الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحيا غزة

حسن خليل

2014 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن فهم الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة بعيدا عن الهيمنة الإمبريالية الشاملة عليها . إسرائيل تقدم خصوصا الجانب العسكري بالإضافة للقواعد و التدخل الإمبريالي المباشر . و تتضمن هذه الهيمنة أيضا العنصر الاقتصادي الذي توفره الاحتكارات خاصة البترولية و مؤسسات التمويل الدولية و العنصر السياسي الذي تقدمه خصوصا الخارجية الأمريكية و الأمم المتحدة و الهيمنة الإعلامية و الثقافية . فمنطقتنا تخضع لكل أشكال الهيمنة التي تعمل مترابطة و تغذي بعضها البعض . و بحكم طبيعتها فالهيمنة تنطوي علي القهر القومي - احتلال فلسطين و الجولان و سيناء منزوعة السيادة و احتلال العراق - و القهر الديني كما يعبر عنه المشروع الصهيوني نفسه لذا فأن مواجهه ناجحة مع إسرائيل غير ممكنة سوي عبر مواجهه هذه الهيمنة الإمبريالية و بقيادة الطبقات صاحبة المصلحة في هذا سواء في فلسطين أو في كل دول المنطقة. كل تحويل لهذه المواجهة لمجرد عمل عسكري أو قومي أو ديني يقصر مداها و يضعفها و يخلق الأوهام التي سرعان ما تتحول لإحباطات

فما هو الجديد بين هذه الحرب علي غزة و ما سبقها من حروب؟ لا يمثل زيادة مدي صواريخ المقاومة أو بناء نظام القبة الحديدية الإسرائيلي تغييرا ملموسا فكل تقدم تكنولوجي يقابله تقدم مضاد و من الجيد أن تحاول المقاومة اللحاق بالتطور الإسرائيلي مستفيدة من حالة الفوضي السائدة في المنطقة . كما لا يمثل أتفاق المصالحة الفلسطينية الهش تغيرا نوعيا فمازالت نفس القوي من الناحية العملية هي المسيطرة سواء في الضفة أو غزة و هي تعبر عن نفس المصالح الطبقية و ما جري في مصر مثلا بشكل تاريخي – تعاقب الإخوان و قوي نظام مبارك – يجري في فلسطين بشكل جغرافي. أن واقع التفكك العربي عقب ثوراتها و أنتفاضتها من العراق إلي ليبيا هو المتغير الأكثر أهمية. و كذلك واقع تقلص النفوذ الإمبريالي الأمريكي عقب الفشل في العراق و صعود قوي جديدة – روسيا و الصين- في سياق الصراع علي النفوذ و المكانة.و لم يمنع أمتداد "الربيع العربي" لفلسطين سوي أحتدام قضية التحرر الوطني سواء في الضفة أو غزة.

ما كشفت عنه ثورات الربيع العربي من تونس لسوريا هو أن قوي النظام القديم سواء الدينية أو شبه الحداثية لازالت هي القوي الوحيدة المنظمة بشكل كافي و تمتلك ما يكفي من الموارد و الدعم كي تتسلم السلطة كي تعبر عن نفس البرجوازية الرثة و رأسمالية المحاسيب في جانبها المدني و الديني مما يعنى غياب قوي شعبية ثورية تتبني مصالح طبقات شعبية أو غياب بديل اجتماعي شعبي . أن واقع فلسطين و الصراع بين فتح و حماس تجسيد لنفس الظاهرة . فالمقاومة الفلسطينية كانت تعني في مرحلتها المبكرة "ثورة" فلسطينية تربط بين التحرر الوطني و التغيير الاجتماعي لصالح الطبقات الشعبية و التحرر ثم انحدرت لمستوي أما التعبير عن القهر القومي الذي لا يري حلا سوي اللعب علي تناقضات الأنظمة أو تعبيرا عن القهر الديني الذي لا يجد حلا سوي "الدولة الإسلامية" في مواجهه القومية اليهودية الدينية التي تشكلها الصهيونية بمعني أخر تلبست الثورة الفلسطينية صورة عدوها ففقدت أهم ما يميزها

و تتسم القضية الفلسطينية بطبيعة خاصة و هي أنها لا يمكن حلها في الإطار الفلسطيني وحده فبدون دول المحيط المساندة لا يمكن تصور حلا لها يحقق مصالح الشعب الفلسطيني . لذا فأن غياب البديل الاجتماعي الشعبي في فلسطين يعمقه و يشدد من أزمته غياب نفس البديل في سوريا و الأردن و مصر.
ثورات الربيع العربي التي تحولت لحروب أهلية من العراق لسوريا لليبيا لليمن و بشكل منخفض الكثافة في مصر كلها مرشحة للاستمرار فلا أطراف النظام قادرة علي تحقيق نصر عسكري حاسم فكلما حققت مكتسبات علي الأرض أصبحت أكثر أنكشافا أمام قوي المعارضة اليمينية التكفيرية علي الأغلب و هذه الأخيرة لا تعدم دعما إقليميا و عالميا يمنعها من السقوط التام. و لا هذا الطرف أو ذاك لديه قدرة علي حشد دعم شعبي يحمله للنصر فهي قوي طبقية معادية للشعب. و هكذا في غزة فلا العدو الصهيوني سيكون قادرا علي سحق و إنهاء حركات المقاومة و لا حركات المقاومة بحكم التفاوت الهائل في القدرات ستكون قادرة علي هزيمة العدو بل أن مجرد بقائها يمثل النصر . حتي الصراع الطويل بين حماس و فتح لن يختفي و ستظل المصالحة هشه أن لم تسقطت تماما بعد نهاية العدوان الإسرائيلي.

و تحول الصيرورة الثورية لصيرورة حرب أهلية بين قوي معادية للثورة من حيث الأساس يخلق أصعب العقبات أمام بناء بديل شعبي يتجاوز الواقع القائم . من الصحيح أنه يوضح بلا مذيد عليه أن كلا طرفي الصراع معادي في الجوهر لمصالح الشعوب لكنه من ناحية يخلق حالة من الاستقطاب الحاد كما أنه يفكك البني الاجتماعية التي يمكنها أن تفرز مثل هذا البديل. فأن كنت في المعارضة في مصر ستوصم بأنك إخوان و في العراق بالإنتماء لداعش و أن أعترضت علي حماس ستصبح فتحاوي الخ الخ .
ملمح أخر بارز لصيرورة الحرب الأهلية هو عودة قضية الشرق أو قضية "الوطن العربي" للواجهه بعد الانكفاء القطري لعقود . فمصير سوريا و العراق و مصر و فلسطين و ليبيا و السودان أصبح مترابطا و لا يمكن غض البصر عن ترابط تحركات قوي اليمين الديني الظلامية و اعتداءات إسرائيل أصبح أمام القوي التقدمية مهمة جديدة أن تعيد صياغة التضامن العربي في عالم جديد يتجاوز القومية العربية الناصرية و يبني علي أفضل ما فيها.

ما تطرحه علينا غزة هو إذن الحاجة الماسة لبلورة برنامج تقدمي حداثي علماني جديد يستند لمصالح الطبقات الشعبية في كل بلاد المنطقة و في كل بلد علي حده . و هنا فأن القوي التقدمية في مصر بالذات يقع عليها العبئ الأكبر ليس لدور "ريادي" مصري ما بل لأن في مصر تتمثل الكتلة الأكبر المتماسكة من الطبقات الشعبية التي يمكنها أن تقدم نموذجا لتجاوز أطراف الحروب الأهلية و لحل القضية الفلسطينية عبر تجاوز فتح و حماس معا
تحيا غزة
حسن خليل
14 يوليو 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بلا شك انت تمزح !!
سمير بولس ( 2014 / 7 / 15 - 02:37 )
عزيزي الحل الوحيد للقوى العلمانية اليسارية التي تتحدث عنها يكمن في الخلاص من الارهاب الذي تمثله حماس والاخوان في مصر
فكّر قبل ان تكتب شيئاً

اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة