الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المسالة الكردية

جهاد الرنتيسي

2014 / 7 / 20
القضية الكردية


قد تكون العودة الى اصول المسالة الكردية، المستعصية على الحل، مخرجا من الجدل العقيم، الذي تساهم في تحديد وجهته وخلاصاته، مصالح وتناقضات وازمات اقليمية، ولا يفضي لغير متاهات، تغطي على عذابات، واحد من اقدم واعرق شعوب المنطقة.

الواضح من خلال طريقة التعاطي، مع قرار التصويت، على تقرير مصير الكردستان العراقي، ان اعادة انتاج العقم، عملية تكاد ان تكون مبرمجة، تديرها ماكنة اعلامية ضخمة، وذهنيات اعتاد اصحابها، على رؤية نمطية للكرد، اطارها العريض، امكانية تهميش اقليات، من عرقية واحدة، تتوزع على عدد من دول المنطقة، وحرمانها من حقوقها القومية، في ظل تقاطعات، مع حسابات دولية، مشكوك في نزاهتها، ومراعاتها لحقوق انسان العالم الثالث.

مواقف العواصم، المفترض انها معنية، اكثر من غيرها، بتبعات الازمة الكردية، تكشف عن بعض عمق الخلل، الذي يجري البناء عليه، دون ادراك خطورة تفاعلاته، التي تظهر في خدوش، قشرة الاستقرار الاقليمي الهش.

فمن ناحيتها، تبني طهران موقفها، الرافض لاستقلال الاقليم الكردي، على ارضية حساباتها الاقليمية، في العراق والمنطقة، وخشيتها من تنامي الطموحات القومية، للكرد الايرانيين، لتكون راس الحربة، في منع الكرد، من الحصول على حقوق، تنص عليها الشرائع الدولية.

على الجانب الآخر، تبدو الحكومة التركية، اكثر مرونة من النظام الايراني، في تعاطيها مع ملف الاقليم، رغم تاريخ طويل من مواجهات، استهدفت طمس هوية الكرد وتتريكهم.

تظهر المرونة التركية في الانفتاح الاقتصادي والسياسي على حكومة الكردستان العراقي، والابقاء على قنوات اتصال مع الكرد السوريين، والسعي الى تسويات مع كرد تركيا، دون ان يخلو الامر من حذر، يكشفه الابقاء على بعض الغموض، حول جوهر الموقف، من تقرير مصير كرد العراق، وشكل التسوية النهائية المحتملة مع الكرد الاتراك، ونزوع الكرد السوريين نحو تقرير المصير.

يعود هذا الحذر، الى جملة من المعطيات، بينها تزايد احتمالات استقلال كرد العراق والمتغيرات الاقليمية التي يمكن ان تتلو مثل هذا التطور، والازمات الداخلية التي يواجهها الحزب الحاكم في تركيا ويتطلب تجاوزها القيام ببعض التسويات، وهلامية مآلات تحركات الكرد السوريين المرتبطة بسيناريوهات حل الازمة السورية.

النظرة الاسرائيلية، لتطورات ملف الكردستان العراقي، ترتبط برؤية استراتيجية، مبنية على توتير اوضاع المنطقة، وتقسيمها بالشكل الذي يضفي المزيد، من التنويعات العرقية والطائفية، على الكيانات السياسية، ويسهل اجتياز العقبات، التي تعترض توسيع اختراقات، حققها الجانب الاسرائيلي، خلال العقود التي اعقبت توقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر، والاتفاقات التي تلتها بعد مؤتمر مدريد.

الاصطفافات العراقية، حول ازمة الاقليم الكردي، تتباين بين مناهضة حكومة نوري المالكي لتوجه الاستفتاء على تقرير المصير وسياسة غض الطرف التي تتبعها الاطراف العربية السنية الاقرب الى التحالف مع الكرد في الصراع مع حكومة المالكي، وتخضع هذه التباينات، بالدرجة الاولى، لمعادلات الصراع الداخلي، على النفوذ والثروة، وتراكمات ارث من محاولات اخضاع الكرد، للدولة المركزية.

جدل النخب العربية، حول تقرير مصير الكردستان العراقي، والاشكال التنظيمية التي ظهرت في مناطق الكرد السوريين، لا يخرج في معظمه، عن دائرة المعالجة السطحية، التي تتبعها العواصم، ذات التعامل المباشر، مع تطورات المسألة الكردية.

ففي هذا الجدل، يجري التقليل من اهمية انتماء الكرد لقومية اخرى، وما يترتب على هذه الحقيقة من حقوق، ونضال الكرد بكل الوسائل، للحصول على حقوقهم، وتاريخية علاقتهم بالمناطق التي يقيمون فيها.

في كثير من الاحيان، يتم اعطاء مصادرة الحقوق الكردية، بعدا وطنيا، بالإشارة الى ضرورة الابقاء على وحدة الكيانات السياسية التي يتواجد فيها الكرد، او موقف اسرائيل المؤيد لاستقلال الكردستان العراقي، دون التوقف عند متغيرات اقليمية، لم يعد تجاهلها ممكنا، مثل تراجع احتمالات احتفاظ العراق وسوريا بمركزية الدولة، وتزايد مؤشرات توسيع قنوات العلاقة بين اسرائيل ودول مؤثرة في المنطقة، علاوة على وجود ثلاث معاهدات سلام بين اسرائيل ودول عربية، وعلاقات تعاون مع دول اخرى.

كما تضعف حجج النخب العربية، في التنكر للحق الكردي، الموقف العربي من القضية الفلسطينية، لا سيما وان هناك اوجه شبه عديدة بين القضيتين، بينها ان الكرد والفلسطينيين، كانوا على الدوام ضحايا لمعادلات دولية واقليمية، حرمتهم من الحصول على حق تقرير المصير.

فلم يفصل وعد بلفور الذي اسس بشكل او بآخر لإلغاء بواكير الكيانية السياسية الفلسطينية، عن تقلبات معاهدة سيفر واتفاقية لوزان التي اجهزت على مشروع الدولة الكردية في القرن الماضي، سوى بضع سنوات لا تتجاوز الست، واستطاع الكرد والفلسطينيون، الصمود في مواجهة حروب الالغاء، والبقاء على الخارطة الاقليمية.

التطور المفترض ان يكون طبيعيا، لمسار احداث المنطقة والعالم ـ المرتبط بملابسات المسالة الكردية منذ ولادتها ـ يفضي الى ان ظهور معطيات اقليمية، وحاجات دولية، لرسم خرائط جديدة في المنطقة، تساعد على تحقيق الحلم الكردي، لا يبرر اظهار العداء، لحق الكرد، في تقرير مصيرهم، ووضع العصي في دواليب نضالهم المشروع، بقدر ما يفرض، التعامل بذهنية جديدة، وتوسيع المشتركات، بين الكيانات السياسية العربية والدولة الكردية الوليدة، في حال ولادتها.

المنعطف الذي تعبره المسألة الكردية، مع توجه حكومة الكردستان العراقي الى الاستفتاء، ومعطيات التحولات الاقليمية المصاحبة له، تتطلب مقاربات عربية، متحررة من ارث الاخضاع بالقوة، والهيمنة، والتهميش، ومصادرة الحقوق، وفهماً عربياً مختلفاً لمستقبل العلاقة، يقوم على ارضية التخلص من اشباح الماضي، وفتح افاق اوسع للحوار والتعايش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين


.. رياض أطفال بمبادرات شخصية بمدينة رفح تسعى لإنقاذ صغار النازح




.. مندوب السعودية بمجلس الأمن: حصول فلسطين على عضوية كاملة في ا


.. فيتو أمريكي يسقط مشروع قرارا بمجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية




.. السلطات الإسرائيلية تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجن