الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة الإقتصادية ، مُستنقع آسن للفكر الرأسمالي

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2014 / 4 / 15
الحركة العمالية والنقابية


لم يتوقع الليبراليون الجدد عندما طرحوا فكرهم ، ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية - الإجتماعية في دولهم خاصة ، والعالم عامة ، حيث إنتشار البطالة والفقر والفجوات الإجتماعية وفقدان الأمن التشغيلي وبروز طبقة جديدة تُسمّى "فقراء العمل" ، هذا بالإضافة إلى فقدان الأمن التقاعدي وسيطرة أفراد قِلة على منابع الثروات العالمية ، وسيطرتهم على مراكز التأثير السياسي وعلى القيادات السياسية في الدول المختلفة.
عندما نشبت الأزمة الإقتصادية العالمية في العام 2008 ، سخّر قادة الفكر الليبراليون الجدد جُل جُهدهم من أجل زرع بذور الإطمئنان لدى شعوبهم وشعوب العالم ، على أنها أزمة عابرة ، لكن ما حدث هو غير ذلك تماماً ، الأزمة ما زالت قائمة بل تحولت إلى مُستنقع آسن يسبح فيه الفكر الرأسمالي ، في محاولة لإيجاد الحلول والخروج إلى شاطئ الأمان ، بدون فائدة تُذكر، ونجد الدول التي تبنت الفكر الليبرالي الجديد وفي مقدمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعاني من أزمة إقتصادية – إجتماعية ولم تجد السبيل للخروج منها . أمّا على صعيد الدول الأخرى مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا وغيرها الأزمة تتعمق وأنظمة التقشف وشد الأحزمة تزداد حِدّتها وقوّتها من مرحلة إلى أخرى .
202 مليون عاطل عن العمل
وفق المعطيات الرسمية لمنظمة العمل العالمية وغيرها من الهيئات (جزء منها هدفه رعاية مصالح الليبرالية الجديدة) تم تسجيل 202 مليون شخص عاطلين عن العمل في العالم في العام 2013 ،ويتوقع إرتفاع هذا الرقم بحوالي 7,2 مليون شخص آخر في العامين 2014-2015.
لكن الطامة الكُبرى التي تقف أمام هؤلاء السياسيين وفكرهم هي توقع إنضمام حوالي 404 مليون شخص إلى سوق العمل خلال العِقد القادم ، وفي حال بقيت أرقام العاطلين عن العمل كما هي ، هذا يعني وجوب توفير حوالي 612 مليون فرصة عمل ، الأمر الغير ممكن وفق معطيات نمو الأسواق العالمية عامة وفي هذه الدول خاصة. مما يعني بقاء الوضع سوداوياً ودون توفير أُفق يُبشر بشعاع الأمل لطالبي العمل الجُدُد وللعاطلين عن العمل أيضاً.
تُفيد تلك المُعطيات للمنظمة ، أن البطالة ترتفع في الدول المُتَقدِمة "وتبلغ حصتها النصف في الزيادة الإجمالية في معدلات إرتفاع البطالة " .

الشباب الضحية الأولى لهذه السياسة
عندما نتحدث عن توقع دخول 404 ملايين شخص إلى سوق العمل العالمي في العقد القادم (حتى العام 2024 ) والإمكانيات الهشة لإيجاد فرص عمل آمنه ولائقة لهم ، تركيبة هؤلاء هي من القوى الشبابية ، كما ونجد اليوم وفي ظل أنين السياسات الإقتصادية – الإجتماعية للدول المُتقدِمة خاصة والنامية عامة أنّ الفئة الأكثر معاناة في إيجاد فرص عمل هي الشريحة الشبابيه .
هذا يعني أن إحتمال تحقيق قفزة نوعية نحو إيجاد حل ضمن السياسة التي تنضوي تحت مظلة الليبراليين الجدد بعيدة المنال وبذلك تبقى الشريحة الشبابية تتأثر "بشكل متزايد بإرتفاع معدلات البطالة وتدني نوعية الوظائف بالنسبة للأشخاص الذين يجدون العمل." الأمر الذي قد يساعد في النهوض القوي لإسقاط السياسات القائمة وفكرها .
839 مليون من العمال فقراء
من الطبيعي أن نتوقع كون الإنسان يعمل وغير عاطل عن العمل ، يجري تصنيف وضعه الإجتماعي والإقتصادي في مكانة العيش الكريم والإبتعاد عن دائرة الفقر ومآسيها ، لكن ما يحدث في ظل النظام الرأسمالي القائم والمُهيمن على إقتصاديات العالم أجمع ، هو غير ذلك ، تشير منظمة العمل إلى وجود 839 عامل يجري تصنيفهم "عمال فقراء" ، لأن دخل 375 مليون عامل وعاملة منهم لا يتعدى 1,25-$- في اليوم و 464 ملايين دخل الواحد منهم لا يتعدى 2-$- في اليوم .
في ظل الوضع الإقتصادي القائم في العالم لا يتوقع تغيير للأفضل لدى هذه المجموعة ، بل يتوقع إستمرار التدهور للأسوأ .
تؤكد المُعطيات أن حوالي 4% من العاملين في أوروبا يصنفون ضمن مجموعة العمال الفقراء ، بينما في جنوب آسيا تصل النسبة إلى 60% وفي الهند تبلغ النسبة بين العمال الشباب 33,7% ، وتتباين هذه النسبة بين دولة وأخرى .

تدهور في الأجور
واضح من تداعيات الأزمة الإقتصادية التدهور المُستمر في أجور العاملين وتآكل قيمتها الشرائية ، وذلك نتيجة إرتفاع الأسعار من جهة وفرض سياسات تحت شعار "خطط الإشفاء " التي تعني تجميد الأجور وفي بعض الحالات تخفيضها (كما حدث في اليونان وغيرها) . هذا الوضع أدى إلى تفاقم الحالة الإقتصادية لعائلات العاملين بما فيهم من يُطلق عليهم "الطبقة الوسطى" وأصبحت أجورهم لا تكفي لتوفير متطلبات الحياة اليومية لعائلاتهم ، مما أدى إلى إضطرارهم الإستعانة بتوفيراتهم أو الحصول على قروض زادت من ضائقتهم المعيشية. خاصة في "الإقتصادات المُتقَدِمة " مثل الولايات المتحدة واليابان ودول الإتحاد الأوروبي .
بالمقابل نجد بعض الدول ذات التصنيف "الإقتصادات النامية " حدث إرتفاع في الأجور مثل البرازيل 18% والصين بنسبة 61% هذا لا يعني أن الوضع جيد في تلك الدول بل هو رفع أجر من معدلات دخل متدني قائم هناك. لكنه قد يمنحنا بارقة أمل ، خاصة وأنّ هذه الدول تنتهج سياسة إقتصادية خاصة بها .

عمالة غير منظمة وفقدان الأمن التشغيلي
نتيجة الوضع القائم في ظل سياسة الليبرالية تواجه القوى العاملة ممن ينضمّون إلى سوق العمل ظاهرة فُقدان العمل المُنظّم ، أي فرص عمل مؤقتة بمعظمها أو جزئية ، لا تمنح الموظف/ة الأمن التشغيلي .
يظهر من مسح إحصائي أجرته منظمة العمل في 47 بلداً ، برز من خلاله أنّ العمالة غير المُنَظّمة " ترتكز على العمالة بين الشباب ممن يدخلون سوق العمل " ففي امريكا اللاتينية ستة من عشرة شباب يعثرون على وظائف غير منظمة وفي الإتحاد الروسي حوالي 51% من الشباب الوافدين لسوق العمل للمرة الأولى يعملون في وظائف غير منظمة وفي جمهورية مصر العربية 91% من الشباب الذين يدخلون سوق العمل يعملون في وظائف غير منظمة.

الظاهرة أعلاه تتسق مع المعاناة التي يعانيها العاملون في عالم العمل في السنوات الأخيرة ، وهي ظاهرة فُقدان الأمن التشغيلي أو الوظيفي، هذه الظاهرة "مرتفعة في البلدان المُتقدمة " ، وهي تعني العمل في فرص عمل مؤقتة أو جزئية ، بأجر محدود ،أو عن طريق مقاولي قوى عاملة ، وهكذا نجد أنّ أنماط تفشي إنعدام الأمن التشغيلي تتفاقم منذ إندلاع الأزمة الإقتصادية ، مما أدى "إلى الحالة الكئيبة التي وصلت إليها أسواق العمل وإتجاهات العمالة ". ويكفي أن نذكر هنا ما حدث في الدول الأوروبية في هذا المجال ، ففي بعضها وصلت نسبة العمالة المؤقتة الى 56,2% بين الرجال و 49,8% بين النساء.
ظاهرة العمل المؤقت وفقدان الأمن التشغيلي تؤثر بشكل كبير على العاملين وعائلاتهم خاصة وعلى الوضع الإقتصادي عامة. لإنها تحد من إمكانيات وضع خطط طويلة الأمد ،مثل بناء خلية عائلية (الزواج وإنجاب الأطفال) ، التحديد من الإستهلاك مثل إقتناء بيت ، فقدان التأمين التقاعدي مما يؤدي لحدوث إرتباك وخلل في وضع صناديق التقاعد ، هذا بالإضافة إلى إضطرار هذه المجموعة العاملة التوجه إلى صناديق الضمان الإجتماعي للحصول على إعانات مالية بسبب تدني دخلها من جهة وسرعة فقدان مكان العمل لكون الوظيفة مؤقتة أو جزئية.
في ظل هذه الأزمة الخانقة وهشاشة فرص العمل ، التي نتجت عن إتباع السياسة القائمة على فكر الليبرالية الجديدة ، لا بد لنا وأن نقوم بتقوية التنظيم النقابي وأن تقوم النقابات والإتحادات النقابية بدورها القيادي في هذه المرحلة المفصلية وأن تقف بقوة ووحدة وتشكيل جبهة عريضة مناهضة لهذا الفكر وطرح نظام الحكم البديل ، الذي يُخرج الطبقة العاملة خاصة والشعوب عامة من مستنقع السياسة الليبرالية الجديدة ، ومواصلة العمل على تنمية الوحدة العمالية - الشعبية والنهوض في حملات إحتجاجية محلية ودولية – عالمية تؤدي إلى إسقاط الطاغوت الحالي المُتمثل بالمحافظون الجدد وسياساتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس