الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاقة تتعاظم وشعور يندثر : الجزء الثالث

صبيحة شبر

2014 / 6 / 30
الادب والفن


( 14)
العمل في المسلة يسعدك ، تجدين نفسك مع مجموعة من الكاتبات والكتاب كلهم عراقيون ، تجتمعون خلال الاسبوع مرتين او اكثر تتبادلون باجتماعاتكم الأفكار ، وتتناقشون في الطريقة التي يجب ان تسلكوها لتكون المسلة ناجحة ، وتسهم في علاج حالة التردي التي يعيشها العراقيون ، حيث تمر الأيام ولا يجدون ان أحلامهم تتحقق ، وان نضالهم الطويل قد وصل الى بعض أهدافه ودواعيه ، أمس لم يحضر رئيس التحرير وطلب منك في رسالة الى المتابعة ان تقومي انت بمهام الرئيس ، ورغم انك لم تقومي بهذه المهمة من قبل ، فقد وجدت متعة كبيرة بقيامك بها ، تعاون الحاضرون معك ، واشتركتم في مناقشة فقرات جدول الأعمال ، وكنتم جميعكم راضين من سير الاجتماع ، ولكن الذي أثار الاستغراب موقف الفيس بوك من كثرة الرسائل التي قمت بارسالها ، اجتماعاتكم تكون بواسطة ارسال الرسائل بين اعضاء هيئة التحرير ، تصل الرسالة الى جميع الأعضاء ،ويكتب بها العضو ما يريد او يجيب على بعض الاستفسارات، التي يطرحها الرئيس او بقية الأعضاء ، ويبدو انك كنت اكثرهم سرعة بإرسال الرسائل مما اثار عجب ادارة الفيس بوك ، وكانت تطالبك كل مرة ان تهدئي ،والا تسرعي بالكتابة لئلا تفقدين حسابك جزئيا او كليا ، والذي اثار الاستغراب تلك الليلة حين ترأست الاجتماع ان عضوا احتج على وصول رسائلكم اليه ، ولم تكونوا تعرفون من يكون ، وبعد اظهار الاستنكار والخوف ان بريد المسلة قد اخترق ، وان شخصا لا تعرفونه يستطيع ان يقرأ الرسائل ، تبين في الأخير ان المحتجة احدى الصحفيات وكانت محررة وليست عضوا في هيئة التحرير ، ولكنها أضيفت الى الهيئة ، فما كان من الحاضرين الا ابداء الاعتذار منها ،وهي اعتذرت ايضا ، ثم غير الملف وواصلتم الاجتماع حتى النهاية
كتبت احدى عضوات هيئة التحرير مقالة جميلة نالت الاستحسان ، ولكن المقالة لم تكن بالصورة الكاملة التي ترضي جميع الأعضاء ، فاحتج رئيس التحرير طالبا حذف المقالة ، وفعلا حذفت ، ولكن الذي جرى انه طالب ان يوجه انذار الى تلك الكاتبة لانها نشرت ما يخالف توجيهات المسلة المتفق عليها ، ولكن الذي أعجبك كثيرا ان الاعضاء المجتمعين اتفقوا على الاكتفاء بالتنبيه القديم الذي وجه للكاتبة حين حذف مقالها ، كما ان الاعضاء المجتمعين اتفقوا على ان تكون التنبيهات في المستفبل بصورة شخصية ، وليس امام الاعضاء كلهم ، لآن الجميع اسرة واحدة متعاطفة
في تلك الامسية قمت بالخفارة المتفق عليها بدلا من احدى العضوات التي كانت في سفرة ، مما يتعذر عليها الحضور للقيام بالخفارة ، قمت بعملك منذ الساعة الثامنة والنصف بتوقيت لندن وحتى الساعة الحادية عشرة مساء بتوقيت لندن ايضا
كتبت تقريرا موجزا عن خفارتك ، وتمنيت لهم اوقاتا سعيدة
ما اخبرتك به سميرة افرحك كثيرا ، فهذه الانسانة تحبينها كما لو كانت ابنتك ، وتتمنين لها السعادة ، وان تتعرف الى رجل يفهمها ويقدر خلقها الجميل وصفاتها الراقية ، كنت على وشك الاتصال بابنة صديقتك التي صارت صديقة عزيزة لديك ، ولكنك سمعت صوت دقات على باب منزلك ، فأسرعت لتلبية النداء ، وكم كانت فرحتك كبيرة ، حين وجدت سميرة امامك :
- آه ما هذه السعادة ؟ سميرة في منزلي!
- اشتقت اليك ، وقررت ان ازورك
- زارتنا البركة صديقتي العزيزة
هرعت الى المطبخ لإعداد فنجانين من القهوة ، لكن سميرة ركضت الى المطبخ لتكون معك
- لن أصبر كثيرا ، عندي اخبار سوف تفرحك !
- انا بشوق كبير لسماع اخبارك
- محمود تقدم طالبا يدي
- بهذه السرعة ؟
- ألسنا في عصرها ؟!
- بلى ، وماذا قررت عائلتك ؟
- سألني أبي ما رأيك ؟ فأجبت بالإيجاب ، فطلب ان يرى خطيبي، واخبرت حبيبي بما قال الوالد ، وسوف يذهب بعد يومين لمقابلته
- ألم يسألوا عمن تقدم لك كما جرت العادة ؟
- مدحته امام عائلتي واخبرتهم انه شقيق صديقتي أحلام ، واعرفه تمام المعرفة ، فاطمأنوا على مستقبل ابنتهم العزيزة









(15)
كل يوم يثبت لك ان كل المواطنين بالعالم وبالمحيط العربي يتمتعون بحقوق المواطنة الا العراقيين ، فهم محرومون من كل الحقوق سواء كانوا داخل البلاد ام خارجها ، في داخل البلاد يفضل المسؤولون ان كانوا من القدماء أو الجدد الغرباء على اهل البلاد ، واغلبية الجماهير حين يكونون في موقع المسؤولية يفضلون الغريب على ابن البلد ، يجد العراقي نفسه محروما من الحقوق داخل بلده ، لان المسؤولين هناك يفضلون الأغراب ، ويجد نفسه محروما من الحقوق في بلدان أخرى لآن اهل تلك البلاد ،وحكامها يفضلون المواطن على كل الأجانب ، وهذا من حقهم ، تبين لك هذا حين حضرت الجمع العام لجمعية المدونين المغاربة ، التي انعقد جمعها التأسيسي قبل عشرين شهرا ، وكنت أنت في اللجنة التحضيرية لجمعية المدونين المغاربة ، قال لك رئيسها في الجمع التأسيسي انك ستكونين عضوا فقط ولن يسمح لك ان تكوني في اللجان لأنك اجنبية ، وانه لايريد ان يخضع للمساءلة ، حين يسأل من قبل احد
- لماذا تم تعيين اجنبية في جمعية مغربية ؟
والتدوين ليس له جنسية كما كنت تظنين ، قبلت ذلك الوقت ولم تناقشي، ووجدت انه ليس من حقك ان تعترضي ، فهم اهل البلاد وانت ضيفة عليهم ، طالت اقامتك بينهم ام قصرت
اليوم حدث الجمع العام ، وطالب بعض الاعضاء ان تكوني عضوا في احدى اللجان ولكن رئيس الجمعية احتج وقال انك عراقية ولم تتجنسي بالجنسية المغربية بعد ، وحتى العضوية في هذه الجمعية وجدت نفسك تحرمين منها ، قال لك الرئيس انك عضو شرفي غير قانوني
هذا الموقف يقفه كل الاخوة في البلاد العربية ، مسؤولين وشعوبا ، وتجدين الحق معهم ، فالمواطن يجب ان تكون له كل الرعاية ، وانتم بالعراق تختلفون عن كل الشعوب العربية ،أنكم تقربون الأجنبي وتبعدون العراقي ، كنت تظنين ان هذا الأمر يقتصر على النظام السابق ، حيث كانوا يهجرون العوائل العراقية والتي قطنت العراق منذ الاف السنين ، ويأتي بأفراد المعارضات الاجنبية العربية وغيرها ، ليجعلها تسكن بالعراق ، ويمنحها منازل العراقيين المهجرين ، ويعطيها كل الامتيازات ، ، ولكنك لم تجدي اي تفسير لما يقوم به العراقيون من تفضيل الاجنبي على العراقي ، ما هو السبب ؟ مهما بحثتم لن تجدوا ، وتبقى الحيرة تستبد بالنفوس ، والحزن مسيطرا ، والسؤال الكبير الى متى تظلون محرومين من وطنكم انتم العراقيين ، حين أغلقت المدرسة العراقية بالرباط ، لم تجدوا احدا يقف بجانبكم ، طالبتم بحقكم ، اعترض المسؤولون العراقيون على مطالبتكم ، وتساءلوا باستنكار لماذا لا تعودون الى الوطن ؟ ما دمتم تدعون انكم تحبونه ؟ وما الذي يبقيكم هنا بالمغرب ، ولم يدركوا ان الانسان يحتاج الى عمل والى سكن ، والى سرير يأوي اليه اذا غلبه التعب ، ومطبخ يغلي على طباخه الماء ان اشتهى كوبا من الشاي ، وثلاجة تحفظ له الطعام ، وأنتم لا تملكون شيئا من هذه الاساسيات في بلادكم التي تحبونها اكثر من أنفسكم، فكيف تعودون؟ هل تفترشون الأرض ، وتلتحفون السماء كما يقول اغنية فيروز ، وهل استتب الامن في العراق حتى يمكن لأي انسان ان يفترش اديم الأرض لأنه اجود انواع الأسرة المريحة
ومهما قيل عن النظام الليبي ، فانه حين اغلقت المدرسة الليبية في الرباط ، لم يعان أساتذتها من الفاقة والعوز ، كما عانى العراقيون ، فقد بقيت السفارة الليبية تمنح رواتب معلمي المدرسة الليبية حتى عودة المدرسة الى الافتتاح لاستقبال الطلاب
سميرة لا تسعها الفرحة ، حبيب العمر والذي لم تعرف حبا غيره لم يلتفت لمشاعرها، واحبها انسان آخر ورحب بان يكونا معا ، تحبين الاطلاع على اخبار العزيزة سميرة كل يوم ، فكل ساعة لها خبر يفرح القلب ويبهج الفؤاد ، وقد عانت طويلا ، وآن لها ان تسعد وان تجد من يؤنس وحدتها في دياجير الصقيع ، اخبرتك ان والدها وافق على زواجها من الرجل الذي احبته اخيرا ،بكل قطرة من دمائها المتعطشة للحياة والحب، قالت لك متهللة الوجه :
- انت اول من اخبره بما يجد معي
- ولهذا الاعتزاز المتبادل بيننا ، سوف ادعوك وحبيبك الى جلسة في منزلي مع صديقات لي في مثل عمرك













(16)
حين اغلقت المدرسة العراقية بالرباط ، ووجدت العوائل العراقية نفسها بلا عمل ، يساعدها في تدبير امور حيواتها ، كتبت موضوعا على شكل يوميات ، تتحدث عن معاناة صحفية عاطلة عن العمل
وقفت صحيفتي التي أعمل فيها عن الصدور ، لم نعرف بعد السبب الذي دعا الى إغلاقها ، كل من تولى ادارتها يعطينا سببا نجده معقولا ، وإذا بشخص آخر يقنعنا بسبب مختلف ، ذهبنا مجموعين الى مدير التحرير ، عله يجد لنا حلا مناسبا، بعد ان يرى اننا صممنا أن نكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، نظر الينا المدير نظرة شزراء ووبخنا على الحضور، الى منزله الفخم الذي يشبه القصور ، سارع أحد الزملاء( محمود) الى نفي التهمة عن شخصه الكريم،محملا ايانا نتيجة الخطأ ، فنحن أولى بالعقاب وليس من حقنا أن نشكو ، أشار المدير بيده السمينة الى الباب ، ففهم أغلبنا المراد من هذه الحركة الذكية،وخرجنا نجر أذيال الخيبة والفشل وقررنا ان ننقد انفسنا نقدا ذاتيا ،لانها أمارة بالسوء ومن واجبنا ان نضربها بالسوط ، نكسنا أعيننا الى الأرض ولم نجد بيننا زميلنا ( محمود) فقد أبقاه المدير مكافأة له، على حسن الرد وتفتيت جماعتنا
الاربعاء 4 غشت
عاتب أحدنا الآخر أننا تركنا حقوقنا ، وجعلنا شخصا واحدا، يلتهم ما يمنحه المدير له نكاية بنا ، وانه من حقنا أن نعيد لم صفوفنا ، وذكّرنا من كان ناسيا حكاية ذلك الأب الحكيم، الذي أراد أن يقنع أولاده بضرورة الإتحاد وان يقدم لهم روعة الخبرة ،التي جناها في حياته بأن اخبرهم ان العصا الواحدة يمكن كسرها بسهولة، اما إذا اجتمعت العصي، فانه من المستحيل أن تقدر قوة على كسرها بسهوله ، فأبدى الزملاء قناعتهم بالحكمة الخالدة، التي ورثناها عن آبائنا المجربين ، وآلينا على أنفسنا الا نجعل أحدا مهما كانت قوته وبراعته في فن الاقناع، أن يسلب منا حقوقنا بعد اليوم ، وتفرقنا مبتسمين بعد أن ادركنا كيفية اعادة الحقوق الى أصحابها
الثلاثاء5 سبتمبر
بعد مناقشة طويلة مع الزملاء، قررنا أن يتصل كل واحد منا بالمدير، وان يسمع منه النصيحة الثمينة، بما ينبغي علينا أن نفعله ، وخاصة ان الجريدة مضى على اغلاقها زمن طويل، وان أكثرنا قد أنفق ما خبأه لمفاجآت الزمان ، ولكن الذي أثار استغرابنا ان المدير لم يعد يجيب على هواتفنا الكثيرة ، وانه وضع الة تسجيل تجيب بدلا عنه، على نداءاتنا المتكررة وبعد ان تسمع الة التسجيل كلامنا تقول لنا ناصحة :يجب ان نترك رسالتنا وسوف يجيب المدير عنها حين يجد الوقت مناسبا..
الاثنين 6 اكتوبر
مضينا الى مكاتب الصحف والمجلات نطلب عملا بديلا ، صحبنا معنا سيرنا الذاتية، التي تبين ان لكل منا مشوارا طويلا ، قضاه بين جنبات الصحافة، باحثا عن الحقيقة ،جاريا وراء المتاعب، مسجلا الاخبار معلقا على الحوادث، ساعيا الى ابراز سطوع الشمس، وسط دياجير الظلام ، بعض الصحف استقبلتنا ورحبت بنا ووعدتنا انها تتصل بنا ،حين يغادرها أحد الصحفيين الى جريدة او مجلة اخرى ، والبعض الاخر من المكاتب التي راجعناها، نصحتنا الا نبحث عن وسيلة اخرى للنشر، وكسب العيش فان صحيفتنا لابد ان تعود الى الصدور مرة اخرى، ومن العبث ان نترك سنين خدمتنا كلها، ونبدأ من جديد ، طلبنا من مدراء الصحف التي زرناها ان يستلموا سيرنا الذاتية، لكنهم رفضوا باصرار مثير للدهشة..
الاحد 7 نونبر
ولأن اليوم عطلة رسمية، قرر بعضنا أن يكتب رسائل الكترونية الى مدراء التحرير للصحف في العالم العربي كله، شارحين ظروفنا ، طالبين الحصول على عمل صحافي ، بعد ان نفذت كل نقودنا وعوائلنا تطالبنا بسد حاجاتها فنقف عاجزين ، وها نحن ننتظر عل احدا ينظر الى كفاءاتنا بعين العطف ، ويعين احدنا في جريدته، ونالنا اليأس من عودة جريدتنا الموقرة الى الصدور
علق الكثير من القراء والكتاب على قصتك هذه معلنين عن تضامنهم معك ، واستلمت في احد المنتديات رسالة يقول كاتبها:
قرأت قصتك وفهمت معاناتك ، أرجو ان تكتبي لي على الايميل الاتي-
حلمت قليلا ان كاتب الرسالة قد يملك بعض الحل لمشكلتك ، فكتبت له رسالة ، اجابك عنها قائلا
انني صحفي من بلاد عربية ، أشتغل مراسلا لصحيفة عراقية لقاء مبلغ شهري700 دولارا ، هل يمكنك ان تساعديني في ايجاد مراسلة لي لجريدة عراقية أخرى؟ حتى اتمكن من اصطحاب عائلتي الى العراق
كتبت طالبة من الصحيفة نفسها ان توافق على تعيينك مراسلة لها في المغرب ، لم توافق على التعيين ودفع مرتبك شهريا ، بل اقترحت عليك منحك ثمنا بالقطعة فقط لقاء المواضيع التي تقومين بأرسالها لها ، وكان الثمن ضئيلا جدا خمسة عشر دولارا في الموضوع الواحد
ولكنك لم تسلمي بسهولة ، فقد راسلت صحفا كثيرة ، ان تنشر لك ما ترسلينها لها من مقالات وحوارات وتغطيات للأنشطة الثقافية المغربية ، وعدك الكثيرون قي عدد من الدول العربية ان يقفوا بجانبك ، وان يعيونك مراسلة لهم في بلاد المغرب ، وارسلت لهم المواضيع التي يريدونها ، لكنهم لم يرسلوا لك الثمن الذي اتفقتم عليه ، فقررت تركهم والتوجه الى صحف اخرى تصدق في وعودها













(17)
هيأت منزلك لإقامة حفل صديقتك سميرة وحبيبها ، وصل المدعوون مع زوجاتهم وحبيباتهم ، تفاجأت ان حبيب سميرة قد جلب قنينة شراب معه ، وانت لم تتهيئي لمثل هذه الجلسات ، طلبت من سميرة ان تخبر حبيبها بتأجيل الشراب الى مناسبة أخرى تكونين انت وزوجك وسميرة وحبيبها وحدكم في المنزل ، واعتذرت لسميرة قائلة :
- الكثير من المدعوين هذه الليلة لا يحبون تناول الشراب
- اخبرت محمود بالأمر فتفهمه
وانتم تتحدثون في مختلف الأحاديث طلبت سراب ان تحدثك بأمر هام
لحقتك الى المطبخ وقالت :
- كيف يمكن لسميرة ان تجني على نفسها بارتباطها بهذا الرجل ؟
- ما به ؟
- ألم تلاحظي كيف ينظر للنساء الحاضرات ، نظراته الشبقية تطاردهن في منزلك ، لم ارتح لنظراته الوقحة وحتى ز وجي فطن لما يرسله محمود من رغبات الى النساء ، مسكينة سميرة ،الم تجد من تدفن معه حياتها وتقمع روحها الا هذا المحتال ، لماذا لم ينصحها احد بحقيقة هذا المخلوق ، هل يحبها حقا ؟ ام يمثل عليها الحب ؟
- وما يدريني ؟ حين قابلته اول مرة ظننت انه يوجه لي نظراته المحمومة لوحدي ، وتعرفين زوجي لا يبالي بمثل هذه الأمور ويثق بي وبحسن تصرفي ، لكن ماذا أفعل ؟ سميرة صديقتي فهل يمكنني جرحها ؟
- كيف وافقت عائلتها ؟
- قابله ابوها فقط ، فهل يمكن ان يوجه نظراته الآثمة الى الرجال ايضا ، لابد ان سميرة ستكشفه قبل فوات الأوان ، ونحن لن نخبرها ، وسوف نتظاهر اننا لم نفطن
- سميرة ذكية وسوف تكتشف الأمر قبل عقد القران ، ولكن ما الذي اعجبها فيه ؟
- تقول انه عصامي ومتعدد الاهتمامات وانه بار بوالديه ، يعطي نصف راتبه لهما ، وقد حدث سميرة بانه سوف يستمر على اكرام والديه بعد الزواج ايضا ، فلم تمانع ، تعرفين انها من أسرة غنية بالإضافة الى انها ماهرة بالعمل ولها راتبها المرتفع
- اكثر ما اخشاه انه طامع براتبها وثروة أسرتها ، تصرفه مع النساء لا يدلل على انه يحبها هي فقط من دون النساء ، اجد انه يعشق كل النساء في وقت واحد ، وحرام ان ترتبط سميرة المرأة الكاملة بمثل هذا المخلوق
- انا مثلك ، كنت متحمسة لهذا الزواج ، لقد رفضت سميرة الكثير من العرسان ، وآن لها ان تستريح
- صامت دهرا وأفطرت على بصل ، هيا نعود الى الجالسين ، طال غيابنا عنهم
- ارجو ان تكون توقعاتنا كاذبة
- عسى ان تكون
تجدين سميرة متهللة الوجه :
- وافق محمود على نقل عملي التدريسي الى بغداد
- خير لكما نقلك ، اذ كيف تتزوجان وانت في بلاد بعيدة عن وطنك الذي يقطن فيه زوجك ، ألم تحلمي ان تعودي الى وطنك الحبيب ؟
- بلى ، لكني كنت أؤجل تحقيق هذا الحلم ، وها اني اتوصل الى هدفين لي عزيزين معا
- اهنئك حبيبتي على عودتك الى وطنك وزواجك فيه ، عيدان اثنان يستحقان الفرح ، وسوف اعود أنا ايضا الى ربوع الوطن ، ليزهر القلب وتنمو وروده
- سوف نكون معا ، نحن الصديقتين ومع عائلتي والأصدقاء






(18)
ها ان الأيام تمضي في بغداد سريعا ، ذهبت بدعوة من وزارة الثقافة العراقية ، وصلت لك التذكرة على الخطوط التركية عن طريق الانترنت ، يا لهذا الحدث الرائع من انتصار ساحق لقضايا الانسان ، حضرت ملابسك بسرعة وسافرت مع الاخ الشاعر العراقي المقيم في المغرب، في رحلة امتعتكما معا ، اقمتما في فندق كبير قائم في شارع السعدون ثلاثة ايام ، كانت الوفود كثيرة من خارج العراق وداخله ، تعرفت الى اعضاء كثر في منظمات المجتمع المدني التي كثرت بالعراق ، انه المؤتمر الاول الذي يدعى اليه اعضاء في منظمات ثقافية عراقية خارج العراق ، وحين وجدت ما يتمتع به العراقيون من مؤتمرات ومن انشطة كثيرة تعزز الترابط بينهم قررت ان تمكثي بالعراق وطنك الحبيب ، وحين انهى المؤتمر اعماله وعادت كل الوفود اما الى مقرها في الخارج او لزيارة افراد اسرها ذهبت انت مع زوجك الى الشقة التي استأجرها وكانت بائسة بكل المقاييس المتعارف عليها بين البشر ، لاسخان يمكن ان يمدكما بالماء الساخن للاستحمام ولا غرفة مريحة تشعرك بالاطمئنان، وحتى الدرجات المؤدية لشقتكم من بيت المؤجرين ركبت بشكل عمودي، لم تكن تريد الزائر الذي قد يفكر بزيارتك وقضاء وقت فرح في ربوعك المقفرة ، فكرت بشقيقتك التي تمدك بكل ما تحتاجينه من مال ومتاع ،كيف يمكنك ان تستقبليها في منزلك الذي لايشجع احدا على الدخول اليه ، سافرت الى كربلاء لفترة قصيرة ورأيت اختك الصغرى هناك ، اعطتك شقيقتك الكبرى مبلغا كبيرا من المال لم تستفيدي منه كثيرا ، بل اعطيته لزوجك الذي اخبرك انه سوف يسافر الى المغرب عن طريق البر، فخشيت عليه ان تتدهور صحته المتعبة كثيرا ولا يتمكن من خطبة الفتاة التي اختارها ابنك ، وسرعان ما شعرت بالندم على معروفك الذي لم يجد ابدا ، ككل اعمال المعروف والاحسان التي تقدمينها ولا تجنين الا اشواك المعاملة السيئة والبخل
اتصلت بك سميرة داعية اياك لحضور حفل عرسها ، لبيت الدعوة مسرورة ، المدعوون كثيرون في منزل عائلة سميرة ، جهز أبوها كل الأشياء التي يمكن ان تسعد ابنته العزيزة ، وكل ما يمكن ان يقدمه الرجل لزوجته في حفلة العرس ، حتى ملابس العرس الجميلة التي اخذت سميرة ترتديها في الحفل كانت قد اشترتها سابقا ، ولم يقدم لها العريس شيئا ، وحتى خاتم الخطبة اشترته هي من راتبها
الكيكة التي هيأها والد سميرة كانت بسبع طوابق ، والعشاء كان لذيذا وكثيرا’، مما اثار اعجاب المدعوين
بدت سميرة كالشمس ساطعة الجمال ، وهي تجلس قرب العريس الذي حضرت عائلته ، شاهدت أنواعا من الرقص لم تشاهديها من قبل، اخوات العريس كلهن تمايلن على انغام الموسيقى الراقصة ، اثار استغرابك ان سميرة تبدو عليها علامات السعادة رغم ان محمود لم يقدم لها شيئا ، وتساءلت بصمت :
- هل كانت سميرة محرومة من الحنان لترضى بأول رجل يعلن لها الحب ، ألم يتقدم لخطبتها العديد من الرجال ، وكانت ترفضهم جميعا ، متعللة بمختلف الأعذار، يا لهذه المخلوقة النادرة المثال ! ويا لقلبها الكبير الذي يبدو انه قد انطلت عليه عملية خداع كبيرة من مدع بالعشق ، والحب منه براء ، كم ضعيف انت أيها الانسان ، تظهر قوتك المزعومة ، ولا تعرف خداع المرائين، صديقتي العزيزة ، كيف اجعلك تدركين حجم اليم الذي اوقعتك به ثقتك الكبيرة بمعسول الكلام ، ولكن ما الذي جعلك تقدمين على حبه ؟ وقد صرح الكثير لك عن حبهم وكانوا أكثر صدقا ، وأقرب منك اقتصاديا واجتماعيا ، قلت لي مرة عن محمود الذي ستقدمين على الانتحار بزواجك منه :
- انه الوحيد الذي أذاقني لذة القبلة ، جميعهم كانوا يعبرون لي عن حبهم على الورق ، ومحود كان جريئا ، صرح لي بحبه الكبير وطلبني للرقص ، وفي أثناء احتضاني بذراعيه القويتين طبع قبلة على شفتي ، آه صديقتي العزيزة تقت كثيرا الى الحب وها اني اتوصل اليه بعد بحث طويل ، قبلة عبر لي محمود بها عن شدة حبه ، كيف أتنكر لهذا الحب ان كان صاحبه غير قادر على ان يدفع مهري كما يفعل الأزواج ، لا يهم كل شيء ، المهم عندي هو الشعور بالحب والتعبير عنه
تنظرين الى سعادة سميرة التي تجدينها واضحة لكل الناس ، تتمنين لها ان تعثر على حب دائم عند محمود الذي بدأت الشكوك تساورك عن صدق مشاعره ، من يدري ؟ قد تكون مخاوفك مبالغ بها ، وان محمود رجل فقير ، تحتاج اسرته الفقيرة الى كل راتبه ، فليس الفقر عيبا ، ولكن هل من الانصاف ان يتكل على زوجته تمام الاتكال في توفير ما يلزم العيش ،من مأكل ومشرب ولباس ودواء ونقود يصرفانها عند الخروج للتنزه ، ام انه قرر ان تكون سميرة في المنزل للقيام بأشغال البيت بعد الانتهاء من اعمال الوظيفة ، وهو سارح لوحده بين الحسناوات



(19)
تمضي الأيام ثقيلة متباطئة ، وأنت تراجعين مديرية تربية الكرخ الثالثة ، علك تحظين بجواب يشفي النفس من جراحاتها الكبيرة ، صعب على الانسان الذي جرب العمل وعرف لذته ، ان يبقى فترة حتى لو قصرت بلا عمل ، من يمده بالمال الذي يحتاج اليه ؟ ومن يقف بجانبه ليسد حاجاته ، ومن يمكن ان يساعد أسرته التي اعتادت عليه ان يكون عاملا يقف بجانبها مشبعا حاجاتنها ،، تراجعين كل يوم والجواب الوحيد الذي تتلقينه :
- - لم يصلنا الجواب، امي لماذا تتعبين نفسك ؟ وأنت في هذا العمر ، اذهبي الى منزلك وارتاحي

وكيف اعيش ؟ ومن يقوم برعايتي ورعاية اولادي الذين تركتهم في بلاد أخرى ؟-
لم تستطع هذه العبارة ان تنتشل شجرة التفاؤل الكبيرة في داخل نفسك ، كنت متأكدة انك ستعودين الى عملك ، كما كنت واثقة قبلها انك ستعودين الى وطنك بعد غربة طويلة فرضت عليك ، وكثيرا ما سمعت ممن هم حولك من المعارف:
- لافائدة مما تفعلين ، سوف لن يوافقوا على اعادتك
موقفهم يؤلمك لكنه لم يتمكن من اسئصال الثقة من داخل قلبك
تكثرين من التردد على مديرية التربية ، لاأحد يمكنه ان يستأصل من داخلك ما تشعرين به من ثقة، ان حلمك سوف يتحقق وان رغبتك في اعتبارك مفصولة سياسية سوف يأتي بأكله قريبا ، ولن تكوني عاطلة بعد اليوم ، وسوف لن يستمر تعبك ومعاناتك وحرمانك الطويل، مما يستطيع العاملون ان يحصلوا عليه نتيجة عملهم الطويل من اشباع بعض حاجاتهم بدون منة من احد
بعد مراجعتك لمديرية التربية تتصلين بسميرة للاطمئنان على حياتها الجديدة ، ترحب بك كعادتها :
- اين انت ؟ ماذا فعلت ؟ وكيف كانت مراجعاتك ؟ هل أثمرت ؟
- سوف تثمر ورودا يانعة تسرني وتسعد عائلتي ، وتبهجك أنت صديقتي وابنة صديقتي
- ان شاء الله ، ولكن لماذا لا تزورينني ؟
- سأزورك قريبا ، كنت انوي المرور عليك حين الانتهاء من المراجعة ، ولكني خشيت الا تكوني في المنزل
- انا في المنزل الآن ، مري علي قبل وصولك الى المنزل ، واشربي عندي فنجانا من القهوة
- حالا عزيزتي ، أشرب فنجان القهوة ، ثم اواصل الى منزلي الذي لا يبعد كثيرا عن منزلك
تستعينين بالكوستر ليوصلك الى بيت سميرة ، تستقبلك مسرورة ، لكنها لا تتمكن من اخفاء التعب الشديد الذي يبدو واضحا على محياها وعلى خطواتها التي اصبحت مرتبكة كثيرا
- ما بك ؟ هل انت مريضة ؟
- لست مريضة ، بل انا حبلى
- مبارك لك ، متى عرفت ذلك ؟
- قبل ثلاثة ايام ، وقالت لي الطبيبة يجب الا اتعب نفسي وان اتناول الطعام الصحي الكامل والا ادع أشغال المنزل ترهقني كثيرا ، وان احاول الا اسير لمسافات بعيدة ، وان احاول تخفيف وزني قليلا ، لأن الوزن الثقيل يضر بالجنين كما يسيء الى امه

- جميل عزيزتي ، يمكنك ان تنفذي تعليمات الطبيبة ، فهي ماهرة كما سمعت
- انها طبيبة ممتازة
- اذن نفذي تعليماتها ، وخففي من تناول الحلويات التي تحبينها كثيرا ، وأكثري من الفواكه والبروتينات والخضر ، ففيها الفيتامينات والمعادن التي تفيدك كثيرا ، انت مثقفة وحريصة على صحتك ، ويجب ان تنفذي التوجيهات بدقة ، ما بك صامتة ؟ ألا يسعدك أن تصبحي أما؟

- يسعدني جدا ، ولكنه لا يوافق ان أشتري الأطعمة التي وصفتها لي الطبيبة ، ويقول انها تبالغ ، ومن أين للفقراء ان يشتروا كل هذه الأصناف ؟
- أمنت بالله ، رحم الله الفقراء ، ولكنك لست فقيرة ، انت تعملين بجد ، والدولة تعطيك راتبا تستحقينه بتعبك
- يقول انه لا يستطيع ، ويجب علينا ان نتضامن مع الفقراء
أين تذهبين براتبك ؟-
- الايجار والطعام
- وأين راتبه ؟
- يقول ان أسرته تحتاج اليه
- ألم تتفقا أن يعطي لأسرته نصف الراتب ؟ اصرفي من راتبك ونصف راتبه واحفظي صحتك
- اخبرني انه يحتاج الى نصف راتبه لشراء السجائر والمشروبات ، وان راتبي اعلى من راتبه ، ومن واجبي ان اقف بجانبه اشد أزره
لا تعرفين كيف تجيبين ، ماذا تقولين لسميرة ، وماذا يمكنك ان تفعلي ، وهل يفيدها اخبارها حقيقة زوجها الآن ،وهي حامل وتحتاج الى الحب والمودة والى يد تقف بجانبها، تساعدها في اعمال المنزل التي لا تنقضي ، والتسوق الذي تضطر فيه الى حمل أثقال لا يتحملها الأصحاء ، فكيف بامرأة رقيقة تمر بظروف حمل وتحتاج الى المواساة
تخرجين من بيت صديقتك المقربة منك كثيرا وانت تحملين هما كبيرا ، لست بقادرة على الصمت او الحديث ، كلاهما امران قد يسيئان الى انسانة تحبينها ، ماذا يمكن ان تفعلي وقد وقع الفأس بالرأس وأوشك أن يهشمه ، أليس السكوت خيرا من كلام لا يجدي نفعا ، فلتصمتي ولتقفي بجانب العزيزة سميرة علك تستطيعين ان تخففي من المتاعب التي سوف تلقاها وقد بدأت تباشير هذا اللقاء








(20)
تخبرك صديقتك في مجلس الوزراء انهم وافقوا على طلبك بعد هذا الانتظار الطويل ، قدمت لهم الطلب في اول شهر شباط من عام 2008 وهاهم يوافقون على اعادتك في الشهر السادس من عام 2011 ، طلبت ان تستديني بعض المال لإرساله الى الأولاد في المغرب ، فاستدان زوجك من صديقه، وارسل النقود بيد احد الأصدقاء المقيمين بالمغرب ، على أن تقومي أنت بتسديد الدين حال رجوعك الى العمل
الجميع يقول لك:
- -كيف يمكنك أن تتفاءلي في هذا الجو المشحون ؟ سوف لن يعيدوك الى العمل ، لا تصدقي بوعودهم
- - انا متفائلة ان الغد لابد ان يكون أفضل من اليوم ، وسوف يعيدونني
اخبرتك صديقتك انهم اخبروها بموافقة لجنة التحقق على اعادتك للعمل ولكنها لم تعرف منهم تاريخ الموافقة ورقم القرار بعد ، راجعت مديرية تربية الكرج عدة مرات في الحر اللافح والشمس المحرقة ، آملة ان يخبروك بوصول القرار ، لكهنم لم يفعلوا ، وكل مرة تراجعين بها ، يقولون لك:
-تعالي بعد عشرة ايام
لم تكوني تستطيعين الانتظار كل الأيام العشرة ، فكنت تواظبين على الذهاب الى مديرية الكرخ كل ثلاثة ايام ،والجواب يتكرر :
-لم يصلنا شيء بعد ، تعالي بعد عشرة أيام
الكل يريدون ثنيك عن التفاؤل الجميل
-
تمر اربعة وثلاثون يوما على اخبارك من قبل صديقتك على موافقة لجنة التحقق--;-- ، تمضين الى مديرية تربية الكرخ مستفسرة ، تقفين في حرارة الشمس الشديدة ، تقول لك احدى الموظفات :
قفي هنا في الظل-
ولكن لا ظل هنا-
ما الذي يجبرك على المجيء ؟ وانت في هذا العمر ؟ ارتاحي في منزلك سيدتي-
ومن يقوم بأمري ؟ واولادي بعيدون عني في ديار غريبة ؟-
تترددين عليهم كل ثلاثة ايام ، تسألينهم عن الجديد ،وأخيرا نطقوا بما كنت تأملين:
- جاء القرار-
تعطيك الموظفة قرار لجنة التحقق في مجلس الوزراء، وقرار وزارة التربية المعتمد على قرار لجنة التحقق والقاضي بإعادتك الى العمل بوزارة التربية والتعليم باعتبارك مفصولة سياسية ، وينص القرار ايضا على تغيير مكان العمل ، تطلب منك الموظفة ان تستنسخي القرار الوزاري باربع نسخ مصورة وان تعيدي القرار الأصلي اليهم ، وأنت لا تملكين نفسك من الفرح تستنسخين القرار وتعطينهم الأصلي مع نسخ مصورة عن الجنسية وشهادة الجنسية ووثيقة السكن والتموينية ، وتطلب منك الموظفة ان تحصلي لها على وثيقة اصلية من شهادة التخرج ، وعلى شهادة صحية تحصلين عليها من مستشفى في الكاظمية ، ثم يسألونك :
-أين تقيمين؟
- في سومر
- يجب ان تنقلي عملك اولا من تربية الكرخ الى تربية الرصافة
- واين يمكن ان انقل عملي ؟
- اذهبي الى مكتب الوزير
في مكتب السيد الوزير ، تشهدين السيدة مديرة المدرسة التي كنت تشتغلين فيها تستقبلك وترشدك الى كيفية العمل ، وتخبرك انه يجب ان تذهبي الى مكتب وكيل الوزارة في المنصور ، هناك تطلبين مقابلته ، لا تسمح لك مديرة مكتبه ، قائلة :
-اكتبي ما تريدين قوله في ورقة ، وانا اقوم بتوصيله الى السيد الوكيل
تذهب كل رغبة بك للمقابلة ، تكتفين بتوقيع وكيل الوزارة على طلبك بنقلك من مديريات الكرخ للتربية الى الرصافة ، وتبدئين بمراجعة المديريات علها توافق على نقل مكان اعادتك الى التعيين
تعودين الى مديرية تربية الكرخ ، حيث كنت تعملين هناك في مدرسة واسط قبل ان تغادري العراق ، يخبرك الموظف :
هل تعلمين اين ملفك الآن ؟
- لا علم لي ، كنت في الكرخ

- لن يوافقوا على اعادتك ان لم يجدوا الملف
- أين يمكن ان يكون ؟
- غادرت العراق ولم تكن مديريات التربية بالشكل الذي عليه اليوم ، كانت هناك مديرية تربية الكرخ واحدة ، ومديرية تربية الرصافة واحدة، الآن تضخمت المديريات ، أصبحت للكرخ ثلاث مديريات وللرصافة ثلاث مديريات أيضا-، اذهبي الى الكرخ الأولى ، يمكن ان يكون الملف عندهم
تنفذين التعليمات وتسارعين الى الكرخ الأولى:
- اريد الحصول على ملفي ، انا معلمة جامعية
متى تركت العمل ؟-
- في عام 1979
- فترة طويلة غادرت العمل ، كيف يمكننا ان نجد ملفك ؟ ، اذهبي الى الغرفة 15 علك تعثرين على اثر للملف الذي تزعمين
تذهبين الى الغرفة المذكورة ، يسلمونك اكداسا من الملفات لمعلمين غادروا مدارسهم ، تبحثين عن اسمك فلا تجدينه ، ماذا يمكن ان تفعلي ؟ تذهبين الى غرفة الملفات ، اكداس هائلة من الآف الملفات ، كيف يمكن ان تجدي بغيتك بينها ؟ تقول لك المسؤولة :
- هذه ملفات الذين تركوا مدارسهم ، ابحثي فيها-
بتعبك البحث الطويل ، تسالين:
- اين أجد ملفي ؟
اعطيني اسمك الكامل ، وسوف ابحث لك عن الملف -
متى يجب ان اراجعك ؟-
بعد شهرين -
يا لصعوبة الأمر ، تريدين العودة الى العمل بسرعة ن واذا بأمور لم تكن تخطر ببالك تعرقل كل أحلامك ، تذهبين الى احد المدراء الذين عينوا حديثا :
- لا تيأسي وابذلي جهدك وابحثي عن ملفك
-واسالي في الغرفة رقم 7 عن الملف ،
تذهبين الى الغرفة 7 ، تقول لك الموظفة :
اكتبي طلبا في ضرورة الحصول على الملف ، وتعالي بعد خمسة ايام-


-
(21)
القلق يضنيك على سميرة ، منذ فترة لم تريها ، ترى كيف أصبحت حالتها ؟ هي ضعيفة الجسم ، لا تتحمل الكثير من الأعباء والتي وجدت نفسها تعاني من نيرها ، كيف يمكنها ان تعمل خارج المنزل ، وان تسارع بعد العودة من العمل الى السوق لشراء ما يلزم من حاجات ، ثم تسرع لطهي الطعام وتحضيره لزوجها الذي يجد انه من المعيب جدا ان يساعدها في أعمال المنزل ، ويقول ان المنزل من اختصاص النساء فقط ، فاذا ما وجه اليه احدهم سؤالا :
- أليست المرأة تعمل ايضا خارج المنزل ؟
- لماذا تطالب بالمساواة ؟عليها ان تعترف بفضل الرجال
- ولكن فضل الرجل لأنه كان المنفق على العائلة، والنساء أغلبهن أضحين منفقات على أسرهن
- كفى نقاشا في هذا الأمر ، سئمت منه
تصلين المنزل ، تدقين الباب ، ولا احد يجيب ، ترى اين ذهبت سميرة ؟ لابد انها قد عادت من العمل ، الساعة الثالثة الآن ، هل أصابها مكروه؟
تواصلين الدق على الباب ، تسمعين أصواتا تقترب ، لابد انها سميرة جاءت لفتح باب منزلها واستقبالك ، يفتح الباب ، هالك ما ترينه من اصفرار وجهها وشحوبه ، وقد كانت كالتفاحة نضارة وبهاء ، كيف يغير الزواج شكل النساء وأرواحهن ؟ كيف أصبحت سميرة بهذا الضعف وهي تزوجت عن حب ؟ كيف يكون وضع المرأة التي تقترن حتف أنفها ؟ لأن قطار الزواج فاتها ، ولا بد لها من شر الزواج ؟ يأتيك صوت سميرة واهنا :
- تفضلي ، ادخلي
- - ما بك ؟ لماذا اجدك شاحبة الوجه ؟
- لأني مريضة جدا
تدخلين بسرعة وتطلبين من سميرة ان ترتاح على سريرها
- ماذا حدث ؟ ولماذا لم تخبريني ؟
- حدث كل شيء بسرعة ، لم أتوقع انه سيحدث ، كنت أنتظر ان أصبح أما ، ولكن قضي على أحلامي
- هل ؟؟؟
- نعم اجهضت
- لماذا ؟ ألم تنصحك الطبيبة ان ترتاحي ، وألا تتعبي نفسك ؟ ماذا فعلت ؟ هل حملت شيئا ثقيلا ؟ هل تمشيت لمسافات طويلة ؟
- حمل الأثقال كان كل يوم ، كل يوم وحين خروجي من المدرسة أعرج على الأسواق لشراء ما يلزم من حاجات للمنزل ، من يقوم بالتسوق اذن ؟ وكيف نأكل، اهلي لم يستطيعوا ان يطبخوا لي كل يوم ، أغلب الأيام كانوا يبعثون لي قدورا مما طبخوا ، ولكن بعض الأيام لا يستطيعون
- وهل تمشيت كثيرا؟
- نعم كثيرا جدا ، جعلني أسير من الشعب الى باب المعظم ، لأننا كنا مدعوين الى وجبة غداء
- لماذا ؟ ألم تنفذي تعليمات الطبيبة ؟
- وماذا بيدي ، خرجنا معا وكانت الشوارع مزدحمة ، ولم نجد حافلة نستقلها ، فأردت ان نستأجر سيارة أجرة ، قال لي :
- انت تبذرين / من اين لنا اجور سيارة الأجرة ، لماذا لا تسيرين كما يفعل الناس عادة ؟ اين شبابك ؟ لم أدر انني اتزوج عجوزا مريضة
- قولك هذا يثير تعجبي ، لماذا يسيء اليك وانت تحبينه كل هذا الحب ؟ ألم تخبريه بما نصحتك الطبيبة ؟
- بلى ، لكنه قال ان الأطباء عادة يبالغون ، وان امه كانت تقوم بكل الأعمال المنزلية وبدون ان تراجع الطبيب ، ولم يحدث لها شيء ، ونحن أولادها وبناتها كلنا بخير ، كالورود
- هل يأخذ راتبك كله؟ لماذا لم تستعيني انت بسيارة اجرة ؟ ألا تبالين بصحتك وحياتك ؟
- قال لي ان نقودنا كلها لذاك الشهر قد خسرها في القمار ، وان أباه أشفق عليه ومنحه بعض الدنانير ، تتكفل ببعض حاجاته حتى نهاية الشهر
- وأنت من يتكفل بحاجاتك ؟
- سألته قال ان راتبي اعلى من راتبه ، وان عائلتي غنية وعائلته فقيرة ، وانها تحتاج كثيرا لنقوده ، ثم صرخ بوجهي :
- كم مرة أكرر لك هذا الكلام ، هل تعيرنني بفقري؟ ، فاضطررت للصمت ، وسوف لن اتحدث معه حول هذا الأمر











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع