الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألتعبيرية.. صرخة تنذر بالخطر

عمر مصلح

2014 / 7 / 28
الادب والفن


ألتعبيرية.. صرخة تنذر بالخطر

كان للتطور العلمي الذي أحرزه العالم, ألأثر البالغ في تحطيم الصور المتماسكة للحياة, وطمس الأنسان, وإشعاره بضآلته.
فظهرت في مفتتح القرن العشرين مذاهب فنية عدة, وصار يصعب تحديد انتماء الفنان إلى إسلوب معين, بل صار عمل الفنان ينتمي لأكثر من إسلوب..
وهناك من أعلن عداءه للنظريات والمذاهب الفنية كما فعل ( بن نيكلسون ).
لكن الظاهر هو استشراء الحركة المستقبلية في إيطاليا, والتعبيرية في إلمانيا, والأنطباعية في فرنسا, والتكعيبية في إسبانيا..
وهذا لا يعني أن هذه الحركات كانت حكراً على بلد معين, ولا حتى للفنان نفسه..
بل كانوا يبحثون في كل الأساليب, مع طغيان إسلوب معين..
وقبل أن يموت ( سيزان ) قال:
إني مازلت أبحث.
وأستعير نص ما قالته زيزيت أبو خضرا من الجامعة الأردنية:
في الوقت الذي ظهرت الوحشية في فرنسا ظهرت في ألمانيا الحركة التعبيرية متأثرة أيضاً بجوجان وفان كوخ، وقوي التأثير بالتراث القوطي بتهاويله وأشباحه وتخيلاته الموحشة الغربية، والتعبيرية النقيضة للانطباعية، فالانطباعية تعتمد كثيراً على الإحساسات البصرية والانطباع الأول عن كل ما يقع عليه بصرك، أما التعبيرية فتنبع من انفعال باطني (أي تأثير بحدث أو بشيء ما وانفعالك به).

وإذا ما نظرنا الآن في تطور الفن الأوروبي منذ واقعية أواسط القرن التاسع عشر حتى ظهور هذه الاتجاهات الجديدة..
نجد أنه يشبه إلى حد ما تطوراً آخر حدث في ميدان العلم وهو الانتقال من مفهوم الكتلة أو المادة إلى مفهوم (الطاقة).

فالفنان لا يصف الأشياء وإنما يعبر عن معان نفسية وذهنية.
ومن أهم فناني الوحشية ماتيس
(Matisse) أبرع ملون في العصر الحديث، أما أهم فناني المدرسة التعبيرية فهو جيمس انسور insor) ) والبلجيكي كوكوشكا (kokoschka) , والنمساوي فرز مارك (Mark)
وتسعى التعبيرية جاهدة إلى توضيح القيمة التعبيرية في العمل الفني، وتحقق ذلك بطرق عدة منها:
المبالغات والتحويرات الكثيرة في الخطوط والألوان.*
الإهمال المعتمد للاتجاه نحو الطبيعة، والذي يتبناه التأثيريون.*
*استعمال الألوان المتكاملة.
إذاً..
المذهب التعبيري يعيد بناء عناصر الطبيعة بطريقة تثير المشاعر.

ومن فروع التعبيرية:
جماعة القنطرة أو الجسر
تأسست في عام 1905 إذ رأت أن العنف الثوري ضرورة علمه على الرغم من ارتباطها بتيارات سبقتها كالرمزية، والفن الجديد، ومن ممثلي هذه الجماعة كيرشز وهيجل، اللذين لجآ إلى الفن الخطي معتمدين في ذلك على ما تقدم لهم من (قيم تشكيلية) فنون القرون الوسطى والبدائيين، وقادوا التعبير عن هذا الشعور العاطفي القلق المتناقض مع المفاهيم الكلاسيكية وما تسعى إليه من جمال مثالي، غير أن الحركة التعبيرية الألمانية لم تنم وتأخذ أبعاداً جديدة إلا مع فناني الفارس الأزرق وقد تفرق أعضاء هذه الجماعة في عام 1913
جماعة الفارس الأزرق التي
أسسها في عام 1911 في ميونخ كل من (واسيلي كازرنسكي وفرانز مارك 1916)، وتبعهم كل من اوجستال ماك وبوك كلى.

أقام الفارس الأزرق في سنتي 1911-1912 معرضين كبيرين شارك فيهما حشد كبير من أهم الفنانين الأوروبيين المعاصرين.
وفي سنة 1913 شهدت ألمانيا أكبر تظاهره فنية أوروبية من خلال معرض الخريف الألماني الأول, وهو معرض شامل ومنفتح على مختلف التيارات العالمية، وفي هذا الإطار تكونت جماعة الفارس الأزرق.

كانت معارض الفارس الأزرق لا تتوقف عند أسلوب فني محدد، بل تلتقي فيها مختلف التيارات الفنية على تناقضها وتباينها كالتعبيرية ومختلف الاتجاهات التجريدية، وعلى الرغم من تعدد اتجاهات ممثليها إلا أنها تلتقي ضمناً حول مسائل الفكر والفن.

تحاول التعبيرية أن تعيد طرح موضوعات كان الفن قد فقدها منذ زمن بعيد وصاغها بأسلوب مبتكر يقوم على استعادة القيم الرمزية من خلال الخط واللون والشكل، أخذت هذه الحركة أبعاداً جديدة وانتشرت على نطاق واسع في أنحاء العالم، ولم تقتصر على الرسم والتصوير بل شملت مختلف الانشطة الثقافية.

وكما أسلفت..
أن الحركة الفنية الأدبية التعبيرية عُرِفَتْ في مستهل القرن العشرين, متفقين مع بعض ما جاء به الإنطباعيون, فمن عنف ( سيزان ) إلى الأجواء الفطرية لـ ( غوغان ) إلى اهتمام ( فان كوخ ) بالبسطاء.

لكنها رأت أن عملية توصيل المشاعر المحتدمة غاية عظمى..
غير مبالين بالشكلية, وما قد يصيب الشكل من تشويه..
فأصبحت الخشونة إسلوباً معتمداً لدى التعبيريين, وكذلك الأنحراف عن الطبيعة بقصد الحصول على تعبير أوقع في النفس, وانفذ إلى القلب..
فالفنان التعبيري..
يريد أن يقول من خلال لوحاته كلاماً معنياً, وينقل رسالة شجب لكل تعاسات الحياة, بأسلوب غير مرتبط بمنطق أو محددات..
بل هي صرخات تنذر بالخطر, فخرجوا عن التقاليد الأكاديمية للشكل وحرّفوا الأشكال بطريقة متعمدة..
واستبعدوا عنصر الظل من الصورة, مستعيضين عنه بالأيحاء بالعمق من خلال اللون.

يقول ( مارسيل برييون ):
إن أفضل طريقة يستطيع الأنسان أن يفهم بها المذهب التعبيري بوصفه حركة فنية هي أن ينظر إليه بوصفه معارض للمذهب الأنطباعي, ففي حين تكون الحركة في الأتجاه الأنطباعي من الطبيعة إلى الفنان, نجد الفنان التعبيري يسقط عالمه الباطني أي صور معاناته وأحلامه على الواقع.

والناقد الداعي للتعبيرية ( هرمان بار) يقول:
لم يوجد عصر من قبل, هزّه هذا الرعب, وهذا الفراغ المميت..
وهذا الصمت الذي يشبه صمت القبور, والحرية أكثر موتاً..
ها هي ذي المحنة تصرخ, والعصر كله أصبح صرخة واحدة تنطق بالمحنة.
أن الفن كذلك يصرخ معه, يطلق صرخته في أعماق الظلام, يستغيث, يستنجد بالروح وهذه هي التعبيرية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في