الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا هوى العراق

كوهر يوحنان عوديش

2014 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لن نعود بالتاريخ الى الوراء كثيرا لان احداث 2003 واسقاط النظام العراقي السابق قريبة علينا وحاضرة دائما وابدا لبدء الحديث والتحليل والمقارنة لما لها من تاثير عظيم على العراق كدولة داخليا وخارجيا، لان هذا التاريخ هو الخط الفاصل بين عراقين وبين نظامين وبين نهجين وبين وجوه سيتذكرها التاريخ العراقي ابدا سواء من حيث تدمير الوطن او بنائه، فالوطن الذي عانى ما عانى من ثورات وانقلابات واحتكار للسلطة كان يمكن ان يصبح اجمل بلدان الكون من حيث رفاهية العيش والسكينة والتطور والعيش المشترك لما يحمله هذا الوطن من خيرات في بواطنه، التي ربما تكفي لاعاشة سكان العالم جميعا، لكن الذي حدث كان عكس ذلك تماما، فالسلطة احتكرت من قبل اشخاص معدودين والاموال نهبت بمئات المليارات من قبل المسؤولين الحكوميين بصورة علنية دون محاسبة او حتى سؤال!، ومبدأ النظام في الحكم كان يستند على الاكثرية والاغلبية والفئوية، والامن تدهور والدولة سقطت والفقر اكتسح الشعب والملاحقين والنازحين اصبحوا بالملايين والقانون اصبح في خبر كان....الخ، وباختصار اصبح العراق جحيم العصر، وما حصل ويحصل للعراق بعد 2003 كان نتيجة حتمية للسياسة الخاطئة المتبعة سواء من قبل المحتل ابان فترة الاحتلال او بعدها من قبل الحكومة الطائفية في بغداد.
تقسيم العراق وتفتيته وتمزيق نسيجه الاجتماعي كان من اولويات الدول المحتلة، وذلك لتحقيق اهدافها عبر شعب مشتت وبلد ضعيف ومقسم، حيث كان اول عمل يقوم به الحاكم المدني الامريكي بول بريمر هو حل الجيش العراقي المكون من خمسمائة الف جندي، بحجة ولاء الجيش للنظام السابق، وتجريد كافة افراد الجيش من صغيرهم الى كبيرهم من كافة حقوقهم المعاشية والتقاعدية وملاحقة ذوو المراتب الرفيعة، فكان امام هؤلاء خيارين لا ثالث لهما واحلاهما مر، وهما اما ترك الوطن كرها او البقاء والموت فيه عن طريق الكواتم وغيرها من ادوات تصفية الحسابات، وبذلك اصبح العراق ساحة مفتوحة امام المتطرفين من اتباع وانصار القاعدة وغيرها من المجموعات والميليشيات المسلحة التي نشرت الموت والدمار في ارجاء الوطن.
اما الكارثة الاخرى، او بالاحرى القنبلة الموقوتة التي زرعت في قلب العراق لتنفجر بين لحظة واخرى، التي حلت بالعراق وطنا وشعبا فكانت توزيع المناصب السيادية وغير السيادية في الحكومة العراقية الجديدة على اساس قومي وطائفي، وهذا الامر ادى الى التعامل مع كافة القضايا السياسية والاقتصادية والادارية التي تهم البلد وتمس حاضر ومستقبل الشعب العراقي بمبدأ الاكثرية والاقلية وضياع مفردة المواطنة من القاموس العراقي الجديد، اضافة الى تهميش طوائف معينة وحرمان ابناء الوطن من التنعم بخيرات البلد بصورة متساوية دون تفرقة او تفضيل على اساس الانتماء الديني والقومي والمذهبي، وبذلك انتهى العراق واقعيا واصبح جماعات وطوائف تتصارع على السلطة من اجل المنصب والمال وليس لتعمير الوطن وخدمة الشعب.
كل ما يحدث في العراق الجديد ( اي عراق ما بعد 2003 ) من مآسي ومذابح وتدمير ذاتي سببه النهج الخاطىء المتبع من قبل الحكومات المتعاقبة على الحكم في التعامل مع القضايا المصيرية، فبدلا من احتواء افراد الجيش العراقي السابق وتخصيص راتب تقاعدي يناسب سنوات خدمتهم اقدمت الحكومة على نبذهم وتهميشهم وقطع مصادر رزقهم ( جزء من المليارات التي تنهب بصورة مستمرة كانت تكفي لارضاء كل منتسبي الجيش السابق وتبعدهم من الانخراط في المقاومة المسلحة )، وكذلك الامر مع البعثيين فبدلا من اصدار عفو عام عن جميع البعثيين الذين لم تتلوث اياديهم بالدم العراقي بدأت عمليات الملاحقة والاغتيالات العلنية ومصادرة الاموال ( او بالاحرى نقل الملكية لاشخاص في السلطة ) دون استثناء احد، وبذلك حولت الحكومة جزءا لايستهان به من الشعب العراقي الى معارضة مسلحة بعد فقدان الامل من قبل هؤلاء للعيش في العراق الجديد.
بناء الوطن لن يتم بفوهات البنادق بل بالتحاور وقبول الاخر، واذا كان قادة العراق الجديد يريدون للوطن ان ينهض ويعيش ابنائه باخوة وسلام عليهم عدم تكرار اخطاء الماضي في احتكار السلطة والتفرد بالقرار وتهميش المقابل وتخوين كل معارض وتصفيته، بل بالعكس من ذلك تماما عليهم الاستفادة من الماضي والعمل بمبدأ ( عفا الله عما سلف ) حقنا للدماء اولا، وثانيا لبناء وطن ينعم بخيراته ويعيش تحت رايته الجميع من كافة المكونات والاديان دون تفرقة او تمييز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف سيارتين في بلدة الشهابية جن


.. 11 شهيدا وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف سوق مخيم المغ




.. احتجاجات ضخمة في جورجيا ضد قانون -النفوذ الأجنبي- الذي يسعى


.. بصوت مدوٍّ وضوء قوي.. صاعقة تضرب مدينة شخبوط في إمارة أبوظبي




.. خارج الصندوق | مخاوف من رد إسرائيلي يستهدف مفاعل آراك