الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها العاطلون عن العمل اتحدوا

صليبا جبرا طويل

2014 / 4 / 30
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا


الهبات العربية – الربيع العربي- قامت من أجل تحقيق
الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. في ظل أنظمة فاسدة
إداريا وسياسيا، لم تستطع تلبية مطالب الجماهير في
الحصول على لقمة العيش. بالرغم من افتقارها لفلسفة
ثورية إلا أن اندلاعها مؤشر على إمكانية تصاعدها
وانتصارها في النهاية بعد ترتيب وتنظيم صفوفها.


بيّن ماركس أن الاقتصاد هو العامل الأساسي في تشكيل الحياة. يلاحظ أن الاقتصاد يتحكم في النظم السياسية ونوعية الحكم والأيديولوجيات ومعظم الدوافع المادية ألإنسانية. إلى جانب مقولة كارل ماركس الشهيرة "يا عمال العالم اتحدّوا"، علينا في هذا الزمن أن نرفع لافتات ونطلق صرخات مدوية تعبر عن الوضع المأساوي للبشرية وفقد الأمن والعدالة الاجتماعية في توزيع رأس المال ونقول: "أيّها العاطلون عن العمل اتحدوا". بشكل عام تشكل البطالة خطرا كبيرا على إنسانيتنا في العالم أجمع. خاصة في دول العالم الثالث بسبب غياب من يرعى شؤون العاطلين عن العمل. وافتقار الحكومات لسياسية مدروسة لإيجاد فرص عمل بديلة لهم أو خلق وظائف أو تقديم معونات.

نتيجة تطور المعرفة العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية ووسائل الإنتاج التي اكتسحت عالم اليوم، يتجه السوق العالمي نحو الانفتاح الكامل لكافة الدول دون تمكين أي دولة من العيش في عزلة عن الكيان العالمي. أصبح موضوع إيجاد العمل والبطالة يمثلان التحدي الأكبر الذي يواجه معظم حكومات وشباب دول شمال وجنوب الكرة الأرضية. بخلاف انتماء العمال إلى الطبقات الفقيرة والمظلومة والأميّة فان البطالة تطال الجميع من الأمي إلى أصحاب الشهادات العلمية العالية. التقنية حلت مكان الإنسان في الإنتاج والعمل المكتبي، واجتاحت الروبوتات غرف العمليات والجيش والمختبرات العلمية...الخ. البطالة أصبحت مشكلة عالمية أيضا تنذر بخطورة الأوضاع، والنتيجة صراع طبقي من نوع جديد.البطالة تعدّي على كرامة الإنسان، العاطل عن العمل يصبح تحت رحمة مؤسسات الدولة التي ترعاهم، وتوفر لهم بعض مما يسد رمقهم، أما في حال دول العالم الثالث يتركون دون اهتمام أو رعاية تذكر، في كلتا الحالتين يشعر الفرد بعدم قيمته ككائن حي، هذه الصورة أبشع من العبودية المفروضة على العمال.

في عالمنا العربي - جاء في تقرير" مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية 2012 -2013 " الذي أعدته " الاسكوا" وصل معدل العاطلين عن العمل إلى 20 مليون شخص غالبيتهم من الشباب . ونبه المسح أيضا إلى أن الانتفاضات الناتجة عن هذه الظاهرة في العالم العربي تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعي أيضا. واظهر التقرير أن معدلات النمو العالية في المنطقة نتجت عن عائدات النفط المتنامية في دول الخليج من جهة وترافقت مع ارتفاع في نسب البطالة من جهة أخرى ما يعني إن نسب النمو لم تكن مدفوعة بنمو الإنتاج بل بنمو الريوع - . معظم عائدات النفط تدخل في حسابات أفراد وليس في حساب الدولة، والدول الغير نفطية تتلقي معونات سنوية من الدول الغنية تقدر بمليارات الدولارات، السؤال لماذا لا تفتح مشاريع للتشغيل....

عدد سكان العالم العربي يقرب من 360 مليون نسمة، أغلبهم من الشباب دون سن أل 25، وتبلغ نسبتهم حوالي 70% من مجموع سكان المنطقة، وهم الأكثر تعلما، ولديهم خبرات ومهارات في مجالات التكنولوجية والاتصالات والمعلومات، وهم الأكثر تفاعلا مع ثقافات العالم والأكثر قدرة على الابتكار والإبداع والأكثر طموحا وتطلعا للمستقبل. نسبة البطالة بينهم هي الأعلى في العالم. بالرغم من تفاقم المشكلة في عالمنا العربي، لا يوجد حلول جذرية تلوح في الأفق أو تبشر بتغيير يذكر في وضعهم المأساوي.

الحكومات الغربية والعربية تحكم قبضتها على الدولة – بغض النظر عن نظام الحكم فيها والتزامها بالدساتير أو غير التزامها بها - جميعها من خلال رأس المال تقيم إمبراطوريتها الهرمية من رؤساء معظمهم إما أن يكونوا من أصحاب الملايين أو من يدعهم من أصحابها. يقيمون هيكلية هرمية من أتباعهم قد تصل إلى فراش في مؤسسة تابعة لهم يستحيل اختراقها. وبالتالي الحديث عن التغير يكون شبه مستحيل . الهبات العربية في حال نجاحها المشكوك فيه، ستكون انقلابا غير حقيقي أو واقعي بحيث يستبدل فيه القدامى من الزعامات بوجوه جديدة وكما بيّنت في المقدمة السبب افتقارها لفلسفة تغير. الدول التي تلتزم بدساتيرها وقوانينها تعمل على مكاشفة و تكون أكثر محاسبة لرعاياها ورؤسائها من تلك التي لا تلتزم بها كما في عالمنا العربي. هذا كاف لإخضاع العمال لجبروت المشغلين، فيزداد الفقراء فقرا والأغنياء غنى. ويتحتم على المقهورين من عمال ومن أضيف لصفهم من عاطلين عن العمل إلى القيام بثورة والتكاتف، والوقوف صف واحد وتحدي السلطات السياسية من اجل توزيع عادل لرأس المال. المستقبل الإنساني لا يبشر بخلاص الإنسانية وتوجهها نحو استقرار عالمي وسلمي ما لم يضبط رأس المال الذي يتمحور حوله معظم الشرور في العالم. الصرخة التي علينا إطلاقها مثقفين واكاديمين وعمال.... هي: " أيها العاطلون عن العمل اتحدّوا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال




.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟


.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال




.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا