الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صعيدي حول العالم: في بلاد تركب الدراجات

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2014 / 5 / 11
سيرة ذاتية


الدراجيون، لا أقصد بالدراجيون هنا بالطبع آل دراج وعائلاتهم بالدول العربية والمهجر ، ولكنني أقصد أبناء الدنمارك الذين آثروا البساطة وراحة البال والهدوء ونظافة البيئة بإستخدامهم الدراجات الهوائية في كافة تنقلاتهم داخل المدن. وتعد الدنمارك بحق "بلد راكبي الدراجات الهوائية" حيث أنها من ضمن بلدان العالم التي يوجد بها أكبر نسبة من راكبي الدراجات، وزيارة واحدة للدنمارك ولو لمدة يوم واحد تكفي لملاحظة هذه الحقيقة، ويكفي أن تراقب الشوارع وقت ذهاب الموظفين إلى العمل أو وقت خروجهم منه في ساعات الذروة – في الخامسة مساءً عادة – لكي تقتنع بهذه الحقيقة.

إلا أن ركوب الدراجات في كوبنهاجن ينطبق عليه ما ينطبق على قيادة السيارات تماما، فالدراجيين يسيرون في مسارات ممهدة خاصة بهم في كافة الشوارع والطرقات ولهم إشارات مرورية خاصة تحمل اللونين الأحمر والأخضر تماماً كالسيارات والشاحنات ويلتزم بها الجميع، حيث أنه من المعتاد أن ترى أكداسا من الدراجيين في إشارات المرور بإنتظار الإشارة الخضراء للعبور. كما تنتشر بجوار الدراجات الهوائية العادية دراجات أخرى بثلاثة إطارات – التي تسمى في مصر تروسيكل – ومثبت بها صندوق خشبي – أو حديدي – لحمل الأمتعة والأطفال أيضا ويحتوي هذا الصندوق في معظم الأحيان على مظلة لوقاية الركاب من الشمس والمطر. ويعتاد الأطفال على إستخدام الدراجات من الصغر، ومن المشاهد المألوفة أن ترى أفراد الأسرة الدنماركية قد خرجوا عن بكرة أبيهم وهم "يمتطون" الدراجات – الأب والأم والأطفال الصغار في طريقهم إلى العمل أو المدرسة.

ونظراً للعدد الكبير من الدراجات المستخدمة في الدنمارك فقد قامت الجهات المعنية – حكومية كانت أو أهلية – بتوفير العديد من الجراجات – أماكن الإنتظار – الخاصة بالدراجات، فتجد أكداسا من الدراجات قرب أماكن التسوق وبجوار المصالح الحكومية وشركات القطاع الخاص وبجوار محطات المترو والقطارات وفي المتنزهات العامة. بالاضافة إلى ذلك يمكن للدراجيين إستخدام المترو – الذي أنشئ عام 2003 – بدراجاتهم مقابل أجرٍ رمزيٍ للدراجة، وقد تم تصميم جميع محطات المترو لتسهيل دخول وخروج الدراجات وذلك بتزويدها بمصاعد كبيرة الحجم تنقل الدراجة وصاحبها من الشارع إلى رصيف المترو مباشرة والعكس.

وقد يتساءل البعض لماذا لا يتم تطبيق هذا النظام في مصر أو في أي دولة عربية أخرى مثلاً؟ أولا ربما يحتاج ذلك إلى تغيير الصورة الراسخة عن راكبي الدراجات في بلادنا حيث يقتصر إستخدامها في العادة على محدودي الدخل وأبناء الطبقات الكادحة بخلاف الدنمارك التي يستخدم دراجاتها "الوزير والخفير" بالإضافة إلى عدم قدرة الطرقات في بلادنا على إستضافة أعداد كبيرة من الدراجات تؤثر على الحركة المرورية أو إن شئت الدقة فقل "الشلل المروري"، أضف إلى ذلك أن الدنمارك بلدة صغيرة منبسطة لا توجد بها مرتفعات تعوق إستخدام الدراجات أو تجعلها وسيلة إنتقال مرهقة، إلا أن أهم عامل من العوامل التي لا تشجع على إنتشار إستخدام الدراجات في بلادنا هو عامل الطقس، فالأجواء الحارة المشبعة بالرطوبة تقف حائلا دون إنتشار هذا النوع من المواصلات بخلاف الأجواء الباردة في الدنمارك، كما أن ركوب الدراجة من العباسية إلى ميدان التحرير يساوي ركوب الدراجة من قلب كوبنهاجن إلى إحدى المحافظات البعيدة نظراً لصغر مساحة العاصمة الدنماركية وإمكانية أن تقطعها من الشرق للغرب بالدراجة في أقل من ساعة واحدة.

إذا كنت من زوار العاصمة الدنماركية كوبنهاجن فلا تنسى نصيبك من ركوب الدراجات وإن لم تكن تملكها، فقد خصصت بلدية كوبنهاجن عدة مواقف لدراجاتٍ سياحيةٍ ذات ألوان مبهجة في بعض الساحات بالقرب من الأماكن الأثرية والمزارات السياحية، ويمكن لأي زائر أن يحصل على إحدى هذه الدراجات في مقابل إدخال عملة من فئة العشرين كرونة دنماركية – حوالي ثلاثة دولارات – في ماكينة مثبتة في الشارع وبعد الإنتهاء من جولته – طالت أو قصرت – يمكنه إسترداد عملته المعدنية من ذات الماكينة أو من أي ماكينة أخري يرغب في ترك الدراجة عندها .... ملحوظة هامة: مبلغ العشرين كرونة يمثل ثمن زجاجة كوكا كولا أو فنجان قهوة على أحد مقاهي كوبنهاجن وعلى الرغم من ذلك لم تبلغ البلدية عن فقد أي دراجة من دراجاتها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا