الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3- الفرق بين النمو والتنمية

إلهامي الميرغني

2014 / 8 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كيف نواجه الفقر والبطالة ؟!
بين المواجهة التقليدية للنظام الحالي والبحث عن تنمية بديلة
3- الفرق بين النمو والتنمية
التزم النظام الاقتصادي في عصر مبارك بتوصيات مؤسسات التمويل الدولية خاصة بعد إسقاط دفعة من الديون المصرية كمكافأة علي دعم القوات الأمريكية في حرب الخليج.ومنذ تولي حكومة رجال الأعمال الحكم في ديسمبر 2005 تسارعت خطوات الخصخصة والتبعية والإفقار والبطالة، لكن حدث ارتفاع في معدلات النمو الاقتصادي أشادت به كل المؤسسات الدولية بينما استمرت وتزايدت معاناة المصريين.
حققت مصر معدل نمو اقتصادي بلغ 6.9% عام 2005/2006، 7.1% عام 2006/2007 ثم تراجع إلي 1.9% في عام 2010/2011. ولكن لم يشعر المواطن المصري بتحسن أوضاعه المعيشية بل ازدادت معدلات الفقر والبطالة والعشوائيات والنشاط بالقطاع الغير منظم. رغم ارتفاع معدلات التنمية ونمو الناتج المحلي الإجمالي لم ترتفع مستويات معيشة المصريين. يرجع ذلك لوجود فرق كبير بين مفهومين هما النمو والتنمية.
النمو هو الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي وهو مجرد نمو رقمي حسابي في قيمة الناتج. ويستخدم أصحاب نظرية النمو مقاييس خاطئة للقياس مثل متوسط الدخل الفردي وهو ناتج قسمة الدخل القومي علي عدد السكان. وهو مقياس كاذب في ظل غياب العدالة والتوزيع الغير عادل للثروة. ولكن أصحاب نظرية النمو الاقتصادي يعتمدون علي رؤية جوهرها أن ارتفاع معدلات النمو سيؤدي إلي تساقط ثمار النمو ليستفيد منها الفقراء ويخرجوا من دائرة الفقر. وهو مالم يحدث في مصر ولا في أي دولة في العالم طبقت هذه النظرية.
أما التنمية فهي تغير مخطط اقتصادي واجتماعي وثقافي وتستهدف إشباع الحاجات الإنسانية المتنامية للمواطنين والحفاظ علي استدامة الموارد الطبيعية كحق للأجيال القادمة. وهناك عدة مقاييس للتنمية منها مقاييس التنمية البشرية والتنمية الإنسانية والتنمية المستدامة. ولا تعتمد التنمية علي مجرد قياس نمو متوسط دخل الفرد بل تقيس عدالة توزيع الدخل. كما تستخدم عدة مقاييس للتنمية منها :زيادة الدخل الحقيقي و بالتالي تحسين معيشة المواطنين. توفير فرص العمل للمواطنين وتخفيض البطالة. توفير السلع والخدمات المطلوبة لإشباع حاجات المواطنين وتحسين المستوي الصحي و التعليمي و الثقافي. تقليل الفوارق الاجتماعية و الاقتصادية بين طبقات المجتمع. تحسين وضع ميزان المدفوعات.تسديد الديون أولا بأول.وتخفيض المديونية ، وتحقيق الأمن القومي للدولة .
لذلك يوجد فرق كبير بين النمو والتنمية. التنمية تهتم بعدالة التوزيع الجغرافي ( بين الريف والحضر والوجه البحري والقبلي والمحافظات الحدودية ) والطبقي ، كما تركز علي قياس مستوي الأمية والتعليم وتوافر الخدمات الصحية ، تقليل البطالة والقضاء علي الفقر ، تكافؤ الفرص والمستوي الثقافي والمشاركة السياسية. لذلك التنمية عملية تغيير مخطط شامل يرتبط بإرادة في التغيير الجذري. علي عكس التنمية التي تعتمد علي مقياس واحد للتغيير الرقمي.
منذ بدأت آثار تنفيذ ما يسمي ببرامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي وبيع شركات القطاع العام وخصخصة الخدمات والمرافق العامة وتحويلها لشركات. ارتفعت معدلات البطالة وانهارت معدلات التنمية علي المستوي القطاعي حيث اعتمدت مصر علي مصادر الدخل الريعية من عائدات البترول والسياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج. ولم تعتمد علي نمو حقيقي في القطاعات الإنتاجية. لذلك حدث نمو في عائدات قناة السويس بلغ 11.5% عام 2010/2011. و 6.7% في قطاع الاتصالات بينما لم ينمو قطاع الزراعة سوي بمعدل 2.7% بينما حقق القطاع الصناعي معدل نمو سالب بلغ (0.9%) . ولم ينمو قطاع الاستخراجات ( البترول ) سوي بمعدل 0.6% وحققت السياحة معدل نمو سالب بلغ ( 5.9% ).( التقرير السنوي البنك المركزي المصري 2010/2011 – صفحة 61)
وقد ساهم القطاع الخاص بنسبة 3.9% بينما لم تتجاوز مساهمة القطاع العام 0.4%. هذا هو التوجه التنموي المعتمد علي القطاع الخاص والذي أدي إلي تدهور مؤشرات التعليم والصحة وارتفاع الأسعار دون ضوابط. وهو الذي أدي لارتفاع معدلات الفقر والبطالة. فالتنمية المعتمدة علي القطاع الخاص لن تحقق تنمية حقيقية بالتجربة العملية والأرقام الحكومية المعلنة. ورغم ذلك يوجد إصرار علي استمرار الاعتماد علي القطاع الخاص.
ورغم الثورة التي أحدثت تغييرات في البنية السياسية للرأسمالية المصرية الحاكمة . لم يحدث أي تغيير في التوجهات الاقتصادية والاجتماعية يختلف عن السائد في ظل حكم مبارك ورجال الأعمال. بل أن رجال الأعمال رغم كل مناشدات الرئيس السيسي لهم لم تزيد مساهمتهم فيما يعرف "بصندوق تحيا مصر" عن 6 مليار جنيه.
لقد أعلنت وزارة التخطيط أنها تستهدف تحقيق معدل نمو اقتصادي 3.2% خلال عام 2014/2015 مقابل 1.7% معدل نمو سكاني ومعدل تضخم يبلغ 8.2% وفقاً للبيانات الرسمية المعلنة. كما أوضح تقرير التنمية البشرية لعام 2013 أن 40.7% من السكان في مصر يعانون من شدة الحرمان ، بينما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن 26.2% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر الوطني حيث يقدر خط الفقر الوطني بنحو 326.7 جنيه شهرياً للفرد أي 1307 جنيه شهرياً ، أما خط الفقر المدقع فهو 214.2 جنيه شهرياً للفرد أي 856.8 جنيه شهرياً للأسرة المكونة من 4 أفراد.
لذلك فإن توجهات الدولة الحالية تتجه للسير في نفس الطريق الخاص برفع معدلات النمو كأرقام مطلقة ، بينما نحن نتحدث عن معدلات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمفهومها المستدام كفعل مخطط وإرادة مجتمعية .بينما الحكومة تستكمل مشاريع توشكي وإقليم قناة السويس وغيرها من المشاريع التي بدأت في عهد المخلوع ولكنها عادت للحياة كمخرج من أزمة مصر الاقتصادية.

إلهامي الميرغني
1/8/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكراًستاذ الهامي
علي حبيب ( 2014 / 8 / 2 - 14:41 )
يتطلب منّا الكثير لفضح ما تؤول إليه آليات هيمنة خطط العولمة بعد الفشل الذريع الذي واجهته مؤسسات تدويل الراسمال في العقود الاربعة من نهاية القرن العشرين .
شكراً لك استاذ الهامي المرغيني لنتصدى معاً للغفلة التي يعممها سماسرة الشركات الكبرى والبنوك الدولية في بلداننا

اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا