الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النازحون من حساباتي المقبلة

ابراهيم حمي

2014 / 6 / 29
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في ما مضى من الأيام الخوالي، كنت أعتقد أن الكذب و المراوغات والنصب والاحتيال صفات مرتبطة بالذين قهرتهم الظروف وقست عليهم وعليهن الحياة بصعابها ومشاكلها وبؤسها و فشلها المتربص بكل الأفراد والجماعات التي اختارت أو أو اختير لها أن تكون خارج الدائرة المشمولة بالإحاطة الأمنية الغذائية، ومستلزماتها من الضروريات الاحتياجية للعيش، وباختصار مفيد يعني الذين يصنفون ضمن الهوامش التي يصنعها الحكام وأنظمتهم الاستبدادية وتخطيطاتهم المبنية على القهر والاستعباد.
ولكن اكتشفت فيما بعد أن الصورة معكوسة تماما وبأن الذين يتمتعون بتلك الصفات هم من يسمون أنفسهم بعلية القوم أو الصفوة أو النخبة، التي تستطيع أن تغير الغلاف الخارجي لتلك الأنماط من السلوك وتكيفها حسب مصالحها ورغباتها وطموها وتطلعاتها.
فأصبح النفاق والاحتيال منظومة فكرية يعتمد عليها البعض ولا حرج ما دامت المصطلحات قابلة للتكييف والتطويع و الاجتهاد حسب قدرة الفرد وإمكانيته على لوي وتحريف الحقائق وتصوير الهزائم على أنها انتصارات و الفشل على انه نجاح باهر، واحترام للضوابط سذاجة والوفاء بالمبادئ غباء وعدم استيعاب المرحلة، واستغلال للمواقع استقلال في القرار والخيانة تكتيك ذكي للتجواز ليس إلا، و الانتهازية و التشعبط طموح، وإقصاء الرفاق تطهير، والدفاع عن الحقيقة والمنطق تعصب، والقيم والأعراف النبيلة قوالب جامدة ولا تلائم العصر.
إنها الانتلجنسيا أو النخبة المتعلمة كي لا أقول المثقفة لأن الثقافة لها مفهوم أخر أوسع وأكبر وأنبل من هذه الظاهرة من السلوك والنفاق الاجتماعي المستشري في أوساط أشباه المثقفين.
والمعضلة والطامة العظمة هي أن هذا النمط من السلوك الذي أصبح منظومة فكرية في المجتمع امتدت إلى بعض الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات الحقوقية التي تأسست على أفكار ومبادئ ومنظومة مغايرة لما أصبح سائدا بها، بالرغم أنها لا زالت ترفع الشعارات الداعية لتغيير المجتمع، مما خلق انفصاما فظيعا بين الممارسة المتشبعة بالسلوك الانتهازي والخطاب الغارق في الطهرانية وكل المبادئ التي تأسس عليها خطاب اليسار الذي نضال بصدق وقناعة بهذه الأفكار وبهذه المبادئ وقدم في ذلك التضحيات تلو أخرى من اجل تسود فعلاً في المجتمع لولا قوة وبطش ومكر النظام المخزني ومن يدور في فلكه ومحيطه الذين أجهضوا بأساليبهم القدرة كل ما أسسه الرواد من قيم و أعراف نضالية لتكون بديلاً لمنظومة التخلف والهمجية.
فماذا تبقى اليوم في الساحة من هذه القيم التي تفرض ربط النظرية بالممارسة والشعارات بالسلوك النضالي لمن اختار و اقتنع بالنضال مع الشعب ومن أجل الشعب وليس للركوب على الشعب وعلى مآسي ومعانات الشعب وخداعه وجعله مطية للوصول وتحقيق لأغراض شخصية لا غير.
إنها الردة والانهيار الأخلاقي الذي تسرب من نافدة اليسار بفعل فاعل بدون شك.
فرغم أنني لست من الذين يؤمنون يعتقدون بنظرية المؤامرة، ولا اميل لهدا المنطق وهذا التحليل الذي ينفي المسؤولية عن الذات و عن دورها، إلا أنني متيقن أن هناك اختراق مدروس من الداخل وساهم فيه طبعا العامل أو العوامل الخارجية بشروطها الذاتية والموضوعية التي فرضتها التحولات السلبية المرافقة لجملة من الانتكاسات والانكسارات والهزائم مند مطلع الستينيات إلى اليوم.
مما انعكس على حياة و نفسانية الأجيال اللاحقة، والتي لم يعد يهمها الماضي و أمجاده كما قال الشهيد عمر، و التي لا يهمها إلا مستقبلها و حاضرها الذي وجدته مليء بالأزمات السياسية والاقتصادية، و انسداد الأفق في وجهها. الشيء الذي جعلها تكفر بكل قصص الماضي وتقاطع الإطارات السياسية التي لا زالت تقدس الماضي و تسكن بين خباياه متجاهلة الحاضر و مستجداته الواقعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اليسار كلمة للبيع والشراء
الصحابي عبدالرحمان بن عديس ( 2014 / 6 / 30 - 09:47 )
اليسار الحقيقي هو ادريس لشكر ، نبيل بنعبدالله ، شباط ، بنعتيق ، فدرالية (اليسار الديمقراطي ) .المبادئ اليسارية كانت انتهازية للبيع والشراء في الذمم وترويج الاوهام التي استحالت الى ارخبيل من النسيان . ادعوك الى قراءة كتاب محمود العرشان الكوميسير ، ولا تستغرب ان قلت لك ان كل ما جاء فيه حقيقة حاول اليساريون تجاهلها .

اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية