الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغز التمسك بالأسد.. جرائم العلويين والشيعة و-انتخابات الإرهاب- (الحلقة السادسة)

بلول عماد

2014 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


أنهينا الحلقتين السابقتين بسؤال حول الأجهزة الأمنية والجيش السوري. فيما يخص الجيش سنحاول قراءة المواقف والتحقيق في نتائجها على ضوء الأسباب القريبة، لذا سنضيء بإيجاز على مرحلتين (منتصف التسعينيات حتى 2011)، (2011 حتى - اليوم والعام- 2014)، دون الخوض في محطات هامة قبل ذلك شكلت بعض مفرداتها امتداداً لا يتناقض مع خلاصاتنا. 1- المؤسسة العسكرية منذ منتصف التسعينيات وحتى 2011 كانت "مؤسسة سلطة"، حيث الفساد والنفعية ضربا عميقاً في بنيتها. السوريون بشتى أطيافهم كانوا يتعاطفون مع "العسكري"، وبنفس الوقت كانوا يكرهون بل ويمقتون"الخدمة الإلزامية" لأنها لم تكن إثباتاً لمفاهيم "وطن- شرف- إخلاص" بقدر ما كانت طريقة استغلال "تفييش وإجازات مدفوعة" إلى جانب الإذلال في خدمة ضباط يعتبرون الجندي أداة يوفر لهم كل متطلبات الحياة، حتى الخدمة المنزلية لدى العائلة "مفارز وخدمة في بيت المعلم". هذه المرحلة المترهلة لم تجدد أساسيات القدرة على متابعة المواجهة مع إسرائيل حيث لا كادر مؤهلاً ولا حتى عزيمة وطنية، فكيف يكون للجيش قدرة على خوض حرب عصابات داخل المدن والأرياف وفي كل بقعة سورية. 2- بعد أشهر من انطلاق "انتفاضة المواطنة 2011" وعلى ضوء تمسك السلطة بنهجها "الحل الأمني- العسكري" أطلت "الانشقاقات في صفوف الجيش" لكنها لم تؤثر على كتلته العددية لأنها نسبة قليلة. هي بدأت بضابط ومجموعة صغيرة تحت ستار "الجيش الحر" (ثوب فضفاض غطى أذرع الإخوان المسلمين المسلحة - الإخوان أرادوا السلطة والانتقام-، ولاحقاً وفر "ستار الحر" غطاء لكل الفصائل والقوى المتطرفة مع مشتقات تنظيم القاعدة). المجموعة العسكرية الصغيرة التي شكلت نواة "الجيش الحر" فقدت مركزيتها ووحدتها أمام سيل من متطوعين مدنيين تحت دوافع متعددة "الدفاع عن النفس والعرض و..الخ"، فشكلوا كتائب ومجموعات بأسماء وشعارات إسلامية وأطلقوا على معاركهم مسميّات من تراث غزوات المسلمين، وسرعان ما انضم أغلبيتهم إلى "النصرة وداعش- التنظيمان الأكثر سيطرة على الأرض" في ظل دعم وتمويل خليجي إقليمي مفتوح حتى اليوم. الإرث السلبي عن الجيش قبل 2011 و"علمانية البعث الشكلية"، ساعدا على نجاح "أسلمة وتطريف" المشهد، وتشريع مقاومة مسلحة ضد نظام كافر. غالبية من رفعوا هذا الشعار سوريون سنّة وكل من دعمهم أنظمة سنيّة أو حلفاء لها. مقابل ذلك كان داعمو السلطة بالمقاتلين شيعة. هكذا مات نهائياً مفهوم الوطن والدولة المشوه أساساً من قبل السلطة كما ذكرنا سابقاً، وتحولت الحرب إلى "سنيّة- شيعيّة" وواجب جهادي في سبيل الله والدين. (نأخذ في الاعتبار بروز ظاهرة التناحر والاقتتال الداخلي بين التكوينات ذات اللون السنّي منذ عام تقريباً تحت عناوين "صحوات، عمالة للنظام..الخ).
بعد طغيان الإرهاب بشقيه "السلطوي والخارجي" ووقوع البلاد تحت تقسيم معنوي على الصعيد المناطقي، وخوف من تقسيم مادي فعلي في المستقبل، كان لزاماً الاصطفاف إلى جانب "ما تبقّى من الجيش رغم اختلال دوره وتصدع بنيته" على أمل أن يكون له كلمة الفصل في النزاع الداخلي- الداخلي "انقلاب عسكري" ثم التفرغ لمواجهة هجمة قروسطية على كيان البلد وتاريخه، لكن الجيش لم يفعل ذلك، كما أنه لم ينتصر على ما أسمته السلطة منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي"عصابات مسلحة". الأحداث تطورت وصار الجيش يفقد السيطرة حتى على أرضه. معركته بدأت تأخذ طابع البراميل المتفجرة من الجو وأحياناً الصواريخ. آلياته العسكرية راحت تتحرك على الأرض السورية قصفاً وتدميراً. جنود الجيش باتوا يحررون مناطق بلادهم وقيد زملائهم بعد حصار عام وعامين في أرضهم وليس في أرض العدو. إنها كارثة وطنية لا نظير لها. أنا كتبت منذ عام محاولاً رصد هذه الإشكالية من بعيد على ضوء مجزرة خان العسل في حلب (المؤسسة العسكرية عاجزة عن اتخاذ قرار وطني من أجل سورية وشعبها. لا أريد القول أن الجيش من السلطة والسلطة من الجيش، لكن عار على الجيش ألا يقول الحقيقة عندما تصبح أفعال السلطة فضيحة.. ".."). أثبت هنا كي لا يتهمني البعض بالتناقض أنني خصصت قبل عامين من ذلك (في يونيو 2011) أبياتاً لمدح موقع ودور الجيش ضمن قصيدة "صلاة في محراب سورية" -مسجلة ومنشورة- قرأت خلالها ملامح الكارثة المقبلة وحتى الإشكالية العقدية التي أصبحت عنوان الحرب بين السوريين فيما بعد. اليوم -للأسف- صار الجيش ضيفاً على أرضه ولولا تدخل "إيران وحزب الله وكتائب عراقية وربما مقاتلين من جنسيات أخرى" في كثير من المواقع والمعارك لكانت البلاد والجيش في خبر كان. - هؤلاء يبررون دخولهم الحرب وسنعالج صحة مبرراتهم أو خطئها بشكل موسع في حلقة مقبلة-.
"الثورة الإسلامية" لم ولن تنظر لواقع الجيش على أنه ضحية السلطة لأنها لا تختلف عن السلطة. الجيش ينهض ويقوى وينتصر في ظل سلطة وطنية والسلطة ديكتاتورية مجرمة. الجيش يستعيد أو يصحح دوره بعد أو في ظل "ُثورة شعبية شاملة"، و"الثورة الإسلامية" ليست كذلك. الشعب أمام هذا الواقع انقسم إلى: أ- قسم يحارب الجيش بدافع قتله المواطنين على اعتباره ذراعاً للسلطة وحامياً لها. ب- قسم مبرمج بفعل تربية "السلطة- الدولة المفترضة" وهو يرى أن الجيش وفق هذا يحمي الدولة وسيادتها. ج - قسم يؤيد الجيش في حربه ضد إرهاب بدأ يغزو البلاد ويرفض السلطة وسياستها. الكارثة أن القسمين (أ . ب) لديهما منطق صخري لا يقبل الجدل بغض النظر أكانت خياراتهم عن جهل أم علم؟ هي الآن واقع وبعد ذلك للأسف ستصبح تاريخاً. الكارثة الأكبر تتمثل لدى القسم الثالث "ج" لاسيما أن من يصل عن إدراك وطني وسياسي إلى مرحلة وعي جرائم "السلطة" و"الثورة الإسلامية" بحق الجيش كأحد ركائز قيام الدولة المستقبلية وقوتها وسيادتها ثم يمتنع عن المطالبة بمحاكمة علنية لأركان السلطة بمن فيهم الأسد على ما ألحقوه بالجيش من دمار وأضرار، لا مجرد تبريرها بخيانة وقعت هنا أو هناك، فنحن أمام "نكوص وطني أو معارضة صنعتها السلطة"، ثم إن كانت الخيانات طارئة فماذا عمّا قبل 2011، أليس سبباً لما بعد 2011؟ هل يمكن لسلطة تتحمل مسؤولية هذه المرحلة أن تستمر؟ إن كان البعض يفاضل بين "أخطاء" الجيش القاتلة "جرائم حرب"، وكوارث (الثورة الإسلامية- جرائم فوق الوصف والإحصاء)، مفضلاً التغاضي عن الأولى وإدانة الثانية. فنحن أمام كارثة أخرى لأن ضحايا الطرفين سوريون. الحقيقة في حالتنا السورية الراهنة نقد مستقل لا يحتمل وجهين. هي هكذا صدام إنساني ووجودي لمن يريد إنقاذ البلد وإلا فعار الصمت أولى من التنظير.
الجيش السوري يذخر بكوادر نقية تعرف قيمة ومعنى الشرف العسكري، وتضحيات آلاف الجنود وأسرهم لا تستحقها هكذا سلطة فاشية. إدانة عمليات الجيش لا تعني الوقوف في صف "الثورة الإسلامية" أو حتى المساواة بينهما في الفعل، لأن الجيش كان ومازال ضحية السلطة لكن "الثورة الإسلامية" ضحية "تطرفها وقاعديتها". السلطة بطغيان ما قبل 2011 تسببت بتمزق وانهيار الجيش بعد 2011، وبكل أسف فشل الجيش في اتخاذ موقف حقيقي لإنقاذ كيانه والبلاد رغم انكشاف السلطة على حقيقتها، هنا نعود بشكل أوتوماتيكي إلى دائرة الخيارات السابقة (أ. ب). أعتقد أن الجيش لن يحقق انتصاراً فعلياً على الإرهاب إلا بانقلابه على السلطة ومحاكمة رموزها وأركانها، ثم هيكلة نفسه من جديد بإشراف نخب وقوى وطنية صادقة. السلطة شرعنت "انتخابات الإرهاب" داخلياً وأعادت إنتاج نفسها من خلال تكريس الارتباط بين الأسد ودور الجيش وموقعه كنافذة أمل وخلاص من الإرهاب، فإن اصطدم مؤيدو الجيش بحقيقة أن الأسد منفصل عن الواقع وجزء من المشكلة، فسيجدون أنفسهم يباركون انتخابه لأنه القائد الأعلى للجيش مع مباركتهم رواية أن الأسد صاحب الفضل في بقاء الجيش متماسك. هكذا ربطت السلطة مصيرها بمصير البلاد كلها، لن ترحل أو تتغير إلا إن جعلت سورية رماداً، وما دامت تعيش بين "حاضن نخبوي من صناعتها وخزان بشري من ضحاياها" يوفران لها إمكانية وقدرة البقاء، فهي باقية حتى يقرر أسياد العالم بالاتفاق مع أسيادها ترحيلها، إما باتفاق يقضي بتغيير أركانها ووجوهها البارزة ويحافظ على جوهرها الخفي -حل مطروح في الكواليس لكنه قد يتأخر ولا يتحقق-، وإما بزيادة الدعم الخارجي عبر تزويد "الثورة الإسلامية" بأسلحة نوعية متطورة - خطوة جديدة ضمن خطة بديلة تبصر النور قريباً- إلى أن "تكتمل المحرقة" أو "تنضج الطبخة" فيأتي أولئك الأسياد لفض الاشتباك وإنقاذ الباقي من البلاد والشعب بعد تقاسم الكعكة. في الحالين نحن أمام مصيبة بكل المقاييس. الجيش ضمانة وحدة البلد وحمايتها لكن كان ينبغي أن يأخذ دوره الطبيعي بعد منحه كامل الاستقلالية المادية والمعنوية، وفك الارتباط التوجيهي والقيادي بينه وبين صلاحيات ومهام الرئاسة، ومنع تدخله في الحياة السياسية.
مذهبة الصراع أدّت إلى امتناع قسم من السنّة عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية، كما أدت إلى تهرّب بعض الأقليات خوفاً من ثأر مستقبلي أو موت محتم في المعارك الدائرة، باستثناء العلويين حيث استمروا بالخدمة بل واستجاب المطلوبون الجدد منهم لطلب الالتحاق الإلزامي والاحتياطي بسبب "معركة وجود" فرضتها "الثورة الإسلامية" وأكدها إعلام السلطة و"عائلة الأسد". فجوة النقص العددي ضمن صفوف الجيش استمرت في الاتساع مع تطور مراحل الصراع، ما اضطر السلطة إلى "لملمة أدواتها" والاستعانة بقوات رديفة، فأنشأت ما يسمى (اللجان الشعبية- جيش الدفاع الوطني- كتائب البعث.. وغيرها). هذه الكتل رغم تنوعها باختلاف المناطق والمحافظات إلا أنه كان للعلويين فيها نسبة كبيرة تحديداً في دمشق وريفها للسبب السابق ذاته. القوات الرديفة ضمت (الشريف واللص) لأن معايير القبول كانت معايير حرب "فوضى- رغبة بالثأر- بطالة.. الخ". غياب الهدف السامي لدى شريحة من منسوبي تلك القوات مع تحول نسبة من جنود وضباط تحت قسوة الحرب إلى تجار وسماسرة، سمح لظواهر شاذة بالبروز إلى السطح كـ (السرقة- التعفيش، الرشوة على الحواجز، إهانة الناس لسبب أو دون سبب)، ولأن الجميع يرتدي البزة العسكرية تم لصق التهم بالجيش كمؤسسة انضباط وأخلاق. هكذا تم استكمال تفريغ الجيش من سوريته وإلحاقه بركب السلطة ورأسها الأسد، ليتم لاحقاً تدخل السلطة الخفية مطالبة الشعب بالجهاد في صفوف الجيش رداً على فتاوى جهادية دعا إليها مشايخ وعلماء الأمة- الحامل الرئيس لـ"الثورة الإسلامية". انتصار أحد الطرفين يعني نهاية الحرب دون تحقق المصلحة المرجوة، لذلك لابد من استمرار الصراع عبر التمسك بالأسد وسلطاته، ودعم "الثورة الإسلامية" وعملياتها.
في الإطار السابق ذاته، روجت أقلام وألسنة الاستخبارات كلاماً تحريضياً يصف الجيش بأنه "نصيري- علوي" إذكاءً لمذهبة الصراع، في ظل رواج أشرطة فيديو فوق الإحصاء لجنود أو رجال علويين بزي عسكري، ليبدو الجيش وكأنه لا يشمل في صفوفه إلا العلويين. الرواية لاحقاً تحولت لقناعة راسخة لدى نسبة كبيرة من المعارضين، وعلى أساسها تم نسبة كل الظواهر الشاذة المذكورة سابقاً وجرائم الحرب إلى العلويين. الرواية هذه ترسخت أكثر بسبب إعلام السلطة الذي وإن لم يظهر طائفياً في خطابه المباشر، لكن تركيبته كانت ومازالت سلطوية بنسبة كبيرة، حيث أغلب كوادره مخابراتيين، وأغلب من استعان بهم من خارج ملاكه الوظيفي هم كذلك-. السلطة قدمت تركيبة إعلامية سلطوية- بعثية بخطاب خشبي ثم اتهمت بعض إعلام الخليج والعالم بأنه "يسفك الدم السوري". لن ينجب التاريخ سلطة أقذر من هذه السلطة. أنا أرفض بالمطلق تعامل بعض الإعلام الخليجي والعالمي مع الحدث السوري، لكنني أشهد له بالتفوق وعدم جواز المقارنة بينه وبين إعلام السلطة أو إعلام "عائلة الأسد".
الإعلام السلطوي بشقيه خصص تغطياته الميدانية على مدار ثلاثة أعوام للقاء ضباط أو جنود علويين ليختموا حديثهم بالهتاف لبشار وفدائه بالروح والدم، ثم اضطر ذاك الإعلام لاحقاً بعد انكشاف عورته إلى تمرير هتاف "بالروح بالدم نفديك سورية"، ورغم ذلك ظل شعار "الروح والدم لسيد وقائد الوطن" متجذراً كالسنديان، فقاموا بإعداد برنامج أسموه "قامات السنديان". البرنامج منذ بداية عرضه وحتى أغلب حلقاته لم يستضف إلا ضحايا الحرب من العلويين في بيوت وحالات إنسانية (تبكي الصوان كما يقول المثل الشعبي)، ورغم ذلك ظهر أن "الضحايا وأسرهم" ينسون أوجاعهم ومطالبهم ويسحقون ذواتهم أمام الشعار السابق. كان يفترض بالمجرمين القائمين على البرنامج من "إعلاميين مخابراتيين" تسميته "قامات علوية" لأن لعبتهم في استغلال الضحايا ولوعة أهلهم وخلق مزيد من التحريض ضد العلويين كانت لعبة مكشوفة. - العلويون يتحملون مسؤولية تمادي السلطة في الإجرام بحقهم وحق أبنائهم-.
طارحو رواية "علوية الجيش" ومتبنوها من معارضة يتغاضون عن أن ضحايا الجيش كانوا ومازالوا لليوم من عموم سورية "سنّة ومسيحيين ودروز وأقليات أخرى"، إضافة إلى أن نسب كبيرة من تلك الانتماءات لم تزل لليوم تحارب في صفوفه، وهذا لوحده يبطل رواية تلك النسبة من المعارضة ويثبت "مازوشيتها المفرطة" التي تحدثنا عنها في حلقة سابقة. البعض الآخر يحتج بأن الجيش يقع بالمطلق تحت سيطرة العلويين، وهذه الرواية لو اتفقت مع حقيقة وجود نسبة كبيرة من العلويين في صفوفه لكنها لا تتفق مع حقيقة السيطرة المطلقة عليه أبداً. هذا كذب رخيص. "الرواية الاستخباراتية" السابقة ومثيلاتها خدمت وتخدم السلطة بنفس القدر الذي تخدم فيه أهداف "المعارضين الطائفيين". -مفارقة عجيبة-.
انتشرت ومازالت لليوم مقولة أن "كوادر الأجهزة الأمنية بنسبة 90 بالمئة هم علويون، والأجهزة ذاتها برئاسة علويين، ولهم الأغلبية في نقاط الحدود والمطارات وهم ضباط الأمن في الألوية والفرق العسكرية". هذه المقولة صحيحة، وقد تم منح العلويين هذه المواقع وتثبيتها في إطار استثمار العنصر العلوي أمنياً لتوطيد حكم "الأسدين" كوجه ظاهر للسلطة، مقابل منح السنّة وباقي الأقليات مناصب ومواقع أخرى تناسب لعبة التوازنات التي تقيمها السلطة الخفية، وأعتقد أن أي حل قادم في سورية -قريباً كان أم بعيداً- سيبقي على امتيازات العلويين الأمنية وكذلك كثافتهم العسكرية في الجيش سابقاً (والتي زادت الضعفين خلال مرحلة الحرب) لاستثمارهم حالياً في مواجهة الإرهاب، واستغلالهم لاحقاً بما يحقق منفعة ومصلحة السلطة-.
السلطة لا ترى من معارضيها إلا من يخطبون ود إسرائيل أو معارضي سلاح تصفهم بالإرهابيين، وتخصص إعلامها للحديث عنهم وعن مخططاتهم وارتباطاتهم. هي فاوضت صاغرة في جنيف "الائتلاف ممثلاً عن الثورة الإسلامية"، ثم عاد كل منهما ليتهم الآخر ضمن مسرحية "الحل السياسي". السلطة قتلت "انتفاضة المواطنة" و"الثورة الإسلامية" دفنتها. صنّاع وجمهور تلك "الانتفاضة" ومن تبنى خطها ودافع عنها ليسوا إرهابيين لذلك هم مرفوضون ومحاربون. السلطة تصالحت مع كتائب ومجموعات وصفتها سابقاً بالإرهابية، كما عفت بمراسيم الأسد الخاصة والعامة عمن وصفتهم بإرهابيين، وهناك مراسيم عفو جديدة -بعد انتخابات الإرهاب- يجري التحضير لها حالياً ضمن السياق السابق. وتستمر اللعبة الدولية والإقليمية في تدمير سورية بمعية "السلطة والثورة الإسلامية". الفرق بينهما أن "حضن السلطة وعائلة الأسد" متاح دائماً لنادمين ومغرر بهم كانوا حتى الأمس إرهابيين بنظرها، بينما حضن "النصرة وداعش" مع "فصائل وجيوش الثورة" لا يرحم أبداً. هذا الفرق علامة مميزة لكنها تصبح لا شيء عندما تعلم أن السلطة هي من تصنع الإرهاب ثم تحكم من خلاله.
من يكون الراحل حافظ الأسد في الذهنية والذاكرة العلوية؟ ماذا عن "حزب الله" وإيران؟ نعالج هذا في الحلقة السابعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي