الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبقريه والجنون..(تبادل العقائد بين الشعوب القديمه) (ج3)

عدنان سلمان النصيري

2014 / 6 / 10
الادب والفن


العبقريه والجنون (تبادل العقائد بين الحضارات والشعوب القديمه) (ج3 والاخير)
مقدمه عامه :
المواهب والنبوغ طاقات روحيه وفكريه متفاعله، تتباين بدرجة خصبها بين المبدعين، وهي ملازمه لنمط معين نادرمن البشر ، ولطالما هي كامنه تحتاج الى لحظة تفجر وتحرر وانطلاق في ظروف مثاليه ، لاتتجسد الا بالمهادنه مع الذات قبل الوصول الى اقصى درجات الاستحضارالروحي والفكري الذي يسمى بالاستلهام والالهام . وهنا لايعنينا شيئ بقدرمعرفة الظرف المثالي لانطلاق هذه القابليه او الظاهره ومعرفة عناصرالقوه المساعده و المحركه لها التي تقود الى لحظة التفجر وتحقيق الابداع .
ومن خلال ذلك لابد لنا ان نخوض استعراضات لبعض الخلفيات التاريخيه التي تتناول الربط الجدلي والعلاقه بين طبيعة الميثلوجيات (الاعتقاد بالثقافات والعادات القديمه للشعوب ) عند العرب القدماء والحضارات الاخرى العريقه مثل الاغريقيه (اليونانيه القديمه)،واوجه التشابه والاختلاف بطريقة التعامل والاعتقاد مع القوى الخفيه بالعالم غير المنظور. وتناول جدلية تسمية الابداع والمواهب المتميزه بالعبقريه التي تعني تلبس نوع خاص من الجن ومنهم سلالة جن عبقر .
اصل كلمة عبقري : هو صفة عبقر السيد وهي نفس التسميه باللغه اللاتينيه عندما يطلق جنيس Genius .
تبادل الثقافات والعقائد بين الشعوب والحضارات :
كل الثقافات والعادات ومنها العقائد والعبادات تاخذ بالتناقل والتناضح بين الشعوب المجاوره والقريبه بمقدار الاحتكاك الدائم بتبادل التجاره ، وكثرة الحروب والغزوات والاحتلالات ، وكل ما يحرص عليه التجار بنقله معهم من جديد من موروثات وثقافات خلال اقامتهم وعودتهم الى ديارهم واقوامهم . بدواعي التعريف او الاعتزاز والتفاخر بما صاروا منبهرين به مع بضاعتهم وهم ساده متنفذين بعوائلهم واقوامهم .
ورود تسمية (وادي عبقر) في بطن الجزيره وحسب ما جاء في بعض اشعار العرب ومحدثيهم وهي في غالب الاعتقاد تسميه مستورده تطابقا مع حقيقة انتقال كثير من شواهد الميثولوجيا من الامم الاخرى وخاصة من الحضاره االيونانيه القديمه الى بطن الجزيره العربيه، كما في تشابه اصول واسماء كثير من الالهه والانصاب الدخيله من خارج الجزيره.
والامر ببساطه لا يختلف عما ينقله لنا التاريخ باكثر من مناسبه وعلى توالي الحقبات، وحتى يومنا هذا، حيث اقحمت كثير من العادات الهجينه والاسماءالدخيله في عالمنا الحالي وبين اكثر المجتمعات تحفظا اوتخلفا ، و كما نرى اليوم امثله لكثير من التسميات التي تبهرنا وتشدنا اليها بمناسبه ودون مناسبه والتي لا نجد لها تعريبا او اعرابا كماكولات المكدولاند الامريكيه والسباكيتي و البيتزه الايطاليه والعكس صحيح بشيوع اسماء اكلات شرقيه في مجتمعات غربيه مع توافد اعداد الهجره من الشرق الاوسط خصوصا ،مثل تسمية الفلافل.. واكلات اخرى التي اخذت دورتها التاريخيه لترجع الى اوربا مثل تسمية (الكباب) الذي يرجع باصل تسميته الى كلمة "كبابو" الأرامية والتي تعني "حرق" و "تفحيم". وفي القرن الرابع عشر، استعملت الكلمة لتدل على الطريقة التركية لشوي اللحم المفروم على شكل كروي ، وتدل الشيش كباب على قطع اللحم المشوية. وفي العالم الغربي، تستعمل الكلمة للدلالة على الشوي على الاسياخ مثل veggie kabob .. وهكذا .
ورجوعا الى امثله كثيره لاحصر لها من تاريخ العرب في الجاهليه وعصر الدعوه الاسلاميه نجد هناك من بينها تسميات لعملات اجنبيه وثقت في القرآن الكريم مثل الدينار - Denarius, Deni تعني عشره باللاتينيه واول دينار روماني سك سنة 268 ق . وكذلك الدرهم فاصله ساساني من كلمة (دَرهِم ) الفارسيه وترى بعض المصادر التاريخيه الاخرى ان كلمة دراهم يونانية الأصل، وكانوا يلفظونها (دراخما) وويعتقد تم اخذها من الفرس ومن ثم العرب ، وحتى يومنا هذا صارت بعض الدول تستخدم (الريال )وهو من اصل اسباني يعني العمله الملكيه في القرن17 وكذلك الليره التي اصلها ايطالي من عصر النهضه ...الخ.
ولابد من بعد استعراض تلك الامثله المحدوده ، الرجوع على اصل الفكرة التي تؤكد بان الموهبه الكامنه لوحدها غير كافي للوصول الى مرحلة الابداع المميز والمعرف بالعبقريه ،الا بتفجرها بواسطة صاعقها المسمى (الالهام) والذي يعمل على تحرير الطاقه الفكريه الابداعيه للمبدع .
ويبقى الامر عاديا وغير محترز عليه باستلهام المبدع تجسيدا لموهبته، ولكن المساله تاخذ عنوانا اخطر كلما اصبح الاقتران بهذه القدرات حكرا لاشخاصها بشكل متغطرس ،وتقبل الاطراء من الاخرين الذين يعجلون باسقاطهم في التصور بانهم من عالم مختلف ،وفوق مستوى البشر ، فسيكونوا دون ادنى شك مقترنون بالجنون الحتمي بمجرد تقبلهم الاطراء بنرجسيه العبقريه .
وكما جاءت به الاسطوره الاغريقيه القديمه بتعريف النرجسيه التي اصلها من (زهرة النرجس )داخل ماء البحيره والتي نبتت وازهرت بديلا لمكان سقوط وغرق الشاب الوسيم الباهر الجمال (نرسيوس) بعد ان جن ،انبهارا بجماله الخارق ،ورمى بنفسه للماء منتحرا غرقا ..
وكما صارت اليوم كل الدراسات والابحاث النفسيه تؤكد بان تسلق درجات النرجسيه شكل متصاعد يقود الى الجنون الحتمي اجلا ام عاجلا .
وجدت من الضروري ان اضيف هذه التحليلات العلميه الذي تناولها موضوع عقول نابغه ونفوس معذبه ( الكاتبه كارولين جرين ) في مقتطف من مجلة الثقافه العالميه العدد 143 *لقد توطدت فكرة ارتباط العبقريه بالجنون، منذ زمن الاغريق القدماء،وعلى حد قول الاستاذ الجامعي(جوردن كلايدج) من قسم علم النفس التجريبي في جامعةاكسفورد: ثمة كتابات كثيره توحي بوجودعلاقه ما،فعندما يصل الاشخاص الى مستويات عاليه من الابداع ،فالاغلب انهم يفكرون بطرق غير عاديه، يمكن ان تتشابه مع تلك التي يفكر بها الاشخاص المصابون بامراض عقليه. ويمكن القول ان هناك تشابها في الاسلوب المعرفي . وتوصلت الابحاث التي اجرتها(كي جامسون ) استاذ الطب العقلي بجامعة جونزهوبكنز في بوسطن،الى ان الاضطراب القبطاني، وهي حاله تتميز بـتارجح المزاج بين الاكتئاب والابتهاج الهوسي،وحالتها المعتدله المسماة المزاج الدوري. اكثر شيوعا بشكل واضح بين الكتاب والفنانين اكثر من الاناس العاديين .
وستبقى جدلية علاقه العبقريه بالالهام قائمه، مادام هناك انسان طموح يمتلك لاهم عناصر الوثوب للشهره بمواهب افكاره الحقيقيه التي تنتظر اشعال فتيلها بقصد التفجير الابداعي والانطلاق نحو السمو .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ