الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الكعبي .. حكّاء السخرية السومري

سليم سوزه

2014 / 7 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أتذكر فيلسوف العبثية الكبير ألبير كامو كيف يضع العبث جواباً لما ليس له حلاً. اتذكره وهو يصف حياتنا، مماتنا، احزاننا، افراحنا، مسرحنا، غناءنا، ثوراتنا وكل تفصيلات الحياة الأخرى على إنها عبثٌ لا معنى له. تتمحور الإشكالية الوجودية الكبيرة عند كامو حول لا جدوى العلاقة بين ما يريده الانسان بوصفه كائناً طامحاً وبين ما يفرضه عليه الوجود كواقع لا مفر منه. لا يمكن التوفيق بين شكل العلاقة التي يبحث عنها الانسان وبين واقعه الخارجي. حتى الحب عند كامو عبث طالما تنعدم إستمراريته مع الزمن. لا شيء يبقى للأبد على حاله، فكلُّ تجربةٍ متغيّرة. الخوض في تجربةٍ ما لفترةٍ معينة يجعلها مملّة، لدرجة يتركها صاحبها ليبحث عن تجربة أخرى، وهكذا في كل مرة لتتحول تلك الممارسة الى ممارسة عبثية فاقدة للمعنى.
عبث مستمر لا ينتهي ابداً.

هذا مختصر فلسفة كامو الذي عرف لها نهايتين. الاولى ان يتمرد الانسان على هذا العبث المستمر ويصنع له وجوداً متحدياً لتلك الرتابة من خلال تكرار الرتابة نفسها احياناً، مثل مثال سيزيف مُدحرج الصخرة العظيم الذي يضرب به مثلاً فيلسوفنا كامو. والثانية التي لا يتمناها، الانتحار والتخلّص من هذا الوجود العبثي برمته. فعلى الرغم من إن الانتحار عند كامو هي لحظة صادقة يصلها الانسان بعد اكتشاف حقيقة ذلك العبث لكنه لا يدعو له، لإن الانتحار خضوع لقوانين العبث نفسها.
يريدنا ان نتمرّد على العبث، ان نثور عليه كما فعل سيزيف الثائر على الآلهة.

وها أنذا اشبّه سيزيف المتمرّد على الآلهة بثائرٍ آخر قذفته المعاني الجميلة للحياة متمرداً على احزانها. صديقي الكاتب الساخر عودة الكعبي، خفيف الظل والروح الذي لم تنجسه الاحقاد بأنجاسها ولم تلبسه الكراهية من مدلهمّات ثيابها. يصر على كتابة الضحكة والابتسامة والفرح رغم كل هذه المآسي التي نعيشها. يصادق علي ويوآخي عمر. يحب جميع اصدقائه ويحبّوه ايضاً. لا يعادي احداً مهما اختلف معه، وتلك لعمري ميزة لا يملكها اكثرنا.
اقرؤوا بوستاته المقتضبة ذات المعاني العميقة في صفحته على الفيسبوك. اقرؤوا كيف يحكي تراجيديا الواقع بسخرية سقراطية وتهكميّة برناردشوية. إنه الحكّاء السومري الذي يجيد لغة الضحك حتى في عالم الحزن الذي نعيشه.

عودة انتصر لفلسفة التحدّي التي كان يريدها كامو، فكان مثالاً للثائر الذي بالضحكة، تمرّد على رتابة الاحزان العراقية ولم يخضع لها.
مازال يضحك ويضحكنا معه. مازال يعاكس هذا ويلاطف ذاك. يا لها من قدرة لطالما تمنيّت ان املكها.

إستمر في هذا ياصديقي الجميل .. إستمر ايّها الحكّاء الساخر، الثائر على الاحزان، فمثلك يجعلني أعشق الحياة ولا اكره احداً ابدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط