الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس دفاعا عن الأحزاب ( الكرتونية) ولكن بحثا عن الحقيقة

سمير الأمير

2014 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



يكثر هذه الأيام ترديد نغمة أن الأحزاب ورقية وضعيفة وأنها لا تمتلك برامج ولا وجود لها فى الشارع و أنه علي تلك الأحزاب أن تعرف حجمها، وهذا طبعا يقال عن كل الأحزاب التى انضوت تحت تحالف 30 يونيه بما فيها أحزاب جبهة الانقاذ والتى فتحت مقراتها لتمرد التى كانت بلا مقرات وبلا أى إمكانيات حتى سقط حكم المرشد حين أعلنت القوات المسلحة انحيازها للجماهير كما فعلت فى 11 فبراير 2011حين أجبرت مبارك على ترك السلطة، الحقيقة أن هذا الغثاء الإعلامي لا هدف له إلا تدمير ما بقى من أحزاب ما قبل 25 يناير( أحزاب ما بعد يناير لم تتبلور بعد) تلك الأحزاب التى ظلت محاصرة فى مقراتها وممنوعة من الاتصال بالناس منذ نشأتها التى انطوت على خدعة كبرى إذ جاءت ولادتها كمنابر داخل الاتحاد الاشتراكى أولا ضمن خطة إبعاد اليساريين والناصريين عن السلطة بمحض إرادتهم وهى طريقة السادات الذى كان يمكنه يجعلك تقتل نفسك وأنت تظن أنك تغزوا العالم، كان على السادات الذى أراد أن يغتال تجربة ناصر الاشتراكية أن يتخلص من وجود الاشتراكيين فى السلطة حتى ينفرد هو وجماعته بها لكى يسير فى الاتجاه المعاكس "فافتكس" قصة الثلاثة منابر، اليسار واليمين والوسط ثم تحولت تلك المنابر إلى أحزاب فانضم هو للوسط ( حزب مصر) الذى أصبح الحزب الوطنى بعد ذلك وأصبح اليسار حزبا خارج السلطة بقيادة الضابط السابق خالد محيى الدين ( سنقرأ بعد ذلك فى كتاب هشام السلامونى " الذين واجهوا ناصر والسادات كيف تم استبعاد عبد الرحمن الشرقاوى من الترشح لقيادة اليسار" )و خرج اليمين بقيادة الضابط السابق مصطفى كامل مراد من السلطة بمحض إرادتهم (وبحداقة) أنور السادات ومكره العبقرى فضمن له ذلك إزاحة كل قواعد الاشتراكيين واليساريين من السلطة بعد أن كان قد أطاح بقياداتهم فى انقلاب مايو 1971، ظل النظام السياسى يتعقب الأحزاب ويضيق عليها ويوجه لها ضربات أمنية ويلاحق أعضاءها ويضيق عليهم سبل الرزق حتى كان الانتماء لأحزاب علنية مثل التجمع أو العمل الاشتراكى أو سرية كالحزب الشيوعى المصرى أو التيار الثورى أو أى شىء خارج تعليمات أمن الدولة المعلنة وغير المعلنة، كان ذلك الانتماء يعنى أنك لن تترقى فى وظيفتك وأن ابنك لن يكون مُعيدا بالجامعة حتى وإن كان أول دفعته ولن يلتحق أى من أقارب الدرجة الأولى لا بالنيابة ولا بالكليات العسكرية ولا بأكاديمية الشرطة التى صارت فى عهد العادلى " أكاديمية مبارك"،
فى يناير1977وُجهت لحزب التجمع ولليسار الماركسى والناصرى ضربة موجعة فتم اعتقال كل من كان يكتب حرفا يمكن أن يفهم منه أنه ضد الانفتاح والفساد ورب العائلة الرئيس المؤمن وحدث أن تبارى المصريون فى التبرؤ من اليسار ونشر استقالاتهم علانية فى الجرائد ليثبتوا للرئيس المؤمن أنهم يسيرون ليس بجوار الحائط الوطنى فقط ولكن داخله! بعدها حسم السادات خياراته المؤجلة وذهب إلى إسرائيل ثم حل البرلمان لمجرد أن 12 عضوا عارضوا الاتفاقية ( لا أحد من بطانة الكذب يشير إلى أن ذلك كان ضربة للحياة الحزبية الوليدة لأن النغمة الآن هى نغمة واحدة فقط وهى أن هذه الأحزاب( بنت ستين فى سبعين) ويجب عيها أن تحنى رأسها حين تعلوا الأغانى الوطنية التى تكتبها فرقة الإجماع الوطنى) ويكفى طبعا أن تفتح أياً من قنوات رجال الأعمال لتستمع لكلام عن الأحزاب وصراعها وضعفها وقلة حيائها، تجعلك تشعر أن عليك أن تنتحر إن كنت منتميا لأحدها، طبعا ساهمت كل الانتخابات الفردية فى عهد مبارك فى إضعاف الأحزاب المدنية بينما كان التحالف الاقتصادى الرأسمالى الريعى لرجال مبارك مع الإخوان يجرف الاقتصاد الوطنى ويجرف الحياة السياسية، وكانت الرحلات الاعتقالية للإخوان مجرد وسائل لتذكيرهم أن قبولهم كشركاء فى نهب الفقراء لا يعنى قبولهم فى السلطة ولعلكم تذكرون أن الإخوان كانوا يلتزمون فى أغلب المواقف فيدخلون الانتخابات تحت شعار( المشاركة لا المغالبة) وفى حين حُرم اليساريون والناصريون من الانضمام لهيئات التدريس جرى تعيين معظم الإخوان كأعضاء تدريس بمباركة أمن الدولة لأن المعلم الأول أنور السادات كان قد استخدمهم من قبل بالاتفاق مع التلمسانى للقضاء على النفوذ اليسارى داخل الجامعة،
فى عهد مبارك أيضا جرى تأميم الأحزاب السياسية واستطاع الأمن أن يسيطر على معظم قياداتها وقدمت رشاوى التعيين بمجلسى الشعب والشورى لكى تتبع تلك الأحزاب سياسة الأسقف المنخفضة التى انخفضت حتى لعقت ألسنة القيادات المؤممة تراب السلطة واشتعل صراع تلك القيادات مع شباب تلك الأحزاب الذى جرى تحطيمه فى الحياة العامة وداخل الأحزاب فتصدعت الأحزاب وشهدت المقرات معارك بالأيدى والأحذية امتدت للأقسام والمحاكم كل ذلك برعاية ومباركة نظام مبارك، الذى فرغ كل المؤسسات من مضمونها وجعل مصر عزبة للعائلة الصغيرة ومن يدور حولهم، هل عرفتم الآن من الذى أضعف الأحزاب ؟ هل تأكدتم أن نغمة الهجوم العام والإهانة العلنية تهدف للقضاء على الحياة الحزبية برمتها بعد أن تم تشويه النضال السياسى بالسماح بالتمويل الأجنبى للجمعيات الحقوقية وللمجتمع المدنى مع أن ذلك يتم تحت سمع وبصر وبموافقة النظام إلا أن النظام السياسى يطلق أبواقه الإعلامية لتجريسهم وفضحهم باعتبارهم خونة وجواسيس!!
وأخطر ما فى قصة التمويل الأجنبى أنها ساهمت وتساهم فى تشويه العمل السياسى والحقوقى وتقضى على فكرة العمل الطوعى التى تعتبر بالغة الأهمية لإنعاش الحياة الحزبية،
وبعد حصول حمدين صباحى على نسبة ضئيلة من الأصوات فى الانتخابات الرئاسية التى جرت يومى 25 و27ثم امتدت بشكل مفاجىء ليوم آخر، اعتبر البعض زيفا وبهتانا وضلالا وتضليلا أن تلك النسبة التى حصل عليها حمدين صباحى تمثل حجم نفوذ الأحزاب فى المجتمع وهذا طبعا إفك مبين وتدليس عظيم، إذ أن معظم أحزاب اليسار واليمين والأحزاب الناصرية قد دعت لانتخاب المشير السيسى بناء على تحليلات مفادها الدفاع عن الوجود المصرى وإسقاط مؤامرة الإخوان والتنظيم الدولى المدعومة من أمريكا للقضاء على الدولة المصرية، وأشهد أننى كعضو قيادى فى اللجنة المركزية والمكتب السياسى لأحد تلك الأحزاب التى انضمت قيادتها لحملة صباحى أن 80% من عضوية هذا الحزب فى الأقاليم كانت تدعو لانتخاب المشير وأقامت له نفس المؤتمرات التى أقامتها للدستور وباستخدام نفس الأغنية الشهيرة فى الخلفية.
هل أوضحت كيف أن النظام السياسى الذى يتهم الأحزاب بأنها بلا تأثير ولا جماهير هو السبب الرئيسى وراء هذا الضعف ؟ هل أوضحت أن الإرادة السياسة الحالية مازالت تشبه الإرادة السياسية لنظام مبارك سواء عن عمد أو بالقصور الذاتى وأن الإعلام الذى يردح للأحزاب تنطبق عليه مقولة الشاعر الفلسطينى العظيم محمود درويش---" حطوك فى حجر وقالو لا تسلم ورموك فى بئر وقالوا لا تسلم" أو تنطبق عليه مقولة جدتى الفلاحة المصرية "عليه أم يوسف" " من كتر بلاوينا جابوا اللى فيهم فينا"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران