الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسطورة الإنسان الأخير .. مشاهداتى لفيلم نوح

أحمد الليثى

2014 / 7 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثار احتمال عرض فيلم نوح حفيظة الازهر الشريف, لأنه يعترض على التمثل بالانبياء ويعتبره بدعة من البدع, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة فهى فى النار, ولكن اى ما كانت الاعتراضات التى قوبل بها الفيلم, فإن الازهر لن يستطيع مهما فعل, ومهما بلغت سطوته ان يمنع هذا الحق عن الناس, حق مشاهدة الفيلم, وكان اقصى ما استطاع ان يفعله ان يوقف عرض الفيلم فى الدور المصرية, ولسوء حظ الازهر الشريف, فإن ذلك المنع لم يمنع الكثيرين من مشاهدة الفيلم.

سأتناول بقليل من التحليل, والاعتراف مقدماً بأنه تحليل قاصر, قصة الفيلم التى كتبها ارى هاندل بالمشاركة مع مخرج الفيلم دارين ارفونوسكى, وهى بداية قصة غير اسلامية, اى انها لم تأت على غرار ما نعرفه من قصة النبى نوح فى القصص القرانى, وليست أيضاً قصص العهدين القديم والجديد.

وسأتعامل مع قصة الفيلم على انها قصة, لا شأن لنا بصحتها او عدم صحتها, وعلى ذلك فإن تناول الشخصية الاساسية فى الفيلم بالعرض والنقد والتحليل لا يلزمنا بنقد شخص النبى نوح الحقيقى, ولا شأن لنا أيضاً بوجوده تاريخياً ام عدم وجود, لان جوانب نقد الشخصية سوف تنحى بنا الى ادعاء النقص فى الشخصية الاساسية محور الفيلم.

بداية وكغيره من الانبياء, نُذر نوح لمهمة بعينها, او هذا ما اعتقده, نُذر لأن يكون نبياً أميناً, والمهمة بإختصار -غير مخل- ان انتشار الفساد فى الارض كانت المسؤولية الاولى للانسان, بداية من الخطيئة الاصلية لادم, ومروراً بقتل قابيل لاخيه هابيل, الى الوصول لاستشراء الفساد فى الارض, ولكى يخلص الله الارض من افعال الانسان القبيحة, والغير مسؤولة, قرر ان يكون نوح منذوراً لكى ينهى سلالة الانسان, وفى عدة رؤى, يرى فيها نوح انواع الكائنات جميعاً غارقين فى فيضان عظيم,ومع استجلاء بصيرته, فطن نوح الى ان هناك فيضان عظيم سيحدث فى الارض, لن ينجو منه الا عائلته وازواج الحيوانات جميعاً, وغير هؤلاء من غير المقدر لهم ان يحيوا بعد الفيضان.

ومن الطبيعى ان يفكر نوح فى وسيلة لإنقاذ نفسه وعائلته, والكائنات الاخرى, وكما هو معروف, قرر ان يصنع سفينة تستوعب كل هذا العدد من الكائنات الحية, وبالطبع كان الفيلم أكثر واقعية من بعض القصص الدينية, او وللإنصاف أكثر تحديداً ,فتدخل كاتب القصة لان يخلق كائنات عملاقة تساعد نوح على بناء السفينة, فكانوا ما سُموا بالمراقبين, ولم نعلم عنهم فى القصص الدينية, وبالاخص القرانية شيئاً, وتم بناء السفينة كما اراد نوح, وجاءت الكائنات تسعى من اقاصى الارض الى اقصاها, مستقرة فى السفينة, ولما لم يكن من اوامر الله لنوح – او هكذا اعتقد – انقاذ البشر, رغم وجودهم, فلم يكن من المصرح به صعود البشر الى السفينة, وكانت الرسالة مقتصرة على ان البشر كلهم سيفنون, فى الفيضان العظيم, وان عائلة نوح سوف تفنى نتيجة عدم التكاثر, بعد انتهاء الفيضان, اذ لم يوجد غير انثى عاقر على سطح السفينة, وهى زوجة سام ابن نوح.

بدأ المطر فى الهطول, واغرقت المياه الارض, وامن نوح وعائلته فى السفينة, ولم يواجه نوح بعد ذلك الا مشكلة والتى سوف تغير مستقبل الانسان للمرة الثانية, بعد خطيئة أدم, وقد قوضت حلم نوح الذى تعب لاجله سنوات حتى يتم بناء السفينة, وينقذ الكائنات الحية, تنفيذاً لأمر الاله, والمشكلة هى ان زوجة ابنه سام, والتى اشرنا سابقاً الى انها زوجة عاقر, قد حدثت لها المعجزة, فحملت بطنها بطفل, ولان ذلك يتعارض مع الاشارات الربانية التى اعطاها الله لنوح, فرأى نوح ان الطفل الوليد يجب ان يُقتل, وخاصة اذا كانت طفلة, وبالفعل فإن السا زوجة سام لم تلد طفلة واحدة, بل طفلتين, ربما فى اشارة ربانية ايضاً لم يفهم نوح مغزاها الى وجوبية استمرار سلالة الانسان, وفى مشهد بليغ حاول نوح قتل الطفلتين وهن على يدى امهم, ولكنه لم يستطع, فنظر نوح الى السماء قائلاً لا استطيع, فى محاولة منه الى طلب المغفرة من الاله.

لم يحاول نوح ولو مرة فى أن يفكر فى تغيير خطته, فى أنه يمكن أن يكون قد فهم رسالة الاله بشكل خاطىء, ونتيجة لهذا فإنه ولاخر لحظة, لم يتورع أن يقتل طفلتين لإنه ظن أن هذه هى أوامر الاله, وبصراحة أكبر فإن شخصية نوح فى الفيلم, هى شخصية أقرب ما يكون إلى التجبر والصلف, لا إلى الرحمة والمغفرة, وكل ذلك بإسم الاله.

لم يفكر نوح مرة فى أن رسالة الاله من خلق الطفلتين يمكن أن تكون رغبة فى إستمرار جنس الإنسان, لم يفكر أنها يمكن أن تكون إشارة على أن وجود الإنسان فى الارض هو ما كان يريده الله.

وفى الحقيقة فأن شخصية نوح المتجبرة بإسم الرب ما كان يمكن لها أن تفكر كذلك أبداً, إذ كان لابد له من رؤية تناقض رؤيته السابقة, لأن هذا هو الطريق الوحيد للتواصل مع الاله, وبغيره لا يتم التواصل.

وبشكل عام فإن الفيلم لم يحقق المتعة من مشاهدته, لا من ناحية الاخراج او التأليف او حتى المؤثرات البصرية, ولولا وجود أسماء كبيرة كراسل كرو وجينيفر كونلى, بالاضافة الى إيما واتسون فلم يكن الفيلم ليحقق نجاحاً على الإطلاق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش