الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أتاوة على الزواج في انتظار شباب تونس أم تيئيس من الزواج؟

محمّد نجيب قاسمي

2014 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


أتاوة على الزواج في انتظار شباب تونس أم تيئيس من الزواج؟
أثار فرض معلوم جبائي جديد على المقبلين على الزواج في تونس ،وفق مشروع قانون الميزانية التكميلية لسنة 2014 ،موجة من السّخط والاستهجان على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيام.
ورغم الإحساس الشديد بالمرارة لدى الكثيرين فان الأمر لم يخل من تناقل تعليقات طريفة أثبتت كالعادة نزوع الناس إلى المرح والابتسامة ولو في المواقف الصعبة .
ومن الجلي أن هذا الإجراء وغيره من الإجراءات يأتي في إطار البحث عن موارد للميزانية التكميلية لهذه السنة خاصة وأن هناك عجز كبير في الميزانية الأصلية لم يتم تجاوزه لا بالقروض الخارجية التي أصبحت صعبة المنال ولا بالقرض الداخلي الذي أنجز عبر اكتتاب وطني ناجح..
نعم أصبحت تونس عاجزة عن إيجاد الموارد اللازمة لميزانيتها ..و لا حديث عن التنمية والتشغيل أبرز مطالب الثورة فتلك أصبحت حاليا من الأحلام التي تدغدغ المغفلين .
وما يثير في الأمر أن الحكومة الحالية التي وصفت بحكومة التكنوقراط لم تأت بالجديد المنتظر منها وهو مواجهة الأسباب الحقيقية لغياب الموارد بكل شجاعة ومسؤولية وإنما اتّبعت ما كان يفعله الحكام المستبدون عبر العصور في الرفع في الأسعار و زيادة الضرائب على المواطنين العاديين .فقديما فعل البايات هذا في تونس عندما عوّلوا على الجباية وحدها فكانت ثورة علي بن غذاهم ثم عوّلوا على القروض الخارجية فارتهنت الدوائر الاستعمارية البلاد ثم اكتسحتها ونهبت خيراتها وعرقلت نموها على مدى عقود طويلة .
إنّ الأغلبية الساحقة ممن سيفرض عليهم المعلوم الجبائي للزواج وارتفاع ثمن السجائر والمحروقات وغيرها من الذين بلغوا حدا لا قدرة لهم على تحمله.فكيف نثقل كاهلهم أكثر ؟
أين التنمية وأين التشغيل وأين رفع المقدرة الشرائية للأجراء ؟
كلنا يعرف أن التهريب والتجارة الموازية خرّبا ميزانية الدولة واقتصادها .كلنا يعلم أن الأجراء وحدهم تقريبا هم الذين يدفعون بصفة منتظمة ما عليهم من ضرائب على الدخل أما البقية من أصحاب "الدخول" العالية فيتهرّبون من الدفع ولا أحد يهتم بهم ..
فَلِمَ لا تتولى الحكومة ،بكل شجاعة - وهي غير المتحزبة و لا نيّة لها في الترشح للانتخابات القادمة – مواجهة المشاكل الحقيقية وإلزام المتهرّبين والهاربين والمهرّبين شركاء الارهابين بدفع ما عليهم صاغرين .
جاء في الحكاية عن جحا أنه ذات يوم عند عودته من السوق وجد حمارا له قد تمكن من فكّ قيده واجتاح حقل القمح فطفق جحا يضرب حماره الثاني الذي لم يفك قيده ولم يلحق الضرر بالحقل ضربا مبرحا ولمّا سأله من كان قريبا منه عن سرّ معاقبة الحمار المقيّد وليس الحمار الآخر فرد عليه : لو كان قد فك قيده مثله لفعل أفظع منه.. .فهل تعاملنا حكومتنا المباركة المهدية وكأننا حمار مقيد؟
هل هذه الحكومة تولي اهتماما لعذابات الشعب وهمومه أم تولي اهتماما لأصحاب المصالح الكبيرة ومراكز القوى والنفوذ والدوائر الداعمة لها ؟
هل هذه حكومة تونس بعد" ثورة شعبية" أم حكومتها بعد انقلاب عسكري ؟
يكاد الشك يداخل الكثيرين ....وحدهم البلهاء لا يعرفون أن ما يظهر على السطح مخالف تماما لما يجري في العمق...آن الأوان ليستفيق الحالمون ..فاللعبة انتهت .وقد أدارها الانتهازيون بكل إحكام واقتدار..
وحتّى لا يذهبنّ بنا الحديث بعيدا فإننا بحاجة إلى العودة إلى قضية معلوم الزواج ..وأسجل بكل عجب هذا التساؤل : أين بدا للتكنقراط المبجّلين إقبال شباب تونس على الزواج حتى يحدّوا بقرارهم هذا من هذه الظاهرة الخطيرة؟
إن معظم شباب تونس وصباياه في حالة عنوسة طويلة المدى ولا يبدو أن هناك مؤشرات لحل هذه المعضلة الاجتماعية الخطيرة.فالأرقام تذكر أنّ من هم فوق سن الخامسة والعشرين ولم يتزوجوا بعد يعدّون بمئات الآلاف .وهؤلاء لا عائق أمامهم سوى المال . هذا المال المتأتي من فرص العمل ومن التنمية المفقودة..
تتسع دائرة الأخبار التي تتحدث عن ظاهرة الزواج العرفي في مجتمعنا وغيرها من الظواهر المدمرة كالدعارة يوما بعد آخر .فهل المطلوب التصدي لهذه الظواهر الخطيرة أم تدعيمها وجعل الناس يميلون إليها ويقتنعون بها و يستسلمون إليها؟
لقد تراكمت مصاعب تونس وشعبها رغم إمكانياتها البشرية الهائلة والنوعية .ولا مخرج لها سوى بمجابهة المشاكل الحقيقية وأولها العزوف عن قيمة العمل وعن قيمة الولاء للوطن .فالشعوب كلها تنمّي أوطانها بالعمل الجاد المثمر وليس بالتقاعس حتى أصبح المجتهد مثار سخرية التافهين المتقاعسين. والشعوب كلها موالية لأوطانها لا بمجرد الأناشيد واللغط الكلامي بل ي بأن يؤدي كل فرد واجبه بصفة عملية نحو وطنه وبأشكال متعددة ومتنوعة ..وللحديث بقايا لو كان قومي يعقلون ..
المكناسي 06 جويلية 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت