لم يعني الانضمام اليه غير الولاء للطاغية حبا للذات وتعبيرا عن الانانية المقيتة، لايجوز له التشدق بالوطنية والاخلاص للشعب. ان الواجب الانساني ومصالح الجماهير الكبرى يحتم على كل من المثقفين والكتاب والسياسيين الشرفاء العمل على كشف وفضح تلك العناصر الانتهازية والوصولية في محاولاتها الدؤوبة لخداع الجماهير والظهور بادوار مزيفة لتحقيق مصالحها الذاتية.
 وانها دعوة صادقة الى الاخوة الكتاب والباحثين والسياسيين المخلصين لقضايا الجماهير للمساهمة الفاعلة في اغناء هذا المجال.

27/11/2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير