الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الوصاية في المجتمع الاسلامي

عبد عطشان هاشم

2014 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنزع جميع الاديان باختلاف نسخها الى فرض ثقافة الوصاية على مجتمعاتها لانها تعتبر نظمها الاخلاقية والاجتماعية حقيقة مطلقة مقدسة واجبة النفاذ وليس على القطيع سوى السير خلف الراعي ، ولكن نشوء و تطور النظم السياسية العلمانية ادى الى ضمور ثقافة الوصاية وعدم قدرتها على البقاء في عالمنا المعاصر الذي يبجل حرية الانسان وحقوقه الاساسية وخصوصيته كفرد الى حد بعيد.
لكننا في المجتمعات الاسلامية والعربية ، حيث يتطفل الدين فيها على الحياة،لازلنا نرسخ تحت وطأة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي تبدو للوهلة الاولى وكأنها محاولة لنشر الاخلاق الفاضلة في المجتمع الاسلامي لكنها ليست سوى تكريس متعسف لثقافة الوصاية وتغذية الشعور بالنقص والدونية لافراد المجتمع وبانهم عاجزين وغير قادرين على اتخاذ القرارات التي تمس جوهر حياتهم وان الايمان والاخلاق حكر لرجال الدين دون سواهم.
فالمجتمع الاسلامي تعود ان تكون الاخلاق والسلوكيات فيه قائمة على القهر والغصب والاكراه وغير نابعة من قناعات الفرد وضميره الحي ومسؤوليته كأنسان واع مكتمل الرشد . ولذا تعودنا على سلسلة طويلة تكاد لاتنتهي من الاستبداد والقمع ومصادرة الحريات حتى بات من غير المسموح التفكير خارج الصندوق الوصائي الذي وضعنا فيه الدين وحرمنا من التطلع الى العالم الرحب خارجه ، فالطيور التي عاشت طيلة حياتها في قفص تعتبر الطيران جريمة.
لقد اصبحنا عبيدا مقيدين بسلاسل تراث دامي وكريه عجنه رجال الدين وولاة امرهم بالدم والنار على مر 14 قرنا بغية التحكم بعقول الناس وقولبة سلوكهم وتنمية شعورهم بالدونية الى حد االخنوع ، ثقافة الاجابات الجاهزة وتكميم الافواه وعدم طرح الاسئلة.
لقد حان الوقت الان ونحن في القرن الحادي والعشرين لكي نتحرر من هذه العبودية لا ان نطالب بتحسين شروطها.
المجتمع الاسلامي لايعترف لاحد بأنه بلغ سن الرشد العقلي ويستطيع تبعا لذلك ان يعيش بدون وصاية من احد ، فكل منا هو قاصر عقليا ومستباح من قبل رجال الدين في اصغر تفاصيل حياته الخاصة ، فالمرأة (ناقصة العقل والدين )لاتزال تحت وصاية الرجل و الذي بدوره يرسف باغلال وصاية كهنة الدين الذين يحتكرون النظام الاخلاقي ويسوقونه للمجتمع كحكم مؤبد من الخضوع والهيمنة.
لن تجد قيم التعددية والمواطنة والتنوع والرأي الاخر والحق في الاختلاف مكانا لها في مجتمع الوصاية الذي يفكر بنمط الاسود والابيض فقط .
وهكذا نجد انفسنا في مجتمع بليد ،مسلوب الارادة ،لامبالي ، مأزوم ، لايهتم لحقوقه الاساسية ولايفكر فيها ولايحاول تطوير ذاته و مجتمعه بل هو مشدود كثور الساقية الى هدف افتراضي هو الحياة الاخرة فتراه يلغي عقله كليا ويمعن في التطرف والعنف الاعمى فيسولون له ان يفجر نفسه و يقتل الناس الابرياء ان كان سنيا اويجلد ذاته في شعائر وطقوس مؤلمة وقاسية اذا كان شيعيا لتحقيق هذا الرغبة المستحيلة.
فكيف لمجتمع مثل هذا ان يحترم القانون والنظام وهو يفكر بالمعجزات والبركات الربانية كسبيل لسير الحياة وانتظامها؟
لايمكن لمجتمعاتنا ان تتطور وتنمو بشكل صحيح وتتفتح الازهار فيها دون ان نقتلع جذور ثقافة الوصاية ولايمكن ذلك ان يتم دون ان يكون رجال الدين رجال دين فحسب وليسوا قضاة وجلادين وفقهاء للسلطان ، وبالطبع رجال الدين لن يتنازلوا طواعية عن الجاه والثراء والسلطان المطلق على الناس الا اذا تحررت عقول الناس من قبضتهم الفكرية ،وحلق الناس خارج اقفاصهم الوهمية التي سجنوا فيها منذ الصغر.
ونتسائل هنا ، هل من حق شخص ما ان يدعي الكمال والعصمة والتفوق على باقي البشر ، فينصب نفسه وصيا وحارسا على سلوك الناس واخلاقهم ومنظورهم الخاص للحياة وحقهم في العيش كما يريدون لا كما يريد لهم ادعياء الوصاية؟
لنتأمل قليلا في النموذج السعودي الراعي الرسمي للاسلام المتحجر ، وكيف تتصرف هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كوصي على المجتمع السعودي القاصر! ، رغم ان المواطن السعودي يتربى على قيم الاسلام ومفاهيمه منذ الصغروكل مؤسسات الدولة تخضع في ادق تفاصيلها الى مدونة السلوك الاسلامية الصارمة والنساء متبرقعات كليا لكن ذلك لايكفي حيث يطارد افراد الهيئة الناس في خلواتهم الخاصة والعامة ويتدخلون في دقائق الحياة السعودية حتى راح العديد من الناس الابرياء ضحايا لهذا السلوك الغير انساني والذي نتوقعه من رجال الدين ، فهم يكرهون كل شىء يغني الحياة من الموسيقى الى الابتسامة الى الابداع الفكري والثقافي الحر.
الم يحن الوقت لتقتلع الاعشاب السامة من حديقتك وتزرعها ببهجة الزهور الجميلة التي تتألق بمختلف الالوان وشذى الروائح العطرة .
حان الوقت لتحتفي بالجمال والموسيقى وتشرب نخب الحرية... لقد بلغت سن الرشد ولست عبدا لاحد!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 1 - 18:03 )
الكاتب ملحد , لنرى أخلاق الملاحده :
فضائح الدروانيه وفضائح اخلاق الملاحده الاجراميه (متجدد) :
http://antishobhat.blogspot.co.uk/2012/11/blog-post_2522.html


2 - احسنت ووفيت
نور الحرية ( 2014 / 6 / 1 - 20:45 )
كل مرة اقرا لك احس بان هده الامة ما زالت على خير وامني النفس بان ياتي يوم علينا تنقشع فيه الظلمات عشت وعاش فكرك


3 - ظاهرة ستوكهولم
رمزي طوال ( 2014 / 6 / 2 - 00:45 )
تحية و بعد. أظن أن السنين الطويلة التي مرت بنا و نحن في هذا الحال من الضغط الديني و الظلم والعناء, أصابنا مرض نفسي يقال له -ظاهرة ستوكهولم- حيث يتعاطف المظلوم مع الظالم. لاحظت كثيرا كما ألاحظ الآن أن المكبوتين يحامون عن الظالمين المعتوهين و لهذا يتهم المفكر خارج الصندوق أو المربع المرسوم للجميع بالإلحاد والزندقة. الدين باعتقادي مجرد آلة تستعمل للإستبداد. أوافق معك سيدي على أن القيود الوهمية التي تكبل شعوبنا عليها أن أن تنكسر و إلا بقينا نعيش في عصر الإنحطاط. مثلنا كمثل الطفل الذي بوّل في فراشه و لا يريد ترك الدفء الذي يشعر به


4 - ثقافة الوصاية
شاكر شكور ( 2014 / 6 / 2 - 03:21 )
اقتباس من المقالة : ( لقد حان الوقت الان ونحن في القرن الحادي والعشرين لكي نتحرر من هذه العبودية لا ان نطالب بتحسين شروطها) …ضربة جزاء موفقة من الأستاذ عبد عطشان ، برأيي ان ثقافة الوصاية لها جذور متعلقة بعبادة وتقليد عادات شخص مات قبل اكثر من اربعة عشر قرناً ولا يزال المسلم يعيش في جبة ذلك الرجل البدوي ، صحيح ان ذلك الشخص كسر اصنام قريش لكنه عاد ونصب نفسه صنماً بديلا لتلك الأصنام جنباً الى جنب مع إلهه بالقول (الله ورسول) كشريك لألهه في جميع الأحكام ، فكلامه وعاداته اصبحت سُنّه ووصاياه يجب تطبيقها في كل زمان ومكان فإن نادى بأنشقاق القمر فيجب ان نجد له مبررات علمية لقوله وإن ركب دابة ووصل الى سدرالمنتهى فالكل يجب ان ينادي الله أكبر وإن خالف تعاليم قرآنه فيجب ان نقول هذه من خصوصيات النبي ، أنا متأكد لو كانت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تفتش عن المحرمات في زمن محمد لأمسكت محمد بمخالفات شنيعة وأول مخالفة قانونية هي سرقة اموال الغير والأستحواذ على خمس الغنائم ، شكرا استاذ عبد عطشان على جهودك التنويرية

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س