الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة كردستان اكثر من حلم

درويش محمى

2014 / 7 / 8
القضية الكردية


الحرب الطويلة القاسية التي خاضها الزعيم الكبير والتاريخي مصطفى البارزاني, ضد الحكومات العراقية المتعاقبة لاكثر من خمسة عقود, كانت كفيلة باستقلال كردستان مرات عدة, وربما حتى سقوط بغداد مرات عدة كذلك, لولا التحالف الدولي والإقليمي المعادي لآمال الكرد وطموحاتهم, ومقولة “كردستان مستعمرة دولية” لم يطلقها البروفيسور العالم التركي إسماعيل بشكجي من فراغ في اواخر ثمانينات القرن الماضي. بحماقته, خرق صدام حسين هذه المعادلة عندما قرر احتلال الكويت, وقبل ذلك عندما اقدم على ضرب “شعبه” بالكيماوي, فجاء قرار مجلس الامن الدولي 688 بفرض منطقة حظر الطيران فوق خط العرض 36 والذي صدر في 5 ابريل عام 1991 ليشكل اول ضربة لهذا التحالف اللا مقدس. الضربة الموجعة الاخرى لهذا الحلف الدولي ـ الاقليمي المعادي للكرد, جاءت في سبتمبر عام 2001 باقدام اسامة بن لادن ومنظمته المعروفة بـ”القاعدة” على ضرب مدينة نيويورك, فكان سقوط بغداد عام 2003 من النتائج المباشرة لتلك الهجمات الارهابية, وبالتالي ظهور اقليم كردستان شبه المستقل. السيد نوري المالكي هو الرجل الثالث من دون منازع بعد صدام وابن لادن, الذي يرجع له الفضل في جعل الحلم الكردي اقرب الى الواقع, فقد عمل المالكي خلال الاعوام الثمانية من فترة حكمه على اسقاط العراق من الداخل, من قلب بغداد, فهو فشل في التعامل مع شركاءه من الكرد والسنة, فشلا ذريعا, وبدل اشراكهم في الحكم واحتضانهم حاربهم في السياسة ولقمة العيش, ولم يفلح المالكي في شيء, لا في مكافحة العنف, ولا في مكافحة الفساد, ولا في التقليل من الطائفية, ولا حتى في التقليل من الفارق بين اربيل وبغداد, ففي حين يقال ان اربيل اصبحت تنافس دبي, اصبحت بغداد تشبه كابول. اليوم لا اثر يذكر للحلف الدولي المعادي للكرد, لقد اختفى تماما, كردستان لم تعد مستعمرة دولية, والسيد مسعود البارزاني لم يقلها هباء قبل ايام:”من لم يدعم قرارنا بحق تقرير المصير لا يعني انه يعادينا”. تركيا الدولة الاكثر عداء وكرها للكرد حتى الماضي القريب, هي الاقرب لهم اليوم, الاقتصاد التركي لا تقوم له قائمة من دون اقليم كردستان, وكرد تركيا هم اقرب لدولتهم تركيا من اقليم كردستان, الرخاء والتطور الاقتصادي في المناطق الكردية من تركيا, والسماح بالحقوق الثقافية للكرد ومن ضمنها حق التعلم باللغة الكردية, وترسيخ حق المواطنة, خطوات كفيلة لارضاء ثلثي كرد تركيا, اما الثلث الباقي والمتعاطف مع حزب العمال الكردستاني اللا قومي, فيكفيه الافراج عن السيد عبد الله اوجلان. تركيا في الحقيقة تعرف تماما ان الاعلان عن استقلال كردستان لا يشكل عامل خطر على امنها القومي. أما ايران, والتي من المفترض ان تكون الدولة الثانية الاكثر عداء للكرد, لها كذلك علاقات اقتصادية قوية مع الاقليم الكردي, ثم انها منشغلة كليا بالصراع السني – الشيعي في المنطقة, واقليم كردستان ليس جزءا من هذا الصراع, ولا يشكل تهديدا على امنها القومي, بل يعتبر باعتداله حاجزا عازلا لحدودها من كل تطرف سني, اما مقولة ان قيام دولة كردية في العراق سيكون حافزا لاكراد ايران للمطالبة بالاستقلال, فهو كلام مكرر بعيد عن الواقع, وطهران كذلك حالها حال تركيا, تدرك هذه الحقيقة, فقد استقلت اذربيجان عقب انهيار الاتحاد السوفياتي, ولم يحرك ساكنا الاذريون في ايران, وفي حال انهيار العراق واقدام اكراد العراق على اعلان دولتهم, فهذا لا يعني بالضرورة ان يتحرك اكراد ايران, في هذا السياق, و لا بد من التذكير ان طهران كانت السباقة الى فتح قنصليتين لا قنصلية واحدة في اقليم كردستان. اما دوليا, فالولايات المتحدة الاميركية ومعها الغرب, شغلها الشاغل اليوم البحث عن الاعتدال في المنطقة, والاعتدال في المنطق الاميركي والغربي يعني محاربة الارهاب والتطرف الاسلامي, الذي اصبح هاجسا لا يفارق واضعي السياسة الستراتيجية في الولايات المتحدة والعواصم الغربية, والدولة الكردية المفترضة, بالاضافة الى تركيا واسرائيل, ستشكل رأس الحربة في مواجهة الارهاب الاصولي. من الصعب معرفة نوايا رئيس اقليم كردستان السيد مسعود البارزاني, فالرجل يشهد له التاريخ انه مقاتل شرس في ساحة الحرب, كما يشهد له الحاضر انه سياسي مخضرم. هل البارزاني جاد حقا في الاعلان عن استقلال دولته ؟ هل يستخدم ورقة الاستقلال للتغطية على الحاق المناطق المتنازع عليها بالاقليم؟ في كل الاحوال لا يمكن لاحد تجاهل الوقائع والمتغيرات الدولية والاقليمية التي تختلف كليا عن اواخر ثمانينات القرن الماضي, فكردستان لم تعد مستعمرة دولية, والدولة الكردية هي دولة قائمة اليوم, وكل ما في الامر انه لم يعلن عنها بعد, اما الاعلان عن استقلال دولة كردستان فهي مسألة وقت لا اكثر ولا اقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟