الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وخز الانتماءات بالقوت وناقوس التقسيمات

فياض اوسو

2014 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت الآراء والتحليلات المراقبين والمتابعين للأحداث تتوجه إلى انطلاقة جديدة لجغرافية المنطقة بغض النظر عن اختلاف في التفاصيل والشكليات، من حيث الجهات وتقاطع المصالح وتراكم القضايا العالقة، وتطميرها في اختلافات عقائدية و في وجهات النظر على ايديولوجيات متباينة، كان يمكن تجاوزها لولا التدخلات من كل ما هب ودب، و صبغتها بالحرب الطائفية المتهيئة بفعل الإرث التاريخي للعقلية الشمولية، واستغلال حقوق الافراد والجماعات في مطالبتها بالحياة الحرة الكريمة والعيش الآمن، وهذا ليس استنباطا وتهرولاً، وإنما تماشياً مع الوقائع وحيثيات الموضوع، وعلى ضوء ما يجري من تغيرات متسارعة في المنطقة، انطلاقاً من الأزمة السورية التي وصلت الى حد التفاقم، وانجرار المنطقة برمتها الى حيث لا يدري اهلها عن مدى سوء الحالة، كما خطط ويخطط لها باتفاق مباشر أو التقاء المصالح، في افتعال وتدشين مشاريع كبرى، خارج نطاق بوصلة القائمين على إدارتها والمنفذين لها بحسن نية أو بسوئها.
بات شبه معروف ما يمكن التطرق اليه ومخططات إعادة رسم المنطقة بحسب التحالفات الحالية أو مشابهة بمحض إرادة مدراء الأزمات في شرقنا الكبير، بدءً من جغرافية سوريا ومحيطها، على ضوء ما تتكهن بها مراكز الدراسات التي تتسرب الى الاعلام الغربي وبالأخص الامريكي، الخاصة بشرقنا وفق منظورهم بتقسيمات جغرافية على اسس ايديولوجية طائفية واثنية تفي بغرضهم لتحمل في طياتها من مقاصد للجهات المستهدفة للتلقي، لخلق أرضية ما في تقبل التغير المحتم، فالتغير في استراتيجية الإدارة الامريكية ومجمل دول الغربية في نظرهم للدول الشرق الاوسط منذ بداية الألفية الثانية، وبالتحديد بعد سقوط بغداد من قبضة إجرام الحكم البعثي في العراق، و ارساء موضع قدم لمصالح الدول المتحالفة لمحاربة الإرهاب وتطمير المنبع المتمثل بالأنظمة القائمة في شرقنا وانتاجها للإرهاب لمواجهة نوايا اسقاطها اذا تطلب الامر فارتأت تغييرها.
ولكن بقيت اغلب الدول في المنطقة كما كانت وما زالت تمارس طقوسها في التمسك بمقاليد الحكم في دولهم على اختلاف درجات فسادهم الاداري وصولاً الى مستوى الاستبداد المزمن، على حساب تطلعات الشعب بكافة فئاته، مما اثمرت فجوات في فضاء الوطنية و المواطن بمفهوم السلطة الحاكمة والنظام السياسي المتربع على العرش كحق موروث لا يقبل التغيير والتطوير ويحارب بكافة الوسائل المتاحة لكل البوادر والادبيات من شأنها المساس بحقهم في السلطة، متناسين وظائف الدولة في حماية ورعاية المواطن وتقديم الخدمات، فتتسع الفجوة نتيجة لذلك وتتسرب منها الانعكاسات عفوية غير منتظمة في البداية، لتتكوم وتشكل نواة للتمرد على ما يتعرض له من مظالم والعنف الفكري الموجه له كحالة جديدة على المنطق الموهوم به الحكام في بلدان الشرقية بصورة عامة، فتلجأ الى الفئة التي هو جزء منه كمرجعية للاستقواء بها في مواجهة القمع الممارس ضد فكره وتطلعاته المنبثقة من أحقية حاجاته و مطالبه كبشر وإنسان، يفترض ان يكون له رأي معتبر او على الاقل حق التعبير عنها، كالمعتاد في الدول المتقدمة، فيتضامن المرجع مع الموقف، سواء كان المرجع عشيرة او طائفة او قومية، لتتحول الى حالة متنظمة في مواجهة الانكار، وتشكيل تحالفات على اساسها داخل جغرافية الوطن وخارجه بحسب الحالة وامتداد المرجع الطائفي او العرقي، فتتدخل الانظمة محاولة منها للقضاء عليها عن طريق ادواتها الامنية لخلق الفتن بأشكال متعددة فيما بين المكونات المؤلفة للمجتمع والدولة لتبقى هي كسلطة الاقوى وصاحبة القرار، فهذا الدور السلبي للنظام الحكم في اية دولة و ردات الفعل العكسية للمكونات فيما بينها تنتج شرخا لا يستهان به في توليف صراعات مستدامة واضعافها مجتمعة، بغية عدم قدرتها على التفكير في بناء وتطوير المجتمع ككل بما في ذلك التغير للأنظمة والمؤسسات والادارات الحكومية، وفقا للتطور الطبيعي الحاصل في العالم الخارجي مقارنة بحالتها، فتبنى حالة من التفكك المجتمعي على اساس فئوي، طائفة دينية أو قومية بحسب المرجعية المعتمدة لدى كل فئة من المجتمع، بالإضافة الى القيام النظام الحاكم بمهمتها المعتادة في الاستفراد بالحكم وممارسة القمع دون أدنى اعتبار لأحد لا في الداخل من المكونات على انها مستسلمة لقمعها ولا من المجتمع الدولي والغرب المهدد بالإرهاب المبرمج على الولاء الاعمى للنظام المؤسس له.
لتبقى ساحات الصراع فيما بين الاطر والفئات مفتوحة على كل الاحتمالات مدعمة بخلفية وفق الحلف الاقرب الى وجهة نظرها دون استقرار بتفاوت التعاطي والاستجابة لمشاريع تطرح وتوضع في مصنفات قيد التنفيذ باعتبارها هشة وتفتقر الى مقومات نجاحها لتعتبرها البعض منها موجات للتغيير الديمغرافي للمنطقة، تجب محاربتها، والآخر ينظر اليها كمنفذ ومخرج لجملة قضايا عالقة تستدعي الاسراع في تطبيقها والتطبيل لها اعلاميا والتغني بها في كل المنعطفات كفرصة تاريخية لن تعاد ثانية، دون التحلي بأدنى فكرى عما سيؤول الامور إليه في غد قريب، كي نرصد مصداقية قناعته وصحة تبنيه.
في المحصلة لو نظرنا الى الرسالة المستخلصة من الثورة في سوريا خلال سنواتها الثلاث الماضية، وتجاذبات اقليمية و دولية و حجم التحالفات، تؤكد على ادلة دامغة على سبق الاصرار والتصدي لأصحاب القرارات لارتكاب فشل الثورة، و سوء نوايا في خلق نزاعات طويلة الامد فيما بين الانسجة المكونة للمجتمع في المنطقة برمتها، واعادة الترتيبات وفق ما يلوح في افق مصالحهم، في وسط انعدام التمثيل للإرادة الحقيقية للمكونات المنزهة عن المد والجذب للحلف والمصالح العميقة، لا بل وصل الامر الى شروخ في داخل كل مكون لإعطاء رونق التشويق في المعادلة الشائكة بأنياب تجار الاوطان والاسلحة في مشهد وصولهم على قارب محمل بالحصص في بحر من دماء الابرياء.
فالوطن اصبح سوقا لتبادل صفقات الاسلحة وقاعدة الارهاب والاتهامات، ومحرما على المواطن الدخول اليه، أما المواطنة اصبحت مصطلحا ركيكاً امام رسو المزايدات والمناقصات التي تدار فيما بين الهياكل التنظيمية الموجودة على مدى المنظور للساحة السياسية على ارض سوريا ولبنان والعراق وغيرها من الدول الشرقية المتأثرة بهذه الحالة وبين الاطراف الدولية التي تؤسس لمصالحها ارضية خصبة وبنية مواتية تسقى حتى الآن بدماء ودموع الامهات كضريبة لبراءتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران