الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون

شوقية عروق منصور

2014 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون
شوقية عروق منصور

" التنسيق الأمني " عبارة تتردد كثيراً على السنة الناس في مدن وقرى الضفة الغربية ، وقد حضرت احدى المواجهات مرة في مدينة قلقيلية ، رأيت اختفاء الشرطة الفلسطينية من المكان بسرعة البرق وحلول جنود من الجيش الاسرائيلي مكانهم ، حيث انتشروا وأخذوا يلاحقون أحد الشباب ، الغريب أن المتواجدين أخذوا ينظرون الى هذا المشهد بصورة عادية ، ثم رجعوا الى الدكاكين والمحلات التجارية والطلبة الذين كانوا قد خرجوا من المدارس استمروا في ذهابهم الى البيوت ، والنساء رجعن الى بسطات الخضار يشترين ويفتشن عن الخضار الطازجة الصالحة للطبخ ، ذهلت من هذا الموقف البارد الذي يشير الى احتلال مبطن بعلم وسلطة ومقر رئاسة ووزراء فلسطينيين ، وعندما سألت صاحب احد المحلات عن وجود الجيش الاسرائيلي قال وهو يبتسم ابتسامة ساخرة " عادي " هذا جزء من التنسيق الأمني .
نعرف أن عبارة " التنسيق الأمني " خرجت من رحم اتفاقية اوسلو على شكل مولود لا نعرف حقيقة شكله ، لكن الذين عرفوه وقابلوه وجهاً لوجه قالوا أن هذا المولود هو لعنة شيطانية ، هو ذل وخيانة وخزي للحركة الوطنية الفلسطينية ، هو العنوان الجهنمي لحالة فلسطينية وصلت الى أرذل التفاوض والانحناء .
( التنسيق الأمني بمعاييره السياسية هو سلسلة اجتماعات ثابتة واجراءات تبادل الرسائل بين الضبط الاسرائيليين والفلسطينيين بشأن احتجاز مشتبهين بالإرهاب ، وبشأن عمليات البحث عن مطلوبين والمطاردات ، ويقوم بهذا النشاط جنود وافراد الشرطة الاسرائيلية والفلسطينية ، عادة تتم على نحو منفصل ولكن وسط توفير المعلومات المتبادلة ) .
لكن عندما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحرارة الوعد وصدق الالتزام السياسي واحترام الاتفاقيات وترهل المقاوم أن التنسيق الأمني مع اسرائيل أمر ( مقدس ) وسيستمر في التنسيق الأمني مع اسرائيل سواء اتفقوا مع اسرائيل أو اختلفوا ..؟؟
كانت الصفعة المدوية على الخد ، خد الطفل والشيخ والشاب والمرأة والعجوز والأسير والشجر والحجر ، صفعة على خد كل حلم وأمل وانتظار ، صفعة على خدود الأسرى الذين لم يضعوا اليأس على جدول أعمالهم واجسادهم المتيبسة في الزنازين .
جاء كلام الرئيس أبو مازن امام عدد من الشخصيات الاكاديمية وبعض نشطاء السلام الاسرائيليين عند زيارتهم لمقر الرئاسة في المقاطعة في رام الله ، ومن المهازل أن اثناء حديثه التقطت الكاميرا صورة لشاب وشابة من نشطاء السلام وهم يقبلون بعضهم البعض قبلات ملتهبة مثيرة ، وقد اطلق شباب موقع التواصل الاجتماعي عنوان ( قبلة المقاطعة ) .
عندما قال الرئيس ابو مازن أن " التنسيق الأمني مقدس" بين السلطة الفلسطينية واسرائيل لم تقف الدهشة على رؤوس أصابعها ، لأن جميع الفلسطينيين يعرفون ان التنسيق الأمني مع اسرائيل موجود وملموس ومعروف للصغار والكبار، الا انهم كانوا يأملون أن يقف الرئيس أبو مازن ، ويؤكد أن مقابل اضراب الأسرى والسباق المحموم اللاهث لبناء المستوطنات وانتهاك المسجد الأقصى وقطع اشجار الزيتون وهمجية المستوطنين اليومية التي تضيق الحياة والخناق على المواطن الفلسطيني البسيط الذي يقاوم بصراخه ودموعه وحجارته ويتمتم (الشكوى لغير الله مذلة ) ، المواطن البسيط الذي لا يملك بطاقات – vip – اسوة بالوزراء والمسؤولين الفلسطينيين الذين يتمسكون بهذه البطاقات ولا يقومون برميها في وجوه الذين يراهنون على مصداقية شعاراتهم ومبادئهم .
عبارة ( التنسيق الأمني مقدس ) فتحت أمام المواطن الفلسطيني حفرة عميقة و كبيرة ، عندما يطل فيها لا يرى الا العتمة والظلام المخيف ولا يعرف أين قرارها .
ويتساءل بينه وبين نفسه الى اين تصل خيوط التنسيق وربط الشباك ومدى الاصطياد ..؟ واذا كان القادة الاسرائيليون يتفاخرون بين الحين والآخر أن التعاون الأمني مع السلطة ما زال قوياً ومتيناً رغم كل الذي يجري من اعتقالات والقتل - آخرها مقتل الطالب محمد أبو ظاهر والشاب ونديم ابو نواره بدم بارد ومصادرة اراضي واقامة مستوطنات ..!! فكيف يستطيع الفلسطيني بناء جسور الثقة والعطاء والمقاومة مع قيادته ..!؟
مع انتهاء الانقسام بين فتح وحماس – انقسام العار - وتشكيل حكومة الوفاق الوطني تنهدت فلسطين بترابها وجبالها وشتاتها ولجوئها وعذاب مشرديها ، ورغم أننا لا نعرف حقيقة السراديب والانفاق والارشيفات المكتوبة بالحبر السري التي يلتصق بأصابع الذين سعوا ورافقوا عملية اغلاق هذا الملف المؤلم ، وما دام الأمر هكذا ممكن ان ينتهي لماذا استمر الانقسام هذه السنوات التي أججت النيران وزرعت البغضاء والعناوين التي تنضح بالتفرقة ، نحن نحمل القاعدة التي تقول " من يخطأ فهو انسان ومن يصر على الخطأ فهو شيطان " لكن الخطأ الفلسطيني كان أكبر واضخم من حجم الشياطين ، لأنه حول الشعب الفلسطيني الى لقمة سائغة للفك المفترس ، اسرائيل وامريكا وباقي الدول العربية والغربية التي ترتدي أمامنا ملابس مدارس الفضيلة لكن في ساحاتها وصفوفها تجرنا الى دروس الرذيلة ، بالطبع الرذيلة بمفهومها السياسي والتنازلي.
السؤال الذي يضيء بالوان الحذر وينشر غاز الخوف ، كيف سيكون شكل التنسيق الأمني في ظل حكومة الوفاق الوطني ؟؟ وكيف سيكون رد حماس على هذا الموضوع المؤرق ..؟!
اثناء الاحتفالات بوأد الانقسام في شوارع رام الله مر احد الشباب مرتدياً بنطلون " الفيزون " الخاص بالنساء ، لكن الرجال في الشارع جن جنونهم لأن الشاب يتمايل ويتخايل مثل الصبايا ، فدبت الحمية في رؤوسهم وهجموا على الشاب واخذوا يضربونه بقسوة بحجة انه اهان رجولتهم وعيب أن يرتدي هذا البنطلون الأنثوي .
اعجب من بنطلون يثير رجولة الذكور ويعتبرونه عار على الرجال ، وتنسيق امني يمر بسهولة تحت الثياب كاشفاً على كل الاعضاء ولا يثير خوف الاجيال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة