الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغز التمسك بالأسد.. جرائم العلويين والشيعة و-انتخابات الإرهاب- (الحلقة الثامنة والأخيرة)

بلول عماد

2014 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


دأب "حزب الله" على وصف علاقته مع طهران بأنها "صداقة وتنسيق وتشاور"، مميزاً بين طبيعة هذه العلاقة مع نظام الدولة الإيرانية ومؤسساتها من جهة، ومقام "الولي الفقيه- القائد" من جهة أخرى، لكن حرصه وتمييزه العلني هذا لم ولن ينفع بعد طغيان الخطاب المذهبي- الطائفي على ضوء مأساة سورية، وبلوغ الاختلاف المؤسس عليها حده الأعظم. الشعوب "من طنجة إلى جاكرتا" باتت تنظر إلى "الحزب" من زاوية ارتباطه الروحي والفكري "بولاية الفقيه" فقط لا من زاوية ماضيه المقاوم ضد الصهاينة، لاسيما بعد تغييب فلسطين من التداول التقليدي سياسياً وإعلامياً، وتغليب الحضور المطلق لما اصطلح عليه "معركة الأمة". محور "الممانعة والمقاومة" -كما يسمي نفسه- يعتبر المعركة تلك امتداداً لجولات سابقة ضد مؤامرة "صهيو- أمريكية" بغطاء بعض أنظمة عربية وخليجية، والمحور "العربي والخليجي" يخوض المعركة ضد مؤامرة إيرانية (فارسية) بغطاء مذهبي "شيعي- علوي" متفق سراً مع "الصهاينة وأمريكا". كل طرف يجيش الأمة ليوم الفتح والنصر المبين، دون أن ينجح حتى الساعة في إيقاف "طواحين المؤامرة" أو حتى الحفاظ على الأمة التي يرفع شعار الدفاع عنها. الاستقطاب العسكراتي للمعركة المصيرية "المجاهدين" ارتبط باللون الواحد، فالسنّي بتفرعاته يناصر السنّي، والشيعي بتفرعاته يناصر الشيعي، وكلا الطرفين يؤبن ضحاياه تحت "العنوان الجهادي". تجدر الإشارة هنا إلى تمايزات جوهرية بين الطرفين حيث: لا يمكن المساواة بين "جهاد حزب الله" وبين "جهاد النصرة وداعش وملحقاتهم الإرهابية" من حيث اعتماد الأخيرين على قطع الرؤوس، تدمير الكنائس وإحراقها، إبادة والتهديد بإبادة كل من يخالفهم الرأي والمعتقد حتى لو كان من "السنّة". بالمقابل: لا يمكن تجاهل دور (طقوس ممارسة المعتقد) أو (وقائع تحدث على هامش المعركة) في تغذية التحريض المذهبي من طرف ضد آخر لاسيما إن تم استثمار مفاعيلها في هذا السياق. نأخذ مثلاً حادثة "رفع راية الحسين في مدينة القصير بمحافظة حمص" عقب مواجهة طاحنة انتهت بسيطرة الجيش السوري و"حزب الله" على المدينة /يونيو 2013، حيث تم طرح الخبر وتقديمه على أن (الراية رفعها "مقاتلو الحزب" فوق مسجد الخليفة عمر بن الخطاب، و"الحزب" يعلن القصير مدينة شيعية)، وإلى ما هنالك من "حشو غرائزي"، في حين أن أساس القضية كان (قيام مجموعة شباب -مواطنين سوريين شيعة- من القصير برفع الراية فوق أحد مساجدهم "مسجد الحسن المجتبى")، كما كان كشف أمين عام الحزب حسن نصرالله في خطاب "يوم الجريح المقاوم" بعد الواقعة بأيام، موضحاً أن معطيات بعض الفضائيات الخليجية كـ"الجزيرة والعربية" وبعض المواقع الإخبارية كاذبة وليس في القضية ما يستدعي كل هذا التحريض المذهبي بغض النظر "إن كان ما فعله أولئك الشباب، صح أم خطأ"، -على حد قوله-.
بناء على التفاصيل السابقة ومثيلاتها، تم استثمار "شيعية الحزب" لتأكيد طائفيته ضد أهل السنّة والجماعة، وتكريس تابعيته لإيران كأداة عسكرية، فكيف يقيّم "حزب الله" علاقته مع طهران؟ أقتبس مقتطفات من برنامج وثائقي تقدم جواباً موجزاً شاملاً برؤية "الحزب". -البرنامج حمل عنوان "أحزاب لبنان" تحدث في الأجزاء المخصصة لـ"حزب الله"، الأمين العام حسن نصرالله ونائبه نعيم القاسم إضافة إلى شخصيات حزبية أخرى-. 1- جاء في مادة البرنامج النصية: (شكل الإسلام والنصوص القرآنية المنطلق الأساسي لفكر ومبادئ الحزب، لكن المفصل الأهم كان التزام المؤسسين وتقيدهم المطلق بمبدأ الإيمان بولاية الفقيه الولي، ولهذه الولاية عند المسلمين الشيعة مقام مقدس، كونها ولاية الإمام الثاني عشر أي الإمام المهدي المنتظر، لكن المفهوم الذي جرى اتباعه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، باعتبار آية الله الإمام الخميني بمثابة النائب المعين للإمام الثاني عشر أثناء غيبته، حذا بكل الجماعات الإسلامية الشيعية الملتزمة بخط الثورة، ومنها حزب الله اللبناني، إلى التقيد والالتزام بهذا المبدأ التزاماً شديداً ونهائياً، بالرغم من إثارة هذا الموضوع جدلاً فقهياً واسعاً بين كبار العلماء ورجال الدين الشيعة بين مؤيد ومعارض لتلك المسألة.). انتهى الاقتباس الأول. 2- يقول نائب الأمين العام لحزب الله نعيم القاسم خلال استضافته في البرنامج: (إيران شكلت حالة الملهم لحزب الله، لأنها تجربة رائدة في القرن العشرين، ومميزة باسم الإسلام، وأعادت الحياة إلى الشريعة المقدسة، من خلال التطبيق العملي، والذي كان القطب الأساسي بالنسبة لنا في إيران، هو شخصية الولي الفقيه الإمام الخميني "قدس سره"، لأننا نؤمن بالولاية ونعتبر أن قيادته هي القيادة بالنسبة لنا، وجاء تطبيق الدولة الإسلامية في إيران كمفردة من مفردات متابعته ورعايته وأدائه "قدس سره"، نحن رأينا في هذه التجربة الإيرانية تجربة إسلامية مشرقة، لكن بطبيعة الحال تختلف ظروف لبنان عن ظروف إيران، في الكثير من الأمور، إلا أن الفكر والقناعات لا يمكن أن تحد بدولة ولا يمكن أن تكون مختصة بمنطقة دون منطقة أخرى، فالإسلام للعالم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" كما ورد في القرآن الكريم، فعندما يطبق هذا الإسلام في إيران يعطي حيوية، ويعطي تجربة إيجابية، لكن هذا لا يعني أننا نلتزم بالإسلام استناداً إلى وجوده في إيران)، ويضيف القاسم: (نحن استفدنا من إيران كحالة تعبوية، واستفدنا من إيران كدعم لقضايانا وخاصة قضية المقاومة، وهم يجاهرون بدعمها، واستفدنا من إيران كصديق يدعم حقنا في مواجهة الاحتلال، والصعوبات الموجودة في منطقتنا، لكن بطبيعة الحال تجربة حزب الله هي تجربة قائمة بذاتها، بخصوصياتها، وفرادتها، وتشترك مع إيران بالعنوان الإسلامي، لكن تختلف بكل التفاصيل التي لها علاقة بخصوصية كل من البلدين، وتبقى القيادة الواحدة المتمثلة بالولي الفقيه والتي تعتبر الجامع المشترك بيننا). انتهى الاقتباس الثاني. 3- يقول أمين عام الحزب حسن نصرالله في البرنامج ذاته: (".."، نظام الجمهورية الإسلامية، علاقتنا معه هي علاقة صداقة وإخوة وتعاون وتنسيق، ونحن لا نعتبر أن نظام الجمهورية الإسلامية في إيران هو ولي أمر المسلمين، وبالتالي أي حركة إسلامية يجب أن تلتزم بأوامر هذا النظام أو توجيهات هذا النظام، لكن مقام الإمام هو مقام مختلف، نحن ننظر إلى الإمام بمعزل عن النظام، على أنه له هذا الموقع القيادي أو الولايتي -إن صح التعبير- في التصدي لأمور المسلمين المختلفة، وعلى هذا الأساس كنا نتصل بالمسؤولين في الجمهورية الإسلامية، ونتعاون مع المؤسسات في الجمهورية الإسلامية، والنظام في الجمهورية الإسلامية يقدم أشكالاً متنوعة ومختلفة من الدعم، لكن العلاقة مع الإمام الخميني أو لاحقاً..حالياً.. الآن الإمام الخامئني هي علاقة من موقع هذه الرؤية، وهذه النظرة في الحقيقة). انتهى الاقتباس الثالث.
الحديث عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يمكن حصره بوجهة نظر واحدة في المنطقة العربية، فحلفاء إيران -كما يسمون أنفسهم- يرون أنها دولة مقاومة للمشاريع "الصهيو- أمريكية"، وتدعم قضية الشعب الفلسطيني كما تدعم حركات المقاومة حيثما كانت، أما الطرف المعادي لإيران فيرى أنها حليفة إسرائيل وأمريكا بالسر، ومتفقة معهما على السيطرة على ثروات العرب انطلاقاً من أحقاد تاريخية- دينية ضد الإسلام والعروبة، وأنها تتستر بالدين "المذهب الشيعي" لتحقيق غاياتها. لو وضعنا جانباً مقولات الطرفين "الحلفاء والأعداء" وألقينا نظرة سريعة على الواقع، فسنجد أن إيران بعد 35 عاماً من "ثورة الخميني الإسلامية" صاحبة قرار عسكري وسياسي وهي فعلياً مع "إسرائيل وتركيا أبرز قوى المنطقة"، وتملك من الطاقات والإمكانات ما جعلها تفاوض "الدول العظمى" علناً على حق امتلاك برنامج نووي أياً تكن أغراضه. إيران 2014 في "عراق المالكي"، في "يمن الحوثيين"، في "سورية الأسد"، في فلسطين "دعم فصائل المقاومة"، في لبنان "حزب الله"، في الخليج: "ثورة البحرين"، "غضب المنطقة الشرقية" في السعودية، علاقات ود وحسن جوار مع باقي دول مجلس التعاون، وكادت تكون في "مصر الفاطمية" لولا إسقاط نظام محمد مرسي. باختصار: إيران في كل العالم العربي تقريباً وخصم قوي في أية مفاوضات على مصيره.
تفكر إيران وتتصرف بعقلية الأقطاب مثل أمريكا وروسيا والصين..و..الخ، بعد سعي حثيث لحجز مقعد في نادي المعادلات الدولية، وقد وصلت لمبتغاها بدليل إدارتها الماهرة للصراع في سورية والعراق، وحيث لم تواجه مشكلة في تبرير وقوفها مع النظام السوري بناءً على "رواية المقاومة والممانعة"، هي فعلياً أمام مشكلة تكمن في ازدواجية واضحة في تبرير تمسكها بحكومة نوري المالكي العصبوبة الطائفية، المالكي طلب نجدة أمريكا "الشيطان الأكبر" كما تصنفها طهران لمواجهة "المشروع الداعشي"، وطهران لم تغير موقفها منه رغم تناقضه مع "شعاراتها التقليدية وثورتها الإسلامية". التناقض الإيراني هذا يبدو غريباً في ظاهر الأمر، لاسيما أن ما يحدث في العراق يظهر كخطة لقطع أحد أيدي إيران بعد استنزاف وشلل أصاب يدها الأخرى في سورية، لكن الغرابة هذه تصبح بلا قيمة في قراءة العقلية القطبية الإيرانية القائمة على استثمار المتناقضات لتحقيق المصلحة.
أعلنت إيران موقفاً واضحاً من إسرائيل، وترجمت موقفها إلى أفعال، فدعمت أغلب "المقاومات الشيعية والسنية" باعتراف قادة تلك الحركات، بينما الأمة العربية قاطبة قالت وتقول لا أكثر، بل وساهمت بعض دولها "الخليجية" عبر الأراضي والأموال في ضرب أكثر من بلد عربي عسكرياً (العراق وليبيا)، وأيدت العام الماضي (مشروع ضربة عسكرية أمريكية ضد سورية)، كما لم تنجح في خلق مقاومة حقيقية من اللون السنّي توازي أو تقابل المقاومة من اللون الشيعي (حزب الله مثلاً)، وليس خافياً أن أغلب الحركات الأصولية التي اعتمدت على النهج الإقصائي التكفيري هي من اللون السنّي.
استعانت إيران لتحقيق مشروعها بالدين والعقيدة، ووضعت بموجب "ولاية الفقيه" قواعد الصواب والخطأ في شتى مناحي الحياة، فما يقوله "آية الله" لديها هو ما ينبغي أن ينفذ. إيران نجحت في تطويع الإرث الديني ليخدم الغاية السياسية حتى عبر إعلامها الفارسي أو الناطق بالعربية، وحققت بفضل ذلك مكاسب يراها ويشاهدها كل فرد عربي ومسلم على امتداد العالم، في حين فشلت حكومات عربية كثيرة كالخليجية تتغطى بذات الغطاء الإيراني "الدين" في فعل شيء لشعوبها أو لدولها بل كانت "وسائل إعلامها تحريضية دموية". طهران هددت وتهدد على لسان "آيات الله على اختلافهم" بإزالة إسرائيل من الوجود، و"آيات الله أولئك" هم أصحاب القرار الحقيقي. الرئيس حسن روحاني قال في خطاب "يوم القدس العالمي- آب 2013": (كيان العدو الإسرائيلي جرح قديم يجب إزالته من المنطقة ".."، النظام الصهيوني جرح مفتوح منذ سنوات في جسم العالم الإسلامي ويجب تطهيره(. خطاب الإزالة والمحو وربط القضايا المصيرية كالقضية الفلسطينية مثلاً بهذا النوع من الحلول تبنته إيران و"حزب الله" المرتكزان إلى الإسلام الشيعي في إطار الحفاظ على "مقدسات الأمة" من "التهويد" على أيدي الصهاينة، وطبيعي أن حرباً كهذه لا أفق لها طالما جوهر الصراع فيها يقوم على "المقدّس ونقيضه". طهران تحارب تل أبيب "حيث ثقفتها" من أجل القدس "أولى قبلتي المسلمين" الذين -أي المسلمون- مختلفون من 14 قرناً من أحق بخلافة نبي الإسلام "آل البيت أم الصحابة" وعلى ما يبدو لا أفق لاتفاقهما إلا "يوم البعث والحساب" حيث يحكم الله بين الجميع كما تقول أدبيات العقيدة الإسلامية. طهران تحارب تل أبيب ظاهرياً تحت العناوين السابقة، لكن حقيقة صراعهما نفوذ ومصالح استراتيجية، لا تعرف عقائد أو أديان أو حتى "قيامة".
حكام المملكة السعودية يعيشون هاجس "منازعة إيران وتركيا" لهم زعامة العالم السنّي بعد "تقاطع مصلحي" بين طهران وأنقرة على خلفية موقف الرياض من "الإخوان المسلمين"، وبالتالي إفقادهم أبرز نقاط قوتهم بشكل يمثل تهديداً لحكم آل سعود، بعدما استطاعت إيران إحداث فجوة كبيرة في بنية المثلث التقليدي "مصر- السعودية- سورية" الذي كان ضابط إيقاع الأمتين العربية والإسلامية (بموجب توافقات دولية لا اتفاق إرادات حرة)، كما استطاعت إيران السيطرة الفعلية على قرار بغداد ودمشق، وبناء تحالفات خفية مع بعض العواصم الخليجية، وهي مستمرة في التمدد وجذب الشعوب العربية بسبب مواقفها من قضاياهم. الحرب السرية بين السعودية وإيران تحولت إلى حرب علنية في سورية بعد فترة طويلة من استراحة الحرب العراقية- الإيرانية، حيث يستخدم الطرفان كل إمكانياتهما البشرية والمالية والإعلامية وحتى خطابهما الديني والسياسي. صراع الطرفين تتفرج عليه أمريكا والصهاينة والروس كما تفرجوا على غيره سابقاً، لكن الملفت فيه أن إيران لليوم منتصرة على خصمها السعودي حيث يتواجهان. مكاسب إيران إلى ازدياد ومصالحها إلى تعاظم وكذلك مكاسب ومصالح الأمريكان والصهاينة المكتفيين بتدمير سورية وقدراتها العسكرية وإيصالها "لحضيض التقسيم" كما دمروا العراق وجيشه سابقاً ونهبوا نفط ليبيا قريباً مع انتزاع تنازلات من خصمهم الإيراني على المصالح والثروات، والحرب مستمرة حتى التوصل إلى مرحلة تقاسم "حصص المنطقة" بشكل يرضي كل الأطراف لاسيما بعد بزوغ نجم "دولة الخلافة" في العراق.
في سورية أخذ المتصارعون "استراحة محارب" على أساس "اتفاق مؤقت برعاية روسية يضمن تمرير انتخاب الأسد" على أن تشتعل المعركة من جديد بعد ذلك، وهذا ما حدث. الاتفاق غير المعلن لن ولم يهدئ ضجيج الحرب في هذا البلد أو بين الأطراف ككل، فمازال هناك صواريخ "حزب الله" الموجهة إلى إسرائيل كورقة ضغط إيرانية، و"حزب الله" -بغض النظر عن تحالفه أو تبعيته لإيران- ينطلق من نهج سياسي وإعلامي منظم كأنه دولة، لا مجرد حزب ديني مسلح يحيا تحت كنف لبنان. نقرأ من حوار أمين عام الحزب حسن نصرالله مع صحيفة "السفير" اللبنانية في إبريل الماضي: (".." .. لم تكن القضية شخص الرئيس بشّار الأسد فقط، كان الحديث عن النظام كله، المطلوب أن يذهب النظام وبعدها نتحدث، ماذا يعني المطلوب أن يذهب النظام؟ يعني إلى أين يريدون أن يأخذوا سوريا؟ حقيقة ما الذي يريده التركي لسوريا أن تكون؟ القطري والسعودي أين يريد أن تكون سوريا؟ في الحسابات الكبيرة وفي حسابات المنطقة والحسابات الإستراتيجية إلى آخره، "..."، هذه المعركة كلها وهذا التمويل كله، "..." من أجل تغيير موقف سوريا وموقعها) -انتهى الاقتباس-. هنا نعود إلى ما طرحته في "الحلقة الأولى" ليبدو كأنه اتفاق ضمني بين المتحاربين رغم اختلافاتهم الجذرية المعلنة. الأسد وفق قراءة "محور المقاومة" لا يشكل جوهر القضية والجوهر هو موقف سورية وموقعها، في الوقت نفسه يبدو الأسد جوهر القضية لدى "محور أمريكا-الخليج- تركيا" بعد تحويله لمجرم حرب على أساس طائفي- مذهبي تتبناه روسيا- إيران- "حزب الله". "سورية المقاومة" انتصرت لكنها في نفس الوقت "عادت إلى عصر بندر الحجري" الذي رأى النظام أنه سبب رئيس في قيام الانتفاضة ضده. "حزب الله" لن يخرج من سورية إلا بموجب تسوية تراعي مصالحه وتكون إيران أحد عرّابيها، وإيران لليوم لم تقدم تنازلات سيادية في الملف السوري من جيبها أو من جيب "حزب الله"، بالمقابل تخوض السعودية حربها ضد إيران حفاظاً على وثاقة العلاقة مع "حلفائها" وتعزيز الزعامة السنيّة بيدها وضمان استمرار هدوء الحكم في المملكة. في النهاية يبدو أن "التمسك ببقاء الأسد كشرط للحل السياسي على طريقة "محور المقاومة" أو المطالبة برحيله كضرورة لتحقيق ديمقراطية وعدالة "المحور المضاد"، قد وفر غطاءً حربياً لمشروع تغيير خارطة المنطقة ثم إعادة تشكيلها كما تريد (أمريكا وروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل على أساس طائفي- مذهبي)، مستغلين أسباب وظروف وتطورات ما اصطلح عليه "بالربيع العربي"، وبالأخص تشويه معالم حراك شعبي بريء ضد سلطة طاغية في سورية وتحويله "لثورة إسلامية" تسهم بتحقيق الغرض المطلوب. الحياة حق مقدس لا يضاهيه حق، وعندما يفرض على السوري الموت، فليمت من أجل هدف نبيل أو لأسباب الموت القاهرة، ليس لأن الآخرين قتلوه عبر التحريض الديني، والكذب السياسي والإعلامي الرخيص.
تنويه هام: استحضار مفردة "جرائم" في عنوان السلسلة على امتداد حلقاتها الثمانية "جرائم العلويين والشيعة" ليس غايته اتهامهم بأنهم مجرمون أو بأنهم قاموا (بارتكاب الجرائم) بناءً على (تعصب ديني محض)، بل كانت ضرورة منهجية للبحث في أسباب الصراع من منظور "عينة كبيرة من المعارضة" تختصر مأساة سورية في عامها الرابع "بالجانب السابق فقط"، متجاهلين شعارات وتطورات "الثورة الإسلامية" ودور رعاتها الأمريكيين وبعض الخليجيين في تغذية الخلافات (المذهبية- الطائفية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي