الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الجامعة المغربية-الأزمة وإرهاب السياسات الرسمية

ابراهيم حمي

2014 / 5 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


لابد من ربط ما يقع بالجامعة الأن، وبين الإجهاز على حقوق الشعب في التعليم، كما أن المدرسة العمومية هي أيضا حلقة من حلقات المسلسل الذي ابتدأ في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، وتبقي السياسة الرسمية هي المسؤولة عن ما يجري بالجامعة وأيضاً بالمدرسة العمومية بصفة عامة، كمجال حيوي يهم السواد الأعظم من الشعب الكادح، كما يهم مستقبل أبنائه. وهذا أيضا يدخل في إطار القضاء على مكاسب الشعب المغربي في مجانية التعليم وأيضاً القضاء على ما تبقى من جذور للمدرسة العمومية، التي رسخت مبادئ الوطنية وحب الشعب والانحياز للجماهير وقضاياها، واستكمال مطالبها الاجتماعية، وخصوصا المطلب الملح على المساواة وتوزيع الثروات الوطنية بشكل عادل، وتحقيقا للديمقراطية والعدالة الاجتماعية وكل مطالب الشعب المغربي في العيش والكرامة لكل أفراده. وهذه العناوين كلها كانت لشعارات ولدت في أحضان المدرسة العمومية التي كرست من ضمن ما كرسته من قيم ومثّل عليا كرست أيضا النضال في تربية الأجيال والراعي الأول الذي نشأ في حضن تلك المدرسة العمومية التي كان بها رجال ونساء التعليم الذين آمنوا برسالتهم التربوية لتعليم الأجيال بلا مقابل، ولهذه الأسباب يتم القضاء على جذور المدرسة العمومية. وما يجري ليس إلا نتاج لمحاولة إقبار ما تبقى من حق أبناء الشعب في ولوج الجامعة،ولهذا تتخبط الجامعة الأن بين الأزمة المفتعلة وإرهاب الدولة.
لا أحد يقر أن أزمة الجامعة المغربية، وما تعرفه من مشاكل ما هي إلا نتائج وليست أسباب، ولا أحد تحلى بالشجاعة و اعترف أن الاختيارات السياسية الرسمية المتبعة هي السبب في وضعية الجامعة. ولا أحد ربط ما يجري في الجامعة بضرب المدرسة العمومية.
الكل يتكلم عن ما يجري بالجامعة المغربية، والكل أيضا يهاجم النهج القاعدي، أو فصائل أخرى على أنها السبب في ما صار عليه التعليم اليوم، وكأن النهج القاعدي والفصائل الأخرى، طاعون سقط على الجامعة المغربية من السماء.
علينا أن نقر ونعترف بأننا جميعا مسؤولون بشكل أو بأخر عن ما وصلت له الجامعة بشكل خاص، وما وصلت له المنظومة التعليمية بصفة عامة من تردي وانحطاط ما قبله ولا بعده أي انحطاط أخر، صحيح أن الدولة بما فيها الأحزاب السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والنقابات لهم حصة الأسد في المسؤولية، على ما يجري الأن في الجامعة من تطرف وتطرف مضاد ومن إرهاب يساري أو يميني أو رجعي أو قبلي أو عرقي إثني أو طبقي إلى أخر التصنيفات و المسميات التي أفرزتها التطاحنات والصراعات الإيديولوجية للمكونات المتواجدة داخل الحرم الجامعي، والتي ماهي إلا صورة مصغرة لفشل السياسات المتبعة في هذا المجال وغيره من المجالات الأخرى كالصحة والتشغيل والسكن وكل ما له علاقة بالسواد الأعظم من الشعب وطبقته المسحوقة، فمن يلوج الجامعة الأن، وعلى من تضحكون أيها المحللون المراقبون والمشخصون لأوضاع الجامعة وللمنظومة التعليمية بشكل عام.
فماذا تنتظرون بعد إفساد المنظومة التعليمية التي تعرضت للمئات من التجارب الفاشلة كلها باعتراف أصحابها، و إعتراف أعلى هرم في السلطة، بأن المسار التعليمي مسارا فاشلا بامتياز.
إذن لماذا تصدرون أحكام قيمة على جماعة أو فئة من الطلاب أبناء هذا الشعب أولا وأخيرًا، وهم ليسوا مسؤولون عن أفكار وممارسات وحتى إيديولوجيات وجدوها بالجامعة ولم يستوردوها هم لا من الشرق ولا من الغرب وإنما اعتنقوها فقط كما لقنت لهم بشكل مشوه، وترجمت لهم بأساليب تحريفية ومفصولة عن سياقاتها الطبيعية وعن زمانها ومكانها أيضا.
إن الصراعات بين الفصائل ليست بأمر جديد كما أنها ليست وليد اليوم وإنما هي امتداداً للصراع التاريخي في الجامعة المغربية مند مطلع الخمسينات بين الفصائل المتواجدة مند تلك المرحلة. والسؤال المطروح أو الذي يجب أن يطرح على الكل هو لماذا لم تتطور الجامعة المغربية للأحسن؟
لماذا تراجعت وأصبحت بهذه الصورة البشعة شكلا ومضمونا؟
ألا يستحق المغاربة وأبنائهم تعليما في مستوى تطلعات الشعب المغربي؟
هذه الأسئلة لن تتم الإجابة عنها ما دمنا نتهرب من تحمل المسؤولية الكاملة عن ما يجري في الوطن بشكل عام، سواء كمجتمع بكل نخابه ومثقفيه وأيضاً بحكامه وشعبه، وأحزابه ونقاباته من جهة أخرى، ثم لماذا انساقت النخبة المغربية وراء تجارب وسيستمات غايتها وأهدافها في الأخير هي ضرب وإسقاط المدرسة العمومية والتخلي عنها إرضاءا لحفنة من المستثمرين في ميدان التعليم كما تم التخطيط للإجهاز واغتصاب حقوق أبناء الشعب في التعليم، وضرب مجانيته التي هي حق مكتسب للشعب المغربي وأيضاً حق طبيعي تضمنه كل القوانين والدساتير المعمول بها بعلتها مند الستينات، لهذا فكلنا مسؤولون على فشل المنظومة التعليمية و التربوية المتبعة منذ الخمسينيات من القرن الماضي وقبله إلى اليوم، على الفوضى و اللامبالاة المكرسة والمرسخة بفعل فاعل في المجتمع بالكثير من الظواهر والأمراض التاريخية المورثة و المكتسبة أيضا، من الاستعمار وغيره في توجيه وتكريس التطرف و الخنوع والطاعة العمياء وتقديس الذات والأفكار والخرافات في قلب المنظومة التعليمية، ونبذ النقد وثقافة العقل وإبداء الرأي و التساؤلات في المدرسة وأيضاً في المجتمع حتى في الأشياء البسيطة والمتداولة بين الناس، ونشر ثقافة الاستسلام وتعظيم الاستبداد السلطوي بكل أشكاله وأنواعه من جهة، وأيضاً من جهة ثانية هناك الصراع السياسي الدائر حول المنظومة التعليمية ومضمونها وشكلها بين مشروع الحركة الوطنية والمشروع التعليمي المخزني بقيادة الملك الراحل الحسن الثاني، والذي انتصر فيه هذا الأخير في أخر المطاف في أواخر السبعينات من القرن المنصرم، حيت كان الصراع بين التعريب والعصرنة والتبعية السياسية المفروضة على ما كان يسمى بدول العالم الثالث آنذاك.
كل هذا وغيره أعطانا ما تعيشه الجامعة اليوم من صراعات وتطاحنات بين أبناء الشعب الكادح والمقهور والمسلوب الإرادة والقرار حتى عندما يتعلق الأمر بمستقبل ومصير أبنائه. إن هذه الوضعية ماهي سوى نتائج وأهداف تم التخطيط لها من قبل، فلا تجعلوا النتائج أسباب وتناقشون خارج المنطق وكأن الفصائل هي المشكلة، بينما المعضلة الإشكالية أعظم من ذلك وأكبر من المعالجة بالهاجس الأمني، بينما القضية قضية شعب وقضية مصير أبناء هذا الشعب.
وكل من لم يناقش أو يرفض النقاش في قضية التعليم بشكلها العام وربطها بمجمل السياسات الاختيارات، و على رأسها توزيع الثروات الوطنية بشكل عادل، وأيضاً بالتنمية الحقيقية والمساواة والعدالة الاجتماعية فإنما يغرد خارج السرب، وينظر للواقع المأزم على كل المستويات، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما تشكله الجامعة ليس إلا مدخلا للأزمة الحقيقية التي يعيشها المجتمع المغربي بكل شرائحه وفئته وطبقاته السفلى والمحرومة ليس من التعليم فحسب وإنما من حقها في العيش بشكل يحترم آدميتها وإنسانيتها في هذا البلد الذي يعتبر نفسه دولة للحق والقانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات