الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نص للشاعرة وقار الناصر

عمر مصلح

2014 / 6 / 16
الادب والفن


قراءة في نص للشاعرة وقار الناصر

إحتفالية الكواكب / وقار الناصر
الشمسُ
هرولةُ الانوثةِ في الفضا
كم مرة سَجدت بقاعِ النهر..؟
تنتظرْ..
قمراً يُشابك كفهــا
القوسُ ألقــى سهمهُ لما تبدد سَهمها
والجديُ ميثاقٌ تعلق في السماءِ
إني سأُحســن مَهــَرها
كلُ النجيمات احتفت
شُهبٌ تخاطــف برقــها
ميزان ُ عدلٍ في المــدى
والاُفــق قُــسِمَ بالعدالةِ بينــها
أنــى تًغيــبُ
ومتــى بَزُغَ.. عبر المدى
حيــث استقام مقامُهـــا
أتيــه أنا..
بين ارتحالين..
بذاكرتي حشدٌ من الكواكبِ
وطفولةٌ بَعُدت..
أُلمــلِمُ ظلــها.

(إن كانت لاتستحق.. إرموها بحجر )
هذا ماقالته الشاعرة بصدد هذه القصيدة..
وأنا أقول بملء فمي
نعم.. سأقف في ظلها وأرمها بحجر، على مرأى، ومسمع أمة لا إله إلا الله.. مستمرئاً غير ناكر.
فارموها بحجر.. رجاءً.
إستهلَّت الشاعرة نصها باشتقاق نحتي - حسب اصطلاح ساطع الحصري - (هَرْوَل) أي (هرَب وولّى)..
وهنا عليَّ أن أقف قليلاً عند (جرجي زيدان) حين قال:
( للنحت ناموس فاعل على الألفاظ، وغاية مايفعله فيها إنما هو الاختصار في نطقها تسهيلاً للفظها واقتصاداً بالوقت بقدر الإمكان).
وهذا مافعلته الناصر تماماً كونها تعي ماهو النص الشعري، وماهي اشتراطاته.
(ألشمسُ)
(هرولةُ الانوثةِ في الفضا)
(كم مرة سَجدت بقاعِ النهر..)
(تنتظرْ)
(قمراً يُشابك كفهــا)
هنا تكمن مهيمنات النص المرسوم بمهارة، حيث استثمار كل حرف تصوراً وواقعا..

بهذا الوصف الباذخ
(ألشمس.. هرولة الأنوثة في الفضا)
تفتتح بوحها الأنثوي الصارخ في عالم دمرته الفحولة، لتؤكد قناعتي المسبقة بأن للأنثى مثل حق الذكرين.. جمالياً.
وهربها ليس هروباً بمعناه التقليدي، بل هو هروب على إيقاع الخَبَب..
يجر المخيال إلى منطقة الدلال، وفيوضات الأنوثة الطاغية على سماوات تعج بالفحولة.
وبسؤال هو إلى التأكيد أقرب

( كم مرة سجدت بقاع النهر..)
(تنتظر..)
(قمراً يشابك كفها)

ألكوكب النهاري الأنثوي الجنس، ألصريح.. يتنازل عن عرشه السماوي ويهبط إلى قعر نهر ذكوري الهوى والنزعة..
وإطلاق اسم الشمس تأكيد على مديات العطاء، والضياء الأنثوي.
ثم الهمس بصوت ناعم ( سَجَدَتْ ) ساجدة ليست راكعة..
سجود لا تخاذل فيه ولا استجداء، واعتراف علني بانتظار قمر ذكوري.. ليشابك كفها، و( شابك الأصابع ) قاموسياً تعني أدخال الأصابع بعضها في بعض، وهو تأكيد ضمني على اعترافها.

وهذا ليس اعتباطاً، بل انه إعلان ساعة حرب منزوعة الـ ( راء ) للتحول إلى ساعة حب ببسالة فذة.

( ألقوس ألقى سمهمه لما تبدد سهمها )

هنا إلقاء تهمة على العنصر الذكوري حين قالت (القوس) لكنها كانت منصفة حين قالت (ألقى) ولم تقل (أطلق)..
أي انه لم يكن قاصداً إصابتها، بل ألقاه ومضى يمصمص شفتيه تحسراً على أَلَقِها الذي بدأ بالخفوت..
وعرضت حالها كمسكينة حين قالت (تبدد سهمها) إي انه قد تفرق وتاه، وأضحت معزولة السلاح.
لو تأملنا الأبراج التي وردت من حيث تسلسلها، وصفاتها سنقف على دقة اختيار الشاعرة، للمفردة من حيث الدلالة والتأثير والعمق التوصيلي.
برج القوس "هو البرج التاسع من الأبراج الإثني عشر من دائرة البروج وهو
قوس من دايرة مسار الشمس"
ولمواليد هذا البرج صفة تجمع الانثى والذكر، وهي الوداعة والحنان.

(والجديُ ميثاقٌ تعلق في السماء)
(إني سأُحســن مَهــَرها)

ألجدي - كما هو معروف - برج ملاصق للدلو وهنا أرادت ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد..
كونه البرج الذي بين برجي القوس والدلو أي بين حاضنتين..
حيث تدرك تماماً أن الجدي "هو البرج العاشر من الأبراج الإثني عشر، أي قوس من دايرة مسار الشمس"، وتكون طبيعة مواليده لطيفة وحساسة..
والدلو "هو البرج الأحد عشر من الأبراج الإثني عشر, وهو قوس من دايرة الشمس" أيضا، وطبيعة مواليد هذا البرج غرابة الأطوار، والحيوية واستقلال الأفكار.
أظن الآن قد توضحت القصدية.. من خلال هذه الإشارات.
والجدي أيضاً هو ابن الماعز في سنتة الأولى، ولحمه يكون أشهى من باقي اللحوم، وكان يُقَّدَم كمهر في بلاد سومر.. أي انها أرادت القول بأن الميثاق مؤكد ولا جدال فيه، ومهرها محسوم بالأشهى.

(كلُ النجيمات احتفت)
(شُهبٌ تخاطــف برقــها)

هنا تشير إلى لسان حال الكواكب الأخرى التي احتفت بها حيث تقول
"عروستنه واخذناهه بعد شلهة العواذل"
إذاً هي عودة من خاصرة النص، إلى ثرياه لتأكيده.
(ميزان عدلٍ في المــدى)
(والاُفــق قُــسِمَ بالعدالةِ بينــها)
(أنــى تًغيــبُ)
(ومتــى بَزُغَ.. عبر المدى)
(حيــث استقام مقامُهـــا)

تنكص هنا إلى عقر الروح لتقول
"ألآن حصحص الحق"
وتعود إلى شموخ أنوثتها، بعد أن لملمت ظلال الطفولة التي ضلت مدارها ذات ارتحال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية