الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البروليتارية العالمية و المسألة القومية(3)

شوكت جميل

2014 / 5 / 7
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا


هل تسعى حقاً "الماركسية"إلى محو القوميات و تجاوز الأمم؟
للإجابة عن هذا السؤال يحسن أن نفرق بين مفهومين،الرغبة و السعي من ناحية،و التوقع و الاستنتاج من ناحية أخرى,فكما قدمنا شرحت الماركسية أن حقيقة الصراع بين الأمم كنتيجة لوجود الطبقات،فإذا زالت الطبقات،انتفى الصراع،و أفضى ذلك كله إلى اقتصادٍ عالمي واحد،تصبح فيه مصالح القوميات المتباينة واحدة،و تحل الثقة و التقارب بين الأمم محل التوجس و الاحتراب،و تزداد مساحات التقاطع المادي و الثقافي بين الأمم قليلاً قليلاً؛و شيئاً فشيئاً....و إلى هذا الحد، لا أرى غضاضة ولا شائبة في مثل هذا التحليل المادي الجدلي واتساقه،بيد أن بعض الرؤى الماركسية تذهب أبعد من ذلك،و ترى أن تحطيم النير الطبقي يحمل في أحشائه تحطيم النير القومي،إذْ تتنبأ أن ينمو هذا التقارب الأممي باطراد و يؤول تدريجياً و حتمياً في نهاية الأمر،نحو اندماج كافة القوميات في قومية واحدةٍ و لغة واحدةٍ!

و في تقديري المتواضع_ و مهما كان قدر صاحب هذا التحليل_أن مثل هذا التحليل المذكور آنفاً تحليل متسرع،و في حاجة إلى إعادة النظر و التقييم ،اللهم إلا إذا استبدلنا بالله نضال الطبقات "كلي القوة" و القادر على كل شيء، بدون تقديم الدليل المادي الكافي،أقول الدليل المادي الذي يجب أن تمدنا به علوم اللسانيات و اللغات و تاريخها لدعم هذه الفرضية؛و لا احسب أنها قدمته حتى الآن.


هي إذن، فرضية طوباوية أو على أفضل تقدير فرضية لا تسندها الدلائل العلمية الكافية..و أرى أن القول بحتميتها نتيجة متسرعة، إن لم تكن طائشة،و تخمينٌ لا يليق بالمادية الجدلية، بيد أننا في نفس الوقت، لا نملك الدليل الكامل على نفيها أيضاً،و كيفما كانت حقيقتها،فما يعنينا حقاً،هو مشكلة الأمم في مرحلتنا التاريخية الحالية،أما مشكلة الأمم اليوم فليست تجاوز الأمم و محو القوميات،بل هي كسر النير الطبقي،و من ثم توحيد الأمم،أما ذوبانها و فناءها في أمة واحدة فهذه قضية أخرى،و علينا أن ننتظر ما يسفر عنه هذا التوحيد، هذا إن حدث.

و عودة على بدء،لا أجد عبارة أوقع لشرح موقف البروليتاريا من المسألة القومية،سوى العبارة التي صدح بها ماركس و انجلز في بيان الحزب الشيوعي(1848) و قد ذيلاه بالشعار الأشهر:

((اتحدوا يا بروليتاري جميع البلاد!))

هل من العسير أن أفهم شيئا من ذلك؟...بلى و ما فهمته أن الإتحاد لا يعني الفناء بالضرورة،و إنما سبيل الإتحاد هو شرط الانتقال نحو الاشتراكية،أما ما قد يحدث_أو لا يحدث_ بعد الإتحاد من ذوبان القوميات؛فأجترئ أن أقول :أنه أقرب إلى التخمين و الرجم بالغيب منه إلى المادية التاريخية، فضلاً أن يكون أمراً حتمياً!
خارج النص:
يقول أبو العلاء المعري:
أتوكَ بأصنافِ المحالِ و إنما...لهمْ غرضٌ في أن يقالَ علوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نظرة موفقة
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 8 - 06:05 )
يوما ً طيبا ً أخي شوكت،

نعم نظرتك موفقة، و تلخصها الفقرة الثانية التي بدايتها -و في تقديري المتواضع_ و مهما كان قدر صاحب هذا التحليل_أن مثل هذا التحليل المذكور آنفاً تحليل متسرع-

لكني أجد أنني أرى أيضا ً أن اتحاد الطبقة المُنتجة في كل الأمم حتى مع انتفاء ِ فكرة ذوبان القوميات ما زالت فكرة طوباوية جدا ً، فثقافات الشعوب و خلفياتها و هوياتها الإثنية و اللغوية و المجتمعية لا تسمح بذلك، و الأصح أن أقول: الطبيعة الإنسانية لا تقود في هذا الاتجاه.

فلا حاجة لأي أمة في أي نوع من الاتحاد مع أمة أخرى، لكن هناك حاجة لإشباع حاجات لتحقيق مصالح اقتصادية، فإن كان هذا ما عنيته بالاتحاد فأنا معك. ما تأكيدي على أن الاتجاه نحو الإنتاج كفيل ٌ بتوحيد الأمة الواحدة وراء هوية وطنية واحدة في البلد الواحد.


ما زلت ُ أرى أن خصوصية الأمم تقف عائقا ً أمام الاشتراكية الواحدة، و أن الطبيعة الإنسانية تتطلب أنظمة ً تكون نِسبا ً خليطة ً بدرجات ٍ متفاوتة من الرأسمالية، الاشتراكية، العلمانية، الديموقراطية و الدكتاتورية في آن ٍ معا ً.

تحياتي المخلصة.


2 - الأستاذ/نضال الربضي
شوكت جميل ( 2014 / 5 / 8 - 12:37 )
تحية طيبة أخي الكريم
ممنون لمرورك
بالطبع أحترم وجهة نظرك،و كما بينت في السطور أعلاه أن الإتحاد في المفهوم الماركسي،لا يتم سوى بزوال الطبقات(مستغَلة و مستغِلة)،على مستوى القومية الواحدة،و على مستوى القوميات المتباينة،و حينها لا تتعارض المصالح الإقتصادية للإمم و الشعوب،و هذا يفضي في النهاية إلى تقارب ثقافي بين القوميات المختلفة.
أما بخصوص ذوبان القوميات في قومية واحدة-على المدى البعيد-كصورة من صور التطور،فنحن لا نملك الدليل على حتميتها كما لا نملك الدليل على نفيها.
أما عدم كفاية الدليل على حتميتها ،فكما أوضحت في المقال..
أما أننا نملك الدليل على نفيها،إستناداً إلى ما نسميه -طبيعة الإنسان الثابتة-،فهو من وجهة نظر المادية الجدلية ليست ببرهان،فهي كما تعلم،لا تفترض طبيعة ثابتة أبدية في أي شيء،و أن وعي الإنسان و طبيعته يتطوران بتغيير الواقع الموضوعي،كما لا تعترف بالقول بإن الإنسان هكذا كان و هكذا سيكون،قديما كان يقال في مرحلة الرق:لا بد من عبيد و أسياد،فهكذا هي طبيعة الإنسان،ثم تغييرت هذه الحقيقة بتغيير طرق الأنتاج.
و أحسب أن الأصوب ألا نتسرع بالقطع-نفياً أو إثباتاً
أخلص تحياتي و احترامي

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة