الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا سيبقى الفحم أساساً للتوليد الكهربى لمعظم دول العالم؟

ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)

2014 / 5 / 12
الادارة و الاقتصاد


فى مقال ضاف نشره الكاتب الأمريكى ديف سَمَر فى 29 يناير 2014 على موقع "فرى أويل برايس دوت كوم" يقدم تقرير أخبار الطاقة Energy Intelligence Report تحليلاً للخطوات المزمع اتخاذها من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كلما تقدم فى دورته الرئاسية الثانية، والتى يبدو فيها أكثر اعتزاماً على القبض على ناصية الاهتمامات التى عبر عنها مؤيدوه بشأن تغير المناخ خلال القرن الأول من الألفية الثالثة للعالم اليوم. وباعتبار التوافق الذى أظهره الكونجرس يتبين أن ذلك يمكن بلوغه من خلال حزمة من المعايير والتنظيمات الإضافية فضلاً عن زمرة من الأوامر التنفيذية.

وفى هذا الصدد طرحت مجموعة من التقارير التى وثقت للتكلفة المتوقعة للتغير المناخى، والتى أثبت بعضها تقديرات متواضعة نسبياً، فعلى سبيل المثال أقر "مركز إئتلاف كوبنهاجن" أن "التغير المناخى هو حقيقة ماثلة من صنع الإنسان، والحادث كمفاجأة كبرى أن التغير المناخى منذ عام 1990 وحتى عام 2025 يرتبط فى الأغلب بمنافع خالصة، مصعداً من مستويات الرفاهية بحوالى 1.5% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة. والسؤال: لماذا؟ يجاب عنه بأن الدفيئة العالمية ارتبطت بمزيج من التأثيرات، وفى حال الدفيئة المعتدلة (أو المتوسطة) تسود المزايا الجميع. فلقد عزز المستوى المتزايد لتركيزات ثانى أكسيد الكربون من الزراعة لأنه يعمل كمخصب، ويتسبب فى أكبر أثر إيجابى بنسبة زيادة 0.8% من الناتج المحلى الإجمالى. كذلك فالدفيئة المعتدلة تتفادى الحالات الزائدة من وفيات الصقيع أكثر مما تتجشمه فى الحالات الزائدة من وفيات الحرارة. وهى أيضاً تقلص الحاجة إلى التدفئة أكثر مما تزيده فى تكلفة التبريد، بإجمالى يبلغ حوالى 0.4%. وعلى الصعيد المقابل تزيد الدفيئة فى إجهادات المياه عند حوالى 0.2%، وتؤثر على نحو سلبى فى النظم الإيكولوجية كالأراضى الرطبة بنسبة تبلغ حوالى 0.1%، أما التأثيرات على العواصف فهى ضئيلة للغاية إذ تنحصر الخسائر الكلية للعواصف (بما فى ذلك العواصف الطبيعية المعتادة) فى حوالى 0.2%.

على أنه كلما تزايدت درجة الحرارة تتزايد التكلفة وتتضاءل المزايا بما يقلص على نحو دراماتيكى من المنافع الخالصة المحرزة، حتى أن الدفيئة العالمية فيما بعد عام 2070 ستصبح خسارة خالصة، وتكلفة صافية للعالم بما يبرر الإجراءات المناخية ذات التكلفة الفعالة.

ومن ناحية أخرى ترتئى توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC فى آخر تقاريرها أن التكلفة موجودة بالفعل فى الاقتصاد العالمى، وأن التأثيرات تتسبب فى انخفاض فى حدود 2% فى النمو الاقتصادى العالمى التى من أهمها التأثيرات على الصحة والزراعة.

ولقد تركزت التقديرات والتوقعات فى جميع السيناريوهات على الحاجة لإحراز خفوضات حاسمة فى ابتعاثات غازات الدفيئة وعلى حث الحكومات فى العالم كله على اتخاذ خطوات لتقليص هذه الابتعاثات، دون مطالب مفرطة من الصناعات التى تأثرت على نحو أكبر بالتغيرات التنظيمية والتشريعية المقترحة.. والتى على رأسها صناعة الفحم فى العالم.

وذلك ما يظهر أنه يترسخ كمدخل دانى القطوف فى التقرير الصادر حديثاً عن "الاتحاد الأمريكى لكهرباء الفحم النظيف" the American Coalition for Clean Coal Electricity (ACCCE) الذى يُبْرِز نقاطاً واقعية قوية فى المناقشة حول مزايا استخدام الكربون، ويقابلها بالتكلفة، حيث صار من الشائع على الصعيد السياساتى فى السنوات الأخيرة أن تتم شيطنة صناعات الوقود الأحفورى، والجور فى الإدعاء عليها بأنها تزيد الابتعاثات، رغم الاحترازات البيئية القياسية لتقليل هذه الابتعاثات إلى حدها الأدنى، وعلى الأخص صناعة الفحم.

ولقد تزايدت استخدامات الوقود الذى يمدّ القوى الكهربية والحرارية للثورة الصناعية المستمرة فى الانتشار فى الدول متدنية النمو، لترتفع بها إلى مستويات المعيشة التى يتمتع بها البشر فى أمريكا الشمالية وأوربا والدول الأكثر رسوخاً فى النمو الاقتصادى والاجتماعى.

وقد اعتبر الانتقال إلى مستويات الحياة الأفضل محتاجاً إلى استهلاك طاقة تقدر بحوالى 4000 كيلووات ساعة للفرد فى السنة، وعندما تؤخذ المزايا النسبية لاستخدام القوى الكهربية فى الاعتبار فإنها تساعد على إدراك المنحى العقلى لأولئك الذين يعقدون المقارنات. فنظرة من يحرز وصولاً جيداً للكهرباء ومن يشيد مروحة رياح لتوفير هذه القوى تعكس إدراكاً أكبر لمزايا الكهرباء عما يبدو أحياناً أنه صائب سياسياً.

إن المزايا التى أمكن توفيرها حتى الآن بواسطة الكهرباء المتاحة حالياً فى أيدى المستهلكين كنتيجة للثورة الصناعية ظاهرة وجلية فى كل منحى واقعى وحقيقى من حياتنا اليومية. وللحفاظ على هذه الثروة من المنافع وانتشارها خلال الاستخدام المتنامى / المترامى للكهرباء فى السوق العالمية المتزايدة للمستهلكين فإن الوكالة الدولية للطاقة International Energy Agency (IEA) تشيد مخططاتها المستقبلية على أساس الزيادة فى جميع مصادر القوى الموجودة فى العالم الآن لتوليد الكهرباء عبر السنوات الخمس والعشرين القادمة، وذلك بمزيج للطاقة الكهربية المولدة يصل فيه الإنتاج إلى حوالى 40 تريليون كيلووات ساعة، بمشاركة تبلغ 36% من الفحم، و23% من الغاز الطبيعى، و15% من القوى النووية، و16.4% من القوى الهيدروكهربية، و8.5% من الطاقات الجديدة والمتجددة غير الهيدروكهربية، و1.1% من الوقود السائل (المنتجات البترولية).

على أن واحداً من التأثيرات التى ارتبطت بالتنظيمات والمعايير المتكاثرة، والدافعية للتحول إلى البدائل الأخرى، أن مصادر القوى الكهربية المتجددة فى أوربا مثلت بالفعل زيادة فى تكلفة هذه القوى الكهربية. ويقود ذلك بالفعل الاتحاد الأوربى حالياً لمراجعة سياساته، حيث تؤدى التكلفة الأعلى للقوى الكهربية إلى تدهور المركز التنافسى للصناعات الأوربية مقارنةً بصناعات الدول ذات التكلفة الأقل للقوى الكهربية (كالولايات المتحدة الأمريكية)، لكن الزيادات فى تكلفة القوى الكهربية لا تؤثر فقط على الميزة التنافسية للصناعة، بل حيثما تتزايد الأسعار تجد الشريحة الأفقر فى المجتمع من الأصعب لديها أن توفر كل احتياجاتها للعيش الكريم، فهنالك فجوة أمام اختياراتهم، لكنه الاستخدام الأوسع للفحم الذى يحفظ أسعار القوى الكهربية والحرارية فى دول عديدة منخفضة، والإمكانية لدى الكثيرين لاستخدام مصدر كهرباء وحرارة محلى تمنح الدول النامية الفرصة لتسلق السلم بأسرع من المعدلات التى تستطيع إحرازها بدون هذا المصدر. ويتعين أن نذكر أنه عبر مسار التغيرات التى تسببت فيها "التصنيعية" منذ عام 1750 وحتى عام 2009 زادت توقعات الحياة للفرد فى العالم بأكثر من الضعف من 26 عاماً إلى 69 عاماً، وتزايد السكان فى العالم إلى ثمانية الأضعاف من 760 مليون إلى 6.8 بليون، وتزايد متوسط دخل الفرد إلى أحد عشر ضعفاً من 640 إلى 7300 دولار فى السنة، وفى الولايات المتحدة الأمريكية زادت توقعات الحياة من 47 إلى 78 عاماً للفرد، وزاد متوسط الدخل (الذى وصف "بالوفرة" و"الفيض" و"السعة") إلى سبعة ونصف الأضعاف، بينما تزايدت ابتعاثات ثانى أكسيد الكربون إلى ثمانية ونصف الأضعاف.

والحقيقة الصريحة فى العقود القادمة هى أن الفحم - وأنواع الوقود الأحفورى الأخرى - سوف يبقى عبر السنوات الخمس والعشرين القادمة هو الأساس لتوليد القوى الكهربية لقسم رئيسى من الاقتصاد العالمى. وذلك على الأرجح حقيقى على الأخص لتلك الدول التى ستنمو نمواً غالباً فى عدد السكان والناتج المحلى الإجمالى (GDP) خلال هذه الفترة.

وبإسقاط (أو خصم) المزايا والمنافع التى توفرها تلك التحسينات فى الحياة لهذه الدول، وبالتركيز أكثر على التكاليف الافتراضية للمشكلات المتوقعة.. تعمد الإدارات الحكومية المعنية إلى التغيير الفعال فى مزيج الطاقة لديها. ولسوف يكون مثيراً أن نرى الصناعة التى تتغير على الأرجح بسياسات الدول تبدأ فى إظهار اعتزامها الرد - على نحو جماهيرى، وبالحقائق الجلية -
على بعض هذه الجدليات القائمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با