الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الرحيم المؤذن من الرجال الذين لا يموتون

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 8 / 3
الادب والفن


وفاء خاص للمبادئ وللقيم التي نشأ وتربى عليها...رصانة وتجديد وجرأة إبداعه وأبحاثه ... حضور إبداعي ونقدي وأكاديمي وازن... كتاباته قصصية مسرحية مضيئة ورنانة... أبحاث نقدية قيّمة حول القصة والرواية والرحلة وغيرها...ولع وعشق كبيرين للكتابة للأطفال والفتيان...استدامة البحث في قضايا ثقافية وتاريخية وأدبية وببليوغرافية ومعجمية استثنائية أضحت مرجعا أساسيا لا غنى للباحثين وللطلبة عنه داخل المغرب وخارجه... تألق في تقعيد وتنظير أدب الرحلة حسب دوي الاختصاص... حضور قوّي في المشهد النقدي العربي... قراءات نقدية جريئة في المتن الروائي العربي، وتنقيب في جغرافياته المتنوعة و نصوصه عبر المغرب والشام والمشرق العربي والغرب... اهتمام خاص ونوعي بالأسئلة الجديدة للقصة القصيرة وانفتاح كريم على المتغير القصصي المغربي...
هكذا عرفنا الفقيد عبد الرحيم المؤذن.
القنيطرة تودع فقيد الأدب المغربي
فاضت روح الناقد والقاص المغربي، عبد الرحيم المؤدن، في الساعات الأولى من صبيحة يوم الأحد 28 رمضان 1435، الموافق لـ 27 يوليوز 2014، بالديار الهولندية.
وتلقت حلالة ببالغ الحزن والأسى، نبأ وفاة الأديب المؤدن صباح يوم الأحد بالديار الهولندية، حيث كان الفقيد يتابع علاجه إثر مرض عضال ألم به، ولم يمهله كثيرا ليواصل عطاءه الفكري والأدبي.
وأقيمت صلاة الجنازة على الفقيد يوم عيد الفطر بعد صلاة الظهر بالمسجد الكبير بالقنيطرة المقابل لأسواق السلام ، ليتم الدفن ، بمقبرة أولاد وجيه .

اهتمام متنوع
اهتم الفقيد بالبحث المعجمي، حيث قدم في هذا الباب اجتهادات مفاهيمية ومصطلحية جديدة، وعرف عنه أيضا كونه أحد الكتاب الكبار الذين ما فتئوا ينتصرون للأفق المغربي، في كتاباته القصصية والرحلية، بشكل ساهم به في ترسيخ الأبعاد السردية والتخيلية والجمالية والثقافية والحضارية المغربية، فضلا عن اجتهاداته النظرية والتحليلية التأسيسية لمقاربة النص الرحلي، في خصوصياته وفي تقاطعاته وقضاياه المتنوعة.
قلم لم ينضب
يعتبر الكاتب الراحل أحد الكتاب الذين بقوا أوفياء لكتابة القصة القصيرة وكذا الكتابة للأطفال بالمغرب، إلى أن وافته المنية في وقت يستعد فيه اتحاد كتاب المغرب لإصدار مجموعة قصصية جديدة له موجهة للأطفال، باللغتين العربية والإسبانية، كان الراحل قد مكن منها الاتحاد قبل وفاته.
ابن حلالة بامتياز
الراحل من مواليد عام 1948، بمدينة القنيطرة، نشر أولى قصصه في الصحف المغربية منصف الستينيات من القرن الماضي. ثم أصدر مجموعته الأولى "اللعنة والكلمات الزرقاء" عام 1976 بالاشتراك مع صديقه القاص إدريس الصغير، وفي عام 1991 صدرت مجموعته "وتلك قصة أخرى".
وكان للراحل حضور خاص في المشهد الثقافي المغربي عبر كتاباته، إبداعاً ونقداً في فن القصة القصيرة، وإسهاماته في أدب الرحلة بحثاً وتحقيقاً.
كما اهتم بالجانب النقدي والنظري للإبداع القصصي المغربي، وأصدر دراستين في هذا المجال: "الشكل القصصي في القصة المغربية" عام 1996 وهي دراسة من جزأين و"معجم مصطلحات القصة المغربية" عام 1993.
انخرط في ميدان أدب الرحلة وتخصص فيه عبر مجموعة من الأبحاث والتحقيقات؛ ما جعله يرسّخ اسمه في هذا المجال مغربياً وعربياً كباحث أكاديمي رصين ابتداء بدراسته الرائدة "أدبية الرحلة" عام 1997 إلى دراسة "الرحلة في الأدب المغربي" عام 2006 مروراً بـ"مستويات السرد في الرحلة المغربية" عام 2005. وكان الراحل أول الفائزين بـ"جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي" في دورتها الأولى عام 2003 تقديراً لتحقيقه لمخطوط "الرحلة التتويجية إلى الديار الإنجليزية" للرحالة المغربي حسن بن محمد الغسّال.
لقد بصم عبد الرحيم المؤذن المشهد القصصي المغربي بميسمه الخاص منذ منتصف ستينيات القرن الماضي. وقال فيه محمد باغوري إنه الكاتب والمبدع ... حرث في أرض الثقافة بأدوات عديدة ، وجرب بذر هذه الأرض ببذور متنوعة يانعة ، فأعطت غلاتها الزاهية والمتعددة ...إنه صاحب عقل متعدد ووجدان لا يقبل بالقسمة الوحيدة والمنعزلة ...إن مدونة أحواله الشخصية تأبى أن تظل أرجلها منتعلة أبد الوقت حذاء وحيدا وبنفس اللون...
وقال فيه محمد كويندي: مسار مبدع حافل بالعطاء والإنجازات العلمية والإبداعية... فعندما يستعرض المرء والمهتم والمتتبع للمشهد الثقافي المغربي في المغرب،عمرا من الإنجازات اللافتة للأستاذ عبد الرحيم موذن سيتوصل إلى أنه عمر عميق بما حمله من تجربة حياتية علمية وأكاديمية وأدبية وثقافية، تجربة هي من الأهمية والعمق ما يجعلها تمثل درسا ومثالا ونموذجا لما ينبغي أن يكون عليه الكاتب والمثقف الناجح في كثير من المجالات العلمية والثقافية، مثقف ينبغي عليه أن يملك عقلا منيرا بالفكر والعلم والمعرفة والقدرة على المحاججة والحوار..

فهل مثل هؤلاء يموتون؟

محنة المرض

دخل عبد الرحيم مؤذن - في غفلة من زملائه والمتتبعين والمهتمين بالشأن الثقافي بالمغرب- فترة عزلة وغياب اضطراريين بسبب مباغتته من لدن المرض، قبل أن يستيقظ بعض الكتاب المقربين منه على وضعيته الحرجة. هذا بعد أن استفرد به المرض والألم والنكران.

واستغرب الكثيرون تقاعس المؤسسات الثقافية الكفيلة في القيام بدورها التاريخي في احتضان الكتّاب، والرفع من مستوى معنوياتهم في مثل هذه الحالات، ودعمهم معنويا وماديا ضد تصاريف الزمن، خاصة عندما يتعلق الأمر بوضعيات اجتماعية وصحية مستعصية. وتساءل هؤلاء، مرة أخرى، عن مصير الوضع الاعتباري للمبدعين والكتاب الذي يتراجع يوما عن يوم، وبالمقابل يرتقي نظيره لدى محترفي الفن الساقط، وكأن المجتمع يتآمر بمؤسساته ضد الكتابة على الخصوص، مثلما لو كان محترفوها خطرا على هذا المجتمع وعلى بنياته وقيمه.

مسار حافل
حاصل على دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي سنة 1987، وعلى دكتوراه الدولة في الأدب (سنة 1996) برسالة تحت عنوان: السرد في الرحلة المغربة خلال القرن 19.
اشتغل أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة.
عضو النقابة الوطنية للتعليم العالي، وعضو مجموعة البحث في تاريخ البوادي المغربية، بكلية آداب القنيطرة، ورئيس مجموعة البحث في المعجم الأدبي والفني، بكلية آداب القنيطرة.
التحق باتحاد كتاب المغرب سنة 1976، ونشر أول نص قصصي (ريالات خمسة) سنة 1966 بصفحة أصوات بجريدة العلم.
اهتم بالكتابة القصصية وبالبحث النقدي، كما كتابات مسرحية وإبداعات موجهة للأطفال. ونشر أعماله بعدة صحف ومجلات: العلم، المحرر، الثقافة الأجنبية، الأقلام (العراق)، أقلام (المغرب)، فكر ونقد (المغرب)، الطفولة العربية (الكويت)، نزوى (عمان)، المناهل (وزارة الثقافة والاتصال، المغرب)، الثقافة المغربية (وزارة الثقافة والاتصال، المغرب)...
من مؤلفاته
يبدو من خلال هذه الببليوغرافية المقتضبة جدا تعدد نشاطات الرجل الإبداعية والنقدية والأكاديمية دون أن ننسى دوره في تنشيط عدد من الجمعيات البحثية والثقافية، الشيء الذي جعله يتبوأ مكانة أثيرة لدى الكتاب والمبدعين:

- اللعنة والكلمات الزرقاء: مجموعة قصصية مشتركة/عبد الرحيم مودن وإدريس الصغير، دار لخليف، الرباط، 1976.
- الشكل القصصي في القصة المغربية (جزآن)، الأول، دار الأطفال، البيضاء، 1988، والثاني، دار عكاظ، الرباط، 1996.
- وتلك قصة أخرى: قصص، عيون، البيضاء، 1991.
- معجم مصطلحات القصة المغربية، سال، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1993.
- قصص للأطفال والفتيان: حكايات طارتاد، دار الأطفال، البيضاء، 1988.
- مغامرات ابن بطوطة للفتيان، دار الثقافة، البيضاء، 1999.
- رحلة ابن بطوطة الجديدة، دار الثقافة، البيضاء، 1999.
- رحـلات مغربية وعربية، دار الثقافة، البيضاء، 2000.
-أدبية الرحلة، البيضاء، دار الثقافة، 1996.
-أدب الأطفال: مغامرة ابن بطوطة للفتيان (في 9 أجزاء)، البيضاء، دار الثقافة، 1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض