الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل للعمال عيد؟

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 5 / 1
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا


اليوم هو الأول من الشهر الخامس، سمّه ما شئت مايو أو ماي، فالتسمية لا تغيّر شيئا في الواقع، لكن الملفت أن الناس في العالم تعوّدوا أن يحتفلوا في هذا اليوم بما يسمى عيد العمال أو عيد الشغل، وهذه أيضا لا تدخلنا في جدال مع الآخرين، احتفال لا أدري ما هي مبرّراته ودواعيه، ألأنّ البطالة انتشرت في العالم بحيث أصبح من الصعب السيطرة عليها، أم اتخذوا لأنفسهم يوما يستريحون فيه من عناء العمل ليجذبوا أنظار العالم للفئات الكادحة المنسية التي لم تنل حقوقها إلى الآن، وظلت تمارس عليها كل أنواع العبودية والإذلال.
وحُقّ لي في هذا الملف أن أعبّر عن رأيي في هذه المساحة كغيري ممن يمسك بالقلم ويخط الكلمات، رأيت أنه من السخف أن نحتفل بهذا اليوم العالمي، مادامت ليست هناك معالجات جذرية للحالات البائسة التي تتكرر كل عام، وتظهر على شاشات التلفاز كل يوم، بل من المخزي والعار أن تدعو منظمات أكلها الفساد حتى أخمص قدميها إلى الاحتفال بهذا اليوم العالمي وهي التي ترعى الإرهاب المالي في العالم، داست على كل القيم العمالية وتظهر بمظهر المنافح والمدافع عن العمال، عن أي عمال تتحدث؟ هل تتحدث عن فئة معينة من الناس أم أنها تتكلم عن عمال العالم أجمعين، فلا أفلحت في الأولى ولا أقدمت على الثانية، فالحديث عن هذه المناسبة من السهل الممتنع ولكن الفعل تراقبه آلات التصوير المركونة في كل مكان، والبائس الفقير المحتاج يتجول في الشارع شاردا لا يجد ما يسد رمقه فضلا عن حصوله على عمل يعف به نفسه.
ومشاركتي في هذا الملف تتمحور حول أسباب انتشار البطالة في العالم بهذه الكثافة، حتى صارت داء في كل بلاد، ولم تستطع دول العالم السيطرة على هذا المرض إلا بنسب ضئيلة وبقيت معدلات البطالة مرتفعة، وبقيت النفوس تتشبث بهذا اليوم العجيب لعله ينقذ الملايين في العالم ممن لا يجدون عملا يعفّون به أنفسهم عن ذلّ السؤال ونظرات الاحتقار والازدراء، فما السبب وراء ظهور هذا المرض الذي تفشى؟ أهي الأزمة المالية العالمية التي حدثت سنة 2008 أم غيرها من الأسباب الخفية؟ لكن البطالة منتشرة قبل الأزمة العالمية مما يجعل هذا السبب تختفي وراءه أسباب أخرى جذرية ولها علاقة بالاقتصاد العالمي، وتمس شريحة واسعة من الشباب في العالم.
ولعلي أرى أن المرأة هي السبب الأول والرئيس في انتشار البطالة في العالم، ليس استنقاصا من شأنها بل تكريما وتعظيما لوزنها في المجتمعات، وحتى لا أقول أنه يجب على المرأة أن تبقى في البيت فيقال تلك دعوة أصولية رجعية، فإنني أطرح الموضوع من زاوية منطقية عقلية بحتة أيضا، فالمرأة كائن بشري خلقها الله عز وجل على هيئة مغايرة للرجل، لها خصوصياتها وأسرارها يعرفها الجميع، من حقها أن تتعلم إلى الصفوف العليا في الجامعات والمعاهد والكليات، ومن حقها أن تكتشف العالم بنفسها، ولكن يبدو لي من الأفضل لها أن تكون مربّية ناجحة مادام هناك من يكفلها ويعتني بشؤونها، فهي تتعرض في حياتها لحالات نفسية وعضوية تصيبها بالتوتر أحيانا وبالتزام الهدوء أحيانا لا تستطيع أن توفق بين عملها خارج البيت وشؤونها الداخلية، تثقل نفسها بالمهمات وترهق جسدها بالإجهاد فتصير ذابلة كالزهرة التي شاحت من الماء، أليس من الجرم أن نتركها تعمل ساعات طوالا ثم نكلفها أو نجبرها بتوفير الراحة في البيت، وأرفع صوتي في هذه المناسبة لأعلن أن هذه المنظمات أغوت المرأة وأخرجتها من وظيفتها الأساسية إلى عالم مجهول الهوية له انتكاسات وانعكاسات سلبية دمر خلاياها العصبية وأرهق جسدها وفكرها وأصبحت تلهو في الخارج تاركة جنتها وفردوسها التي كانت تحلم يوما أن تكون طرفا فيه، وعندما تحقق وجدت نفسها غريبة في الدار وتمنت ان لم تكن أو أنها تخرج منه ذليلة تحت اسم مطلقة.
فشؤون البيت ثقافة قبل أن تكون عملا لا فائدة مرجوة منه، والمرأة التي تعي حقيقة السعادة تعمل من أجل أسرتها، ومن أجل وطنها، ومجتمعها، تصنع الأجيال وتنشئ الرجال، وتساهم في البناء عن بعد وتكفل الدولة بحمايتها وتثبيت راتب شهري لها يكفيها ويكفي أبناءها ويحميها من ذلّ السؤال والعبث بجسدها وهي تتلوى أمام زملائها يستمتع بنظراتها القريب والبعيد، فعملها خارج البيت إضافة إلى كونه سببا في فشل كثير من الشباب في الحصول على عمل سبب لها جرحا عميقا في نفسها وجسدها، وهي التي تتعرض كل مرة لحيض أو حمل أو وضع أو مرض فتغيب عن عملها شهورا وتتمنى أن تجد راحتها في البيت المكان الملائم لإبداعها، هي ثقافة لو أحسنت الدول تدبيرها وتخطيطها وستشكر المرأة العالم ألف مرة أنه أخرجها من أزمتها المادية والمعنوية، هي ثقافة متنوعة تجعل المرأة أكثر حرية وحركة من ذي قبل، تتحرك في جميع الجهات وعلى جميع الجبهات، لا أن تكون حبيسة المكاتب والكراسي مدة لا تقل عن سبع ساعات لتتلوها ساعات أخرى طوال، كما أنها تريح الشباب من عناء البحث عن عمل، والمتخرجون من الجامعات لن يبكوا على شهاداتهم التي تسلموها بعد التخرج لجميع السنوات كما تفعل الآن جميع البلدان، حل جذري يُنظر فيه، وقد يتهمني البعض بالجنون لطرحي هذه الفكرة.
أما السبب الثاني فيتمثل في الظلم والاستبداد الذي يمارسه النظامان الرأسمالي والاشتراكي في العالم، فالرسمالي لا تهمه المصلحة العامة والاشتراكي يسلب الملكية من الشخص ذاته ولا يحقق هذا وذاك العدل بين الناس، وما الأزمة الخانقة التي حدثت في العالم سنة 2008 التي كادت تعصف بالاقتصادات في العالم وقد أفلست كثير من البلدان إلا دليل على إفلاس النظامين في قيادة العالم نحو بر الأمان، فاستدعى الأمر الى الاستنجاد بالنظام المالي في الإسلام حتى في الدول الأوروبية وأمريكا، تعطلت مصالح العباد واضطربت حركة كثير من البورصات وتدهور الاقتصاد وارتفعت الأسعار، وصار الغلاء هو سيد الموقف، فانهارت الرأسمالية كما انهارت من قبلها الاشتراكية الشيوعية فما الحل يا ترى؟ لا حل سوى اللجوء إلى الأصل وهو النظام المالي الإسلامي الذي يوفر الأمن للمال العام ويقضي على الفساد المستشري بكافة أنواعه وأشكاله ومجالاته بل يقطعه من جذوره ويحقق العدل والمساواة وهي القيم التي قامت عليها الثورات ومنها الثورة الفرنسية والثورات العربية، ولكن جموح الإنسان وجنوحه للطمع من يوقفه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء