الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الدولة في مادة الفلسفة المقررة بالبرنامج الدراسي للباكالوريا المغربية

محمد بقوح

2014 / 5 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ارتبط التفكير الفلسفي ، في المجزوءة السياسية ، بالباكالوريا المغربية ، بثلاثة مفاهيم أساسية ، هي : مفهوم الدولة ، مفهوم العنف ، و مفهوم الحق و العدالة . لعلنا نطرح هنا بدءا ، كملاحظة أولية ، السؤال البديهي ، التالي : لماذا هذه التراتبية ، في معالجة عناصر المجزوءة السياسية ، في البرنامج المدرسي المغربي ، الخاص بمادة الفلسفة ؟ بمعنى كيف يمكننا تفسير هذا تقديم الملاحَظ ، لدراسة مفهوم الدولة ، على مفهوم العنف ، ثم تلاه مفهوم الحق و العدالة ؟ هل ، لأن الدولة ، كمفهوم فلسفي ، و كما قال ميكيافلي ، تمارس حقها المشروع ، في نيل و تحقيق العدالة ، بفعل سلوك العنف و العنف المضاد ؟ و بالتالي ، اقناع التلميذ و الأستاذ معا ، بالدور الأوّلي و الجوهري للدولة ، كجهاز سياسي ضروري ، لقوة السلطة في ممارسة عنفها الرمزي و المادي ، إذا اقتضى الحال أحيانا ، من أجل فرض شرعيتها السياسية و التربوية ، و بالتالي أيضا فرض مشروعية عنفها التاريخي ، و كذلك عنفها الاجتماعي ، الناتج عن ضرورة طبيعية يمليها العنف الاقتصادي الكلي ، المحيط بالدولة ، ككيان سياسي مسؤول عن تدبير شأن المواطن و المجتمع . إذن ، هل للدولة هنا كامل الحق في ممارسة العنف ، تحقيقا لفعل الحق المشروع ، و وصولا للتطبيق العملي لمبدأ العدالة ؟؟

هكذا نجد أنفسنا أمام الإشكال الفلسفي الآتي : لماذا وجدت الدولة كسلطة سياسية في أصلها ؟ و كيف ، بل من أية جهة تستمد هذه الدولة ، كمفهوم فلسفي مشروعيتها ، هل من كونها تشكل دولة حق ، أم لأنها دولة قوة ؟
بالنسبة للفيلسوف توماس هوبز ( 1588 - 1679 )، فالغاية القصوى من وجود الدولة ، كمجتمع سياسي هي : ضمان السلم المدني وتحقيق الأمن الاجتماعي ، و بالتالي فهو يعتبر الدولة ، بمثابة نتاج لميثاق تعاقدي ضروري ، بين كافة البشر . أي أنها ذلك المنتوج الفكري و السياسي ، باعتباره مجهود سلطة حاكمة ، تدبيرية و تنظيمية ، ترتبت ضرورة عن ما سماه بتحول المجتمع الحتمي ، من الحالة الطبيعية ( حالة عنف و فوضى ) ، إلى الحالة المدنية ( حالة الأمن و النظام ) . يقول هوبز بهذا الصدد : " يسمى اتحاد الكثرة في كيان واحد دولة .. و هي التي ندين لها بما نحن فيه من سلام و أمن " ( مباهج الفلسفة ، بكالوريا 2 ، ص 124 ) .
في المقابل ، يرى باروخ سبينوزا ( 1632 - 1677 ) أن مفهوم الدولة ، كجهاز سياسي للسلطة الحاكمة ، اربتط بغاية الحرية ، التي لا تتعارض مع القوانين الطبيعية للعقل . يعني أن الدولة هنا امتداد طبيعي و ضروري لوجود الفرد ، باعتبار أن تحقيق حرية الفرد البشري ، بالمعنى النسبي هو القصد الجوهري من وجود الدولة . أم فريدريك هيغل ( 1770 - 1831 ) الذي اتسم منظوره الفلسفي ، بخصوص مسألة الدولة بتجريدية قصوى ، مرتبط في عمقه بكلية العقل الفلسفي المركب ، ذي البعد التاريخي الجدلي ، فتعتبر الدولة ، عنده ذلك التجسيد الفعلي للعقل الكلي ، و الروح الفاعلة و المطلقة للشعب ، و بالتالي فالفرد هنا لا قيمة له و " لا حياة أخلاقية إلا بوصفه عضوا في الدولة " نفسه ، ص 126 .

نستنتج أن ثمة فرق واضح ، بين مفهوم الدولة ، كمسألة فلسفية تخاطب التلميذ ( ة ) المغربي ، ضمن خريطة الفعل التدريسي الديداكتيكي ، في إطار الإعداد المنهجي للنظر العقلاني الممكن للفرد ، و بين مفهوم الدولة ، كجهاز فاعل للسلطة المهيمنة ، التي اعتبرت عند هوبز كدولة ضرورية و تتويج لفعل حتمي موضوعي و طبيعي ، في حين نظر إليها سبينوزا باعتبارها تجسيدا للحرية الفردية ، غير أن هيغل انتصر للطرح الأكثر تجريدا بل قدسية لمفهوم الفلسفة ، باعتبارها التحقيق الفعلي لروح كلية المطلق و كونية الشعوب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254