الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادؤنا الشيوعية لا تقبل بالذرائعية

وديع السرغيني

2014 / 5 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


مبادؤنا الشيوعية لا تقبل بالذرائعية

على ضوء الأحداث الدامية الجارية الآن بالجامعة، ارتأيت الإدلاء ببعض الملاحظات تخص الموضوع. وفي نظري المتواضع وعلاقة بما سبق أن دافعت عنه من مواقف، فليس هناك من مبرر للعنف في الجامعة سوى حالتين اثنتين، اولهما لن تكون سوى حالة الدفاع عن النفس تجاه أي اعتداء فردي كان أو جماعي، مادي أو لفظي، وثانيها الدفاع عن حرمة الجامعة ضد جميع الفتوحات القمعية، كانت ظلامية أو تابعة لجهاز الدولة او لأية جهة استئصالية تحاول فرض رأيها بالقوة على الفصائل الطلابية المخالفة وعلى الساحة الجامعة عامة.. ليتحول العنف وفق وجهة النظر هذه، عبارة عن مقاومة طلابية مشروعة، كتلك التي تمارسها الشعوب دفاعا عن أراضيها من الغزو والاغتصاب والنهب..الخ حيث يفترض في هذه المقاومة، الإشراك الجماهيري الطلابي الواعي والمنظم، وحيث يستلزم إقناعهم بالمهمة التي سينخرطوا في أدائها، بما تحتاجه من تضحيات جسيمة، قد تصل للضرب أو الجرح أو الاعتقال أو السجن أو الاستشهاد..الخ وغير هاته الحالتين، نعتبر أن ما يقع في الجامعة من مظاهر للعنف ليس له ما يبرره في غالبية حالاته الساحقة، خصوصا العنف الطلابي ـ الطلابي. فالعنف بين الطلبة أنفسهم وكيفما كانت درجة الخلاف والاختلاف بينهم، وجب قطع دابره وبصفة نهائية، عبر الوسائل الديمقراطية المتعارف عليها، أي عبر النقاش والحوار وصراع الأفكار والأطروحات، ومن خلال الحلقات والندوات والمحاضرات والمقالات..الخ "بيد أن النقاش يحتاج إلى تنظيم" وهي الخلاصة والتوجيه الماركسي الصائب، الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عبر تحيينه في هذه اللحظة العصيبة التي تعيشها الجامعة، إذ لم يعد من المجدي إنكار الدور السلبي الذي يلعبه الفراغ التنظيمي وغياب اتحاد الطلبة عن الساحة الجامعية، والذي من المفروض أن يعبّر عن وحدة واتحاد الطلبة في منظمة طلابية تدرّبهم على المسؤولية، وعلى العمل الجماعي، وعلى الصراع الديمقراطي، وعلى انضباط الأقلية للأغلبية عبر الإقناع والاقتناع، وعبر التدبير المشترك لعمل هذا الاتحاد..الخ
وبالرغم من عدائنا البيّن، المبدئي وغير المنافق لجميع أفكار وممارسات وتصورات القوى والتيارات الظلامية، أعتبر مقتل الطالب الحسناوي مدان وغير مقبول.. فبنفس الحزم الذي نرفض به الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها مناضلو ومناضلات الفصائل الخصيمة لتيار "البرنامج المرحلي"ـ والحال أننا أصبحنا الآن أمام مجموعات متناحرة من داخل التيار نفسه ـ باللجوء للسلاح أو التشهير أو الحصار .. إلى آخر المبتكرات التي وصلت لحد ممارسة الاختطاف والاستنطاق عبر التعذيب، والمنع من ولوج الكلية ومتابعة الدراسة أومن اجتياز الاختبارات..الخ فتجب الإدانة الحازمة لجميع مظاهر العنف في حق الطلبة والمستخدمين والإداريين والأساتذة.. وبألا يؤخذ انتماءهم الفكري أو السياسي سببا ومبررا لإيذائهم، سواء كان العنصر المستهدف بالعنف ظلاميا أو رجعيا ملكيا إو إصلاحيا أو تحريفيا..الخ فالعنف لا يولد سوى العنف، ولم ولن يطور من وعي الطلاب أي شيء، بل إن المستفيد من العنف هي القوى التي تريد إبعاد الطلبة عن ساحة النضال، ليتحول الصراع وينتقل من مستواه الجماهيري الواعي والمنظم إلى صراع عسكري ميليشياتي فوقي بين المجموعات والتيارات السياسية، حيث تحسم الأمور بالعدّة والعتاد بغض النظر عن نبل الأفكار وعن مصداقية المواقف والتصورات..الخ
وللتعليق عن هذه الحادثة، استعمل بعض المناضلين منهجية "أنصر أخاك.." بشكل فج ومهزوز، عبر تزوير الحقائق وفبركة الأحداث بصيغ بليدة في غالب الأحيان، مستبلدة في نفس الوقت الرأي العام، عبر الإدعاء بأن "الرفاق" في "ظهر المهراز" مظلومون ومستهدفون، لأنهم ببساطة "جذريون وثوريون" يدافعون عن "الإرث" و"الحصن" و"القلعة الصامدة".. ويحمونها من الدّنس الظلامي والرجعي والإصلاحي والتحريفي والشوفيني..الخ مقدّمين كل الدلائل والمبررات على أن "البادئ كان أظلم"، وبالتالي يستحق أشد العقاب من حماة وحرّاس "القلعة الصامدة"، حيث ذهبت بعض الاجتهادات العبقرية التي لا يضاهيها اجتهاد من حيث سعة ورحابة الخيال، في إطار الفضح لأسرار دولة غاية في الخطورة، مفادها أن مقتل "الطالب الحسناوي" عبارة عن مؤامرة مدبّرة الغرض منها استباحة الحرم الجامعي والهجوم على اليسار المناضل في قلب الجامعة، وبأن النظام ومخابراته هو المسؤول عن اغتيال الطالب، والمحاولات جارية الآن لمسح الجريمة في ثوب أعضاء من "البرنامج المرحلي" "المساكين" اللطفاء، باعتبارهم رأس رمح المواجهة وطليعة النضال الطلابي من أجل تقويض مخططات النظام الطبقية والتصفوية..الخ فلولا هذا التيار، وحسب هذا الرأي، لتراجع التعليم الجامعي إلى الدرك الأسفل، ولاقتصرت الجامعة على أبناء الأعيان فقط، ولمنعت المنحة، ولأصبحت المجانية في خبر كان.. ولوقع ما لم يتخيّله أحد، بالمكتسبات والحقوق الطلابية المادية والمعنوية..الخ!!
فعوض أن تنبّهنا هذه المأساة للمستوى المنحط الذي وصلت إليه حالة جامعتنا، والتي لا يرجى منها النظام وحلفاؤه، خيرا، نستمر في الممانعة وغطس الرؤوس في الرمال كالنعام، ونكتفي بقشور الأحداث والقضايا.. دون النفاذ لعمق المشاكل التي تتخبط فيها الجامعة والحركة الطلابية، ودون أن نحمّل أنفسنا أي قسط من المسؤولية حول ما يقع في الجامعة، ودون أن نساءل أنفسنا عن دواعي انتشار العنف في بعض المواقع الجامعية وبدرجة أولى في "ظهر المهراز" بفاس.. فقبل استفحال الظاهرة بهذا الشكل الخطير الذي وصل لحدّ التصفية الجسدية، لم تخلو الساحة الجامعية من أحداث عنف، أحيانا تكون عفوية، وأحيانا أخرى منظمة كالتي وقعت إبّان انفصال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الاستقلال أواخر الستينات، وخلال ظهور الحركة الماركسية اللينينية واكتساح تمثيليتها الطلابية للساحة الجامعية ولهياكل اتحاد الطلبة إوطم في شخص "الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين"، عرفت الجامعة خلالها بعض مظاهر العنف بين الطلبة الجبهويين وطلبة أحزاب المعارضة الرسمية. وفي أواسط السبعينات شنت "الشبيبة الإسلامية" العديد من الهجومات المسلحة على أنشطة الطلبة كان أبرزها ما يعرف بأحداث "المغرب الكبير" ـ أحد ملحقات كلية الحقوق بالرباط حينها ـ كما دشنت عصابات "العدل والإحسان" ميلادها بداية الثمانينات من خلال مناوشات مسلحة بكل من جامعة فاس والرباط، وصلت قمّتها للتنسيق الهجمي التاتاري المنظم بداية التسعينات، والذي ذهب ضحيته بالإضافة لعشرات المجروحين والمعطوبين، شهيدين من صفوف "الطلبة القاعديين".. المعطي بوملي وأيت الجيد بنعيسى ـ دون غض الطرف عن المناوشات التي كانت تطفو إلى السطح بين الفينة والأحرى فيما بين الفصائل والمجموعات اليسارية التقدمية أي بين الطلبة القاعديين وتيار "رفاق الشهداء"، أو بين الطلبة القاعديين وتيار "الكراس"، أو بين "القاعديين التقدميين" وتيار "البرنامج المرحلي".. إلى أن أصبحت بعض المجموعات المنتسبة لتيار "البرنامج المرحلي" مختصة ومحتكرة للعنف ضد القوى الظلامية وضد كافة التيارات والمجموعات الطلابية اليسارية ـ الطلبة الماويين، الطلبة التروتسكيين، الطلبة الماركسيين اللينينيين، طلبة اليسار التقدمي..الخ بالإضافة لطلبة الحركة الثقافية الأمازيغية..الخ
فلا تخلو جامعة من حالات الاعتداء المتكررة، بسبب الرأي المخالف للاتجاهات المسيطرة من مجموعات "البرنامج المرحلي"، وتتعداه أحيانا لمجرد الشك في انتماء الطالب لاتجاه من الاتجاهات، فما بالك أن يتجرء الطالب ليبدي برأيه في قضية من القضايا أو مشكل من مشاكل الطلبة اليومية، حتى!
لقد كان السبق لأربعة فصائل تقدمية تستحق التحية منـّا، بالنظر لجرأتها السياسية والفكرية والميدانية ـ"القاعديون التقدميون"، "الطلبة الماويون"، "الطلبة الثوريون" و"التوجه القاعدي"ـ بأن أقدمت على فتح النقاش بشكل جماهيري حول هذا الموضوع، وحول مضاعفاته الخطيرة والمعيقة لأي تطور نضالي يمكنه أن يعزز من مكانة إوطم ومصداقيته في المستقبل.. كان ذلك خلال ندوة 23 مارس المنظمة بمدينة مراكش سنة 2010، ومن داخل هذا الموقع الجامعي الذي عرف أحداث عنف كثيرة قبل هذا التاريخ، تمكن الحاضرون والمنظمون من استصدار خلاصات تاريخية مهمة.. حينها تغيّب أنصار العنف، يعني غالبية مجموعات "البرنامج المرحلي" وطلبة أحزاب المعارضة الرسمية كذلك، لداوعي وتحت مبررات مهزوزة، استعملت فيها المغالطات والمصطلحات الغريبة كالبيروقراطية مثلا، والحال أن الفِرق المنظمة للندوة لم تكن تدّعي حينها الكلام باسم الطلبة ولا التمثيلية لأي جهة سوى تياراتها ومجموعاتها الطلابية. ومرّت سنوات على هذا الحدث التاريخي واستمر الرفاق الملتزمون بخلاصات الندوة، في عملهم الوحدوي بشكل جاد ومبدئي تحت راية "لجنة المتابعة"، تم تجسيده في العديد من الخطوات التنسيقية، كان أهمها الشكل النضالي الاحتجاجي الذي تم إنجازه أمام البرلمان في ذكرى 23 مارس 2014، والذي كلل بالنجاح ولقي استحسانا ودعما نضاليا من العديد من الطلاب ومن بعض الإطارات الحزبية والجمعوية التقدمية..الخ كان المطلوب من هذه الندوة هو ترسيخ قيم الديمقراطية والحوار وصراع الأفكار والمواقف السياسية.. بالشكل السليم الذي يمكنه إعادة قواعد إوطم لإطارها ورمز وحدتها واتحادها. فعبر ترسيخ علاقات الديمقراطية بين الفصائل من جهة وبين الفصائل والجماهير الطلابية من جهة أخرى، تشكلت الهوية القاعدية أواخر السبعينات، مدعمة تصورها الديمقراطي بأشكال تنظيمية عملية جسّدت في الميدان العملي جماهيرية الاتحاد في أرقى صورها.
وحيث كان الطموح وما زال، هو بعث الاتحاد من جديد، اتحاد الطلبة الذي يجسد على الأرض مبادئ الديمقراطية والجماهيرية والتقدمية والاستقلالية، كان لا بد من استئصال وكنس جميع مظاهر العنف بالجامعة، حيث تم الاتفاق بين الفصائل الوحدوية حول هدف مرحلي يقضي بتجريم العنف بين الفصائل التقدمية، بما يشكله العنف من تناقض صارخ مع مبادئ الديمقراطية والتقدمية، وبما شكـّل من آثار سلبية وتقليص بيّن لجماهيرية الاتحاد، ممّا يشكك في إمكانية بعث هذا الإطار الطلابي المنشود.
وقد تبيّن بالملموس وبما لا يدع مجالا للشك، بأن المهمة صعبة جدا، بعيدة كل البعد عن كونها نزوة فكرية أو فقاعة سياسية.. فخلاصات وتوصيات الندوة لم تترك المجال لأي توظيف سياسي ضيق لهذه المبادرة الوحدوية، بأن وضعت جميع الفصائل الطلابية التقدمية التي تدّعي الوحدوية والعمل الوحدوي، على محك الممارسة الميدانية في إطار من الاحترام الرفاقي والديمقراطي المتبادل، ولم يسمح عمل لجنة المتابعة لخلاصات الندوة، بأية فجوة للهيمنة السياسية لأي طرف من الأطراف المكونة للجنة أو المرشحة للانخراط في أنشطتها.
بهذا وعلى هذا الأساس، نحذر جميع من له غيرة على اليسار الطلابي كحركة، وكوجود، وكصوت يمثل المشروع السياسي والمجتمعي لحركة اليسار، بألا يسهل الأمور، وبألا يسلك الطرق الملتوية والذرائعية، في قضايا من هذا الحجم. فالأخطاء لا يتم الرد عليها بأخطاء أفظع منها. ومن أخطأ وقدّم نقدا ذاتيا مقبولا، وأثبت من خلال الممارسة عدم رجوعه لخطائه القديمة، فذلك عين العقل، وهي قمة الأخلاق الشيوعية.. أما من لا يعترف بالنقد أو يحسب نفسه فوق النقد، منزّه من الأخطاء، يغلف ممارساته اليومية بجلباب الطهرانية و"العلمية" والإطلاقية.. فهو غير جدير بصفة المناضل الديمقراطي الصادق وبالأحرى الثوري أو الماركسي اللينيني.
هو ذا رأيي في ما يتعلق بالعنف، وهي ذي مواقفي ومقترحاتي لتصحيح الأوضاع الجامعية والطلابية وفق ما تربينا عليه داخل تجربة "النهج الديمقراطي القاعدي"، وداخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية التي أسست واستنبتت المجالس الديمقراطية والقاعدية للتلاميذ والطلاب، في أحلك الظروف والفترات، التي وصل فيها القمع والمنع قمته.
فمجالس الطلبة في نظري، تشكل إجابة عملية لتجسيد الديمقراطية الطلابية، وستفتح الآفاق لتوسيع قاعدة وجماهيرية النضال الطلابي التقدمي وبناء الاتحاد.. هي الوسيلة الوحيدة للقضاء على العنف أو الحدّ منه، هي الطريقة المثلى لقطع الطريق على البيروقراطية والهيمنة والاستفراد بالقرار.. لما توفره من إمكانية لإشراك جميع الطلبة المناضلين، في القرارات التي تهم مصيرهم.. جميع مناضلي الفصائل التقدمية وجميع الطلبة المناضلين الذين لا انتماء لهم، معنيون بالمشاركة في هذه المجالس بشكل حر وتطوعي، قبل ان تصبح منتخبة في ظل سيادة إوطم المهيكل، المنظم والمسؤول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مع الأسف الواقع ليس كذلك
موحا أمزيان ( 2014 / 5 / 12 - 13:49 )
ينقصك أيها الرفيق التحليل الملموس للواقع الملموس فقد فعلت ما فعله النهج الديموقراطي الذي سارع الى ادانة العنف بين الطلبة محملا البرنامج المرحلي المسؤولية عن مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي، وهو بذلك انحاز بشكل اعمى نحو المخططات الرجعية والظلامية ومؤامرة النظام لتصفية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. فالمناوشات التي حدثت صباح يوم الخميس 24 ابريل فجرها فصيل طلبة التجديد الطلابي القادمين من مكناس تحت قيادة المجرم حامي الدين، وما حدث من جروح فلم تكن مقصودة، الاعتقالات التي تمت في نفس اليوم واستهدفت معتقلون سياسيون سابقون للبرنامج المرحلي لم يكونوا يعلمون شيئا عن تلك الحوادث في جامعة ظهر المهراز ثم ان الطالب القادم من مكناس الحسناوي الذي جرح في ساقه جرحا لا يؤدي الى الوفات تم اهماله عمدا بشهادة الاطباء فجائت الوفاة نتيجة الاهمال وليس الجرح، تم استهداف فصيل طلابي سياسي بعينه رغم أن الفصيل لا شأن له بالاحداث التي وقعت. لذلك اسمح لي ايها الرفيق أن مقالك تحريفي للوقائع ويخدم أعداء الحركة الطلابية ويعيد الشرعية للتحريض النهجوي الظلامي . اما خطابك حول مبادئ الشيوعية فحق يراد به باطل

اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران