الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبقرية أندريه بروتون

عدنان محسن

2014 / 4 / 14
الادب والفن


ألن جوفروا
ترجمة: عدنان محسن
ثمّة من يحلم، يتأمل ويعشق في آن واحد.ثمّة من يقول قوله فيكون قوله كتابة غير قابلة للنسيان.ثمّة من يُبصر ليوقظ ببصيرته العالم. يكتب وتضحي كتابته فعلا، أحداثا تستنطق التاريخ. الشعراء هم أناس يمضون بخطوات راسخة إلى حيث لا نعرف أين هم ذاهبون. يعيشون الصداقة بشغف ويعرفون الغضب والضجر ولا يفصلون عواطفه عن آرائهم ولا قولهم عن فعلهم. يعيشون من أجل الثورة، ويعرفون جرح كلّ لحظة مهما كانت درجته.لا يتنصلون عن أوجاعهم ولا يخضعون سلوكهم لمعايير متفق عليها ولا ذوقهم لمقاييس جاهزة الصنع.يتوغلون في الحاضر والغائب لاستحضار المدهش المخفي فيهما.هم دوما في الطريق المؤدي إلى قيم جديدة تفضي إلى جمال جديد. ليسوا بمتسامحين. حادون وحديون. قد نعجب بهم وقد نكرههم، نهيبهم أو نخشاهم، نقرأ لهم فتتغير حياتنا، نحاورهم فتهتزّ قناعاتنا، ونضيّع آثرهم لنعثر عليه في أماكن لا تخطر في البال. نفتح قلوبنا لهم ولا نخيّب آمالهم. وحده الشاعر دليل نفسه لاكتشاف الذات، والشعر هنا، ليس سوى سعي وراء الحقيقة، وأعني، العودة إلى الذات، وأقصى ما يفعله المرء هنا أن يعود إليها بثبات.
نرثهم في " الأنا " وكلّ ما نرجوه هو أن تحلّ " أفكارهم الكاسرة " في الومضة والإيماءة والقول وفي الصمت – القصيدة. يسميهم المجتمع شعراء. ولا تضيرهم هذه التسمية، لأنّ كلمة شاعر "هذه " صار يحملها الناس كما يحمل التلاميذ حقائبهم للذهاب إلى المدرسة.
في منتصف القرن العشرين، وبينما كان البعض يحاول أن ينأى بنفسه عن إغراءات الحياة الدنيا، ظلّ البعض الآخر يواصل الاعتقاد بأنّ الشعراء كائنات هامشية ورومانتكية اعتادت معالجة السطور أسرع من الغير، منصرفين إلى كتابات لا يحل طلاسمها العقل ولا يمكن تفكيك رموزها إلّا من خلال تواطؤ القارئ مع ما يقرأ، وفاتهم، أنّ ستندال، مثله مثل نرفال، كان رومانتيكيا هو الآخر.
إنّ الشعراء لهم الكتاب الأكثر دقّة والأبعد نظرا، ذلك أنّ ما يقوله الشعر لا ينتهي بانتهاء القصيدة.ويحدث أن يطلقوا كلمة " أشعار " على جمل قصيرة تشبه الشذرات، ومنهم من لم يكتب حرفا واحدا،ومنهم من يرى أشياء ويتنبأ بها قبل غيره، ومنهم من يجاهر بالحقيقة السابقة للتاريخ، ومنهم من يؤسس مبادئ في المعرفة نطلق عليها النظريات، تلك التي لها فعل السحر على حياة وأفكار قرائهم.وهكذا، كل ما حققه هؤلاء وعاشوه وفكروا به منذ الولادة حتى الموت وما بعده يسمى "شعرا".
من بين هذا الحشد من الذين يكتبون القصائد، الشعراء نادرون. منهم لا يكتب سوى الشعر رافضا بعناد كتابة النثر، وهو في هذا هو ليس أكثر من شاعر كونه...فلنقل فحّماما!
ثمّة رجال ونساء لا يكتبون الشعر، لكنّهم أكثر قربا من عدد لا يُحصى من ناظمي الشعر أصحاب " الفن الشعري "، ومن أجل هؤلاء يكتب الشعراء، من أجلهم فقط، لأنّ الانقلاب الحقيقي للعالم والتغير النهائي للحياة، يتوقّف عليهم وحدهم. الشعراء يقدّمون ما نطلق عليه "قصائدهم " كلقاءات وأحداث وتاريخ حي لا بدّ أن يُعاش.الكتاب، في نظرهم، ليس مادة للاستهلاك بل نواة مركزية ومخاطره حقيقية للكون. أنّ مجرد فتح أعمالهم لهو فعل يسمح لنا بأن نخاطر بالأول والتالي.
الكتاب- التحفة كما يتصوره الشاعر يغدو صورة حيّة بما يصرّح به وبما يستفيض في وعي قارئه. وأندريه بروتون أكبر شعراء زمانه. وهذا أمر لا شكّ فيه لأولئك الذين قرؤوا نوفاليس، نرفال، رامبو، لوتريامون، أبو لينير، واستكشفوا في الشعر مادة لإعادة خلق كاملة وممكنة للكائن البشري. وهو أمر لا يقبل الشك لمن يرى في الشعر ثورة تُصاغ في كلّ لحظة وفي كلّ زمن، وفضاء ينبثق الجمال منه بحرية وبلا قيود.وهو أمر لا شك فيه لأولئك الذين يرفضون النظر إلى الشعر حسب معايير المؤرخين والأساتذة. وهو أمر لا شك فيه لمن يعتبر الحب والأيروسية والعمل السياسي والحياة اليومية والاستدلال والحلم مواد أولية لتفجير كلّ شيء ولتذليله من أحل إعادة خلقه. باختصار، هو أمر لا شكّ فيه لمن يجد في " الأواني المستطرقة " مثلا وعلى وجه التحديد صفحة124من الطبعة الأخيرة الفكرة ذاتها والحياة عينها، وإن صحّ القول ذات الصرامة والمخاطرة، ما يجده في " كان ما سيكون "، تلك المقدمة المدهشة لمجموعته الشعرية " المسدس ذو الشعر الأبيض " أو في قصيدة " ضوء الأرض ".
أعمال أندريه بروتون لا تتجزأ فهي كالصخرة المتحركة غير القابلة للتفتيت، وهي أيضا فضاء فسيح يتماهى فيه أي طائر عابر، مهما كان لون ريشه، بتفاصيل هذا التشييد الهندسي غير المعقول. وتكشف كتابات بروتون عن مزاج حاد في " البيان الثاني من السريالية " على وجه الخصوص، وهي تترجم حالات من التحفظ الذهني في " فتحات " وفي " بيانات دادائية "، وفي تلك العبارات من نوع، لم يعد واردا الحديث عن هذين المذهبين: الأخلاق والذوق.وتظهر أيضا في مقدمته للفصل المخصص لجاك ريكو في " أنتلوجيا الدعابة السوداء " حيث يقول: أجمل هدايا الحياة هي الحرية في التخلص منها أنّى نشاء,
قصائد بروتون من مجموعته الأولى "محل الرهانات " إلى مجموعته " كوكبات" مع ميرو، مرورا ب " الحقول المغناطيسية " هذا الكتاب الذي لا يمكن أن يُنسى، حتى تلك الإصابات المصقولة في اللعبة المسماة " الجثة الشهية "، كلّ هذا لا يمكن فهمه إلّا في جعله امتدادا لمعارفنا الشخصية وإلّا باعتباره جزءا من حياتنا. أنّ صرحا كهذا غير قابل للزوال إلّا في حالة واحدة، هي أن يتغير وبشكل جدّي مركز الجاذبية الذي يضعه في توازن فوق هذا الفراغ التاريخي للمجتمع المضاد للثورة.
لقد تجلّى شعر بروتون عندما كان يتحدث في الليل، لأول مرّة، لزوجته وبنته الجالستين أمامه في فندق ما في منطقة الفينيس تير غرب فرنسا، وعندما كتب، وهو شاب، رسالة إلى بول فاليري، وعندما وقّع مع تروتسكي " من أجل فن ثوري وحر " وعندما ذهب إلى جر الأنتيل بعد أن منع البوليس التابع لحكومة فيشي قصيدته الشهيرة "فاتا مورغانا " وكتابه " انتلوجيا الدعابة السوداء " وعندما استهل كلامه في مهرجان أقامته " مجلة الفوضويين " وعندما دافع في أوج حرب الجزائر عن الفارين من الخدمة العسكرية، وأيضا عندما كان جالسا في فندق آخر من نفس المنطقة غرب فرنسا فاستلّ مقالا من صحيفة " التل غرام دو الوي ست " عنوانه " ألن الأصغر في غابة هول كوت، يقود جيرانه الصغار إلى المدرسة " ودسّ ما اقتطعه من الجريدة في هامش الكتاب إلي أهداه إلى صديقه.
أنّ بروتون هو شاعر على الدوام، مثلما الهواء على الدوام هواء حتى لو تحول إلى مطر أو ضباب أو جليد.
الشعر، في نظره، هو مستقبل الإنسان، وقصائده التي كان من النادر جدا أن يوافق على نشرها أو إعادة نشرها، تشكل المنطلق والبؤرة البلورية لتاريخ أوسع من تاريخه. وهو تاريخ جعل من بروتون أحد مرتكزات عالم نميل نحوه ويّتجه إلينا. وليطمئن جهابذة الأدب أنّ هذا العالم لا يأبه بهم كثيرا وهم لا يعرفون ذلك بتاتا، وليسلّم بهذا الأمر مصنفو الشعر ونقاده المختصون، فهذا العالم هو نفي كامل لكلّ إرادة محافظة. ولا شيء يمنعهم من الانضمام إلى هذه المغامرة التي كنت بصدد الحديث عنها. لأنّ الشعر في نقده لمجتمع ما زال يرتكب حماقة الفصل بين الروح والجسد، وبين الفكر والحقيقة الخالصة، يؤكد على الانفتاح، من خلال هذه الإمكانية الوحيدة،على عالم يكون الصمت المؤقت فيه قصيدة بلا نهايات. قصيدة بلا نهاية هي القصيدة التي يكتبها سوبو وبروتون قبل خمس سنوات من ميلاد السريالية ، بينما كانا يصغيان عام 1919 إلى ذلك الصوت الداخلي، الصوت الوسيطي، الذي يشكل لوحده الكتابة الآلية.أنّ كلّ قصائد بروتون في أعقاب " الحقول المغناطيسية "حتّى اللحظة التي أعلن فيها في كانون الأول "ديسمبر" 1933 أنّ تاريخ الكتابة الآلية في السريالية ولا أخشى أن أقول ذلك سيكون مصيبة دائمة، فهي قصائد فكر يُرتجل، فكر يلقي بنفسه في النار بلا غاية سوى غاية اكتشاف الفكر نفسه ومن ثمّ تحريره.
أربع سنوات في ماا بعد، يتذكّر بروتون تلك المقاطع القصيرة من " عبّاد الشمس " التي كتبها عام 1923 ولم يتضمنها ديوانه" المسدس ذو الشعر الأبيض"، بينما كان يغتسل صباح يوم ما، كأنها آتية من أي مكان ومن حيث لا ندري. قصائد غير مبالية وبعيدة كلّ البعد عمّا يثير.قصائد يبدو عليها أنها ذاهبة حيث لا نريد، قصائد تشبه المحاولات الملقاة في مغامرة داخل بحر هائج ومضطرب. يتذكّر بروتون أنّ تلك المقاطع تصادف كلمة كلمة وصورة صورة مع مغامرة عاطفية عاشها أثناء نزهة ليلية قرب برج سان جاك في وسط باريس. ونرى هنا أنّ مصيبة الكتابة الآلية قادرة أيضا أن تتحول إلى أمل من تلقاء نفسها، حتّى لو تمّ ذلك بشكل متأخر. أنّ الحظ، الحظ الساحر الذي يمتلكه الشاعر يكمن إذن في تلك الغزارة الفطرية التي تفيض بها روحه في إنتاج سيل من الكلمات والصور، والكتابة الآلية هي الباب النصف المفتوح للحظ، وأدراك ما لا يُدرك من ضرورة.
أنّها خرق الجدران التي تضعها الفردية غير الثورية بين الإنسان والعالم، بين الحاضر والمستقبل، بين الرجل والمرأة، بين الواقع والحلم. أنّها على وجه التحديد كتابة للحياة وحياة للكتابة. كتابة تهزم الحاجز المنيع الذي يقاوم الإعصار، لسفينة لا بدّ لها أن تغرق.ثمّة خلط بين مبدأ الكتابة الآلية واستعمالها، غير أنّ الشاعر يعرف أنّ هذا المبدأ باق وهو أعمق من المتوارث وأعمق من العادات المستحكمة في الشعر، وهو باق كمفتاح لحرية الفكر التي بدونها لا يبقى سوى العدم.
اقرؤوا بروتون، جملته تلقائية في طورها الأكثر نقاءا، فهو يفرض عليها نداءاته وتداعياته الملتهبة، فيبقى النص مفتوحا بنهايات ليست في الحسبان. قصيدة، بمثل هذا الإيقاع وبمثل هذا الوضوح وبمثل هذا الجلال تستمد وجودها من قانون واحد ووحيد: النزوة الأسمى. رقصة الروح مشدودة في الجسد ورقص ذهني يلزم الكائن دخول مخاطر لم يكن يحسب نفسه قادرا عليها.المد لم يكن منتظما والأصوات ليست متشابهه على الدوام، وأبيات لم نسمعها من قبل، والدهشة فائقة الحضور، والتخطيط الأول للقصيدة، ذلك الأمر الذي لا مفرّ منه، الاستهلال، التيمة، متغيرات، وتوقفات، وتأثير ومؤثرات. أنّ عبقرية بروتون تكمن في معرفته إعطاء تلك المحاولات سلطة الأمر التي بدونها يفقد أي شاعر كلّ حظوظه في الشعر. أندريه بروتون هو شاعر ومنظر هذه الآلية التي أثارت البلبلة في أنظمة الكتابة بشكل لا رجعة فيه.أندريه بروتون لا يمكن له أن يكون سوى الأكبر بين أولئك الشعراء الثوريين المولودين في فرنسا أواخر القرن التاسع عشر.ِشاعرا ومنظرا لهذه الآلية، أندريه بروتون أوصل الشعر، لأول مرّة منذ لوتريامون، إلى الجانب الآخر من الأنماط الأدبية، ولأول مرّة منذ أبو لينير برهن بروتون على أنّ الشعر لا ينحصر في الكلمات وحدها، بل أنّ الوجه الآخر للكتاب هو الحياة بعينها: الشارع، اللقاء، الحدث، ولأنّه كل هذا فأنّ الكتاب لا يمكن له إلّا أن يكونه في سياق يكون الزمان والمكان فيه هما إدراك وتجربة متواصلة لحقيقة لا تقف على أقدامها بعد، وأخرى تتأهب للمشي والتي تكون فيها الحقيقة الخالصة، تلك التي يكثر الحديث عنها، هي الشبح، وعند الاقتضاء البداية المنفذّة بشكل بطيء. وهكذا أنّ "الواقعية" التي لم تكن سوى مسرح ظل بائس، تعتبر اليوم من أكبر الأحتيالات الثقافية التي يمكن للمرء أن يقترفها بحق نفسه. وبالمقابل، أنّ مبادئ ونظريات السريالية تبدو أكثر تفوقا على نتاجاتها. ومن هنا أنّ السريالية تقدم نفسها كاستهلال لفكر المستقبل باعتبارها الفضاء الذي يكف المرء عنده في أن يكون حبيسا داخل مقولات جامدة وتحت وطأة هذا الغل الثقافي الذي يضيق الخناق غلى الذهن والعواطف والحرية على كافة أشكالها.
سيقال لنا إنّ السريالية قائمة منذ أربعين عاما، وسنجيبهم أنّ الشيوعية انتظرت تسعة وستين عاما كي تلحق الهزيمة بأعدائها. ونقول لهم أيضا إننا نعيش منذ اثنين وأربعين عاما ضربا من ضروب الكومونة، كومونة الفكر، وهي كومونة محاصرة بفرساي آخر تتكاثر أسلحته وجواسيسه. كومونة لا تنتظم إلّا للدفاع عن نفسها وحسب. أنا من بين الذين يعتقدون بأنّ حرية الجسد وحرية العقل لهما موعد مع الثورة، ثورة أكتوبر جديدة تطيح بأعداء كومونة الفكر. وأعرف أنّ المنحنى المرسوم على خلفية سوداء والذي نسميه فكرا، ليس حكرا على أحد ولا يعود لأحد، بل لا يعود حتى إلى الذي صاغه.
العالم والدم والفكر، في نظر الشاعر، شيء واحد. أن تفكر فهذا يعني أنّك تنزف في العالم.وبروتون الذي أشار وبشكل مدهش إلى أنّ لوتريامون ورامبو منظران قاسيان، يرى أنّ الشعر ليس ينبغي أن يكتبه الجميع وحسب بل ينبغي أن يُكتب في كلّ مكان وفي كلّ الظروف وبدون أي استثناء. فإذا توقف الشعر في مكان ما وإذا صارت له حدود سينقطع عن الحياة ويتوقف الشاعر نفسه عن البقاء. عندئذ يكون الانتحار حقّا هو الحل الوحيد.
ما دام الفكر قائما وقادرا على الانطلاق من إمكانيات نهاياتها غير محدودة سلفا، ومادامت الكتابة الآلية قادرة على توصيل صوتها، حتى لو تمّ ذلك في مقال غريب في جريدة، أو في حوار خافت مع امرأة حتى الفجر، أو مكتوب على حافة علبة سجائر، أو في السجن، ومادام الحظ واسعا ومادام الأمل والخيبة في الميزان، يبقى الشعر دليل المرء في معرفة أنّ غياب اللذة والحب شرّ لا يطاق.
في الظروف الأشد غمّا والأكثر هوانا التي يمكن للشاعر أن يمرّ بها، ثمّة الصدفة والحظ، ثمّة هذا التشابك العجيب بين الضرورة الطبيعية والضرورة الشخصية، وثمّة مكان للتقاطع بين الفضاء المادي وبين نقيضه. وفي كلّ هذه الأماكن يجوب مناضلو كومونة الفكر سابقة الذكر. وفي هذه الأماكن كتب بروتون ما كتب وعاش ما عاش.كتب ما عاش: "نادجا"،"الأواني المستطرقة"، "أركان"، وعاش ما كتب: "البيانات" ،"مطلع النهار"، "مفتاح الفرار" ، وفي بؤس الواقع هذا، تظهر الحقيقة التي تغمر الكل ولا تفصل أي شيء.شعر بروتون وأي شعر حقيقي يمكن تعريفه كصدفة ليست موضوعية و ذاتية وحسب ،بل كصدفة يتسامى ما في داخل المرء فيها لنرى بالعين المجردة أخاديد أعماقه.
" هنا ، مثلما الفسق مخدد بالغضب والنوارس، ومثلما بوابل الفراشات يمطر الصباح الذي تجلس تحته بوله المرأة التي نحب وهي عارية". أقرؤوا قصائد بروتون وستقرؤون الزمان والمكان، الأنفاس والفكر في انقطاعهم وتواصلهم، وسترون منعطفات الزمن الذهني ، تلك التي بدونها تكون الحياة أكثر من درب قصير لا شأن له. السريالية وهي تمهيد للفردية الثورية، لا يمكن لها أن تكون مدرسة أو مذهبا أو شكلا من أشكال التعبير الثقافي. الكثير من قصائد "ضوء الأرض" لا تريد التعبير عن شيء ما، ولا تعبر عن شيء. الشاعر الكبير لا يعبر بل يتكلم ويتحدث, وبكلامه تصير الحرية لبوه والعالم أسدا، ليصفق التاريخ كلّ الأبواب ويحطم القضبان.الفردية الثورية، في نظري، هي "تكاثر الذات" تلتقي حولها بشكل يكاد أن يكون متناقضا عبقريات مشتركة: سان جوست، ساد، لوتريامون، سان بول رو، بروتون، آرتو، باتاي، ميشو، وأعترف أنّ قصيدة بروتون فيها اسم كتاب منغلق في كل جسد، وجسد كتاب منفتح على كلّ الكلمات والأسماء.
1-ألن جوفروا شاعر فرنسي معاصر كان صديقا لبروتون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه