الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و إنتهى صوم عام 1435ه!

عزيز الخزرجي

2014 / 7 / 21
الادب والفن


و إنتهى صومَ عام 1435هـ ...!

كم منّا صامَ خالصاً لله في هذا آلشّهر؟
كم منّا تعلّم آلدّرس ألألهيّ ألأسـاسيّ؟
كم منّا عُتِقَتْ فيه رقبته من آلنّار؟
كم منّا خرج منهُ راضياً مرضيّاً مُطمئناً مطهّراً لضميره(قلبه) من آلأحقاد و آلضغائن؟
كم منّا سامح آلمُقصّرين بحقّه بسبب بعض المواقف ألعمدية أو ألطارئة .. خصوصاً ألمُقرّبين منه كآلزّوجة و آلزّوج و آلأبناء و آلأصدقاء ؟
كم منّا إطمئَنّ لـقبول أعماله من قبل الباري خالصةً لوجه؟

أسئلة مصيريّة تتعلّق بصلب عمليّة آلصّوم و فلسفتهِ ونحن نقترب لنهايته التي لم يبق منها سوى أيّأم .. و قد لا يلتفت لأهمّيتها آلكثير من آلصّائمين ألّذين تحمّلوا آلجّوع و آلعطش و آلمواظبة لأكمال عدّته من دون إرتكاب ألمعاصيّ ألظّاهريّة و آلباطنيّة!؟

بلْ لعلّ آلكثير منّا لم يسأل نفسهُ حتّى .. لماذا صامَ أساساً؟
هل هو لأجل الأمتناع عن ألطّعام و آلشّراب و آلمُحرمـات؟
ثم لماذا و كيف و إلى متى علينا آلأبتـعاد عن المُحرّمـات؟
و هل الصّوم تكريسٌ للعبادة خصوصاً في ليالي ألقـــدر!؟
و أسئلةٌ عديدة أخرى تطرح نفسها ضمن هذا السّــياق!؟

ألبعض يعتقد بأنّ آلصّوم ينحصر لأجل إحْساسنا بحال و جوع ألفقراء لمسـاعدتهم!
و آلبعض آلآخر يعتبرهُ واجباً تكليفيّاً كآلصّلاة و آلعبادات ألأخرى, يجب الأتيان به!

لكن حقيقة أمر الصّوم بحسب نصّ القرآن و آلحديث و سيرة العرفاء ليستْ كلّ ذلك و كما يعتقد بها طبقة الفقهاء التقليديون و كما بيّنوها في (الرسالة العملية الشخصية)!
بل فلسفة الصّوم تنحصر يقيناً في بناء ألذّات(ألضّمير) ألّذي بدونه لا وجود و لا حقيقة للأنسان أصلاً .. بل يبقى مجرّد جسماً (بدناً) يتحرّك .. يأكل و يشرب و يمتنع أو ينام و يتناسل وربما لا يكذب ولا يستغيب منْ دون آلأنتباه إلى حال ألضّمير و آلمعنى و آلعياذ بآلله و كما هو حال معظم آلشّعوب ألأسلاميّة!

فآلضّمير وحدهُ هو آلكفيل ألوحيد ألذي يُحصّن أبناء ألمجتمع و يُوحدهم بعد ما يجعلنا – أيّ الصّوم ألمعنوي و بناء الذّات - نحسّ بجوع ألفقراء و آلأرحام و حاجات النّاس, و بآلتّالي مشاركتهم و آلتّعاون معهم في محنهم و جوعهم و عطشهم أو أفراحهم و مسرّاتهم ..

لا آلجوع و لا آلعطش و لا آلصّوم الماديّ و لا حتّى آلمعنوي ألمحدود مهما حاولنا آلأتْيان به؛ بقادرٍ على أنْ يُحقق آلتّقوى ألتي أرادها الله و أولياءهُ بداخلنا لإستشعار و إحساس جوع آلفقراء في وجودنا و آلتواصل مع الأرحام و آلأصدقاء ألّذين إنقطعواعنا .. ما لمْ نُركّز على بناء ألضّمير و آلذّات بتجرّدنا من آلأنا و آلشّهوات و آلملّذات و آلطلب و آلتّسلط على آلآخرين!

هذا هو خلاصة فلسفة آلصّوم ألمُنحصرة بـ (آلتّقوى) في رسالة آلأسلام و بحسب تعبير ألباري عزّ وجلّ الذي قال:
[...كُتب عليكم آلصّيام كما كُتبَ على الّذينَ مِنْ قبلكم لعلّكم تتّقون](ألبقرة/183).

و آلمُلاحظ أنّه حتّى لو تحقّق (ألأستشعار بجوع آلفقراء و حاجة آلأرحام في وجود ألكثيرين)؛ فإنّه لا يتعدى أكثر من شهر رمضان فقط, و سُرعان ما يعود صاحبه كبقيّة آلنّاس إلى ما كان عليه من قبل .. لعدم تحقّق فلسفة الصّوم في وجوده عبر إستنهاض آلضّمير في بحسب توجيهات و رضا ألباري طبقاً لأحكام ألقرآن و أحاديث ألرّسول(ص) و الأئمة (ع) و سيرة ألصّالحين من آلمفكرّين خصوصاً زعيم الأمة الأسلامية الأمام الخامنئي الذي يريد إحياء الأسلام عملياً على أرض الواقع بعيداً عن زخارف القول و زيادة آلتراكم التأريخي التي إعتاد عليه التقليدون ألذين يريدون إبقاء ألأمة على حالة الأستحمار سهواً أو عمداً.

و لذلك لم أستغرب كثيرأً ليلة أمس حين لاحظتُ برنامج ليلة ألقدر على شاشة قناة (سلام) ألعار و آلشّنار ألفضائية "ألشّيعيّة" ألّتي تبثُّ برامجها من أمريكا بإدارة رئيسها آلمخبول و هو يقول: [علينا أن نتوسل هذه الليلة فقط بتوسيط صاحب الزمان(عج) ليغفر الله لنا جميع ذنوبنا الماضية و هذه هي الفرصة الوحيدة, على أمل إحيائها في السّنة القادمة لكي يغفر ذنوبنا الكثيرة مرّة أخرى, و هذا هو فلسفة إحياء و أداء حقّ الصّوم و ليلة القدر في نظر من يدعيّ موالاته لأهل البيت(ع)!؟

و لا يقتصر التخلف العلمي و فهم أحكام الأسلام و فلسفة العبادة على هؤلاء العملاء المأجورين, بل إن الكثير من الطوائف و المذاهب الأخرى, قد إبتدعوا أدعية و صلوات لم يأمر بها القرآن و لا حتى الرسول(ص), بل هي بدع إبتدعها طلاب الرئاسة و الملك و كما هو حال الوهابيين و شيوخهم و من والهم!

و لعلّ بعض النّاس و كلّ (ألعلماء) ألتقليديّون في المدرستين يتصوّرون بأنّ آلصّيام بتلك المواصفات و إحياء ليلة القدر تُحقّق غفران ما تقدّم من آلذّنوب, و هذا غير صحيح, لأنّ آلمغفرة ألألهية ستكون فرضاً إستحقاقياً على الله تعالى و هذه ليست رحمةً و تكرّماً و بعيدة كل البعد عن معرفة الله الحقيقية!

و آلبعض و بحسب ملاحظاتي أراهُ يتحذّر من إرتكاب ألمحارم في هذا آلشّهر كآلكذب و آلغيبة و آلسّرقة و آلنّظر للمحرمات خوفاً من بُطلان صومه, و كأنّ محارم الله و حدوده واجبة ألصّيانة في هذا آلشّهر فقط!

هناك فريق آخر يتقدّم على جميع ألأمثلة ألسّابقة .. يعتقدون بأنّ آلصّوم هو للقضاء على آلأهواء و آلشّهوات, و هؤلاء و إن تقدّموا بفكرهم قليلاً عن غيرهم ممّن ذكرنا؛ إلّا أنّهم نسوا أيضاً بأنّ آلميلَ للخطيئةِ لا ينبعثُ أساساً منَ آلجّسد(ألبدن) ألماديّ .. بل هو ميل نفسيّ بآلأساس ينبعث من القلب .. و يُحرّك آلجّسد و يُرغّبهُ للقيام بآلأعمال خيراً كانَ أو شراً!

فآلنّفس هي آلمحرّكة ألمُصنّعة .. و آلبدن هو المُجسد ألمُطيع و المُنفّذ ألأمين للأعمال و آلمواقف العمليّة و آلسّلوكيّة في حياة الأنسان بلا إختيار, و لولا إنطباعات النّفس و من ورائها القلب و إنعكاساتها لما كان للجّسد أيّ أثر أو فاعليّة أو حركة, و سيكون بمثابة قطعة لحم مكونة من آلأعصاب و آلعروق و آلّلحم و آلدّم و آلعظم, و حتّى هذه آلمكونات ألماديّة بعينها تتفسخ بعد فترة قصيرة و تكون مبعثاً للرّوائح ألمُزعجة بسبب ألطبيعة ألبدنيّة ألنتنة التي تُرافق آلجسد بعد إنفصالهِ عن آلرّوح!

نستنتج من هذا آلبحث المُكثّف؛ أنّه ليس كلّ صومٍ مقبولٍ عند الله تعالى إنْ لمْ يكُنْ هدف آلصّائم ألأساسيّ فيه هو تحقّق ألورع عن محارم الله في وجوده, أي في(قلبه) لبناء الأنسان داخلياً, و هذا الأمر لا يَتَحقّق إلا بتنقية ألضّمير و شحنه بآلمعرفة و آلأتصّال ألواعي ألدائم بآلله حتى خارج شهر رمضان .. بعد تهذيب النّفس و خضوعها للشّرع للسّيطرة على جوارح ألجسم و بآلتّالي إنعكاسات ذلك على كلّ ألبرامج و آلمشاريع و آلمواقف ألآنيّة و المستقبليّة وعلى كلّ صعيد؛ السياسي و الأقتصادي و العسكري و العلمي و التربوي و الأخلاقي و غيرها!

فصيام ألنّفس .. هو آلصّوم الحقيقي ألباطنيّ و هو آلمطلوب ألألهيّ .. و صيام ألجّسد هو آلصّوم ألظاهريّ ألسّطحيّ!

و لا تصوم ألنّفس ما لمْ يصوم ألقلب عن آلفكر في آلآثام – مُجرّد ألفكر - و هو أفضل و أنفع من صيام ألبطن عن لذّات ألدُّنيا و آلطعام ألذي يختصّ بصوم (آلعوام)!

و هناك صيام آخر لا يتحقّق معالمه و أبعاده إلّا في وجود أولياء الله فقط و يُسمّى بصوم (خواصّ ألخواصّ) و قد أورده ألفيض ألكاشاني في (محجّته ألبيضاء), حيث يفوق مستواه و ثوابه حتّى صوم آلقلب الذي قلنا بأنه يختص بصوم (ألخواصّ) و قد تحدثنا عنه فيما مضى و قلنا بأنّه يتعدى صوم (ألعوام) ألذين يحدّدونهُ بآلأمتناع عن آلأكل و آلشّرب و آلغيبة و آلكذب, أيّ يكون صوم (خواص الخواص) خالصاً لله بشرطها و شروطها و إمتداداتها, هذا بحسب ألحديث ألمنقول عن ألمعصوم(ع) في محجّة الأمام الكاشاني(قدس) في ألجزء الأول على ما أتذكّر و آلذي يقول:
[ألصّوم ثلاثة أنواع؛ صوم ألعوام و صوم ألخواص و صوم خواصّ ألخواصّ].
و لا حول و لا قوّة إلا بآلله العلي العظيم!

عزيز الخزرجي
https://www.facebook.com/almontada.alfikre?ref=tn_tnmn
في الثالث و العشرين من شهر رمضان لعام 1435هـ.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في